د. عائشة بنت عبدالله العلوية

 

تلجأ الدراسات الإحصائية إلى استخدام مصطلح "فجوة النوع الاجتماعي" كمؤشر يُحدِد مِقدار الفجوة بين الجنسين عند قياس المتغيرات المجتمعية وتحديد مشاركة المرأة في مختلف مجالات التنمية، ولا تستثني هذه الفجوة مجتمعات بعينها؛ لذلك تُصنَّف كل الجهود الرامية إلى تقليصها بوصفها جهودًا تقدُّمية في نمو إدراك السُلطة وحرصها على تحقيق المساواة في توزيع الأدوار من خلال سن التشريعات ومتابعة تنفيذها ووضع الآليات التمكينية لمراقبة التطبيق والتنفيذ.

لماذا نطرح نقاشًا حول "فجوة النوع الاجتماعي في مجلس الشورى"؟ لأنها بمختصر العبارة باتت "مُشكِلة" ويجب أن نفكك عددًا من الملابسات المحيطة بهذه الإشكالية، ونُعمِّق تحليلنا لبعض الظواهر المرتبطة بها، فإذا كان بعضها يعود إلى عوامل خارجية تتعلق بقصور عمل المؤسسات، فإن بعضها الآخر يعود للمرأة نفسها من النواحي التأهيلية والخبرة العملية التي تؤهلها للمجالس المنتخبة، ولكنها على أية حال باتت مسألة محرجة مقابل ما تم إنجازه لصالح المرأة العمانية، على مستوى التمكين المهني والأكاديمي. وقد تناولنا في مقال لنا بعنوان "المرأة في المجالس المنتخبة ومجالس الإدارات" المنشور بصحيفة الرؤية بتاريخ 19/ 10/ 2022، وأشرنا إلى نسب تواجدها في تلك المجالس، ويمكن للقارئ الكريم العودة إليه. وخلص المقال إلى أن نسب تواجدها متواضعة جدًا على قوائم مجالس الإدارات، وكذا المجالس المنتخبة؛ ففي مجلس الشورى بلغت نسبة تواجدها في الفترة التاسعة 2.3%، بعدد عضوتين فقط من مجموع 86 عضوًا، وفي المجلس البلدي بلغت النسبة 3.4%، وفي مجلس الدولة تمثل النساء ما نسبته 17.6%، وهذه أفضل النسب ونتمنى ثباتها أو زيادتها. أما في المجالس الاقتصادية ومنها مجالس إدارات غرف تجارة وصناعة عمان تشكل المرأة نسبة 5.7% من مجموع 70 عضوًا على مستوى المحافظات بأكملها.

وبالنسبة إلى مجالس الإدارات في القطاع الخاص، فقد أجرينا جولة لرصد نسب تواجد المرأة في مجالس إدارات البنوك التجارية وكذا شركات الحكومة التابعة لجهاز الاستثمار العماني، ولم تكن بأحسن حال من المجالس الأخرى، ففي 9 مجالس إدارات بنوك محلية تمثل المرأة فقط 3.1% من عضويتها في مجلس إدارة البنك الوطني، وفي مجالس إدارات شركات جهاز الاستثمار العماني تشكل نسبة تواجد المرأة فقط 8.9% في 13 مجلس إدارة تضم 67 عضوًا، فيما لمسنا مؤشرات جيدة تدعو إلى الاعتزاز والفخر بتمكين المرأة في مراكز صناعة القرار في الإدارة العليا على مستوى الإدارة التنفيذية (مناصب التعيين) في كلٍ من البنك الأهلي، والبنك الوطني العماني، وبنك نزوى، وبنك مسقط، وبنك عمان العربي بنسب 26% و18.7% و15.3% و16.6% و2.14% على التوالي، وانعدم وجودها في بنك ظفار.

وإذا وجهَّنا الأنظار إلى مجلس الشورى فهو واجهة التمكين، ومؤشر على تطور مشاركة المرأة السياسية، وتشير الأدبيات السياسية المنشورة في هذا السياق بأنه في العقود الثلاثة الماضية يتم التركيز على مشاركة البرلمانان باعتباره أعلى الهيئات التشريعية؛ بما يمتلكه من صلاحية التغيير وصياغة القوانين، وبالتالي فإن خلو هذه المجالس من المرأة ينعكس بدوره على عدم اكتمال تمثيل المجتمع على نحو عادل، وانفراد الرجل بالتشريع وصناعة القرار، وحيث إن الشارع السياسي في السلطنة مقبل على انتحابات برلمانية ( مجلس الشورى) فقد عكست القائمة المعلنة مؤشرات أولية ستقود إلى تكرار نفس السيناريو للدورات البرلمانية السابقة، فبين 883 مرشحًا ترشحت 33 امرأة؛ أي أن نسبة المترشحات في هذه الدورة فقط 8.8%، ينافسن مرشحين يمثلون 92% من إجمالي القائمة المعلنة، وهذا العدد لا يمكِّن المرأة من الفوز بأكثر من مقعدين في أحسن الأحوال، وهذا ما نجزم به!

