فجوة النوع الاجتماعي في تركيبة مجلس الشورى
تاريخ النشر: 6th, August 2023 GMT
د. عائشة بنت عبدالله العلوية
تلجأ الدراسات الإحصائية إلى استخدام مصطلح "فجوة النوع الاجتماعي" كمؤشر يُحدِد مِقدار الفجوة بين الجنسين عند قياس المتغيرات المجتمعية وتحديد مشاركة المرأة في مختلف مجالات التنمية، ولا تستثني هذه الفجوة مجتمعات بعينها؛ لذلك تُصنَّف كل الجهود الرامية إلى تقليصها بوصفها جهودًا تقدُّمية في نمو إدراك السُلطة وحرصها على تحقيق المساواة في توزيع الأدوار من خلال سن التشريعات ومتابعة تنفيذها ووضع الآليات التمكينية لمراقبة التطبيق والتنفيذ.
لماذا نطرح نقاشًا حول "فجوة النوع الاجتماعي في مجلس الشورى"؟ لأنها بمختصر العبارة باتت "مُشكِلة" ويجب أن نفكك عددًا من الملابسات المحيطة بهذه الإشكالية، ونُعمِّق تحليلنا لبعض الظواهر المرتبطة بها، فإذا كان بعضها يعود إلى عوامل خارجية تتعلق بقصور عمل المؤسسات، فإن بعضها الآخر يعود للمرأة نفسها من النواحي التأهيلية والخبرة العملية التي تؤهلها للمجالس المنتخبة، ولكنها على أية حال باتت مسألة محرجة مقابل ما تم إنجازه لصالح المرأة العمانية، على مستوى التمكين المهني والأكاديمي. وقد تناولنا في مقال لنا بعنوان "المرأة في المجالس المنتخبة ومجالس الإدارات" المنشور بصحيفة الرؤية بتاريخ 19/ 10/ 2022، وأشرنا إلى نسب تواجدها في تلك المجالس، ويمكن للقارئ الكريم العودة إليه. وخلص المقال إلى أن نسب تواجدها متواضعة جدًا على قوائم مجالس الإدارات، وكذا المجالس المنتخبة؛ ففي مجلس الشورى بلغت نسبة تواجدها في الفترة التاسعة 2.3%، بعدد عضوتين فقط من مجموع 86 عضوًا، وفي المجلس البلدي بلغت النسبة 3.4%، وفي مجلس الدولة تمثل النساء ما نسبته 17.6%، وهذه أفضل النسب ونتمنى ثباتها أو زيادتها. أما في المجالس الاقتصادية ومنها مجالس إدارات غرف تجارة وصناعة عمان تشكل المرأة نسبة 5.7% من مجموع 70 عضوًا على مستوى المحافظات بأكملها.
وبالنسبة إلى مجالس الإدارات في القطاع الخاص، فقد أجرينا جولة لرصد نسب تواجد المرأة في مجالس إدارات البنوك التجارية وكذا شركات الحكومة التابعة لجهاز الاستثمار العماني، ولم تكن بأحسن حال من المجالس الأخرى، ففي 9 مجالس إدارات بنوك محلية تمثل المرأة فقط 3.1% من عضويتها في مجلس إدارة البنك الوطني، وفي مجالس إدارات شركات جهاز الاستثمار العماني تشكل نسبة تواجد المرأة فقط 8.9% في 13 مجلس إدارة تضم 67 عضوًا، فيما لمسنا مؤشرات جيدة تدعو إلى الاعتزاز والفخر بتمكين المرأة في مراكز صناعة القرار في الإدارة العليا على مستوى الإدارة التنفيذية (مناصب التعيين) في كلٍ من البنك الأهلي، والبنك الوطني العماني، وبنك نزوى، وبنك مسقط، وبنك عمان العربي بنسب 26% و18.7% و15.3% و16.6% و2.14% على التوالي، وانعدم وجودها في بنك ظفار.
وإذا وجهَّنا الأنظار إلى مجلس الشورى فهو واجهة التمكين، ومؤشر على تطور مشاركة المرأة السياسية، وتشير الأدبيات السياسية المنشورة في هذا السياق بأنه في العقود الثلاثة الماضية يتم التركيز على مشاركة البرلمانان باعتباره أعلى الهيئات التشريعية؛ بما يمتلكه من صلاحية التغيير وصياغة القوانين، وبالتالي فإن خلو هذه المجالس من المرأة ينعكس بدوره على عدم اكتمال تمثيل المجتمع على نحو عادل، وانفراد الرجل بالتشريع وصناعة القرار، وحيث إن الشارع السياسي في السلطنة مقبل على انتحابات برلمانية ( مجلس الشورى) فقد عكست القائمة المعلنة مؤشرات أولية ستقود إلى تكرار نفس السيناريو للدورات البرلمانية السابقة، فبين 883 مرشحًا ترشحت 33 امرأة؛ أي أن نسبة المترشحات في هذه الدورة فقط 8.8%، ينافسن مرشحين يمثلون 92% من إجمالي القائمة المعلنة، وهذا العدد لا يمكِّن المرأة من الفوز بأكثر من مقعدين في أحسن الأحوال، وهذا ما نجزم به!
