قال الإمام الأكبر د.أحمد الطيب، شيخ الأزهر، إن "العدل" اسمٌ من أسماء الله الحسنى، ويعَّرف بأنه ضد "الجور والظلم"، ويعني أن المالك وهو الله -سبحانه وتعالى-، حين يتصرف في ملكه كيفما يشاء فهو لا يظلم، موضحًا أن اسم الله" العدل"، لم يرد في القرآن الكريم بهذا اللفظ المباشر، وهذا لا يعني أنه لا يكون اسمًا من أسماء الله الحسنى، لأنه مثبت في القرآن الكريم بورود ضده وهو الظلم، كما أنه ورد في السنة المطهرة.

وأشار شيخ الأزهر، خلال الحلقة الخامسة من برنامج "الإمام الطيب"، إلى أن القرآن الكريم استخدم كلمة الظلم ومشتقاتها، في ٢٧٠ موضع لإثبات اسم الله "العدل"، مما يفسر أن الله تعالى لم يحرم على نفسه إلا الظلم، وقال في حديث قدسي عن النبي صلى الله عليه وسلم "يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرمًا فلا تظالموا"، وقد تحدث القرآن عن الظلم وعاقبة الظالمين في ٩١ آية، منها قوله تعالى "وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ"، مبينا فضيلته أن العدل المطلق هو لله سبحانه وتعالى، خاصة وأن جل وعلا نفى عن نفسه الظلم وأثبت أنه ليس بظلامٍ للعبيد، وقال "وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ"، "وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ"، "إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا".

وحول الآلام والابتلاءات التي تصيب البشر، أوضح فضيلة الإمام الأكبر، أن أفعال الله سبحانه وتعالى في العباد ومقاديره تجري كما أراد الله، ومنها ما يتصور الإنسان أنه أذى وضرر له، بينما فيه الخير والنفع، مبينًا أنه لابد أن يفهم الإنسان أمرين، أولًا أن الله يتصرف في ملكه ولذا فلا يُلام ولا يُقال إنه ظالم، بل بالضرورة أن يكون عادلًا، ثانيًا أن الله سبحانه وتعالى أثبت له العدل في القرآن الكريم عن طريق نفي الظلم عن نفسه بنصوص قرآنية صريحة، ثالثًا أن ما يحدث لنا هو قدر مقدور إما للمصلحة أو بحسب مآل الشيء، وحينما يصاب الإنسان بضرر عليه أن يدرك أن هذا إما يكون كفارة للذنوب أو رفع درجات بالصبر والرضا بالقضاء ووضع الشيء في موضعه وهو العدل المطلق.

وحول ما يحدث لأهل غزة بيّن شيخ الأزهر، أن آلامهم وصبرهم على البلاء سيجعل لهم منزلة كبيرة عند الله يوم القيامة، ولن يبلغوا منزلة الشهيد يوم القيامة دون أن يحدث لهم ما حدث، مؤكدًا أنه لولا شهداء غزة ما استيقظت القضية الفلسطينية في الضمير الإنساني العالمي، وأنه من ضمن ما ترتب على العدل الإلهي هنا أن القضية الفلسطينية قد دَبت فيها الحياة من جديد ولا يمكن أن تُنسى مرة ثانية رغم ما تكبده أهل غزة من ثمن، فقد ثار العالم كله وتظاهر تحية إجلال وتقدير لهذا الشعب الأبي، وأصبحت سمعة "الغزاويين"وصبرهم حديث العالم كله، كما تحقق عدل الله حينما نرى الكيان الصهيويني يفقد هذا الظهير الشعبي الغربي الذي انهدم، وأصبح الجميع يطالب بإيقافه عن ممارساته الخبيثة، من قتلً للأطفال والنساء والأبرياء، كما سقطت صورة إسرائيل المظلومة المحاصرة، ولن تعود مرة أخرى، وهذا عدل الله.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: الإمام الأكبر شيخ الأزهر شهر رمضان أسماء الله الحسنى سبحانه وتعالى القرآن الکریم شیخ الأزهر

