وقع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود أمس السبت على قانون إلغاء الاتفاقية المبرمة بين حكومة إثيوبيا وإقليم أرض الصومال بشأن المنفذ البحري والذي وافق عليه مجلسا البرلمان الصومالي.

اتفاقية إثيوبيا وإقليم أرض الصومالإلغاء اتفاقية إثيوبيا وإقليم أرض الصومال

أشاد الرئيس الصومالي بنواب المجلسين للدور التاريخي الذي لعبوه في الدفاع عن تراث الأجيال الصومالية واستقلال البلاد، وأشار الرئيس حسن شيخ إلى أن "هذا القانون هو الموقف الرسمي لجمهورية الصومال الفيدرالية، ورسالة قوية لكل من يريد الغزو البري والبحري والجوي للشعب الصومالي".

كما دعا الشعب والمسؤولين إلى "تعزيز الوحدة في هذه المرحلة التاريخية، والفصل بين القضايا السياسية التي يمكن الاتفاق عليها والقضايا المصيرية التي تمس مستقبل أبنائنا ووجودنا".

ووقعت إثيوبيا في وقت سابق، مذكرة تفاهم مع إقليم أرض الصومال، تمهد لـ"بناء قاعدة عسكرية وتطوير ميناء على البحر الأحمر"، فيما أعلنت جامعة الدول العربية رفضها للاتفاق.

كما قال الرئيس الصومالي في خطاب ألقاه أمام البرلمان، إن "مذكرة التفاهم الموقعة بين إثيوبيا وإدارة أرض الصومال غير مشروعة، وانتهاك صارخ للقوانين الدولية ولا يمكن تنفيذها".

صحيفة كينية: الصومال تجاهلت دعوات إثيوبيا للتهدئة بعد مذكرة التفاهم رئيس الصومال: لا يمكن استبدال أرضنا بحصة في سد النهضة

وينص الاتفاق الملغي على منح إثيوبيا منفذ على البحر الأحمر على طول 20 كلم، لا سيما في ميناء بربرة لمدة 50 عامًا، كما يتيح استخدام ميناء بربرة على البحر الأحمر نقل ما مقداره 305- على الأقل- من التعاملات التجارية الإثيوبية مع جيبوتي، ما يمهد الطريق للدولة المحرومة من أي إطلالة بحرية للتجارة البحرية في المنطقة، بمنحها إمكانية الوصول إلى قاعدة عسكرية مستأجرة على البحر الأحمر.

وتطلّ أرض الصومال على خليج عدن، وكانت انفصلت عن الصومال عام 1991، ولا تحظى باعتراف دولي.

وكان يمثل الاتفاق تحديًّا دبلوماسيًّا في القرن الأفريقي، في ضوء المنافسات الإقليمية والدولية على المنطقة من أجل حماية مصالحها الاستراتيجية هناك، فهناك تنافس تاريخي بين إثيوبيا وبعض القوى الإقليمية الأخرى، إلى جانب وجود العديد من القوى الفاعلة التي تمتلك استثمارات ضخمة في المنطقة مثل الصين وتركيا كمستثمرين رئيسيين في مجال الموانئ البحرية والبنى التحتية، الأمر الذي يسهم في تعقيد المشهد الإقليمي خلال الفترة المقبلة في ضوء تضارب المصالح الإقليمية والدولية إزاء توقيع الاتفاق الإثيوبي مع "أرض الصومال".

ورغم تحفظ إثيوبيا في عهد ميلس زيناوي على منح "أرض الصومال" الاعتراف الرسمي بها، حتى أن زيناوي كان قد صرح أن أديس أبابا لن تتحرك في هذا الملف إلا بضوء أخضر غربي، بمعنى آخر، عقب الاعتراف الغربي والأمريكي بـ"أرض الصومال"، إلا أن آبي أحمد قد تجاوز ذلك ليبرم الاتفاق الأخير في مقابل الاعتراف الإثيوبي بـ"أرض الصومال"، وربما كان مضطرًا لذلك لدرجة أنه قدَّم تنازلات بحسب التقارير الإثيوبية، كونه قد فشل خلال السنوات الست الأخيرة في إقناع دول المنطقة بالسماح له بتأسيس قاعدة عسكرية إثيوبية ومنفذ بحري للبحر الأحمر عبر أراضيها، في الوقت الذي يجد موسى بيهي عبدي، رئيس إقليم "أرض الصومال"، في هذا الاتفاق فرصة كبيرة لانتزاع اعتراف إثيوبي قد يبني عليه خلال السنوات المقبلة في ملف الاعتراف الدولي بهارجيسا نظرًا لأهمية إثيوبيا الاستراتيجية في القرن الأفريقي والقارة ككل.