تاريخيًا شغلت المرأة في مجلس الشورى 3 مقاعد كحد أقصى في الفترة البرلمانية الثالثة والثانية ومقعدين في الفترة الرابعة والخامسة، ودون أية مقاعد في الفترة السادسة، ومقعد واحد في الفترتين البرلمانيتين الثامنة والسابعة، ويلقي هذا التناقص العددي أضواءه على مشاركة المرأة العمانية في صنع القرار وعلى الجهود التي تبذلها الحكومة من أجل تمكين المرأة التي رصدنا سابقًا، مبررين على أنها دون الطموح الوطني؛ الأمر الذي يتطلب خطوات عملية أكبر تأثيرًا في هذا الملف الذي يجب أن تسعى المؤسسات المسؤولة بالدولة إلى تحقيق مراكز متقدمة فيه؛ فالسلطنة على بُعد خطوات من استحقاق عالمي قريب في أجندة التنمية المستدامة 2030، ولا ينبغي أن نقبل أن يستمر تمثيل المرأة كما في الوضع الحالي.
يجب أن نعمل على وضع سياسات جادة ورصينة تؤدي إلى رفع هذه النسبة، انطلاقاً من فهمنا الواعي للثقافة السائدة في المجتمع "ثقافة تنميط وتوزيع الأدوار"؛ لتكون خط الدفاع الأول عن حق المرأة في رفع نسبة تواجدها في مراكز صنع القرار والمجالس التمثيلية والمعينة، وهي الوسيلة المُثلى لمقاومة ثقافة التنميط وسياسات الاحتكار، كما يجب أن يكون تدريب المرأة مستمرا من خلال إشراكها في برامج الترشح ودخولها كعضو فاعل في المجالس المنتخبة لتمارس العمل السياسي وتكون قريبة من مفاهيمه العملية فضلاً عن التثيقف الذاتي والمجهود الشخصي الذي يجب أن تسعى إليه المرأة حول ماهية المشاركة السياسية وصناعة القرار والوصول إلى الأدوات المّمكّنة وصولا إلى إدارة الحملات الانتخابية.
السؤال الذي نطرحه في نهاية المقال: هل النظام الانتخابي أحد الأسباب المعيقة لوصول المرأة لمجلس الشورى؟ جنبًا إلى جنب الحواجز المجتمعية والثقافية السائدة؟ هل نظام الفائز الأول الذي يحصل على أعلى الأصوات في الدائرة الانتخابية بغض النظر عن نسبتها من إجمالي عدد الأصوات نظام منصف للنوع؟
هناك دراسات عدة أشارت إلى أن نظام الفائز لا يدعم وصول المرأة، ومن هنا نحن بحاجة إلى إجراء تعديل تشريعي في النظام الانتخابي الحالي الذي يعزز القبلية وتحزبها تجاه المرشح الرجل، فابنة القبيلة الأنثى الأفضل تعليمًا وخبرة وكفاءة ليست جديرة بالدعم القبلي طالما وُجِدَ الرجل، وهذه الثقافة للأسف لا تتغير بمرور الزمن ولا عبر موجات التطور المعرفي والعلمي التي كسبت فيها المرأة الرهان، وبالتالي لا يجب أن تقف مؤسسات الدولة مكتوفة اليدين إزاء هذا الإخفاق المتكرر للمرأة التي تخوض المنافسات في أجواء غير عادلة ومحسومة النتائج قبل يوم التصويت.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
"الشورى": بيان عاجل حول تأخُّر تنفيذ المكرمة السامية لبرنامج القروض الطارئة لقطاع ريادة الأعمال
مسقط- الرؤية
أحال مجلس الشورى أمس الثلاثاء مشروع قانون الهيئات الرياضية إلى مجلس الدولة لإتمام دورته التشريعية؛ وذلك خلال أعمال جلسته الاعتيادية الرابعة لدور الانعقاد العادي الثالث (2025- 2026) من الفترة العاشرة (2023- 2027)، التي عقدت برئاسة سعادة خالد بن هلال المعولي رئيس مجلس الشورى، وبحضور أصحاب السعادة أعضاء المجلس، وسعادة الشيخ أحمد بن محمد الندابي الأمين العام للمجلس.
