الخشت يستعرض جهود جامعة القاهرة في تطوير التعليم: دخلنا منظومة الجيل الخامس
تاريخ النشر: 27th, July 2024 GMT
تلقى الدكتور محمد الخشت، رئيس جامعة القاهرة، تقريرًا حول جهود الجامعة في تطوير المنظومة التعليمية على مدار 7 سنوات، حيث أوضح التقرير مواصلة الجامعة في الارتقاء بمنظومة العملية التعليمية وتميزها ونجاحها في التحول إلى جامعة ذكية من جامعات الجيل الرابع ثم دخولها في منظومة جامعات الجيل الخامس.
أحدث نُظم التعليم العالمي
واستطاعت الجامعة منذ أغسطس 2017 أن تواكب أحدث نُظم التعليم العالمي وتحقيق متطلبات الجودة والاعتماد الأكاديمي، وبما يتوافق مع احتياجات سوق العمل المحلية والعالمية، بهدف إيجاد ظروف مواتية للإبداع وتحقيق الجودة والميزة التنافسية للجامعة، ومن خلال العديد من الإجراءات التي يتم تنفيذها في إطار الخطة الاستراتيجية للجامعة، أهمها استحداث وتطوير العديد من البرامج واللوائح الدراسية والدبلومات المهنية، والتوسع في برامج تخصصات وظائف المستقبل ومنها برامج البيانات الضخمة والريبورتات والبلوك تشين، وغيرها من التخصصات الجديدة.
إلى جانب استحداث برامج في التخصصات البينية، وعقد اتفاقيات لدرجات علمية مشتركة ومزدوجة مع كبرى الجامعات الأجنبية ذات الترتيب المتقدم داخل التصنيفات الدولية المرموقة، وتجديد طرق واستراتيجيات التعلم والامتحانات والتفكير، وإنشاء وتطوير عدد من الكليات الجديدة التي تواكب متطلبات الثورة الصناعية الرابعة والخامسة ووظائف المستقبل، وإنشاء الفرع الدولي للجامعة بمدينة السادس من أكتوبر وانطلاق وبدء الدراسة بها.
نظام الساعات المعتمدة
وأشار التقرير، إلى نجاح الجامعة في استحداث العديد من البرامج بنظام الساعات المعتمدة، وإدخال نظام التعليم الإلكتروني المدمج، وطوَّرت الكثير من اللوائح والبرنامج للمرحلة الجامعية الأولى ومرحلة الدراسات العليا، وفق المعايير العالمية واحتياجات سوق العمل المحلية والإقليمية والدولية.
وأكد التقرير، نجاح الجامعة وبتوجيه مُبكر من الدكتور محمد الخشت في أن تكون أول جامعة مصرية تعدل جميع لوائحها لتتلاءم مع نظام التعليم الهجين وتسمح بتطبيقه، وتحقيق منظومة متكاملة من التعليم عن بُعد، وهو ما هدفت إليه الجامعة منذ سنوات وخطت به خطوات كبيرة، لتصبح نظم التدريس والامتحانات بها وفق نظام التعليم المدمج والهجين، كما نجحت الجامعة في تجديد طرق واستراتيجيات التعلم والتفكير للطلاب من خلال تطوير أنظمة الدراسة والتقويم والامتحانات والتفكير المجرد والقدرة على حل المشكلات وإعداد الخريجين وفقًا لمتطلبات سوق العمل العالمية.
وأشار التقرير، إلى عقد الجامعة نحو 300 بروتوكول واتفاقية مع كُبرى الجامعات العالمية، سواء فيما يتعلق بمجال البحث العلمي أو العملية التعليمية أو الدرجات العلمية المشتركة «بكالوريوس وليسانس» أو «دراسات عليا»، مثل جامعات كمبردج بالمملكة المتحدة البريطانية، وشنغهاي جياو-تونغ، وكولون، والسوربون، وويست فرجينيا، وايست لندن وغيرها.
كما أشار التقرير، إلى طرح الدكتور محمد الخشت مبادرة هي الأولى من نوعها على مستوى الجامعات المصرية والعربية، تستهدف سد الفجوة المعرفية مع الجامعات العشر الأولى على مستوى العالم، حيث وجَّه الدكتور الخشت عمداء كليات جامعة القاهرة بتكوين لجان علمية عليا من كبار الأساتذة على مستوى الأقسام العلمية المتخصصة في جميع الكليات تتولى رصد وتوصيف وتحليل المناهج والتخصصات العلمية للكليات العشر الأكثر أهمية وبروزا في العالم في ضوء التصنيفات العلمية في العالم في التخصصات المختلفة، من حيث مراكز الاهتمام العلمية والتعليمية والبحثية الرئيسية والفرعية، والمقررات الدراسية وتوصيفها وأساليب التعليم والتدريب وتقنيات التعليم المستخدمة.