وعكس توقيت إبرام هذا الاتفاق مناورة من جانب كل من آبي أحمد وموسى عبدي لاستغلال فرصة انشغال المجتمع الدولي بالحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في الشرق الأوسط وتبعاتها في المحيط الإقليمي بما في ذلك التوترات المتنامية في إقليم البحر الأحمر من قبل جماعة الحوثي اليمنية إلى جانب الاشتباكات العسكرية الإسرائيلية مع حزب الله في الجنوب اللبناني، وذلك بهدف تمرير اتفاقهما وتعزيز أجندتهما الإقليمية في القرن الأفريقي. ومع ذلك، تظل هذه الخطوة مناورة محفوفة بالمخاطر نظرًا لما قد يترتب عليها من تداعيات سلبية على الصعيد الإقليمي في المنطقة.

اتفاقية إثيوبيا وإقليم أرض الصومالانتهاك صارخ لسيادة الدول

تبحث حكومة إقليم "أرض الصومال" منذ سنوات عن مقايضة استراتيجية بمنح امتيازات على ساحل البحر الأحمر تشمل إقامة قاعدة عسكرية على أراضيها، في مقابل نيل الاعتراف الدولي بها، لتحفز المجتمع الدولي تجاه قضيتها الممتدة منذ استقلالها من جانب واحد في عام 1991 عقب سقوط نظام سياد بري في الصومال، وقد استغلت في هذا الإطار حاجة إثيوبيا لمنفذ بحري، في خطوة تعتبرها هارجيسا هي الأخرى بمثابة نجاح دبلوماسي لها على الصعيد الإقليمي، ربما تشكل دافعًا للمضي قدمًا نحو إقناع أطراف إقليمية ودولية أخرى بتبني نفس الموقف الإثيوبي تجاهها خلال الفترة المقبلة.

اشتعال الأوضاع بالقرن الأفريقي |زيارة حميدتي إلى كينيا .. ومذكرة تفاهم إثيوبيا وأرض الصومال تثيران الخلافات بشرق القارة السمراء اختطاف سفينة قبالة ساحل الصومال.. والبحرية الهندية تكشف التفاصيل

وتنظر "أرض الصومال" للاتفاق باعتباره يضمن الحماية للإقليم من أي تهديدات إقليمية قد يتعرض لها، لا سيما من جانب الحكومة الصومالية المركزية، كما يمكن لهارجيسا تقديم نفسها كقوة استقرار إقليمي في المنطقة من خلال إطلاق إمكانياتها وإعادة تحديد دورها هناك، وذلك بدعم ومساندة إثيوبية، كما أن الاتفاق يحمل فوائد اقتصادية محتملة بما في ذلك حصة محتملة في الخطوط الجوية الإثيوبية، والاستثمار في البنية التحتية وتطوير الطرق والموانئ البحرية، إضافة إلى تعزيز صناعة السياحة في "أرض الصومال" اعتمادًا على الخطوط الجوية الإثيوبية.

وتتمسك الصومال بوحدة أراضيها بما في ذلك إقليم "أرض الصومال" الذي أعلن انفصاله عن البلاد من طرف واحد في عام 1991، ويظل مبدأ الحفاظ على وحدة وتماسك الدولة الصومالية أولوية لجميع الحكومات المتعاقبة في البلاد، لا سيما الرئيس الحالي للصومال حسن شيخ محمود الذي تعهد عقب وصوله للسلطة في مايو 2022 بالحفاظ على وحدة الأراضي الصومالية، والتفاوض مع "أرض الصومال" للانخراط مجددًا في النظام الفيدرالي الصومالي.

وبرغم الانفراجة في العلاقة بين مقديشو وهارجيسا بعدما تم الاتفاق قبل أيام بوساطة جيبوتية على استئناف المفاوضات بين الطرفين لتسوية الخلافات بينهما والتي توقفت في عام 2020، إلا أن توقيع الاتفاق الأخير بين إثيوبيا و"أرض الصومال" هدد إقامة هذا الحوار، في ظل الموقف الصومالي المتشدد ضد طرفي الاتفاق.