إقرأ أيضاً:

مسابقة "جيل القرآن" في سلوفينيا تختتم نسختها التاسعة بمشاركة واسعة وجهود تعليمية متميزة

في أجواء إيمانية واحتفالية مميزة، شهدت العاصمة السلوفينية ليوبليانا اختتام فعاليات النسخة التاسعة من مسابقة "جيل القرآن الكريم"، وذلك بحضور واسع تجاوز أكثر من 1000 طالب وطالبة من مختلف الأعمار من العائلات المسلمة، إلى جانب أولياء الأمور ومعلمي اللغة العربية والقرآن الكريم، في احتفالية أقيمت في المركز الثقافي الإسلامي، وتُعد من أكبر الفعاليات الإسلامية في الجمهورية.

وجاء تنظيم هذه المسابقة القرآنية برعاية رسمية من مسابقة الشيخ جاسم بن محمد بن ثاني للقرآن الكريم، التابعة لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في دولة قطر، والتي تعد الراعي الحصري والداعم الرئيس للمسابقة السلوفينية منذ انطلاقتها عام 2015، وتواصل دعمها للنسخة الحالية 2025 للعام التاسع على التوالي، تأكيداً لرسالتها في نشر القرآن الكريم وتعليمه للمسلمين غير الناطقين بالعربية.

مشاركة رسمية قطرية

وتُعد هذه المساهمة من أبرز أوجه الدعم القطري الدائم للأقلية المسلمة في سلوفينيا، حيث تتولى المسابقة كل عام دعم البرنامج القرآني السنوي عبر وفد رسمي من اللجنة المنظمة لمسابقة الشيخ جاسم للقرآن الكريم، يحضر إلى ليوبليانا للإشراف على المسابقة والمشاركة في فعاليات الحفل الختامي، ومتابعة التحضيرات للدورة المقبلة.

مسابقة تعليمية إيمانية تعزز الهوية والانتماء

تُنظم المسابقة سنوياً بإشراف مباشر من المشيخة الإسلامية في جمهورية سلوفينيا، ويشارك فيها 18 مركزاً تعليمياً للقرآن الكريم منتشراً في مدن البلاد وقراها، ويتلقى الطلاب دروساً أسبوعية في حفظ القرآن الكريم وفهم معانيه، إلى جانب مناهج في العقيدة والسيرة وأخلاق المسلم، مصممة خصيصاً لتعزيز الهوية الإسلامية لدى الناشئة وتحصينهم دينياً وفكرياً في مجتمع أوروبي متعدد الثقافات.

وقد خُصص مقرر النسخة التاسعة للمسابقة هذا العام ليعزز أخلاق المسلم في الكتاب والسنة، وضم ثماني فئات، شملت:

1.     سيرة النبي صلى الله عليه وسلم

2.     سيرة الصحابة رضوان الله عليهم

3.     أركان الإسلام

4.     الإيمان- عقيدة المسلم

5.     أخلاق المسلم في القرآن الكريم

6.     القرآن كتاب الله

7.     حفظ سور القارعة إلى الناس

8.     حفظ سور الضحى إلى الناس

وبلغ عدد المشاركين في هذه الفئات139  متسابقًا ومتسابقة.

احتفال ختامي مميز وتكريم للمتميزين

وشهد الحفل الختامي للمسابقة الذي يعد ملتقى ثقافياً واجتماعياً واسعاً لمسلمي سلوفينيا، فقرات قرآنية من تلاوات فردية وجماعية، ومسابقات لمقاطع قرآنية قصيرة في الحفظ والتجويد، وعروضًا تعليميةً مرئيةً حول سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، بالإضافة إلى أناشيد دينية بالعربية والبوسنية، ومسابقات تفاعلية للأطفال.

كما تم تكريم أكثر من 50 فائزًا بجوائز مالية ومصاحف وشهادات تقدير، إلى جانب تكريم المعلمين والمشرفين، وتنظيم يوم رياضي خاص للطلاب وأسرهم في أحد المنتزهات.