وبيّن التقرير، أن من بين البرامج الجديدة التي استحدثتها الجامعة لتواكب تخصصات وظائف المستقبل، وهي علي سبيل المثال وليس الحصر: دبلوم اقتصاديات الدواء وتقييم التكنولوجيا الصحية بكلية الصيدلة، بالتعاون مع جامعة بورنموث بالمملكة المتحدة، واستحداث 18 دبلومة مهنية بكلية طب قصر العيني، وبرنامج التأهيل والتطبيق والمراجعة لنظم الجودة في الأغذية بكلية الزراعة بالتعاون مع المعهدالقومي للجودة، برامج جديدة في مجال العلوم البيئية بكلية العلوم بالتعاون مع وزارة البيئة والبنك الدولي، وبرنامج الماجستير المهنيفي ريادة الأعمال، بالتعاون جامعة كمبردج بإنجلترا.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الإقليمية والدولية البحث العلمي البنك الدولي الثورة الصناعية الجامعات الأجنبية الجامعات المصرية الجودة والاعتماد الجيل الخامس الجيل الرابع الجامعة فی
إقرأ أيضاً:
كيف تفكك سياسات السيسي مراكز الثقل الاستراتيجية بمصر في ظل حروب الجيل الخامس؟
في عالم تتسارع فيه وتيرة التحديات الأمنية، وتتشابك خيوط الحروب لتتجاوز ميادين القتال التقليدية إلى الفضاء السيبراني، والوعي الجمعي، والتحكم بالإدراك البشري، تجد مصر نفسها في مفترق طرق حاسم. لم تعد حماية الأمن القومي تعتمد فقط على قوة الجيش أو الموقع الجغرافي، بل على قدرة الدولة على بناء "مراكز ثقل استراتيجية" مرنة وقادرة على التكيف مع حروب الجيل الخامس الخفية. هذه الحروب تتسم بالخفاء، والتلاعب بالواقع، واستغلال التقنيات المتقدمة لاستهداف العقول قبل الأراضي. لكن، ورغم إدراك أهمية هذا التحول، يبدو أن سياسات الرئيس عبد الفتاح السيسي لا تسهم في تقوية هذه المراكز، بل قد تعمل على تفكيكها من الداخل، ما يجعل مصر أضعف في مواجهة تهديدات المستقبل غير المرئية التي قد تتسلل كـ"شبكة العنكبوت".
من القلاع التقليدية إلى هشاشة عصر الوعي المستهدف: دروس من "عملية شبكة العنكبوت"
لطالما اعتمدت مصر على ركائز تقليدية في صيانة أمنها. الجيش النظامي كان الضامن الأول، وقناة السويس شريان اقتصادي ودبلوماسي حيوي، بينما مثلت الكتلة السكانية عمقا بشريا وسوقا استهلاكيا. هذه المراكز، وإن كانت أساسية، تواجه اليوم تهديدات متعددة الأوجه: من الحروب السيبرانية المعقدة التي تستهدف البنية التحتية والبيانات الضخمة، إلى حروب الإدراك والتلاعب بالوعي الجمعي التي تسعى لزعزعة الثقة الداخلية وتغيير المفاهيم دون إطلاق رصاصة واحدة، مرورا بالحرب الاقتصادية والعقوبات الذكية، وصولا إلى التهديدات غير المتماثلة كالإرهاب الذي يتسلل عبر الفضاءات الافتراضية.
القوة التقليدية، على الرغم من قدرتها على الردع العسكري، تجد نفسها عاجزة أمام عدو غير مرئي يهاجم الثقة الشعبية ويسعى لشل قدرات الدولة بالسرعة والتأثير النفسي والتلاعب بالحقائق واللاوعي الجمعي
القوة التقليدية، على الرغم من قدرتها على الردع العسكري، تجد نفسها عاجزة أمام عدو غير مرئي يهاجم الثقة الشعبية ويسعى لشل قدرات الدولة بالسرعة والتأثير النفسي والتلاعب بالحقائق واللاوعي الجمعي. هذا العدو لا يرتدي زيا عسكريا بل يستخدم البيانات والذكاء الاصطناعي لاختراق العقول، هنا تبرز الحاجة الملحة لنظام دفاعي "هجين" يمزج بين الصلابة والمرونة، ويفهم أبعاد حرب الإدراك.
