عين إستخباراتية لـحزب الله.. هذا مكانها ميدانياً!
تاريخ النشر: 23rd, January 2024 GMT
الشعار الأكثر بروزاً في إسرائيل الآن هو "إبعاد" حزب الله عن الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة، وتحديداً إلى شمال نهر الليطاني.. ولكن، هل يمكن لذلك أن يشكل "ضمانة" لأمن إسرائيل وللمستوطنات المحاذية للبنان؟
الطروحات الأميركية التي حملت طرح إبعاد "حزب الله" عن الحدود جوبهت بالرفض من قبل الأخير كونها غير واقعية.
عوائق ميدانية
عندما بنى "حزب الله" قوته العسكرية منذ أكثر من 40 عاماً منذ تأسيسه عام 1982، لم يحصرها فقط بالمناطق الجنوبية الحدودية. الحزب كان متوسعاً في عمق الجنوب حتى أن امتدادهُ يرتبط بالبقاع حيث تتمركز أبرز معسكرات التدريب هناك.
لهذا السبب، فإن نشاط "حزب الله" العسكريّ ليس محدوداً، وبالتالي فإنّ إمكانية حصره في منطقة معينة برياً، لن يلغي أبداً البنية التحتية التي أنشأها تحت الأرض مثل الأنفاق التي يمكن أن تبدأ من مناطق لبنانية شمال الليطاني وتنتهي داخل فلسطين المحتلة.
عدا عن ذلك، فإنّ الحزب أسس لأرضية غير ظاهرة لمنظومته العسكرية في الجنوب، وأمر تفكيكها لن يكون أمراً سهلاً، حتى أن الحزب لن يغوص بهذا المبدأ أبداً كونه مستبعدٌ تماماً. في حال رضيَ الحزب بما تريده إسرائيل، فإنه سيكون أسس لحزامٍ أمنيّ كان السعي الأساس يتركز على كسره منذ إحتلال الجنوب ولغاية التحرير عام 2000.
إذاً، المشهدية واضحة، وبالتالي الرهانات على تأسيس ذاك الحزام ساقطة رغم كل المساعي الدبلوماسية والمطالبات الإسرائيلية. أما عسكرياً، فإنّ الحزب وبترسانته المتطورة، قد لا يكون بحاجة لأن يكون على طرف الحدود ليطلق صواريخه باتجاه إسرائيل. حالياً، هناك الصواريخ الدقيقة وتلك المعروفة بـ"بعيد المدى"، كما أن هناك صواريخ مزودة بمنظومة "نظام التموضع" (GPS)، والتي تمكنها من الوصول إلى الهدف المراد بدقة متناهية.
كل هذه الأمور تخشاها إسرائيل، سواء بإبعاد "حزب الله" عن الحدود أم لا، فأمن المستوطنات بالنسبة لها أولوية حالياً، خصوصاً أن سيناريو إقتحام الحزب إسرائيل عبر قوة "الرضوان" التابعة له لم ينتهِ بتاتاً، كما أنه ما من ضمانات أمنية لعدم حصوله في حالة أساسية واحدة وهي إندلاع حرب شاملة بين لبنان وإسرائيل.
إضافة إلى ذلك، فإن إسرائيل ومن خلال إبعادها للحزب عن الحدود، تريد "كسر" سطوته الإستخباراتية هناك، وبالتالي ضرب "عينه الأمنية" على منطقة الشريط الحدودي، أيّ إنتفاء مصادر معلوماته الدقيقة من هناك.. ولكن هل هذا الأمر سيحصل؟
واقعياً، طالما أن منطقة الجنوب والحدود يقطنها سكان مدنيون، طالما أن عين حزب الله ستبقى هناك، لأن جلّ مقاتليه من أبناء تلك المناطق، وبالتالي فإن انسحابه العسكري لا يعني إنسحاباً بشرياً.
إضافة إلى ذلك، فإن قدرات "حزب الله" الإستخباراتية لن تتأثر في حال الإنسحاب طالما أن عناصره سينشطون بصفاتهم المدنية وعبر قدرات تقنية لإستطلاع ما يرغب به الحزب عند الحدود. وأصلاً، الأمر هذا يحصلُ منذ زمن، فالحزب ليس لديه أبراج تقنية كتلك التي تبنيها إسرائيل عند حدود لبنان، وبالتالي فإن مسألة إنتفاء "العين الإستخباراتية الظاهرة" لا تنطبق على حالة "حزب الله" بعكس إسرائيل.
مصادر معنية بالشؤون العسكرية قالت لـ"لبنان24" إنّ حزب الله لديه تقنيات عديدة لإدارة الحرب الإستخباراتية عند الحدود، وتحديداً من خلال الطائرات الاستطلاعية التي تؤدي وظيفة مهمة في ذلك.
المصادر أشارت إلى أنّ "الحزب لن يكون منعزلاً عن أي جهة أمنية ستكون ناشطة في الجنوب، فالأمورُ ليس بهذه البساطة والسهولة"، وقالت: "ما يفكر به الإسرائيليون مُنافٍ للواقع، وبالتالي فإن طروحاتهم بشأن إبعاد الحزب عن الحدود مصيرها السقوط وهي مماثلة للطرح الذي لا يمكن تحقيقه في غزة والمتمثل بإسقاط حركة حماس وإنهائها".
