الخليج الجديد:
2025-12-14@16:54:48 GMT

درس جنوب أفريقيا وبلادة العالم العربي

تاريخ النشر: 7th, January 2024 GMT

درس جنوب أفريقيا وبلادة العالم العربي

درس جنوب أفريقيا وبلادة العالم العربي

إسرائيل هددت أكثر من مرة بالسيطرة على محور فيلادلفيا في مخالفة صريحة لملحق أمني تابع لاتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل.

درس جنوب أفريقيا كشف بلادة العالم العربي بحكامه، وأكد حقيقة أن الانتصار للإنسانية والحرية لا علاقة له بحدود جعرافية أو ديانة أو عرق أو جنسية.

مارس العالم العربي الرسمي بلادة فائقة في التعاطي مع تحرك جنوب أفريقيا، فلم تعلن أي دولة عربية دعم هذا الحراك القانوني الذي من شأنه إيقاف العدوان على غزة!

* * *

جنوب أفريقيا تقاضي إسرائيل بتهمة الإبادة الجماعية في غزة أمام محكمة العدل الدولية.. كان هذا هو العنوان الرئيس لكافة المواقع الإخبارية ووكالات الأنباء العالمية في الأيام الماضية، فالدولة الأفريقية التي تبعد عن قطاع غزة آلاف الأميال قررت أن تعطي حكام الدول العربية وشعوبها درسا في الإنسانية.

جنوب أفريقيا ليست دولة عربية، ليست عضوا في الجامعة العربية أو في منظمة التعاون الإسلامي، لا تربطها مع قطاع غزة أي حدود جغرافية، ومع ذلك أبت إلا وأن تكون ضوءا في نهاية هذا النفق المظلم الذي يعاني بداخله أكثر من إثنين مليون إنسان فلسطيني.

إسرائيل التي هاجمت جنوب أفريقيا في بداية الأمر، ثم قللت من أهمية هذه الدعوى وهذا التحرك القانوني، عادت وتعاملت مع الأمر بجدية تامة وأعلنت مثولها أمام محكمة العدل الدولية للتحقيق في تهم ارتكاب الإبادة الجماعية في حق الفلسطينيين داخل قطاع غزة.

كلفت الحكومة الإسرائيلية أحد أشهر المحامين في العالم لتمثيلها أمام محكمة العدل الدولية، وهو المحامي اليهودي الأصل الصهيوني آلن ديرشوفيتز، وهو الذي تم اتهامه مؤخرا في قائمة عملاء جيفري إبستين في قضية الاتجار بالجنس وممارسة الجنس مع قاصرات.

على النقيض، مارس العالم العربي على الصعيد الرسمي بلادة غير مسبوقة في التعاطي مع تحرك جنوب أفريقيا، فلم تصدر أي دولة عربية أي بيان رسمي أو دعم معلن لهذا الحراك القانوني الذي من شأنه إيقاف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.

الدولة الوحيدة التي أعلنت تأييده (متأخرا) هي المملكة الأردنية؛ على لسان وزير خارجيتها الذي أعلن دعم بلاده لهذا التحرك، وسبقتها في ذلك دول إسلامية مثل ماليزيا وتركيا، ولكن بقية الأنظمة والحكومات العربية تحلت بالصمت والبلادة التامة.

ربما كانت حكومات العالم العربي مشغولة بإنقاذ الشعب الفلسطيني بطرق أخرى غير التي قامت بها جنوب أفريقيا، فهل هذا صحيح؟

في مصر، الجارة الأقرب جغرافيا لقطاع غزة، المسؤولة تاريخيا عن القطاع قبل احتلاله في حزيران/ يونيو 1967، والتي يرتبط أمنها القومي مباشرة بأي تغير أو عدوان في قطاع غزة، الشقيقة الكبرى والدولة العربية الأهم إقليميا أو هكذا كانت في عصور سابقة، يبدو أنها مشغولة بدعم خاص لقطاع غزة.

النظام المصري يغلق معبر رفح تماما، لا يستطيع إدخال أي مساعدات دون إذن إسرائيلي وفقا لما أعلنه سامح شكري وزير الخارجية المصري في مقابلة تلفزيونية سابقة مع شبكة سي إن إن الأمريكية.

مصر لا تستقبل عددا كافيا من الجرحى الفلسطينيين، الأمر الذي دفع مدير القطاع الطبي في غزة منير البرش لأن يطالب بإغلاق المعبر تماما حتى لا يحسب على أهل غزة بإنه مفتوح.

تسعة آلاف مصاب فلسطيني استشهدوا بسبب تعنت السلطات المصرية في استقبالهم عبر معبر رفح لتلقي العلاج في المستشفيات المصرية، وفقا لبيانات صادرة عن المكتب الحكومي الفلسطيني في قطاع غزة.

إسرائيل هددت أكثر من مرة بالسيطرة على محور فيلادلفي في مخالفة صريحة لملحق أمني تابع لاتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل، فكان الرد الرسمي المصري هو نقل كافة أبراج المراقبة على الحدود المصرية من كرم أبو سالم بامتداد محور فيلادلفيا إلى الداخل المصري غربا في سيناء، وفقا لما وثقته مؤسسة سيناء الحقوقية.

النظام المصري لم يستطع دعم جنوب أفريقيا في حراكها القانوني ضد إسرائيل لأنه كان مشغولا باعتقال من تظاهروا دعما لقطاع غزة ورفضا للعدوان في الميادين المصرية، وتمت إحالتهم للنيابة العامة ومحاكمتهم بتهمة الانتماء لجماعة محظورة.