يمكننا استلهام ذلك من "عملية شبكة العنكبوت" التي نفذتها أوكرانيا. هذه العملية لم تعتمد على المواجهة التقليدية المباشرة، بل على شبكة معقدة من العمليات السرية والتسلل، باستخدام طائرات مسيرة أُخفيت داخل شاحنات وأُطلقت من داخل الأراضي الروسية، مستهدفة قواعد جوية استراتيجية بعيدة عن خطوط الجبهة. ما يميز هذه العملية هو توقيتها، ودقتها، وخفاؤها، وتأثيرها الإعلامي والنفسي. فبعد أن ظهرت الأضرار الجسيمة في عمق الخصم، حرص الجانب الأوكراني على التناول الإعلامي الواسع للعملية، مؤكدا نجاحها وضرباته الموجعة، بينما سعى الخصم إلى التقليل من شأنها أو نفيها. هذا التناول الإعلامي المكثف لم يكن مجرد تغطية، بل كان جزءا أصيلا من العملية نفسها، يهدف إلى زعزعة الروح المعنوية للخصم، وإظهار قدرة المهاجم على اختراق العمق، وتأكيد فعالية أساليب حرب الجيل الخامس.
هذا النموذج يجسد جوهر حروب الجيل الخامس: الخفاء، والتخطيط المعقد، والاعتماد على التكنولوجيا المتقدمة غير التقليدية، واستهداف مراكز الثقل الحيوية للخصم بطرق غير متوقعة، والعمل من الداخل أو من خلال نقاط ضعف غير ظاهرة، مع استغلال الأبعاد الإعلامية والنفسية لتعظيم التأثير. فإذا كانت مصر تريد حماية مراكز ثقلها الاستراتيجية، يجب أن تدرك أن التهديد قد يأتي من داخل "شاحنات" تبدو بريئة، ويستهدف "مراكز ثقلها الاستراتيجي" في العمق، وأن التناول الإعلامي الدقيق والموجه للحقائق، أو للتضليل، هو جزء لا يتجزأ من المعركة.
سياسات السيسي: عامل تفكيك داخلي في مرمى الجيل الخامس
على الرغم من أهمية بناء مراكز ثقل استراتيجية مبتكرة، يبدو أن بعض سياسات النظام الحالي تعمل ضد هذا التوجه الحيوي، وتساهم في تفكيك قلاع مصر الاستراتيجية، ما يجعلها عرضة لهجمات الجيل الخامس، تماما كما استهدفت "شبكة العنكبوت" مراكز الثقل الروسية من الداخل، وعُزز تأثيرها بالتناول الإعلامي:
• تركز السلطة وتهميش الخبرات المدنية: إن احتكار القرار في يد مؤسسة واحدة، وتهميش دور الخبراء المدنيين والمتخصصين في مجالات حيوية كالاقتصاد الرقمي، والذكاء الاصطناعي، والأمن السيبراني المتقدم، وتحليل البيانات الضخمة، يعيق بناء مراكز ثقل حديثة ومتنوعة. فالابتكار والقدرة على التكيف مع التهديدات المعقدة في الجيل الخامس يتطلبان بيئة تتيح للمفكرين والمبدعين من مختلف القطاعات، خاصة التقنية، المساهمة الفاعلة. هذا النهج يغلق الباب أمام العقول القادرة على كشف "شاحنات العنكبوت" الخفية التي يمكن أن تستهدف مصر من الداخل، ويجعل الدولة أقل قدرة على تخطيط وتنفيذ دفاعات معقدة ومبتكرة، أو حتى صياغة خطاب إعلامي فعال مضاد للتلاعب.