وخلال أعمال الجلسة استعرض سعادة سلطان بن حميد الحوسني نائب رئيس لجنة الشباب والموارد البشرية، ومقررها بالجلسة تقرير اللجنة حول مشروع قانون الهيئات الرياضية المحال من الحكومة. وقد استعرض خلاله مبررات مشروع القانون وتأثيره على القطاع الرياضي بسلطنة عُمان. وأشار خلال حديثه إلى أن مشروع القانون يعد استكمالًا لتحديث المنظومة التشريعية المتصلة بالجانب الرياضي، كما أنه يمثل نقلة نوعية في تطوير منظومة العمل الرياضي بسلطنة عُمان من خلال إرساء أسس تشريعية واضحة تنظم العلاقة بين الأندية والاتحادات واللجنة الأولمبية والجهات الحكومية ذات الصلة، بما يعزز الأداء المؤسسي ويرتقي بكفاءة الإدارة الفنية والمالية للقطاع الرياضي. وأوضح سعادته بأن اللجنة وخلال دراستها لمشروع القانون قامت باستضافة عدد من رؤساء الأندية الرياضية في سلطنة عُمان، والمختصين من الجهات الحكومية، كما اطلعت اللجنة على مجموعة من القوانين الرياضية المنظمة للهيئات الرياضية في بعض الدول المجاورة وذلك للاطلاع على أفضل الممارسات والاستفادة منها في إعداد قانون عصري يتناسب مع احتياجات الرياضة في سلطنة عمان.
وقدم سعادة محمد بن علي البلوشي عضو اللجنة التشريعية والقانونية بالمجلس ومقررها خلال الجلسة، مرئيات اللجنة فيما يتعلق ببعض البنود الخاصة بالعقوبات، إلى جانب مدى توافق المشروع مع القوانين النافذة في سلطنة عمان وإعادة ضبط الصياغة القانونية.
ويأتي مشروع القانون الجديد في سياق تطوير الإطار التشريعي المنظم للقطاع الرياضي في سلطنة عُمان، ويضم 9 فصول تشمل 69 مادةً. ويمثل تحديثًا شاملًا للقانون الصادر عام 2007 بشأن الهيئات الخاصة العاملة في المجال الرياضي. ويهدف مشروع القانون إلى تعزيز مبادئ الحوكمة والشفافية في إدارة الهيئات الرياضية، وتكريس استقلاليتها الإدارية والمالية لضمان كفاءة الأداء وجودة المخرجات، إلى جانب تشجيع الاستثمار الرياضي وتفعيل الشراكة بين القطاعين العام والخاص لتطوير البنية الأساسية وتنويع مصادر التمويل. ويسعى المشروع إلى إيجاد بيئة رياضية محفزة لاكتشاف المواهب الوطنية وصقلها، بما يسهم في بناء قاعدة رياضية قوية تُسهم في التنمية المجتمعية والاقتصادية.
وأبدى أصحاب السعادة الأعضاء فيما بعد ملاحظاتهم ومداخلاتهم حول مواد المشروع، تلخصت في بعض التحديات التي تواجه الهيئات الرياضية، والحث على تمكين تلك الهيئات بما ينعكس ايجابًا على صناعة الرياضة في سلطنة عمان، وأكدوا كذلك على أهمية أن يراعي مشروع القانون البعد الاجتماعي والثقافي للرياضة ودورها في ترسيخ قيم المواطنة والانتماء الوطني، إلى جانب تمكين الشباب والمرأة للمشاركة الفاعلة في الأنشطة الرياضي
وشهدت الجلسة إلقاء بيان عاجل حول تأخر تنفيذ المكرمة السامية الخاصة ببرنامج القروض الطارئة لقطاع ريادة الأعمال وتطرق البيان الذي قدمه سعادة حميد بن علي الناصري عضو مجلس الشورى ممثل ولاية عبري. وأوضح الناصري تنفيذ المكرمة السامية ورغم مرور قرابة عام على صدورها، لكنها لم تُنفَّذ؛ الأمر الذي فاقم من معاناة أصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وزاد من الأعباء المالية والقانونية عليهم. ودعا الناصري الحكومة إلى "تنفيذ الإعفاء السامي فورًا دون أي تأخير إضافي، وإيقاف جميع إجراءات التحصيل والقضايا القانونية تجاه المؤسسات المشمولة بالمكرمة، وإصدار آلية تنفيذ واضحة ومحددة بزمن معلن للرأي العام". وطالب البيان برفع تقرير عاجل لمجلس الشورى يوضح أسباب التأخير والجهات التي تسببت فيه، إلى جانب التأكيد على أهمية دعم قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة؛ باعتباره محركًا اقتصاديًا رئيسيًا ومصدرًا لفرص العمل، وضرورة تمكينه ليظل رافدًا للتنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وألقى سعادة علي بن خلفان الحسني عضو مجلس الشورى ممثل ولاية بوشر بيانًا عاجلًا حول بعض الظواهر التي رافقت عروضًا مسرحية ضمن مهرجان الدن الدولي للمسرح. وأكد ضرورة الحفاظ على القيم الدينية والثوابت الأخلاقية، وصيانة الهوية الوطنية. ودعا سعادته إلى فتح تحقيق عاجل من الجهات المختصة حول الجهة المنظمة والمحتوى المقدَّم، وتحديد المسؤوليات.