خلال الأعوام الماضية بدأ الذكاء الاصطناعي بلعب دور مهم في عالم التكنولوجيا، لكنه بات مصحوبا بمخاوف وتحذيرات منها أمنية، إلى جانب السلوك العنصري الذي بدأت ملامحه تطفو إلى السطح.

ومع انتشار استخدام الذكاء الاصطناعي في جميع أنحاء العالم، عاد الحديث مجدداً عن عنصرية الخوارزميات التي يتضمنها، وتأثرها بالعامل البشري.

خبير الذكاء الاصطناعي، عضو هيئة التدريس في كلية الطب بجامعة "جراح باشا إسطنبول" التركية مراد كيرشجي، يقول إن العامل البشري يفرض سلوكيات عنصرية على خوارزميات الذكاء الاصطناعي.

ويضيف كيرشجي في حديثه للأناضول، أن "خوارزميات الذكاء الاصطناعي المستخدمة في مجالات مختلفة يمكن أن تقدّم للمستخدم نتائج عنصرية قائمة على التمييز بين البشر".

أصحاب البشرة السمراء

ومثالا على ذلك، يوضح: "ذات مرة، عندما كتبت كلمة ape (قرد) في أحد محركات البحث على الشبكة العنكبوتية (الإنترنت)، ظهرت صورة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما وأفراد عائلته".

ويؤكد الخبير أن "الذكاء الاصطناعي المستخدم في مجال القانون، يربط الناس أصحاب البشرة السمراء أكثر بعناصر الجريمة".

وقد تم الكشف مؤخّرًا، وفق المتحدث، عن أن "الذكاء الاصطناعي الذي تستخدمه هولندا في منح تأشيرات الدخول، يقوم بارتكاب جريمة التمييز بين البلدان والأفراد، وحتى الجنس".

ويذكر كيرشجي أن "العنصرية في خوارزميات الذكاء الاصطناعي تعكس مناهج المبرمجين، أو فهم المجتمع الذي تم تصميم التطبيقات فيه".

ويضيف أن "الإنسان هو الكائن الوحيد الذي يقوم بتنظيم وبناء هذه العملية برمتها، ويجعل الآلات تتصرف بهذه الطريقة".

ويلفت المتحدث إلى أنه "ليس من الممكن دائمًا تحديد المكان الذي تعلم فيه الذكاء الاصطناعي هذه السلوكيات العنصرية أو التمييزية".

ويتساءل: "من يعلّم العنصرية للذكاء الاصطناعي؟ من صممه أم من استخدمه؟ أم من أجرى عليه بعض اللمسات النهائية؟ هناك هيكلية غامضة وراء كل ما سبق".

ويتابع: "تابعنا المناقشات الجادة في العالم حول الذكاء الاصطناعي وبنية القانون منذ التسعينات، حيث يتم اعتماد بعض اللوائح القانونية في الواقع لجعل النخب بريئة من حرب الهيمنة الكبرى المطلوب خوضها".

ويصف ذلك بأنه "عملية قانونية تجبرنا على القتال بجهاز لا يمكننا أبدًا الحصول على رد منه عندما نواجه مشكلة، فلماذا تميز الآلة بين الأسود والأبيض؟ إن من يقوم بهذا السلوك هو في الواقع شخص يتخفى وراء الآلة".

العنصرية نتيجة التقليد

ويعرّف كيرشجي الذكاء الاصطناعي بأنه "إدخال الذكاء البيولوجي لأجهزة الكمبيوتر أو الروبوتات أو العالم الرقمي، وتمكينهم من تقليده".

ويشدّد على أن "العنصرية هي نتيجة لهذا التقليد، وليس من المنطقي أن تطوّر الآلة سلوكًا عنصريًا تجاه أي مجموعة من الناس بمفردها".

ويشير إلى أن "الآلة تصبح قادرة على اتخاذ القرارات ومتابعة العمليات، وتصبح قادرة على تشغيل وظائفها الخاصة عند الضرورة، خلال تعلمها لمحاكاة العمل الذي يقوم به الإنسان".

