الجزيرة:
2025-05-11@21:46:52 GMT

الإستراتيجية الأميركية إلى أين؟

تاريخ النشر: 26th, January 2024 GMT

الإستراتيجية الأميركية إلى أين؟

ليس هناك شكّ في أن "طوفان الأقصى" قد أجبر الولايات المتحدة على التخلّي عن كثير من المسلّمات الإستراتيجية بشأن منطقتنا، ولعلّ أهمها ما يتعلّق بدور "الوسيط النزيه"، الذي وفّر لها مكانة متميزة على مدى عدة عقود، وكأنها كانت بالفعل تضبط ميزان العلاقة بين العرب وإسرائيل كلما مالت كِفته! وهو دور نموذجي مرّرت من خلاله الكثيرَ من أدوارها بالمنطقة، وحققت كثيرًا من أهدافها.

لكن الأمر لم يقفْ عند هذا الانغماس في الصراع إلى جانب إسرائيل ومؤازرتها والوقوف معها كتفًا بكتف، بل عملت الولايات المتحدة على تهديد كل الأطراف بكل أنواع التهديد؛ لمنعها من التدخّل في الصراع بأي شكل من الأشكال، ورفعت شعار: "عدم توسيع الحرب" كمظلة تنفرد من خلالها إسرائيل بغزّة، وتصبّ عليها كل أنواع القذائف الأميركية، وتفتح عليها أبواب الجحيم الذي قرنه الخبراء بالحروب العالميّة.

تغيرات مهمة

حتى جاء انخراط الولايات المتحدة في الحرب مع الحوثي باليمن من خلال الضربات الجوية والصاروخية بالشراكة مع سلاح الجو البريطاني؛ ليكسر شعار: "عدم توسيع الحرب" ويفتح الباب أمام انخراطات جديدة وشيكة- صغرت أم كبرت- وليصبح من المؤكد أننا بصدد تغيرات مهمة في الإستراتيجية الأميركية بالمنطقة، ومن ثم تغيرات مهمة على مستوى إستراتيجيتها الكونية التي تضطرها للتخفّف من الانغماس في منطقتنا، إلّا لو قامت بتأجيل بعض خطوات الصراع مع الصين الأكثر إلحاحًا.

من المؤكد أن الضربات الموجهة للحوثي ستزيد الأمر تعقيدًا في البحر الأحمر، والأرجح أنها قد تؤدي إلى إغلاقه أو تعطيل الملاحة فيه بشكل كبير، وهو ما قد يكون أحد الأهداف اللازمة لعسكرته أميركيًا، وذلك في اتجاه تعطيل أو عرقلة المشروع الصيني "الحزام والطريق"، لكن هذا لن يغفر لها أنها في الحقيقة تصيب الملاحة العالمية بعطب مؤثر.

نتائج ذات دلالة

ولهذا فإن القليل من التأمل الإستراتيجي في هذا الانخراط، يعطي نتائج بالغة الدلالة على تردي العقل الإستراتيجي الأميركي أو غيابه بالكامل – ويبدو أن هذا يكون صحيحًا إذا تعلق الأمر بإسرائيل فلذة الكبد والطفل الوحيد المدلل! ـ فلا هذه الضربات الموجهة للحوثي ستقضي عليه، ولا يمكنها بحال أن تمنعه من استمرار العمل على استهداف السفن الإسرائيلية.

فضلًا عن أن ذلك يعطيه فرصة تاريخية لشرعية داخلية وإقليمية كان يبحث عنها، فالضربات – بالكاد – أعلنت أن البحر الأحمر أصبح ساحة حرب مفتوحة، وهي أسوأ رسالة للملاحة البحرية يمكن أن تصلها.