سعوديا، لم يختلف الأمر كثيرا، يبدو أن ولي العهد السعودي محمد من سلمان وصديقه رئيس هيئة الترفيه تركي آل الشيخ لم يسمعا عن حراك جنوب أفريقيا، والسبب هو ارتفاع الأصوات الصاخبة في حفلات موسم الرياض والتي كانت على ما يبدو أعلى صوتا وصخبا من أصوات القصف الإسرائيلي المستمر لقطاع غزة منذ ثلاثة أشهر.

في الأردن كانت البضائع الأردنية تغزو الأسواق الإسرائيلية، اختفت الخضروات في السوق الأردني وارتفعت أسعار بعض المواد الغذائية ليفاجأ المواطن الأردني بأن بلاده تصدرها للاحتلال الذي يرتكب المذابح بحق الفلسطينيين.

الإمارات لم تجد وقتا كافيا هي الأخرى لدعم جنوب أفريقيا، فكل وقتها وجهودها كانت موجهة لإتمام الجسر البري المحمل بالبضائع والذي يبدأ من دبي مرورا بالسعودية والأردن وصولا لإسرائيل عبر شركة مصرية.

درس جنوب أفريقيا كشف بلادة العالم العربي بحكامه وملوكه وأمرائه، وأكد حقيقة أن الانتصار للإنسانية وحرية الشعوب لا علاقة له بحدود جعرافية أو ديانة أو عرق أو جنسية، يكفيك فقط أن تكون إنسانا.

*أسامة جاويش كاتب صحفي وإعلامي

المصدر | عربي21

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: إسرائيل غزة مصر جنوب أفريقيا العالم العربي جرائم الحرب محكمة العدل الدولية لقطاع غزة قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

د. هويدا مصطفى: العالم العربي "مستهلك" وليس "صانعاً" للأدوات الرقمية

حذرت الدكتورة هويدا مصطفى، عميدة كلية الإعلام السابق، من أن أعظم خطر على الهوية العربية في العصر الرقمي يتمثل في كون العالم العربي "مستهلكاً" وليس "صانعاً" للأدوات والمنصات الرقمية، مما يجعله عرضةً سلبيةً لكل ما يتم تداوله.

وشددت مصطفى خلال مشاركتها في جلسة نقاشية بمنتدى الحوار الإعلامي العربي الدولي في طرابلس، على أن هذه الحالة تضع الجمهور العربي، وخاصة فئة الشباب التي تستهلك المحتوى الرقمي بشكل كبير، في موقف خطر، حيث يصبح عرضة لمحتويات قد لا تتطابق مع قيمه وتقاليده، مما يشكل تهديداً لثوابت الهوية العربية، سواء في اللغة أو القيم أو التقاليد.

ورأت عميدة كلية إعلا  أن جوهر التحديات التي يواجهها الإعلام العربي في ظل الانتشار السريع للتكنولوجيا يتمثل في إشكالية تأثير هذه المنظومة على الهوية العربية، مؤكدة أن القضية قديمة وتتجدد مع كل موجة تحول رقمي.

لكنها في المقابل لم تغفل عن رصد الفرصة الكامنة في هذه الأزمة، قائلة: "سرعـة انتشار وسائل الاتصال الرقمي تمثل فرصة يجب استغلالها، حيث يمكنها تقريب المسافات ونشر الأفكار وخلق علاقات تفاعلية". ودعت إلى ضرورة مراجعة كيفية تقديم ذاتنا للآخرين، والتأكيد على قوتنا بما يتوافق مع تقنيات العصر.

واستشهدت بتجربتها الشخصية في زيارة ليبيا، حيث تغيرت تصوراتها المسبقة عن البلد عند الزيارة من مشاعر قلق وصورة قاتمة إلى صورة ايجابية ، مؤكدة على أهمية تقديم صورة حقيقية للذات العربية للعالم. واختتمت بالقول: "نحن في حاجة ملحة حالياً أكثر من أي وقت مضى إلى أن نؤكد وجودنا العربي ونتمسك به".

ناقش المنتدى محاور الهوية العربية وصناعة المحتوى الإعلامي والتدريب المهني وتطوير المحتوى الرقمي وتوظيف الذكاء الاصطناعي في الإعلام، وجمع عددا كبيرا من الشخصيات البارزة من بينهم السفير أحمد رشيد خطابي أمين عام مساعد جامعة الدول العربية لقطاع الاتصال والإعلام، والوزراء زهير بو عمامة من الجزائر، وحمزة المصطفى من سوريا، وأسامة هيكل وزير الإعلام المصري الأسبق، وزياد مكاري وزير الإعلام اللبناني الأسبق، بالإضافة إلى سفراء ومستشارين وإعلاميين وفنانين مصريين بارزين مثل منى الشاذلي وباسم يوسف وأحمد فايق.

مقالات مشابهة

  • هذا هو حال العالم العربي من أيزنهاور إلى ترامب!
  • السياسة الأمريكية تجاه أفريقيا: ما الذي تغير؟
  • من هو رائد سعد القيادي في "حماس" الذي أعلنت إسرائيل اغتياله؟
  • من رجل القسام الثاني الذي اغتالته إسرائيل؟
  • د. هويدا مصطفى: العالم العربي "مستهلك" وليس "صانعاً" للأدوات الرقمية
  • إسرائيل اليوم: هؤلاء قادة حماس الذي ما زالوا في غزة
  • باسم يوسف ينتقد الصورة الإعلامية المغلوطة عن ليبيا والوطن العربي
  • من هو رائد سعد الذي اغتالته إسرائيل بعد 35 عاما من المطاردة؟
  • نجا عدة مرات.. من هو رائد سعد الذي أعلنت “إسرائيل” اغتياله في غزة؟
  • النواب الأميركي يقر مشروع قانون التجارة مع أفريقيا