وفي هذا السياق، تبنت مقديشو موقفًا صارمًا ضد الاتفاق واعتبرته عملًا عدوانيًّا، وانتهاكًا صارخًا للسيادة الوطنية الصومالية باستيلاء إثيوبيا على جزء من مياه الصومال، وأكدت تمسكها بأراضيها، ودعت إلى حشد الشعب الصومالي للدفاع عن وحدة البلاد والسيادة الوطنية.

ويشير موقف مقديشو إلى تحول العلاقات مع أديس أبابا لتدخل مرحلة جديدة من التوتر والاضطراب بعد سنوات من الاستقرار خلال فترتي الرئيس السابق فرماجو ومنذ تولي الرئيس حسن شيخ محمود السلطة في البلاد، والذي اتهم أديس أبابا بالتورط في تعزيز الأفكار المتطرفة مثلما كان تدخل ميلس زيناوي، رئيس الوزراء الإثيوبي الأسبق، عسكريًّا في الصومال، الذي أنتج حركة الشباب المجاهدين. وذلك في إشارة إلى تورط إثيوبيا في زعزعة استقرار الصومال منذ سنوات، ما ينذر بتصعيد صومالي ربما يتطور إلى قطيعة مع الحكومة الإثيوبية خلال الفترة المقبلة.

وفي سابقة هي الأولى من نوعها تشير إلى التوافق بين الحكومة الفيدرالية الصومالية وحركة الشباب المجاهدين، فقد تبنت الحركة نفس الموقف الحكومي المتشدد برفض الاتفاق الأخير بين أديس أبابا وهارجيسا، حيث أشارت الحركة إلى بطلان الاتفاق، واعتبرته بمثابة عملية نهب وسرقة لثروات الصومال، وأنها لن تقبل باستيلاء إثيوبيا على جزء من الأراضي الصومالية، كما أنها دعت الشعب الصومالي لحمل السلاح لمحاربة الإثيوبيين للدفاع عن بلادهم. وربما تُصعّد الحركة هجماتها الانتقامية في العمق الإثيوبي والتمدد نحو الداخل في "أرض الصومال" مستقبلًا.

ومن جانبه، قال المفكر الاستراتيجي، اللواء سمير فرج، إن مصر لديها 4 اتجاهات استراتيجية، وأنه لأول مره في التاريخ أصبحت الأربع اتجاهات مهددة في آن واحد.

وأضاف فرج، أن الاتفاقية مثلت مشكلة كبيرة، مبينا أن الصومال كانت دولة واحدة، ثم ظهر ما يسمى أرض الصومال وغير معترف بها دوليا، لافتًا إلى أن أرض الصومال نتاج حركات من الاستعمار الإنجليزي، مبينا أن الاتفاق كان يساعد إثيوبيا ليكون لها منفذ على البحر الأحمر، بالإضافة إلى أنه اخترق سيادة وأمن دولة عربية وهو ما مثل خطر كبير مع بداية العام الجديد، كما أن إثيوبيا حاولت أن يكون لها منفذا على البحر الأحمر من خلال جيبوتي وإريتريا، وفشلت.

وأكد  أن إثيوبيا تهدد الأمن القومي العربي، ولذا كان لابد من وجود تحرك عربي عربي، بعد التهديد المباشر من خلال توقيع الاتفاق مع أرض الصومال غير المعترف بها، مضيفًا أن ذلك مثل تهديد مباشر أيضا لدولة الإمارات بشأن ميناء بربرة والتواجد فيه.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الصومال أرض الصومال إقليم أرض الصومال اثيوبيا جمهورية الصومال إثیوبیا وإقلیم أرض الصومال على البحر الأحمر الرئیس الصومالی قاعدة عسکریة بین إثیوبیا فی المنطقة أدیس أبابا من جانب حسن شیخ فی هذا

إقرأ أيضاً:

اليمن يُغيِّر المعادلة السياسية من البوابة العسكرية

 

 

 

جمال بن ماجد الكندي

ثمَّة صورة نمطية للشخصية اليمنية لدى الغرب؛ بل وحتى لدى بعض العرب، وهي صورة مستمدة من الهيئة الخارجية للإنسان اليمني، ويُقاس بها مدى تقدم اليمن وتطوره! هذه الصورة النمطية تتحكم في عقول الغرب، فلا يستطيعون تصور تقدّم اليمن في ظل هيئته وطريقة عيشه وثقافته، وتبعيته- قبل ثورة 21 سبتمبر- للخارج.