شكر وامتنان لدولة قطر

وفي كلمته خلال الحفل، ثمّن المفتي العام لجمهورية سلوفينيا الشيخ نفزت بوريتش الدعم القطري المستمر، مشيدًا بدور مسابقة الشيخ جاسم بن محمد بن ثاني ومكانتها في خدمة القرآن الكريم، ووجّه شكره إلى سعادة الوزير غانم بن شاهين الغانم، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية في دولة قطر، وإلى رئيس اللجنة المنظمة للمسابقة على اهتمامهم المتواصل بتعزيز الهوية الإسلامية في أوروبا.

كما ألقى السيد فهد المحمد، رئيس الوفد القطري المشارك، كلمة نقل فيها تحيات القائمين على مسابقة الشيخ جاسم، وعبّر عن اعتزازه بهذا التعاون المثمر، وحثّ على الاستمرار في هذه الأنشطة القرآنية التي تُغرس بها محبة القرآن في القلوب، وتُبنى بها أجيال تعتز بدينها وهويتها.

ثمرة للتعاون الثقافي والديني القطري السلوفيني

تأتي هذه المسابقة ضمن سلسلة مشاريع دينية وثقافية تدعمها دولة قطر في سلوفينيا، وأبرزها المركز الثقافي الإسلامي في ليوبليانا، الذي افتُتح رسمياً عام 2022 برعاية سمو أمير البلاد المفدى الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ويُعد رمزاً للتسامح والتعايش والحوار الديني في أوروبا، حيث يساهم المركز في دعم الأنشطة الدينية والثقافية والتعليمية في سلوفينيا، ويتسع المركز لحوالي ألف مصلٍّ، ويحتوي على مرافق متعددة تضم: مكتبة، قاعات تعليم، صالة رياضية، مسرح، مطعم وغيرها من المرافق، وتنظم فيه الأنشطة التثقيفية والدينية والمبادرات المجتمعية، ويستقبل المركز نحو 700 طفل أسبوعياً للتعليم والتثقيف والترفيه الرياضي، كما يقوم المركز باستقبال زيارات طلاب المدارس لتعريفهم بالإسلام.

رسالة ممتدة لخدمة كتاب الله

وتُواصل مسابقة الشيخ جاسم بن محمد بن ثاني للقرآن الكريم أداء دورها الريادي عالميًا، عبر دعم مسابقات القرآن الكريم والتعليم والتثقيف الشرعي حول العالم، ترسيخًا لمكانة دولة قطر في خدمة الإسلام والمسلمين، ولرؤية الدولة في تعزيز الهوية الإسلامية المعتدلة، وبناء جسور التواصل والتفاهم مع الشعوب من خلال رسالة القرآن الكريم التي تحمل الهداية والنور إلى العالم أجمع.

مقالات مشابهة

  • هل سورة يس لما قرأت له؟.. الإفتاء تصحح خطأ شائعا عن فضلها
  • عضو بمركز الأزهر: الوضوء عبادة عظيمة ذات أثر نفسي وروحي ومادي
  • هل تدبر القرآن وحفظه فرض على كل مسلم؟ أمين الفتوى يرد
  • مقدمة في الفقه الأخلاقي
  • الأفضل بعد رمضان .. فضل الصيام في شهر الله المحرم
  • مسابقة "جيل القرآن" في سلوفينيا تختتم نسختها التاسعة بمشاركة واسعة وجهود تعليمية متميزة
  • الأوقاف: بدء الاختبارات التحريرية للمسابقة العالمية الـ32 للقرآن الكريم بمسجد النور
  • معنى الظلم في دعاء سيدنا يونس إني كنت من الظالمين.. تعرف عليه
  • الدعاء كنز يعود عليك بنعم عظيمة.. تعرف عليها
  • وزارة الأوقاف تكرم الطلاب المتميزين في مراكز تعليم القرآن الكريم