صراع جوهري

وعلى هذا يبدو أنَّ الولايات المتحدة – المحمومة بالصراع على سقف العالم والعمل على تقويض نفوذ كل من يطمح لهذه المنافسة – تعمل في الوقت ذاته على توظيف الصراع المفتوح في منطقتنا لذات الغرض، حتى لا يضيع الوقت سدى، فلا يعني حضورها بقوة للوقوف إلى جوار إسرائيل- التي تقوم بحملة خارجة عن كل قواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني- أنها على استعداد للتخلي عن الصراع على سقف العالم، وإن أسمته مؤخرًا إدارة التنافس مع الصين، فهو صراع جوهري وضروري في سبيل التربع على قيادة العالم لقرن آخر.

وهو سلوك اعتمدته الولايات المتحدة في طريقها للانفراد بهذه القيادة منذ العدوان على العراق رغمًا عن مجلس الأمن والقانون الدولي والغضب العارم من كل دول العالم بمن فيهم الأوروبيون، فالسلعة غالية ويجب التضحية بكل شيء في سبيل الوصول إليها!

فراغ إستراتيجي

لكن بعد كل ذلك هل يغيب عن النظر تحكم طهران إلى حد كبير في مجريات هذا الصراع فضلًا عن قدرتها المعهودة على الاستفادة من الأخطاء الإستراتيجية الأميركية التي أصبحت واردة بقوّة، بل أصبح من السهولة بمكان استدراجها في معارك تشتيت إستراتيجي؟

كما أن الملاحظة المهمة التي يجب ألا تغيب عن النظر هي أن العرب تائهون بين طرفي الصراع: الأميركي الذي ينجرف في مسار وجودي لإعادة بناء الردع الإسرائيليّ ولو أدّى الأمر لاستباحة العالم العربي بكامله والذي يعد بدوره مركز الإستراتيجية الأميركيّة بالمنطقة، وبين الإيراني الذي ينجح دائمًا في توظيف أخطاء أميركا، ولا سيما في الإقليم، حيث الفراغ الإستراتيجي الهائل وفقدان التوازن في ضوء عدم وجود أي رؤية عربية، بما في ذلك عدم القدرة على تعريف الذات، وهو ما يجعل المشرق العربي بكامله تحت تأثير المظلة الإيرانية الآخذة في التمدد.

 

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الولایات المتحدة

إقرأ أيضاً:

استئناف المحادثات التجارية بين الولايات المتحدة والصين في جنيف

استؤنفت الأحد المحادثات التي تستضيفها جنيف بين مسؤولين أميركيين وصينيين كبار بهدف تهدئة التوترات التجارية.
وذكرت وكالة أنباء "كيستون-أيه تي إس" السويسرية نقلا عن مصادر مطلعة على سير المحادثات، أن اليوم الثاني من الاجتماعات المغلقة بين وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت والممثل التجاري جيميسون غرير، ونائب رئيس الوزراء الصيني هي ليفينغ، استؤنفت بعيد العاشرة صباحا (08,00 بتوقيت غرينتش).

أخبار ذات صلة مفاوضات تجارية بين الولايات المتحدة والصين مؤشر أسعار المستهلكين بالصين يرتفع %0.1 في أبريل المصدر: وكالات

مقالات مشابهة

  • استئناف المحادثات التجارية بين الولايات المتحدة والصين في جنيف
  • اليوم.. جولة جديدة المحادثات الجمركية بين واشنطن وبكين
  • أخبار العالم | بوتين يعرض استئناف المحادثات مع أوكرانيا دون شروط بوساطة أردوغان.. وترامب يشيد بـ«إعادة ضبط كاملة» للعلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والصين
  • انتهاء المحادثات الأميركية الصينية بشأن الرسوم الجمركية
  • هل انتهى عصر القوة الأميركية الناعمة؟
  • في خضم التصعيد .. الولايات المتحدة تعرض الوساطة بين الهند وباكستان
  • سايكس بيكو.. جريمة مايو التي مزّقت الأمة
  • الغرفة الأميركية تشارك رسميًا في قمة طرابلس للطاقة 2026
  • الولايات المتحدة: شركات أمن خاصة ستوزع المساعدات في غزة قريبا
  • تشريح: الصراع بين (باكستان والهند) هو احد فصول العالم الجديد