تاريخيًا شغلت المرأة في مجلس الشورى 3 مقاعد كحد أقصى في الفترة البرلمانية الثالثة والثانية ومقعدين في الفترة الرابعة والخامسة، ودون أية مقاعد في الفترة السادسة، ومقعد واحد في الفترتين البرلمانيتين الثامنة والسابعة، ويلقي هذا التناقص العددي أضواءه على مشاركة المرأة العمانية في صنع القرار وعلى الجهود التي تبذلها الحكومة من أجل تمكين المرأة التي رصدنا سابقًا، مبررين على أنها دون الطموح الوطني؛ الأمر الذي يتطلب خطوات عملية أكبر تأثيرًا في هذا الملف الذي يجب أن تسعى المؤسسات المسؤولة بالدولة إلى تحقيق مراكز متقدمة فيه؛ فالسلطنة على بُعد خطوات من استحقاق عالمي قريب في أجندة التنمية المستدامة 2030، ولا ينبغي أن نقبل أن يستمر تمثيل المرأة كما في الوضع الحالي.

يجب أن نعمل على وضع سياسات جادة ورصينة تؤدي إلى رفع هذه النسبة، انطلاقاً من فهمنا الواعي للثقافة السائدة في المجتمع "ثقافة تنميط وتوزيع الأدوار"؛ لتكون خط الدفاع الأول عن حق المرأة في رفع نسبة تواجدها في مراكز صنع القرار والمجالس التمثيلية والمعينة، وهي الوسيلة المُثلى لمقاومة ثقافة التنميط وسياسات الاحتكار، كما يجب أن يكون تدريب المرأة مستمرا من خلال إشراكها في برامج الترشح ودخولها كعضو فاعل في المجالس المنتخبة لتمارس العمل السياسي وتكون قريبة من مفاهيمه العملية فضلاً عن التثيقف الذاتي والمجهود الشخصي الذي يجب أن تسعى إليه المرأة حول ماهية المشاركة السياسية وصناعة القرار والوصول إلى الأدوات المّمكّنة وصولا إلى إدارة الحملات الانتخابية.

السؤال الذي نطرحه في نهاية المقال: هل النظام الانتخابي أحد الأسباب المعيقة لوصول المرأة لمجلس الشورى؟ جنبًا إلى جنب الحواجز المجتمعية والثقافية السائدة؟ هل نظام الفائز الأول الذي يحصل على أعلى الأصوات في الدائرة الانتخابية بغض النظر عن نسبتها من إجمالي عدد الأصوات نظام منصف للنوع؟

هناك دراسات عدة أشارت إلى أن نظام الفائز لا يدعم وصول المرأة، ومن هنا نحن بحاجة إلى إجراء تعديل تشريعي في النظام الانتخابي الحالي الذي يعزز القبلية وتحزبها تجاه المرشح الرجل، فابنة القبيلة الأنثى الأفضل تعليمًا وخبرة وكفاءة ليست جديرة بالدعم القبلي طالما وُجِدَ الرجل، وهذه الثقافة للأسف لا تتغير بمرور الزمن ولا عبر موجات التطور المعرفي والعلمي التي كسبت فيها المرأة الرهان، وبالتالي لا يجب أن تقف مؤسسات الدولة مكتوفة اليدين إزاء هذا الإخفاق المتكرر للمرأة التي تخوض المنافسات في أجواء غير عادلة ومحسومة النتائج قبل يوم التصويت.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

رئيس مجلس الشورى يعقد جلسة مباحثات رسمية مع رئيس مجلس النواب المصري

عقد معالي رئيس مجلس الشورى الشيخ الدكتور عبدالله بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ في القاهرة جلسة مباحثات رسمية مع معالي رئيس مجلس النواب المصري المستشار الدكتور حنفي جبالي، وذلك في مقر مجلس النواب خلال زيارة معاليه الرسمية إلى جمهورية مصر العربية.

 

ورحب معالي المستشار الدكتور حنفي جبالي بمعالي رئيس مجلس الشورى والوفد المرافق بمناسبة زيارته إلى جمهورية مصر العربية, منوهًا بالجهود التي تقوم بها المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود, وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء -حفظهما الله- ودورها الريادي على مستوى العالم العربي والاسلامي، مشيرًا معاليه إلى ما تمثله الزيارات الرسمية المتبادلة من أهمية كبيرة في تعزيز التعاون البرلماني بين المجلسين.