وعن قدرات أنظمة الذكاء الاصطناعي، يقول إن تلك الأنظمة "تتمتع بقدرة على العمل بشكل مستقل عن البشر، بل وتنتج طاقتها الخاصة وتحمي نفسها من خلال التفكير بإمكانية أن يقوم أحد ما بفصلها عن مورد الطاقة".

ويشدد كيرشجي على أن "الآلات ستظل دائمًا أقل قدرة من الكائنات البيولوجية، رغم توفيرها حاليًا نتائج أفضل بكثير من البشر في بعض المناطق".

ويذكر أن أحد التعريفات الأكثر مثالية للتكنولوجيا هو "التكنولوجيا التي يتم إنشاؤها باستخدام أقل قدر من التكنولوجيا".

كيرشجي اكد على أن "تطور صناعة الآلات والتكنولوجيا الرقمية، يحمل في طيّاته فرصًا كبيرة ومخاطر كبيرة أيضًا".

وفيما يتعلق بالتفاعل الإيجابي، يوضح: "يمكن تحقيق نتائج رائعة عندما يتم تحقيق التفاعل الصحيح مع الآلات، قد تنشأ مخاطر أيضًا عندما لا يتم إعداد التفاعل بشكل صحيح".

ويكمل أن "هذا الخطر قد يهدد الوجود البشري والطبيعة، لذلك لسنا الوحيدين المعرضون للخطر، بل الطبيعة معرضة للخطر أيضًا".

ويختم بالقول: "كل نوع من التكنولوجيا له إيجابياته وسلبياته، فعلى سبيل المثال، نحن بحاجة دائمة للطاقة الكهربائية، لكن الإنتاج غير المنضبط لهذه الطاقة يشكل خطرًا على الجميع".

الحرب كذلك

استخدامات الذكاء الاصطناعي انتشرت في أكثر من مجال وقطاع، وتمكنت شركات التكنولوجيا من استقطاب 50 مليار دولار من الاستثمارات في العام 2023، بنمو فاق 70 بالمئة خلال الأعوام الخمسة الأخيرة.

ولم تسلم حتى الحروب من استخداماته، حيث حولت إسرائيل قطاع غزة إلى ميدان تجارب لاستخدامات الذكاء الاصطناعي في الحرب، حينما ضاعفت عدد الأهداف التي ضربتها في القطاع باستخدام الذكاء الاصطناعي.

ووفق الباحثة الفلسطينية العاملة بمجال أخلاقيات الذكاء الاصطناعي نور نعيم، في مقابلة سابقة مع الأناضول، فإن إسرائيل ضربت 15 ألف هدف باستخدام تقنية الذكاء الاصطناعي المسماة "غوسبيل"، في أول 35 يوما من حربها المتواصلة على غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وأشارت نعيم إلى أن هذا الرقم أعلى بكثير من عدد الأهداف التي ضُربت في العمليات السابقة بالمنطقة، حيث ضربت إسرائيل قرابة 6 آلاف هدف خلال حربها على غزة عام 2014 التي استمرت لمدة 51 يوما.

المصدر: مأرب برس

كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی

إقرأ أيضاً:

«بريسايت» و«إيه آي كيو» تعرضان حلولهما للذكاء الاصطناعي في «اصنع في الإمارات»