اليمن يُثبت اليوم أنَّه قائد من قادة العرب، من خلال ما يقوم به في البحر الأحمر، وما يقدمه من نصرة للشعب الفلسطيني. لقد غيّر اليمن المُعادلة السياسية والعسكرية والإعلامية في المنطقة، عبر حادثتين بارزتين: الأولى، سقوط طائرة F-18 من على متن حاملة الطائرات الأمريكية "ترومان" بفعل الضربات الصاروخية والمسيرات اليمنية، والثانية الصاروخ الفرط صوتي الذي ضرب مطار بن غوريون الإسرائيلي.

اليمن اليوم يفعل ما لم تفعله جيوش عربية بأن يقاتل في جبهتين، جبهة البحر الأحمر ضد حاملات الطائرات الأمريكية بمُسمياتها المختلفة، وضد العدو الإسرائيلي بضربه في عمقه الاستراتيجي، نصرة لغزة العزة فماذا يعني ذلك سياسيًا وعسكريًا.

المعادلة السياسية تتحقق غالباً من البوابة العسكرية فعن طريق القوة والتأثير العسكري تتغير المعادلة السياسية، بل تتعدى الجغرافيا المُعينة ونقصد هنا اليمن إلى دائرة أوسع لتشمل ملفات أخرى، كون اليمن من محور بات يُعرف في المنطقة بأنَّه محور المقاومة المساند لغزة، والمناهض للهيمنة الأمريكية والبلطجة الإسرائيلية.

برز هذا العنوان بعد معركة "طوفان الأقصى" من خلال جبهات المساندة لغزة في معركتها ضد العدو الصهيوني فعرف بمصطلح "وحدة الساحات" فكانت جبهات المساندة من اليمن ولبنان والعراق، والكل يعلم اليوم بأنَّ جبهة لبنان والعراق لأسباب داخلية وسياسية أغلقت، أو وقفت وبقيت جبهة اليمن تصارع وحدها مساندة الشعب الفلسطيني.

إسرائيل بعد وقف إطلاق النار في لبنان والمشاركة في تغيير النظام السياسي في سوريا وتمركزها في 3 محافظات سورية، أرادت بعد هذه الأحداث أن ترسم معادلة سياسية جديدة في المنطقة مزهوة بانتصارات حققتها ضد محور المقاومة في المنطقة. ربما تكون إسرائيل حققت انتصارات نوعية في استهداف قادة كبار سياسيين وعسكريين من أمثال السيد حسن نصر الله، ولكنها لم ولن تستطيع القضاء على فكرة المقاومة؛ لأنها ببساطة فكرة لا تموت بموت قادتها .

ما أصاب الأمريكان والإسرائيليين من قبل حكومة صنعاء غير المعادلة السياسية، من نشوة فرحة هزيمة هذا المحور، إلى التفكير بمهادنته، خاصة بعد استهداف حاملة الطائرات الأمريكية "هاري ترومان" وإصابتها إصابات مباشرة وقبلها "آيزنهاور" والصاروخ الفرط صوتي الذي أصاب العمق الإسرائيلي.

المعادلة السياسية تتغير تجاه اليمن من قبل الأمريكان بفضل ضربات البحر الأحمر، فمجرد القبول بوقف التصعيد العسكري بين أمريكا واليمن يعتبر فشلًا أمريكيا كبيرًا في تحييد حكومة صنعاء، فقد أعلن وزير الخارجية العُماني معالي السيد بدر بن حمد البوسعيدي، التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار بين الولايات المتحدة وأنصار الله اليمنية بعد اتصالات أجرتها سلطنة عُمان مع الطرفين.

 وهذا يعني استعداد الطرف الأقوى هنا وهو الأمريكي بقبول الواسطة العُمانية، لأن الحل العسكري لم ينفع في منع حكومة صنعاء من استهداف القطع العسكرية الأمريكية في البحر الأحمر، فجاء هذه الاتفاق اعترافًا من الأمريكي بعجزه عسكريًا عن تغيير المشهد العسكري في المنطقة لصالح إسرائيل.

هذا الاتفاق هو نصر سياسي يمني استطاع اليمنيون انتزاعه من الأمريكان بفضل الصواريخ اليمنية التي غيرت المعادلة العسكرية في المنطقة، خاصة بعد سقوط طائرة إف-18 الأمريكية، ولا يعني هذا الاتفاق بأن اليمنيون سوف يوقفون أسنادهم لغزة عبر استهداف العمق الإسرائيلي، فقد ذكر عبر منصة إكس محمد البخيتي عضو اللجنة السياسية في حركة أنصار الله، أن "العمليات العسكرية لدعم غزة لن تتوقف حتى يتوقف العدوان عليها، ويرفع الحصار عنها لدخول الغذاء والدواء والوقود إليها". وذكر كذلك "أما بالنسبة لهجماتنا على الولايات المتحدة فهي تندرج في سياق حق الدفاع عن النفس، إذا أوقفت هجماتها علينا، فستتوقف هجماتنا عليهم وينطبق هذه الموقف على بريطانيا".

