بدر بن علي بن سعيد الهادي

 

تتجدد الذاكرة لأوَّل مقال سطّرته منذ عشر سنوات بعنوان "هيبة القانون وسباحة الوافدين"، وما زالت تتجدد قصص العمالة الوافدة في مجتمعنا، وتستمر في طرح العديد من التحديات التي تعكس مشكلات مُتعددة الأبعاد، القضايا المتعلقة بهروب العمالة واستغلالهم لأغراض غير مشروعة ليست جديدة، لكنها تتزايد مع مرور الزمن وتغير الظروف الاقتصادية والاجتماعية.

من المعروف أنَّ العمالة الوافدة تُؤدي دورًا مُهمًا في الاقتصادات الخليجية، فهي توفر قوة عاملة أساسية في قطاعات مُختلفة، ولكن المشكلة تكمن في التوازن بين الاستفادة من هذه العمالة وضمان تطبيق القانون وحفظ حقوق الجميع، من خلال تطبيق النظام القانوني، رغم وجوده، إلا أنه يُواجه تحديات كبيرة في التطبيق والتنفيذ الفعلي، مما يتيح فرصًا لاستغلال الثغرات من قبل بعض أصحاب النفوس الضعيفة؛ سواء من الوافدين أو المواطنين أو العاملين من أبناء المجتمع.

نشهد اليوم كما شهدنا سابقًا ظواهر متكررة للهروب الجماعي والمُنظّم للعمالة الوافدة، إضافة إلى تشغيل بعضهم في أعمال غير مشروعة تتنافى مع القيم والأخلاق السائدة في مجتمعنا، هذه الظواهر ليست مجرد انتهاكات قانونية وحسب؛ بل هي انعكاس لمشكلات أعمق تتعلق بالتواطؤ بين بعض أفراد المجتمع من المواطنين وبعض العمالة الوافدة والعاملين في المراكز الخدمية، وعدم وجود القوانين واللوائح المنظمة أو عدم وجود نية جادة لتطبيقها.

وهذا التواطؤ يتمثل في أشكال متعددة، منها تشغيل العمالة الهاربة في المنازل والمزارع والأعمال التجارية بهدف التوفير المالي على حساب القانون.

وتساهم هذه الممارسات في الإضرار بصورة الوطن داخليًا وخارجيًا؛ حيث يصبح مجتمعنا كأنه مُستامِح مع المخالفين، مما قد يضعنا في مواقف مُحرجة مع الآخرين ويؤثر على جهود تطبيق القانون. لذلك نحن بحاجة إلى إعادة النظر في القوانين واللوائح المنظمة للعمالة الوافدة لجعلها تحمي حقوق جميع الأطراف بشكل عادل ومتوازن؛ حيث لا يستقيم العدل إلّا أذا أُعطى كل ذي حق حقه، ولا يجوز أن يتحمل صاحب العمل أخطاء الآخرين، حيث إن صاحب العمل قد التزم باللوائح والقوانين وقام بدفع مبلغ 140 ريالًا لتصريح عمل عاملة المنزل، ثم مبلغ آخر لمكتب جلب الأيدي العاملة قد يصل في بعض الأحيان لمبالغ كبيرة تصل لمبلغ 1000 إلى 2000 ريال، بعد ما كانت قبل 10 سنوات مبالغ أقل قد تتراوح بين 300 إلى 600 ريال، وهنا كذلك نفتح نافذة أخرى حول المكاتب التي تقيدت باللوائح والأنظمة؛ حيث إنها كذلك تتحمل في أحيان كثيرة أخطاء الآخرين؛ كونها ملزمة بضمان العاملة وغيرها من التكاليف، منها رسوم الاتفاقيات والتصديقات التزامًا باللوائح والقوانين والذي يُكلفها رسوم فتح وتجديد السجلات والنشاط للعمل وغيرها من متطلبات هذه النشاط. وتتعرض هذه المكاتب لمنافسة غير شرعية من قبل الوافدين الذين يعملون في جلب الايدي العاملة دون الحصول على التراخيص، ولا حتى ملتزمين بالشروط التي تلتزم بها المكاتب النظامية، غير ذلك يصدر بين الحين والآخر قرارات تتضارب فيها الاختصاصات بمجرد تغيير كلمة في القانون من جلب إلى توريد، كما يقوم صاحب العمل بدفع مبلغ آخر كتذكرة ذهاب للعاملة أو العامل رغم انه غير مستفيد من العاملة / العامل ولم يسأل عن من آوى وشغّل العاملة / العامل خلال تلك المدة، لذا يجب أن تتعزز إجراءات الرقابة والتفتيش وتطبيق العقوبات بشكل صارم على المخالفين؛ سواء كانوا من العمالة الوافدة أو المواطنين المتواطئين معهم أو حتى أصحاب النفوس الخبيثة من العاملين في تقديم الخدمات العامة.

إن أفراد المجتمع أيًّا كانت مواقعهم، هم الركيزة الأساسية في تطبيق واحترام القانون، لذلك يجب علينا جميعًا أن نتكاتف ونعمل معًا لوقف هذه الممارسات السلبية التي تضر بنا جميعًا، كما يجب أن نبدأ بتوعية أفراد المجتمع حول أهمية الالتزام بالقانون واحترامه، وأن نوضح لهم أن التواطؤ مع المخالفين لن يحقق لهم سوى الضرر على المدى الطويل.

