مؤسسة «الشكمجية».. هنا أولى خطوات التعافي بالإبداع
تاريخ النشر: 16th, March 2024 GMT
فى محافظة الجيزة، وعلى مقربة من أكاديمية الفنون بشارع خاتم المرسلين المكتظ بالمارة، يظهر مبنى قصر الثقافة، تلك المنارة التنويرية التى تتميز بطلائها الأبيض والأخضر، يتوافد من بوابته الرئيسية عشرات الأطفال الذين يرتدون زياً موحداً، إذ يعرفهم العاملون من ستراتهم الصفراء المميزة والتى تحمل شعار مؤسسة «الشكمجية» الخاصة بصغار السن من ذوى الإعاقة والتوحد.
يسيرون فى صفوف منتظمة، وما إن تستقر أقدامهم فى الساحة الواسعة، حتى يستقبلهم المدربون بابتسامة، ليقوموا بعدها بالتوجه إلى قاعة تحمل اسم قاعة «المرايات» لبدء التدريبات التحضيرية على عرضهم المسرحى الذى سيُعرض للجمهور بعد أيام على مسرح «نهاد صليحة»، وبمجرد دخول القاعة تعلو أصواتهم بالضحك والترحاب، قبل أن يفترشوا الأرض بشكل دائرى وينصتوا لمدربتهم، صافيناز محمد، ذات الملامح الثلاثينية، التى تتمتع بخبرة التعامل مع حالاتهم المختلفة، والتى اكتسبت معظمها من خلال التدريبات التى خضعت لها مع «شكمجية» قبل أن تبدأ عملها مع الأطفال، فالمؤسسة حريصة على أن يتلقى كل مدرب سيتعامل مع الأطفال تدريباً شاملاً لتطوير مهاراته وتعريفه بالطريقة السليمة للتعامل مع ذوى الإعاقة، وتعرض عليه المؤسسة الملف الخاص بكل طفل ممن سيتعامل معهم فى المجموعة، يشمل الملف كافة التفاصيل عن حالته وما يعانى منه، حتى يتمكن من مساعدتهم وتعليمهم تمثيل أدوارهم فى العرض بالطريقة التى تتناسب مع كل حالة منهم.
دقيقة واحدة فقط كفيلة بأن تقف المدربة صامتة أمام الأطفال، حتى يستعدوا للانخراط فى تدريب التمثيل، وتقمُّص شخصيات المسرحية، التى تم تقسيمها بينهم، وذلك لمساعدتهم فى تنمية مهاراتهم والبدء فى أداء الأدوار المطلوبة منهم، وتستعمل فى ذلك «عرائس» الماريونيت الخشبية لتوضح لهم الحركات المطلوب منهم القيام بها.
فى منتصف الدائرة، تحديداً فى الصف الثانى، وقف «كيرلس»، يحاول تقليد الحركات التى تقوم بها المدربة، يتابعها بنظرات متقطعة، فهو يعانى من طيف التوحد ويصعب عليه ممارسة الاتصال البصرى المباشر مع أحد لفترات طويلة، كان يسترق النظرات لحركات المدربة حتى يبدأ فى تقليدها، لكنه ركّز بصره كله على والدته، التى وقفت فى طرف القاعة، وسط باقى الأمهات الجالسات على المقاعد الموجودة فى أطراف القاعة، فهن حريصات على مرافقة أبنائهن وبناتهن إلى تلك التدريبات، لمتابعة سلوكياتهم وتفاعلهم وسط باقى الأطفال ومشاهدة الحالة التى يصبح عليها الطفل عند التمثيل، ودون كل الأمهات الموجودة لم تجلس والدة كيرلس، ولو لدقائق بسيطة، طوال فترة التدريب، ظلت واقفة تتابع صبيها والمدربة، وتحافظ على التواصل البصرى بينها وبين الصبى وهى تقوم بتقليد كافة حركات المدربة لكى يقلدها صبيها.
