لا يعقل أن يدخل الحج إلى بيت الله الحرام ضمن عمليات التكسب والتحايل والتزوير، فتلك الفريضة الأسمى ما كان لها أن تدنسها تصرفات "ثلة من المحتالين"، ليتحول الفرح إلى مأتم، والتهاني والتبريكات إلى سرادق عزاء نصب فى عدد لا بأس به من بيوتنا لهفةً وألمًا ووجعًا على فقدان أحد أفراده، لم يكن موسم الحج هذا العام عاديًّا، فمنذ يوم عرفة فقد البعض الاتصال مع ذويهم الموجودين بالأراضي المقدسة، ولعلهم أيضًا تابعوا قبلها عمليات الكر والفر التى كانوا يقومون بها خوفًا من تتبع السلطات السعودية لهم، والتى حذرت قبلها بأيام من عدم دخول حاملي تأشيرات الزيارة إلى صعيد عرفات.
استغاثات ولهفة وخوف وفى النهاية نجا من نجا بعد معاناة وفقد آخرين الطريق وتاهوا فى الدروب، وكانت الفاجعة الأكبر لمن تساقطوا واحدًا تلو الآخر تأثرًا بحرارة الشمس ولهيبها، الأرقام المتداولة تقول إن الرقم تجاوز الـ600 متوفى فى صفوف الحجاج المصريين من غير أعضاء البعثة الرسمية، والرقم بالطبع مرشح للزيادة وبالتأكيد سيتم الإعلان عن الرقم الحقيقي بعد حصر الأعداد.
ما حدث هذا العام كان جريمة بكل المقاييس، وهو كما وصفته النائبة نورا على رئيس لجنة السياحة بمجلس النواب بأن "هناك مجموعات من السماسرة والكيانات الوهمية معدومة الضمير استغلت عواطف المواطنين، وتلاعبت بهم وأقنعتهم بإمكانية الحج بتأشيرة الزيارة، ووضعتهم في ظروف صعبة".. كلام النائبة يلخص ما حدث من تحايل على الوضع واستغلال لعدم وعي كثيرًا من البسطاء، الذين لم يكن يدور بخلدهم ما حدث لهم.
الموضوع ببساطة يرجع إلى زيادة نفقات الحج خلال العامين الماضيين بسبب تحريك سعر الصرف، وبالتالي عجز الكثيرون عن تدبير النفقات، وبالطبع لأن نوازع "الفسدة" تبحث عن الثغرات لتحقيق مكاسب، فقد استغلت بعض شركات السياحة المنتشرة فى الأقاليم خاصة الأمر، وأقنعوا الراغبين فى الحج بأنهم سيقومون بذلك مقابل نفقات أقل، وتم استخراج تأشيرات سياحة لهم ومنحهم "باركود العمرة" على الرغم من أن ذلك لن يمكنهم من دخول عرفة، حيث كانت الداخلية السعودية قد أعلنت منع دخول مكة المكرمة أو البقاء فيها لكل من يحمل تأشيرة زيارة بأنواعها خلال الفترة بداية من موسم الحج وحتى انتهاء المناسك.
بالطبع شركات السياحة أو الكيانات الوهمية كما ذكر لى عضو اتحاد الغرف السياحية، ألقت بحجاجها غير الرسميين فى أماكن سكن بعيدة وداهمتهم قوات الشرطة وأبعدتهم خارج مكة، ثم ظهر السماسرة من سائقي التاكسي والباصات الذين تقاضوا ما يزيد على 1500 ريال للفرد الواحد مقابل نقلهم مرة أخرى إلى أماكن قريبة من جبل عرفة ومسجد نمره، فاضطر هؤلاء إلى المشي سيرًا على الأقدام فى درجة حرارة زادت عن الـ50 درجة مئوية ثم البقاء على جبل عرفات بدون خيام ولا تكييفات وهو ما تسبب فى هذه الكارثة.
كان التلفزيون السعودي قد أعلن أن درجات الحرارة قد ارتفعت الإثنين 17 من يونيو إلى 51.8 درجة مئوية في الظل بالمسجد الحرام في مكة.