في الختام.. علينا أن ندرك أن تطبيق القانون لا يتم فقط بوضع اللوائح؛ بل بتطبيقها بصرامة وعدالة على الجميع دون استثناء، ونحن بحاجة إلى زيادة وعي المجتمع لدعم جهود الجهات المختصة لحفظ النظام وتحقيق العدالة، كما نحتاج لموظفين تكون أولى أولوياتهم الوطن وسلامته.

نسأل الله أن يحفظ بلادنا ويُديم عليها الأمن والاستقرار وأن نكون جميعًا حماةً لهذا الوطن العزيز.

حفظ الله عُماننا وحفظ الله سلطاننا.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

تفاصيل مد فترات تقديم القوائم المالية الدورية للشركات والجهات العاملة بالتأمين

أصدر مجلس إدارة الهيئة العامة للرقابة المالية برئاسة الدكتور محمد فريد، القرار رقم 126 لسنة 2025 بشأن مد فترة تقديم القوائم المالية الدورية للشركات التي تزاول نشاط التأمين ومجمعات التأمين، في إطار سعي الهيئة للتيسير على الشركات العاملة في قطاع التأمين، وإتاحة الفرصة والمجال أمام الشركات لإعداد القوائم المالية، امتثالاً للقواعد والضوابط التي أصدرتها بموجب قانون التأمين الموحد.

ويأتي القرار في إطار الحرص المستمر من قبل الهيئة على توفير بيئة عمل مواتية تمكن الشركات من النمو والتطور عبر إصدار قرارات تواكب كافة المتغيرات، وتيسيراً على الشركات العاملة في السوق، في ضوء ما تبين للهيئة من حاجة بعض الجهات إلى فترة زمنية جديدة تعمل خلالها على إعداد القوائم المالية.

ونص القرار على مد فترة تقديم القوائم المالية الدورية للشركات التي تزاول نشاط التأمين ومجمعات التأمين لمدة شهر عن الفترة المالية المنتهية في 31 مارس 2025 لتكون في موعد غايته 30 يوليو 2025 بدلاً من 30 يونيو 2025، و15 يوماً بالنسبة للفترة المالية المنتهية في 30 يونيو 2025 لتكون في موعد غايته 15 سبتمبر 2025 بدلاً من 30 أغسطس 2025 و15 يوماً بالنسبة للفترة المالية المنتهية في 30 سبتمبر 2025 لتكون في موعد غايته 15 ديسمبر 2025 بدلاً من 30 نوفمبر 2025.

كما أجاز القرار مد مدة تقديم القوائم المالية المجمعة للشركات التي تتضمن شركات تأمين تابعة لمدة 15 يوماً بعد التواريخ المُشار إليها، حيث وضع مجلس إدارة الهيئة في اعتباره عند إصدار القرار، القرار رقم 183 لسنة 2024 بشأن تحديد موعد بداية ونهاية السنة المالية لشركات التأمين وإعادة التأمين، الذي ألزم شركات التأمين وإعادة التأمين بإعداد قوائم مالية ربع سنوية بداية من عام 2025، وأرقام المقارنة لها عن الفترة المثيلة من العام السابق وذلك بتطبيق متطلبات معيار المحاسبة المصري رقم 50 عقود التأمين، وتخضع للمراجعة وإصدار تقرير فحص محدود بشأنها من مراقب حسابات الشركة وتقدم في المواعيد المُحددة لها.

وتواصل الهيئة العامة للرقابة المالية جهودها لتعزيز كفاءة وفاعلية قطاع التأمين، وتلتزم بمواصلة تطوير الأطر التشريعية والتنظيمية، وتقديم المبادرات والسياسات الداعمة، التي تسهم في رفع كفاءة سوق التأمين، وتحقيق أهداف الحماية الاجتماعية والاستدامة المالية والشمول الاقتصادي، وحصول ووصول كافة الأطراف إلى الخدمات التأمينية.

اقرأ أيضاً«الرقابة المالية» تقرر اعتماد زيادة رأس المال للبنك المصري لتنمية الصادرات

عاجل | مجلس الوزراء يعلن موعد إجازة رأس السنة الهجرية وذكرى ثورة 30 يونيو

بنك سويسرا المركزي يخفض سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس

مقالات مشابهة

  • حكاية رسالتين تحكمان علاقة البنوك العاملة بفلسطين مع إسرائيل
  • مصر وصربيا تتفقان على تفعيل التعاون في تصدير العمالة المصرية المدربة
  • تفاصيل مد فترات تقديم القوائم المالية الدورية للشركات والجهات العاملة بالتأمين
  • فتاة تفاجئ عاملتها بهاتف جديد والأخيرة تعبر عن فرحتها بالدموع .. فيديو
  • ماركا تصف تعادل الهلال بـ”الخيبة” وتحديات ألونسو تتكشف مبكرًا
  • خطوات الاستعلام عن معاش تكافل وكرامة 2025 بالرقم القومي
  • خالد سرحان: العاملة في بيتنا بترفض تشوف «المداح» علشان خايفة من الجن
  • بالتعاون مع «الدولية للهجرة» ومشاركة «الداخلية» و»العمل» .. «حقوق الإنسان»: رعاية العمالة المنزلية أولوية اجتماعية وثقافية
  • العمالة لصالح إسرائيل.. تهمة حوثية ضد الرافضين لخرافة الولاية
  • غول العمالة