 

من جانبه عبر الدكتور آل الشيخ خلال جلسة المباحثات عن شكره وتقديره لمعالي رئيس مجلس النواب على حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة، منوهًا بما تشهده العلاقات السعودية المصرية الأخوية من تقدم بين البلدين وبما تشهده هذه العلاقات الأخوية من ازدهار على جميع المستويات والمجالات لكل ما فيه خير للبلدين والشعبين الشقيقين، مؤكدًا أهمية تبادل الزيارات الثنائية بما يخدم المصالح المشتركة ويعزز التعاون والتنسيق البرلماني المشترك بين البلدين الشقيقين في مختلف المواقف والمحافل البرلمانية.

واستُعرضت خلال جلسة المباحثات علاقات التعاون بين المجلسين وسبل دعمها وتعزيزها، إضافة إلى تأكيد أهمية تفعيل الدور المهم للجان الصداقة البرلمانية، إلى جانب بحث عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك.

 

عقب ذلك وقع معالي رئيس مجلس الشورى ومعالي رئيس مجلس النواب المصري مذكرة تفاهم بين مجلس الشورى في المملكة العربية السعودية ومجلس النواب في جمهورية مصر العربية للتعاون في المجال البرلماني.

وتهدف المذكرة إلى توفير إطار لتعزيز التعاون والتفاعل المستمر بين الطرفين، التي تشمل تشجيع تبادل زيارات الوفود البرلمانية بين الطرفين، وإنشاء مجموعات عمل، وتعزيز التفاعل الوثيق بين أعضاء تلك المجموعات، للعمل على الجوانب البرلمانية ذات الاهتمام المشترك، واقتراح آلية لتبادل الخبرات والدراسات البرلمانية.

 

وتشمل المذكرة تشجيع التفاعل المنظم للوفود البرلمانية للطرفين في المحافل البرلمانية الإقليمية والدولية، والتعاون المشترك لبناء قدرات البرلمانيين وتنمية الموارد البشرية، وتنظيم فعاليات مشتركة، كإقامة مؤتمرات وجلسات عمل، وندوات حول موضوعات مثل سن القوانين ومساعدة البرلمانيين في عملية صنع النظام والقانون، والبحوث والتحليلات البرلمانية، وتعزيز مشاركة المرأة، وتطوير قدرات البرلمانيين وموظفيهم التقنية، والتعاون في مجال الخدمات البرلمانية والبحوث العامة والبرلمانية.

اقرأ أيضاًالمملكةالراجحي يطلق رخصة العمل التطوعي ويدشن مؤسسة مرصد العمل غير الربحي لخدمة ضيوف الرحمن

ثم أخذ معالي رئيس مجلس الشورى جولة في أروقة وردهات مجلس النواب والمتحف التاريخي، وأقام رئيس مجلس النواب مأدبة غداء تكريمًا لمعاليه.

حضر جلسة المباحثات وتوقيع مذكرة التفاهم الوفد الرسمي المرافق لمعالي رئيس مجلس الشورى أعضاء المجلس سعد بن صليب العتيبي، وعجلان بن عبدالعزيز العجلان، وعبدالله بن أحمد آل طاوي، والدكتورة آمال بنت يحيى الشيخ، والدكتورة غادة بنت طلعت الهذلي، وسفير خادم الحرمين الشريفين لدى جمهورية مصر العربية صالح بن عيد الحصيني.

 

وحضرها من الجانب المصري وكيل أول مجلس النواب المستشار أحمد سعد الدين، ووكيل مجلس النواب الأستاذ محمد أبو العينين، وأمين عام مجلس النواب المستشار أحمد مناع، وعضو مجلس النواب رئيس لجنة الشؤون الدينية والأوقاف الدكتور أحمد جمعة وعضو مجلس النواب رئيس لجنة السياحة والطيران المدني الدكتورة نورا عبد السميع، وعضو مجلس النواب النائبة شادية الجمل، ومساعد وزير الخارجية للشؤون البرلمانية السفيرة هبة زكي.

مقالات مشابهة

  • رئيس الوزراء يستقبل رئيس مجلس الشورى بالمملكة العربية السعودية
  • رئيس مجلس الشورى يجتمع مع رئيس مجلس النواب العراقي
  • رئيس مجلس الشورى يعقد جلسة مباحثات رسمية مع رئيس مجلس النواب المصري
  • غداً .. الشورى يناقش حزمة من مشروعات القوانين والاتفاقيات
  • رئيس مجلس النواب: نعتز بالعلاقات الراسخة والمُتجذرة التي تربطنا بالسعودية
  • استقبال حافل للعرض التقديمي لفيلم "عين حارة" الذي يمثل "القاهرة السينمائي" في مبادرة "فانتاستيك 7"
  • الشراكة بين الحكومة و"الشورى"
  • رئيس مجلس الشورى يصل إلى مصر في زيارة رسمية
  • غسان حسن محمد.. شاعر التهويدة التي لم تُنِم. والوليد الذي لم تمنحه الحياة فرصة البكاء
  • اجتماع مشترك بين مجلسي الوزراء والشورى لتعزيز التعاون المؤسسي