تذهب أجزاء كبيرة من الميزانية، وغالبا ما تكون ممولة بالدين الخارجي، إلى مشاريع إنشائية ضخمة قد لا تخدم بشكل مباشر تعزيز قدرة مصر على مواجهة الحروب الهجينة. هذا يزيد من المديونية ويقلل من المرونة الاقتصادية للبلاد، مما يجعلها أكثر عرضة للضغوط الاقتصادية الخارجية والعقوبات الذكية الموجهة عبر الشبكات المالية العالمية، تماما كاستنزاف قدرات العدو دون مواجهة مباشرة
• الإفراط في الإنفاق على مشاريع ضخمة غير مدروسة: بينما تحتاج مراكز الثقل الحديثة في الجيل الخامس إلى استثمارات هائلة في البنية التحتية الرقمية المؤمنة، ومراكز البيانات، والبحث والتطوير في الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني، وتنمية رأس المال البشري المتخصص في حروب المعلومات والإدراك، تذهب أجزاء كبيرة من الميزانية، وغالبا ما تكون ممولة بالدين الخارجي، إلى مشاريع إنشائية ضخمة قد لا تخدم بشكل مباشر تعزيز قدرة مصر على مواجهة الحروب الهجينة. هذا يزيد من المديونية ويقلل من المرونة الاقتصادية للبلاد، مما يجعلها أكثر عرضة للضغوط الاقتصادية الخارجية والعقوبات الذكية الموجهة عبر الشبكات المالية العالمية، تماما كاستنزاف قدرات العدو دون مواجهة مباشرة.
• تقييد الحريات وقمع المجتمع المدني: مركز الثقل المجتمعي، وهو الدرع الأقوى ضد حروب الإدراك والتأثير النفسي وحملات التضليل الإعلامي الموجهة عبر السوشيال ميديا، يتطلب بيئة من الثقة والوحدة الوطنية. إلا أن تضييق الخناق على الحريات العامة، واعتقال المعارضين، وتهميش المجتمع المدني، يُضعف النسيج الاجتماعي، ويُفقد الثقة بين الدولة والمواطن، مما يجعل الجبهة الداخلية أكثر هشاشة أمام أي محاولات للاختراق الرقمي والمعنوي، ويزيد من فعالية حملات "الأخبار الزائفة" و"التزييف العميق" الموجهة. هذه السياسات تسمح بانتشار "شبكات عنكبوت" داخلية تفتت اللُحمة الوطنية وتجعل المجتمع هدفا سهلا للتلاعب، وتمنع الدولة من صياغة سرديتها الخاصة ومواجهة الروايات الكاذبة بفاعلية عبر إعلام حر وموثوق.
• ضعف الشفافية والمساءلة: غياب الشفافية في اتخاذ القرارات الاقتصادية والأمنية، وضعف آليات المساءلة، يخلق بيئة خصبة لسوء الإدارة والفساد، مما يستنزف الموارد ويضعف القدرة الكلية للدولة على بناء قدرات استراتيجية مستدامة وقوية. هذا النقص في الحوكمة يترك مساحات شاسعة لاستغلالها من قبل الفاعلين في حرب الجيل الخامس لاختراق الأنظمة أو التلاعب بالمعلومات من الداخل، تماما كما تم إدخال طائرات "عملية شبكة العنكبوت" المتسللة عبر قنوات تبدو طبيعية، ويُصعّب على الإعلام الوطني والمجتمع المدني كشف الحقائق وتقديمها للجمهور، تاركا الساحة خالية للروايات الخارجية المضللة.
رؤية لتقوية مراكز الثقل: ضرورة تتجاوز العوائق وتستعد لـ"عناكب" المستقبل
لصمود مصر أمام التحديات المستقبلية، من الهجمات السيبرانية المعقدة إلى الضغوط الاقتصادية الذكية والحملات الإعلامية الممنهجة التي تستهدف العقول والإدراك، لا بد من تبني نظام هجين حقيقي. هذا يتطلب تحويل نقاط القوة التقليدية إلى مراكز ثقل متكاملة ومرنة، مع إرادة سياسية حقيقية تتجاوز العوائق الحالية والتوجهات التي تُفكك لا تُبنى، وتستعد لمستقبل صراعات الجيل الخامس التي تعتمد على التسلل والتخفي:
• مركز ثقل دفاعي هجين: يجب دمج الجيش النظامي مع وحدات متخصصة في الدفاع السيبراني المتقدم، مكافحة الإرهاب الرقمي، وحرب الإدراك. ينبغي إنشاء مركز عمليات مشترك يجمع بين القوات النظامية والأمن السيبراني والاستخبارات، ليتمكن من الاستجابة السريعة والمتكاملة للتهديدات المتنوعة، مع التأكيد على أهمية الشراكة مع القطاع المدني المتخصص في هذه المجالات وتطوير كوادر قادرة على فهم وتحليل المعلومات المعقدة، وكشف "شبكات العنكبوت" قبل إطلاقها.
