الاقتصاد السلوكي وتصميم السياسات العامة
تاريخ النشر: 14th, May 2024 GMT
الاقتصاد السلوكي من العلوم الحديثة الذي بدأت الحكومات الاهتمام بها منذ سنوات، وهو مزيج من عدة علوم اجتماعية مثل علم النفس وعلم الاجتماع، ويفترض أن الإنسان لا يتصرف بعقلانية عند اتخاذ القرارات؛ لتأثره بعوامل اجتماعية وعاطفية تؤثر على قراره وتوجهاته.
ويختلف عن الاقتصاد التقليدي في عدم وجود الصرامة في الفرضيات مما يكلفه ثمنا باهظا عند اتخاذ القرار، وربما يؤدي ذلك إلى عدم انتفاعه من القرار؛ لذلك من المهم تصميم السياسات العامة لتوجّه الأشخاص نحو الخيار الأفضل والمناسب عبر وضعه كخيار افتراضي.
فالتوجه نحو العلوم السلوكية في صنع السياسات يعد أمرا فاعلا لاتخاذ بعض القرارات المالية مثل تحسين تحصيل الضرائب، والتشجيع على الادخار إضافة إلى ترشيد الإنفاق وتجويده، ورغم عدم تفضيل الكثيرين للعلوم السلوكية؛ لعدم صرامة القرارات المتخذة كونها تعتمد على التوجهات السلوكية والعاطفية، إلا أنه من المهم الإشارة إلى أن النظرية الاقتصادية التقليدية لم تستطع تفسير بعض السلوكيات الاقتصادية مثل أسباب شراء السلع خلال السفر بضعف سعرها الحقيقي داخل البلد، وإعطاء عامل المطعم مبلغا إضافيا كإكرامية بينما لا نقوم بذلك عند عامل المحال التجارية، وبيع الأسهم عند ارتفاعها وعدم شراء المزيد منها؛ لظنهم أنها لن تستمر في الارتفاع إلى مالا نهاية. وكذلك شراهة التسوق واستخدام البطاقة الائتمانية، رغم أن التصرف الحكيم ألا يتأثر الشخص بوجودها؛ لارتفاع نسبة الفائدة عليها.
إن استخدام الأفكار المستقاة من علم الاقتصاد السلوكي لها دور في دفع الأشخاص نحو اتخاذ القرار المناسب دون تدخل أو تأثير من طرف آخر، لكن ينبغي أن نفكر جديا في ابتكار نماذج تساعد على فهم سلوك الأفراد عند تصميم السياسات العامة، وأنهم ليسوا عقلانيين في كثير من قراراتهم، ويتأثرون بالعاطفة كثيرا مما يدفعهم لارتكاب الأخطاء، وينبغي دفعهم نحو اتخاذ القرار الصحيح عبر فهم توجهاتهم وتوظيف تطبيقات الاقتصاد السلوكي في صنع السياسات العامة.
ما يربك البعض تبني السياسات السلوكية في كثير من البلدان هو حداثة علم الاقتصاد السلوكي، وصعوبة فهم تطبيقاته؛ لاشتراك عدة علوم في تكوينه خاصة علم النفس الذي يتطلب فهما عميقا واطلاعا مستمرا لأبعاده وتأثيراته على اتخاذ القرار. إضافة إلى ذلك أن الاقتصاد السلوكي لم يستقر على تطبيقات ونظريات واضحة، مما يجعل بعض الحكومات تتردد كثيرا في بناء سياسات اقتصادية سلوكية.
ورغم ذلك هناك فوائد في توظيف الاقتصاد السلوكي لتحسين سلوك المستهلكين في الشراء، وتجويد الإنفاق الشخصي وكذلك التشجيع على الادخار مثل نشر العبارات التحفيزية لادخار جزء من رواتب الموظفين للحصول على رواتب مجزية عند التقاعد، وهو ما تقوم به كثير من البنوك لتوجيه الموظفين نحو برامج تشجّع على الادخار وتضمن عوائد مجزية بعد التقاعد، وهناك أمثلة أخرى تثبت نجاح الاقتصاد السلوكي في صنع السياسات العامة، لعل أبرزها ما يقوم به مشاهير التواصل الاجتماعي لتوجيه الأشخاص نحو اختيار بعض السلع دون غيرها لتشجيعهم على الشراء رغم أن هذه السلع ربما تؤثر على الأنظمة الغذائية المتبعة.
إن السياسات الاقتصادية السلوكية ليست بديلا عن السياسات الاقتصادية التقليدية كالسياسات النقدية والمالية، لكنها تساعد في تحسين الاستجابة للسياسات الموضوعة لتكون نتائجها أكثر فاعلية. وأرى من المهم الأخذ في الحسبان الجوانب السلوكية للأشخاص عند تصميم السياسات العامة؛ لدورها في نجاح القرارات المالية وتحقيق الغاية من إقرارها رغم صعوبة التحكم بمشاعر وعواطف الأشخاص.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: السیاسات العامة اتخاذ القرار
إقرأ أيضاً:
وزير الطوارئ وإدارة الكوارث السيد رائد الصالح في مقابلة مع قناة الإخبارية: بدأ عمل الدفاع المدني (الخوذ البيضاء) قبل 12 عاماً ووصل عدد العاملين فيه قبل التحرير إلى 3500 شخص
2025-06-20mohamadسابق وصول باخرة تحمل 30300 طن من القمح إلى مرفأ طرطوس انظر ايضاً وصول باخرة تحمل 30300 طن من القمح إلى مرفأ طرطوس
طرطوس-سانا وصلت إلى مرفأ طرطوس اليوم باخرة محملة بالقمح، وذلك في سياق الجهود الوطنية لإعادة …
آخر الأخبار 2025-06-20وزير الطوارئ وإدارة الكوارث السيد رائد الصالح في مقابلة مع قناة الإخبارية: بدأ عمل الدفاع المدني (الخوذ البيضاء) قبل 12 عاماً ووصل عدد العاملين فيه قبل التحرير إلى 3500 شخص 2025-06-20تكريم نادي أمية بطل دوري كرة القدم في إدلب 2025-06-20وزارة الداخلية تؤكد التزامها بخدمة المواطنين ومحاسبة التجاوزات الفردية 2025-06-20913 طالباً وطالبة من مختلف المحافظات يشاركون في اختبارات الماراثون البرمجيّ للصغار واليافعين 2025-06-20محافظة حماة تنهي تحضيراتها لامتحانات التعليم الأساسي والثانوي 2025-06-20غوتيريش يدعو إسرائيل وإيران إلى إعطاء فرصة للسلام 2025-06-20إرشادات عامة للطلبة قبيل انطلاق الامتحانات العامة غداً 2025-06-20لجنة الإنقاذ الدولية: المرحلة الحالية تشكل فرصة تاريخية لدعم تعافي السوريين 2025-06-20غوتيريش يدعو إلى التضامن مع اللاجئين بأفعال ملموسة 2025-06-20الشيباني يلتقي في دمشق السيد فبليبو غراندي
صور من سورية منوعات دراسة: الأطعمة الحارة تسهم في تقليل الشهية 2025-06-19 النساء العاملات ليلاً أكثر عرضة للإصابة بالربو 2025-06-19فرص عمل وزارة التجارة الداخلية تنظم مسابقة لاختيار مشرفي مخابز في اللاذقية 2025-02-12 جامعة حلب تعلن عن حاجتها لمحاضرين من حملة الإجازات الجامعية بأنواعها كافة 2025-01-23
مواقع صديقة | أسعار العملات | رسائل سانا | هيئة التحرير | اتصل بنا | للإعلان على موقعنا |