النصر العسكري اليمني في البحر الأحمر نتج بقبول أمريكا وقف التصعيد مع اليمن، وهذا الأمر سوف يترجم سياسيا في الملف الفلسطيني، وملف المفاوضات الإيرانية الأمريكية لعقد اتفاق نووي جديد بينهما كيف ذلك، هنا نقول إن المدخلات العسكرية لها مخرجات سياسية.

ففي الملف النووي، ما حصل في اليمن انعكس إيجابًا على مسار التفاوض الإيراني-الأمريكي، إذ ينقل الوسيط العُماني رسائل مطمئنة تعكس رغبة الطرفين في عقد هذا الاتفاق. ويعود التفاؤل إلى فشل تجربة اليمن- إن صح التعبير- والتي كانت تُستخدم كعصا لترهيب الإيرانيين ودفعهم إلى التفاوض من منطلق الضعف وتحت تهديد الحرب. غير أن إيران رفضت هذا الأسلوب وفرضت قواعدها التفاوضية. فقد فشلت الحرب الأمريكية ضد حكومة صنعاء فشلًا ذريعًا، ومن دلائل هذا الفشل قبول الأمريكيين بوقف التصعيد عبر الوسيط العُماني.

في غزة، غيَّر الصاروخ الفرط صوتي المعادلة، وأجبر الإسرائيليين على وقف العدوان والدخول في مرحلة تفاوض جديدة، خاصة بعد تخلّي أمريكا عن المواجهة العسكرية في اليمن، وفقًا للاتفاق الأمريكي-اليمني الأخير. وتشير وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى أن الجانب الأمريكي يضغط على إسرائيل للتوصل إلى صفقة في غزة، إذ إن التصعيد هناك لا يصب في مصلحة بيئة التفاوض لإنهاء الملفات العالقة في المنطقة.

إذن الاتفاق مع إيران واليمن سينعكس على جبهة غزة، والعكس صحيح. كما أن الولايات المتحدة بحاجة إلى اتفاق جديد مع إيران لتحصيل منافع اقتصادية لم تُحقق في اتفاق عام 2015، ويُرجّح بعض المراقبين أن هذا هو أحد أسباب انسحاب أمريكا من الاتفاق خلال الولاية الأولى للرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

وفي ضوء المتغيرات العسكرية والسياسية المتسارعة، يبرز اليمن اليوم كفاعل إقليمي مؤثر يعيد رسم التوازنات في المنطقة. لقد فرض حضورَه من بوابة الصراع العسكري، فانتقل إلى طاولة السياسة بقوة الإنجاز الميداني. وإن كانت الصواريخ قد غيّرت المعادلات، فإن نتائجها ستنعكس حتمًا على الملفات الكبرى، من غزة إلى الاتفاق النووي. إنها لحظة إعادة تموضع لقوى المقاومة، ورسالة واضحة: لا استقرار دون حساب لليمن ودوره الجديد.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • فيديو كشف المستور .. لماذا استدرجت بائعة متجولة سائحا في الدرب الأحمر
  • لماذا تشعل إسرائيل المنطقة وتضرب في كل الجبهات؟
  • الخارجية الأمريكية: الاتفاق مع الحوثي أولي ويهدف إلى وقف الهجمات على السفن في البحر الأحمر
  • ترامب: أحترم وعود الحوثيين وقد أظهروا شجاعة كبيرة
  • أميركا والحوثي.. مسؤول يضع إسرائيل خارج "معادلة الاتفاق"
  • اليمن يُغيِّر المعادلة السياسية من البوابة العسكرية
  • وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي الصومالي يجتمع مع سفير دولة قطر
  • الربيعة يزور التوأم الصومالي خلال استراحة من عملية فصل التوأم المصري.. فيديو
  • شاهد | حقيقة الاتفاق على وقف الهجمات على السفن الأمريكية في البحر الأحمر .. كاريكاتير
  • لماذا تسابق أميركا وإيران الزمن للوصول لاتفاق؟