• مركز ثقل اقتصادي-دبلوماسي: يجب أن تتجاوز نظرتنا لقناة السويس كونها مجرد ممر مائي، إنها مركز اقتصادي عالمي متعدد الأنشطة، يمكن استثماره لإنشاء موانئ ومناطق لوجستية ومراكز رقمية. كما أن بناء شبكات تحالفات اقتصادية وتكنولوجية قوية مع دول رائدة في الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني سيخلق دروعا اقتصادية ضد الضغوط الخارجية، مع ضرورة تنويع الشركاء وعدم الاقتصار على محور واحد. هذا التنويع يقلل من نقاط الضعف التي يمكن أن يستغلها الخصم لنسج "شبكة عنكبوت" اقتصادية حول مصر.
الانتقال إلى نظام هجين ليس مجرد خيار تكتيكي، بل هو ضرورة استراتيجية قصوى لضمان الأمن القومي المصري في ظل تهديدات الجيل الخامس. لكن هذه الضرورة تصطدم بواقع سياسي يُهدد، لا يُمكّن من بناء هذه المراكز الحيوية
• مركز ثقل إعلامي-سيبراني (مركز الإدراك والتأثير): في زمن المعلومات المفتوحة وحروب الوعي، تعد السيطرة على السردية أمرا حيويا. يتطلب ذلك تأسيس وحدات متخصصة في الإعلام الاستراتيجي الموجه، والأمن السيبراني العميق، وإدارة حملات التضليل الإعلامي المضادة. استخدام الذكاء الاصطناعي المتقدم لتحليل البيانات الضخمة، ورصد الشائعات والتزييف العميق، وتحليل الرأي العام بدقة؛ يمكن أن يكون أداة قوية في بناء الثقة الشعبية وتحصين الجبهة الداخلية ضد التلاعب، مع الأخذ في الاعتبار أهمية الشفافية في التعامل مع المعلومات. هذا المركز يجب أن يعمل كشبكة استخبارات داخلية مضادة لـ"عناكب" التضليل الإعلامي، وأن يكون قادرا على إدارة الرواية الإعلامية الوطنية بفاعلية واحترافية عالية، على غرار الدور الذي لعبه التناول الإعلامي لعملية "شبكة العنكبوت" في تعظيم تأثيرها.
• مركز ثقل مجتمعي (الحصانة الفكرية): لا يمكن لأي نظام دفاعي أن يصمد دون جبهة داخلية قوية ومتماسكة تمتلك حصانة فكرية ضد التلاعب. يتطلب ذلك تعزيز الوحدة الوطنية من خلال برامج التعليم التي تركز على التفكير النقدي، والتدريب على تمييز المعلومات المضللة، والتنمية المحلية الشاملة. كما أن دعم الابتكار وريادة الأعمال في القطاعات التكنولوجية سيخلق اقتصادا مرنا ومتنوعا، يصعب استهدافه بالحروب الاقتصادية، مع ضرورة إفساح المجال للمبادرات الشعبية وعدم تهميش دور المجتمع المدني في بناء هذه الحصانة. هذا الحصن المجتمعي هو ما يمنع "خيوط العنكبوت" من الالتفاف حول الوعي العام، ويعزز من قدرة المجتمع على الصمود أمام محاولات التلاعب الإعلامي.
طريق الصمود: هل تتجاوز مصر عوائق الداخل لمواجهة حرب الوعي؟
إن الانتقال إلى نظام هجين ليس مجرد خيار تكتيكي، بل هو ضرورة استراتيجية قصوى لضمان الأمن القومي المصري في ظل تهديدات الجيل الخامس. لكن هذه الضرورة تصطدم بواقع سياسي يُهدد، لا يُمكّن من بناء هذه المراكز الحيوية. تحقيق ذلك يتطلب إرادة سياسية لا تلين، واستثمارات استراتيجية في التكنولوجيا المتطورة، وتطوير كوادر بشرية قادرة على العمل في بيئة هجينة تفهم أبعاد حرب الإدراك. والأهم من ذلك، يتطلب إصلاحا شاملا للسياسات التي تعيق التقدم وتضعف قدرة مصر على بناء مراكز ثقلها الاستراتيجية في هذا العصر الجديد.
فهل تدرك القيادة المصرية حجم التحدي المتزايد الذي تمثله "عملية شبكة العنكبوت" على المستويات كافة، بما في ذلك الأبعاد الإعلامية والنفسية، وتتخذ الخطوات اللازمة لتقوية مراكز الثقل الاستراتيجية بدلا من تفكيكها، لتصوغ مستقبل مصر في زمن حروب الجيل الخامس الخفية؟