وأكملت: "قدرة تحرك حزب الله في الجنوب لن تكون مقيدة سواء إنسحب أم لم ينسحب من المنطقة الحدودية. من السذاجة الإعتقاد أنه يمكن تطويق الحركة، وأصلاً لا سياج أمنياً سيُبنى داخل الجنوب لمنع حزب الله من التحرك.. التنقلات ستكون قائمة وأصلاً: من سيستطيع مراقبة كل سيارة أو شاحنة تدخل الجنوب؟ من قال أصلاً إن قوات اليونيفيل ستتمكن من منع الحزب من التحرك هناك؟ الحديث عن المنطقة العازلة ليس واقعياً والحزب لن يكون بمعزلٍ عن الجنوب وأصلاً لا حواجز أمنية كتلك التي استحدثها الإسرائيليون سابقاً خلال احتلال الجنوب.. الواقع الآن مختلف تماماً عن السابق".
إذاً، في خلاصة القول، يبدو واضحاً أن مسألة إنكفاء "حزب الله" لن تكون سهلة، وبالتالي فإن هذا الواقع يجب على الأميركيين إدراكه بشكلٍ واقعي خلال محادثاتهم.. ولكن، السؤال الأكثر أهمية: ما هي التسوية التي يمكن أن يتم تأسيسها للحل بعد إنتهاء معارك الجنوب بالتوازي مع حرب غزة؟.. هنا للحديث تتمة.. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: وبالتالی فإن عن الحدود حزب الله
إقرأ أيضاً:
مقتل شخص في غارات إسرائيلية واسعة على جنوب لبنان
بيروت (لبنان) "أ ف ب": قتل شخص على الأقلّ في سلسلة غارات اسرائيلية واسعة في جنوب لبنان اليوم بحسب وزارة الصحة، في حين أعلنت إسرائيل استهداف موقع لحزب الله، مع مواصلتها الضربات منذ أشهر رغم اتفاق وقف إطلاق النار.
وبعد نحو عام من تبادل للقصف عبر الحدود اللبنانية الإسرائيلية تحوّل حربا مفتوحة في سبتمبر 2024، توصلت إسرائيل وحزب الله الى اتفاق لوقف إطلاق النار دخل حيز التنفيذ في 27 نوفمبر الماضي.
ورغم سريان الهدنة، لا تزال إسرائيل تشنّ غارات على مناطق لبنانية عدة خصوصا في الجنوب والشرق، مؤكدة أنها لن تسمح للحزب بالعمل على ترميم قدراته بعد الحرب التي تلقى خلالها ضربات قاسية على صعيد البنية العسكرية والقيادية.
وأفادت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية أن إسرائيل نفّذت الخميس "عدوانا جويا واسعا على منطقة النبطية" في جنوب لبنان، عبر "سلسلة غارات عنيفة وعلى دفعتين" استهدفت "الأودية والمرتفعات والأحراج الممتدة بين بلدات كفرتبنيت، النبطية الفوقا، كفررمان".
وشاهد مصوّر فرانس برس تصاعد الدخان الكثيف من مناطق جبلية وحرجية وأودية بعيدة عن المناطق السكنية.
وأوردت وزارة الصحة اللبنانية أن "غارات العدو الإسرائيلي على النبطية اليوم أدت في حصيلة أولية إلى سقوط شهيد وإصابة ثمانية أشخاص بجروح".
وأثارت الغارات حالة من الهلع بين السكّان. وقال الطبيب جمال صباغ (29 عاما) الذي كان يقوم بجولة صحية في مدرسة بقرية شوكين قرب النبطية، لفرانس برس "سمعنا دويا قويا، حوالى عشر ضربات متتالية. بعض الأولاد خافوا وحالة ذعر سادت والأساتذة خافوا أيضا".
أضاف "كان هناك حالة إرباك وتوتر"، مشيرا الى أن الضربات استهدفت "الجبال في محيط النبطية".
وأفادت الوكالة الوطنية بأن الغارات أسفرت عن "انفجارات هائلة ترددت أصداؤها في معظم مناطق النبطية والجنوب"، بينما سارع سكان لإخراج أولادهم من المدارس وسط زحمة سير خانقة.
وأتت غارات الخميس غداة مقتل القيادي في الجناح العسكري لحركة حماس الفلسطينية خالد أحمد الأحمد بغارة اسرائيلية استهدفت سيارته في مدينة صيدا بجنوب لبنان.
وتؤكد السلطات اللبنانية في الآونة الأخيرة على قرارها "حصر السلاح بيد الدولة"، وسط ضغوط أمريكية متصاعدة لسحب سلاح حزب الله بعدما تكبّد خسائر فادحة في البنية العسكرية والقيادية خلال الحرب مع إسرائيل.
وأكّد الرئيس اللبناني جوزاف عون الأسبوع الماضي أن الجيش اللبناني يسيطر على أكثر من 85 في المئة من الجنوب الذي قام بـ"تنظيفه"، في إطار تنفيذ التزاماته باتفاق وقف النار.
ونصّ اتفاق وقف النار الذي أبرم بوساطة أمريكية وفرنسية، على انسحاب مقاتلي حزب الله من المنطقة الواقعة جنوب نهر الليطاني (على مسافة نحو 30 كيلومترا من الحدود)، وتفكيك بناه العسكرية فيها، مقابل تعزيز الجيش اللبناني وقوة الأمم المتحدة (يونيفيل) انتشارهما قرب الحدود مع إسرائيل.
كذلك، نصّ على انسحاب إسرائيل من مناطق توغلت فيها خلال الحرب.
ويطالب لبنان المجتمع الدولي بالضغط على اسرائيل لوقف هجماتها والانسحاب من خمسة مرتفعات في جنوب لبنان أبقت قواتها فيها بعد انقضاء مهلة انسحابها بموجب الاتفاق.