والدة «كيرلس»: «ابني بيعشق التمثيل وبساعده يعمل الحاجة اللي بيحبها»استمر الاتصال البصرى بين الأم وابنها طوال فترة التدريب، وكلما يرى كيرلس والدته تقوم بحركة ما، يبدأ فى القيام بها، ومن حين لآخر ينظر إلى المدربة، هذه هى الطريقة التى يتلقى بها صاحب الـ12 عاماً تدريباته على العرض المسرحى فى كل مرة، لا تجلس الأم الواقفة إلا فى وقت الراحة الذى تحدده المدربة، فهى حريصة على أن يمارس ابنها نشاط التمثيل الذى يحبه، فتعمل على مساعدته فى ذلك بشتى الطرق الممكنة، تقول والدة «كيرلس» لـ«الوطن»: «ابنى يعانى من التوحد، ومش بيعرف يبص فى عين حد لوقت طويل غيرى أنا، علشان كده لازم أفضل واقفة وبعمل بالظبط حركات المدربة وعينى فى عينه فيقلدنى، طول ما هو شايفنى بيكون مطمن، وأنا بعمل كده علشان ابنى بيحب التمثيل وعايز يشارك فى العرض وبساعده على إنه يعمل الحاجة اللى بيحبها ويحقق رغبته بالتمثيل فى المسرحية وهساعده فى التغلب على أى صعاب قد تحول دون ذلك».
بعد مرور ما يقرب من ساعة ونصف أو ساعتين من التدريب، تعلن المدربة بدء فترة الراحة، هذه الفترة التى ينتشر خلالها الأطفال بشكل عشوائى فى المكان، يضحكون ويلهون، ويُقبلون على أمهاتهم، وهنا يظهر تأثير الفن على حالتهم، فرغم أنهم جميعاً مصابون بطيف التوحد، فإن كل طفل منهم نجح فى تكوين صداقات داخل المجموعة، ويتجمعون معاً فى وقت الراحة ويلعبون ويتبادلون أطراف الحديث ويضحكون، دون خجل أو خوف، فى دلالة واضحة على نجاح العلاج بالفن فى تحسين وتطوير مهارتهم الاجتماعية.
فى هذا الوقت تتجه المدربة إلى الدكتورة أميرة شوقى، رئيس مجلس أمناء «شكمجية» ومخرجة المسرح، ثم تبدآن فى مراجعة النص واختيار الجزء الذى سيتم التدريب عليه بعد انتهاء فترة الراحة.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: العلاج بالفن أطفال التوحد التوحد المتحدة
إقرأ أيضاً:
التمثيل التجاري: نسعى لتوفير معلومات دقيقة عن الأسواق لضمان سلامة الصفقات التصديرية
أكد الوزير المفوض التجاري أسامة باشا، رئيس الإدارة العامة للدول العربية بجهاز التمثيل التجاري، أن الجهاز يؤدي دورًا محوريًا في دعم مجتمع الأعمال المصري وحمايته خلال تعاملاته الخارجية، من خلال توفير معلومات دقيقة وموثوقة عن الأسواق والشركات الأجنبية، بما يضمن سلامة الصفقات التصديرية وتفادي المخاطر المحتملة.
جاء ذلك خلال فعاليات النسخة الثانية من مؤتمر الصادرات المصرية – الواقع والمأمول ودور المعارض الدولية في تنمية الصادرات، الذي يناقش جهود الدولة المصرية في تمكين الصادرات الوطنية، وتعزيز الشراكة الفاعلة بين الحكومة والقطاع الخاص، بهدف تحقيق نقلة نوعية في مسار التصدير.
وأضاف باشا، أن الجهاز لا يكتفي فقط بترويج المنتجات المصرية، بل يساهم أيضًا في تعريف مجتمع الأعمال بقواعد النفاذ إلى الأسواق الخارجية والمنافسين فيها.
ولفت إلى أن هناك قصورًا نسبيًا في تواصل بعض الشركات مع الجهاز بسبب محدودية الموارد أو عدم المعرفة الكافية بدوره، وهو ما تسعى الإدارة لتجاوزه من خلال مبادرات متواصلة للتعريف بخدماتها.
وأشار إلى أن مكاتب التمثيل التجاري بالخارج، ومن بينها المكتب التجاري بجدة، تعمل على إجراء تحريات دقيقة عن الشركات المستوردة قبل إتمام التعاقدات، بما يشمل دراسة قدرتها المالية وسمعتها في السوق، لضمان حقوق المصدرين المصريين ومنع الوقوع في نزاعات مستقبلية.
وأوضح، أن الجهاز يتحرك في ظل منظومة متكاملة لدعم الصادرات يرعاها شخصيًا الرئيس عبد الفتاح السيسي، وتُشرف عليها اللجنة العليا للتصدير التي شكلها مؤخرًا رئيس مجلس الوزراء.
وشدد على أن الوضع العالمي الحالي، وما يفرضه من حرب تجارية واقتصادية شاملة، يتطلب استثمار كل الفرص المتاحة، وتنسيق الجهود مع الوزارات والمؤسسات الاقتصادية الزميلة لمواجهة التحديات وتوسيع نطاق التواجد المصري في الأسواق الخارجية.