الحكايات كثيرة من حجاج عاشوا المعاناة ولا يسع المقام لسردها، ولكن يمكن القول إن الحج ليس نزهة، ولكنه "مشقة" بالغة يجب أن تتم وفق إطار رسمي، حتى يكون هناك مشرفون ومتابعون لحالة كل حاج، خاصة وأن هناك الكثير من أصحاب الأمراض الذين تلزمهم رعاية خاصة.. خلاصة القول فى محكم كتابه سبحانه وتعالى "وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلاً" فإذا لم تتوافر هذه الاستطاعة فلا داعي للتحايل، وإلا فالعاقبة كما رأينا.. رحم الله المتوفين من الحجاج وألهم ذويهم الصبر.
المصدر: الأسبوع
إقرأ أيضاً:
رغم رفض ترامب لضم الضفة.. وزيرة إسرائيلية تؤكد: السيادة هناك مسألة وقت
قالت وزيرة المواصلات الإسرائيلية ميري ريغيف، إن حكومتها ترى أن "فرض السيادة على الضفة الغربية المحتلة سيحدث في نهاية المطاف".
وجاءت تصريحات الوزيرة في مقابلة بثتها قناة 12 العبرية، حيث أوضحت ريغيف أن "السيادة في الضفة الغربية ستتحقق في نهاية المطاف، لكن الوقت ليس مناسبا الآن".
وأضافت أن "وزارتها تنفذ سيادة تل أبيب في يهودا والسامرة (الاسم اليهودي للضفة الغربية) عبر شقّ الطرق"، زاعمة أن "الإدارة الأمريكية تفهم أنه لا طريق آخر سوى فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة".
وفي 22 من تشرين الأول/ أكتوبر، صدق الكنيست بقراءة تمهيدية على مشروعي قانونين لضم الضفة الغربية المحتلة، ومستوطنة معاليه أدوميم، دعمهما حزب “الصهيونية الدينية” بقيادة وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش.
وأواخر الشهر الماضي، زعم المتطرف سموتريتش، أنه "مقتنع تماما بأن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سيغيّر رأيه بشأن مسألة ضم الضفة الغربية".
وأضاف سموتريتش أنه "مقتنع أنه تمامًا كما في قضية الأسرى، فإن الرئيس ترامب، الذي هو صديق حقيقي لإسرائيل، سيغيّر رأيه عندما يفهم أهمية سيادة إسرائيل على أراضي يهودا والسامرة (الضفة الغربية)"، وفق زعمه.
وأشار إلى أن "نتنياهو أقنع ترامب سابقًا بأهمية إعادة المحتجزين (في إشارة لإبرام اتفاق وقف إطلاق النار بغزة) لكنه لم يُبدِ الإصرار نفسه في موضوع السيادة".
وتابع الوزير اليميني المتطرف، أن "على مؤيدي اليمين والمستوطنين الاستمرار في المطالبة بضم أراضي الضفة حتى تدرك الولايات المتحدة أن دعم إسرائيل الحقيقي يعني دعم الضم ورفض الدولة الفلسطينية".
كما زعم سموتريتش، أن "نتنياهو الذي انخرط في حملة المحتجزين وشرح للرئيس مراراً أهمية إعادتهم، لا يفعل ذلك بالنسبة للسيادة ويمتنع عن طرحها في محادثاته مع الرئيس ترامب".
وأردف، "ليس لدي أي لوم للرئيس (ترامب) الذي تنازل بسهولة كبيرة عن السيادة وباعها للدول العربية مقابل اتفاق في غزة، وربما أيضاً لتوسيع اتفاقات إبراهيم" وفق ادعائه.
من جانبه قال ترامب في ذات الشهر، إن ضم إسرائيل للضفة لن يحدث لأنني وعدت الدول العربية بذلك، محذرا من أن تل أبيب “ستفقد دعم الولايات المتحدة بالكامل إذا حدث ذلك.
واحتلت إسرائيل الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، عام 1967، في خطوة اعتُبرت انتهاكا واضحا لميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي، وترفض الانسحاب منها وإقامة دولة فلسطينية مستقلة.