نستكمل الحديث السابق عن أزمة رغيف الخبز التى تواجه المواطن الفقير، بعيدًا عن زيادة سعر الرغيف فى التموين إلى عشرين قرشًا بدلًا من خمسة قروش. فليست هذه الزيادة هى الأزمة الوحيدة التى تقف أمام المواطن، ولكن تظل الأزمة قائمة فى كيفية الحصول على رغيف الخبز المدعم من الدولة.
فقد يعانى المواطن ويتعرض للمزيد من المشقة والتعب الذى يصل إلى حد الهلاك أحيانًا، أثناء وقوفه فى طوابير ليس لها نهاية أمام المخابز.
ولهذا السبب نجد عددًا كبيرًا يصرف فروق خبز لأنه يختصر على نفسه هذه المعاناة التى يشهدها ويقبل على شراء الخبز السياحى فى حين أنه، مكلف بالنسبة له كمواطن فقير، لكن لا حيلة عنده إلا أن يشترى وقته وصحته التى تهلك فى هذه المأساة.
هذه الأزمة مفتعلة من أصحاب المخابز الجشعين فهم يعطون بعض الأشخاص الذين يبرمون معهم اتفاقيات العشرات من أرغفة العيش لبيعها بالسوق السوداء، أو لأصحاب البطاقات المستنفعين بأسعار متضاعفة مقابل عدم وقوفهم فى الطابور.
بعض الناس تضطر للاستجابة كى تشترى نفسها ووقتها من طيلة الانتظار الذى ينتهى فى أحيان كثيرة بالسراب.
الأزمة الحقيقية تقع على الأجهزة الرقابية التى لا تقوم بدورها على أكمل وجه، وأيضًا لديها من الموظفين الذين يحصلون على الرشاوى مقابل تغافلهم عن هذه الجرائم المشينة. ويحصلون على رواتب شهرية من هذه المخابز حتى يفعلوا ما يشاءون دون عقاب أو حساب. وعندما يقوم المواطن الذى يبحث عن حقه بتقديم شكوى ضد هذا المخبز، يجد نفسه دخل فى دوامة كبيرة، دون جدوى. ولا يتغير فى الأمر شىء. بسبب إكراميات المفتش الذى يتوجه بالمرور على هذه المخابز المبلغ ضدها.
والسؤال الذى يطرح نفسه إلى متى يظل المواطن فى صراع يوميًا للحصول على حقه الذى كفلته له الدولة للوصول لرغيف الخبز؟!
أليس هذا هو أقل حقوق المواطن وفى نفس الوقت من أهم حقوقه.
لا بد أن تتصدى الدولة لهذه العناصر الفاسدة فى المجتمع والضرب عليهم بيد من حديد حتى تعطى المواطن الكادح الفقير حقه الطبيعى.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: سامية فاروق إطلالة الحديث السابق أزمة رغيف الخبز زيادة سعر الرغيف التموين الأزمة الوحيدة يعانى المواطن
إقرأ أيضاً:
بيتنا الذى كان .. او ما تبقى منه
*المكتب ( جوار كمبونى ) ، تعرض للنهب و الاتلاف و سرقة الاف المستندات*
*استخبارات المليشيا كانت تراقب المكتب منذ ما قبل الحرب ، وهو امر كان معروف للاجهزة الامنية و للاصدقاء من القوى السياسية،*
*ليس من شك انها محاولة لمحو ذاكرة المواطن ، بعد ان تم تدمير ذاكرة الامة فى دار الوثائق و نهب المتاحف و سرقة النيزك الذى هبط علينا من السماء*
*ما حدث لا يمكن وصفه او تصويره ، ما حدث ليس من فعل البشر ،*
فى زيارتى الاخيرة للسودان ، و كانت حصرآ للخرطوم و الشمالية ، لست ادرى اكان شوقآ يستعجل زيارتى لبيتنا القديم او ما تبقى منه ، او ربما استعجالا و يقينا للوقوف على حجم الكارثة ،بعد ان وصلتنى لقطات مصورة للبيت ،
فى الطريق من ام درمان الى الخرطوم مررنا بشارع الوادى و الشهداء و الموردة ، كان الدمار هائلآ ، معظم البيوت و المحلات التجارية مفتوحة على مصراعيها ، خاوية على عروشها ، فى العودة شاهدنا وسط الخرطوم و شارع الجمهورية و الجامعة و شارع القصر ، لم يتركوا شيئ ،
فى الشارع المؤدى الى البيت عربات محروقة و اخرى تعرضت للتفكيك ، ثلاجات ، قطع اثاث ، الاشجار استطالت و تشعشبت ،