أبوظبي (الاتحاد)
أعلنت شركة بريسايت، عن مشاركتها في معرض «اصنع في الإمارات 2025» الذي يُقام في مركز أبوظبي الوطني للمعارض «أدنيك» خلال الفترة من 19 إلى 22 مايو الحالي، وذلك بالشراكة مع «إيه آي كيو» التي تملك فيها بريسايت حصة الأغلبية.
وستعرض الشركتان معاً حلولهما المتطورة والمصمّمة محلياً والتي تُسهم في تعزيز مرونة الاقتصاد الوطني ودعم التنافسية العالمية. 
وخلال مشاركتها في المعرض ستعرض بريسايت المجموعة الكاملة من منتجاتها المدعومة بالذكاء الاصطناعي، بما في ذلك الحلول المتطورة في مجال عمليات السلامة العامة وإنفاذ القانون باستخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي والتحليلات المتقدّمة، والحل المبتكر في إدارة الأزمات والطوارئ بصورة شاملة، وغيرها من الحلول المبتكرة الشاملة. 
من جهتها، ستعرض «إيه آي كيو» مجموعتها الكاملة من الحلول المبتكرة، والتي تشمل، منصة ENERGYai - أول منصة لوكلاء الذكاء الاصطناعي في العالم مُصممة خصيصاً لقطاع الطاقة، بالإضافة إلى «RoboWell - التحكم الذاتي في الآبار»، وأداة AR360 للإدارة الذكية للمكامن، إلى جانب عرض نظام EmissionX لمراقبة انبعاثات الغازات الدفيئة والتنبؤ بها. 
وانسجاماً مع الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي 2031، تُعزّز مشاركة بريسايت و«إيه آي كيو» في هذا الحدث مكانة الإمارات كمركز عالمي للصناعات المتقدمة والتكنولوجيا الحديثة؛ حيث تشير التقديرات إلى أن حلول بريسايت المنتشرة في مختلف أنحاء الدولة ساهمت حتى اليوم في تحقيق كفاءة سنوية تتجاوز مليار درهم، وتوفير أكثر من مليوني ساعة عمل، ومعالجة البيانات بالكامل عبر أدوات ووسائل مؤتمتة بنسبة 100%. 
وقال توماس براموتيدهام، الرئيس التنفيذي لشركة بريسايت وعضو مجلس إدارة «إيه آي كيو»، إن هذا الحدث العالمي يشكل احتفالًا بما يمكن تحقيقه عبر تلاقي الابتكار المحلي مع الرؤية الوطنية، حيث تفخر بريسايت و«إيه آي كيو» بتقديم حلول ذكاء اصطناعي عالمية المستوى تمّ تطويرها داخل الدولة لدعم السيادة الوطنية في مجال الذكاء الاصطناعي وتعزيز مكانتها كمركز عالمي لحلول الذكاء الاصطناعي. 
وأضاف أن تقنيات بريسايت تساعد في تحسين الصناعات وحماية البيانات وتحقيق نتائج أكثر ذكاءً، في حين تساهم «إيه آي كيو» في وضع معايير جديدة لأنظمة طاقة عالمية أكثر ذكاء واستدامة ومرونة، مؤكدا مواصلة جهودهم في تطوير حلول ذكاء اصطناعي مبتكرة في دولة الإمارات مما يؤدي إلى تأمين البيانات وتحسين أداء القطاعات الحيوية وتعزيز المرونة الوطنية في المستقبل.

 

أخبار ذات صلة لجنة تحكيم جوائز «اصنع في الإمارات» تختار الفائزين «اصنع في الإمارات» يستضيف معرضاً للحرف اليدوية

مقالات مشابهة

  • اليوم الثاني لمعرض بيروت للكتاب الـ66... زحمة زوار وندوات عن الذكاء الإصطناعي
  • «بريسايت» و«إيه آي كيو» تعرضان حلولهما للذكاء الاصطناعي في «اصنع في الإمارات»
  • بحضور ترامب .. الإمارات وأمريكا تطلقان أكبر مجمع للذكاء الاصطناعي في أبوظبي
  • الإعلان عن بناء أكبر مجمع أمريكي - إماراتي للذكاء الاصطناعي
  • 26 شركة ناشئة في «Hub71» تنضمّ إلى برنامج جوجل للذكاء الاصطناعي
  • المصري للدراسات الاقتصادية: الذكاء الاصطناعي أثر على وظائف قطاع التكنولوجيا في مصر
  • ما مشروع هيومين للذكاء الاصطناعي الذي أطلقه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان؟
  • أمين وزراء الداخلية العرب: التطور المتسارع للذكاء الاصطناعي يمثل تهديدات أمنية جسيمة
  • وزير الخارجية أسعد الشيباني: نشارك هذا الإنجاز شعبنا السوري الذي ضحّى لأجل إعادة سوريا إلى مكانتها التي تستحق، والآن بدأ العمل نحو سوريا العظيمة، والحمد لله رب العالمين. (تغريدة عبر X)
  • ما أبرز الوظائف المعرضة للاختفاء خلال 20 عاماً بسبب الذكاء الاصطناعي؟