ناصية البيت دارت معارك شرسة لقربه من بيوت حميدتى و يقع فى شارع يؤدى الى المدرعات ، فوارغ الذخيرة من كل حجم و نوع تغطى الارض ، الجدار الخارجى نال حظه من الرصاص ،
البيت تعرض للسرقة و النهب و تدمير شبكة الكهرباء ، و اجهزة التكيف ، تم حفر ارضية المنزل لاستخراج كيبل الكهرباء الواصل من العمود بالشارع ، وحفرت الجدران لاخذ اسلاك التوصيلات الداخلية ، و كان من السهل سحبها دون الحاجة الى تدمير الجدار ، و لم يترك مفتاح او بلك او لمبة ، كان محزنآ تدمير الصور و اللوحات على الجدران ، بما فى ذلك صور الاسرة ، تم تمزيق و( تشتيت ) البومات الصور فى الحوش و على الارضيات ، الشهادات الجامعية و شهادات الابناء و الرقم الوطنى و شهادات الميلاد لا اثر لها ، و ربما تكون اسفل اكوام من الاوراق و المستندات تم العبث بها ، ليس من شك انها محاولة لمحو ذاكرة المواطن ، بعد محاولات تدمير ذاكرة الامة فى دار الوثائق و المتاحف و سرقة النيزك الذى هبط علينا من السماء ..،
ما اثار النفس تحطيم اناتيك و مجسمات نادرة ، مجسم الكعبة المشرفة ، تاج محل ، قرن وحيد القرن ، ( خنجر يمنى اصلى ) ، ساعة ( الجيب ) المفضضة ورثة من الوالد عليه الرحمة ، و ساعة جوفيال و قلم باركر و مقتنيات موروثة ، شهادات تقديرية و وشاحات ، فقدان 12 فلاش تحتوى على ذاكرتى السياسية و الصحفية منذ اربعين عامآ ، تقديراتى ان البيت تعرض للسرقة و النهب فى ثلاثة موجات ، الاولى الاستيلاء على الوثائق و المستندات و الشاشات و ما خف وزنه و غلى ثمنه ، الثانية كانت للعربات ، و الثالثة القضاء تمامآ على الموجودات و تكسير اى حاجة تحتوى على النحاس و اخذه، و ما لم يسرق تم تحطيمه
المكتب ( جوار كمبونى ) ، تعرض للنهب و الاتلاف و سرقة الاف المستندات ، غرفة المكتب الرئيسية تعرض سقفها لقذيفة ومن الواضح ان المكتب تم حرقه بمواد حارقة ( الترابيز و الكراسى – سايحة – ) ، و تم استخدام مركزالطاقة الشمسية المجاور مقرآ للمجموعة رقم 27-28 من المليشيا ،بعد نهبه و سرقته تمامآ و تحويله الى مركز قيادى و مخزن للمسروقات فى الكونتينرات ، استخبارات المليشيا كانت تراقب المكتب منذ ما قبل الحرب ، وهو امر كان معروف للاجهزة الامنية و للاصدقاء من القوى السياسية ، هم يعرفونه جيدا،
مقر الهيئة الشعبية للشمال فى الخرطوم (3) وجدناه مسيج بشريط احمر ، ربما هناك جثث او مخلفات القصف تحت الركام ، اتخذته المليشيا ارتكازآ و مقرآ للسيطرة ، فهو يقع فى منطقة حاكمة من الطريق المؤدى للقسم الشمالى و السجانة او الى الخرطوم (2) و متفرعات نادى الاسرة ،الاخ الصادق من ساكنى جوار المقر وهو من اللذين قاوموا التهجير و ظل مع نفر قليل حتى التحرير ، قال شهدت قصف المقر بواسطة مسيرة و تدمير الارتكاز و قتل (13) من المليشيا تم دفنهم فيما بعد ،
بدأت تباشير العودة الى مربع (9) جبرة و المربعات المجاورة، تم اقامة ( تكية ) ، و يرابط شباب المنطقة فى حراسة ما تبقى من ممتلكات المواطنين ، محاولات جادة لاستعادة ضخ المياه بواسطة الطاقة الشمسية ، الحياة بدأت تدب فى السوق المركزى و سوق الشجرة ، مواصلات من ام درمان و بحرى للخرطوم و حتى الكلاكلات ،
ما حدث لا يمكن وصفه او تصويره ، ما حدث من فعل الشياطين ، لا يمكن لبشر سوى ان يفعل مثله ، اعادة الحياة رهينة بعودة الجميع خاصة الشباب ، و المشاركة فى آزالة اثار العدوان ، ما جرى لا يمكن وصفه بالسرقة او النهب هو يتعدى ذلك ، و ليس تدميرآ ، هو ابعد من ذلك ، و ليس حقدآ او غلآ ، هو اكثر من ذلك ،
محمد وداعة
14 مايو 2025م
إنضم لقناة النيلين على واتساب