جريدة الوطن:
2025-05-16@18:00:16 GMT

جماليات حضرية: نحو «دمقرطة» الفنون

تاريخ النشر: 8th, August 2023 GMT

جماليات حضرية: نحو «دمقرطة» الفنون

نشَرَ بعض المهتمِّين العرب على صفحات التواصل الاجتماعي (Facebook) مقاطع مُمتعة ولطيفة لمجاميع من الشبَّان والشَّابات اللبنانيين الذين يفاجئون عامَّة المارَّة في الشوارع، أو المتسوِّقين في الأسواق المركزيَّة أو المسافرين والمودِّعين في المطار الدولي برقصة شَعبيَّة (دبكة). وقَدْ أعجبتني هذه الأنشطة الجماعيَّة أيَّما إعجاب؛ لِمَا تتركه من آثار في مُدُننا العربيَّة الكئيبة «المتصحِّرة» بكُتَل الكونكريت الصمَّاء وألواح الزجاج السَّاخنة وبالشوارع المُتربة والأسواق المكتظَّة.


والحقُّ، فإنَّ غياب اللون والحركة الإبداعيَّة عن مُدُننا يدعو الفنَّانين عَبْرَ عالمنا العربي (على أشكال وأجناس فنونهم) إلى تحرير الفنِّ من سجونه التقليديَّة على المسرح وفي قاعات العرض المغلقة وذلك من خلال تمريره إلى الشارع، ثمَّ إباحته وإشاعته إلى ذائقة العامَّة. هذا ما فعله الشبَّان اللبنانيون الواعدون أعلاه، ولكن هذا ليس هو كُلَّ شيء، ذلك أنَّ شبَّانًا وشابَّات واعدات من طلاب معهد وكُلِّيَّة الفنون الجميلة ببغداد قَدِ اضطلعوا بِدَوْر يستحقُّ الإطراء في هذا المجال، وهو مجال «دمقرطة» الفنون من خلال نقلها إلى الشارع والأماكن العامَّة التي تحتضن الغنيَّ والفقير، المثقَّف والجاهل، وذلك من خلال عرض مقاطع مسرحيَّة سريعة ولكن طريفة، لا تخلو من الفائدة التعليميَّة. كانت هذه محاولات مفيدة لتطوير المدينة العربيَّة وبثِّ الحياة فيها؛ لأنَّها طالما عانَتْ من غياب الجَماليَّات المدينيَّة كالحركة والموسيقى واللون. هذا ليس ببعيد المنال، ناهيك عمَّا فعله فنَّان كاظمي شابٌّ (من سكَّان مدينة الكاظميَّة ببغداد) عندما قرَّر اختيار العديد من المساحات والفضاءات القبيحة والصمَّاء (الجدران والحيطان) من أجْل أن تكُونَ لوحات فنيَّة تُبهر المارَّة والمهتمِّين بالأشكال الزهريَّة والألوان، وهكذا تحوَّلت تلك الجدران إلى رسائل جماليَّة ـ اجتماعيَّة مُوجَّهة للمارَّة، إذ إنَّها تُمثِّل حياة الأفراد وسكَّان المدينة من العاملين والكسَبة والمُعلِّمين والطلبة.
هذه أشكال من الأنشطة الفنيَّة التي لا بُدَّ أن ترعاها بلديَّات المُدُن العربيَّة وإداراتها؛ لأنَّ الجَمال لا يُمكِن أن يبقَى حكرًا على المتنزَّهات العامَّة والنافورات والبحيرات الاصطناعيَّة في مُدُن نصف صحراويَّة تعاني العطش وهي تطلُّ على الأنهار والخلجان والبحار، كما هي عليه حواضر الخليج العربي، إذ ترى رؤوسها في الصحراء بَيْنَما تغسل مياه الخليج أقدامها. إنَّها دعوة مخلِصة لتحرير الفنون المسرحيَّة وسواها من الفنون الجميلة من خلال إتاحتها وإشاعتها للجميع على نَحْوٍ ديمقراطي خالٍ من التمييز الطبقي أو الفئوي!
بل إنَّ هناك من الفنَّانين الذين لَمْ يكتفوا بذلك، فحاولوا أن يخرجوا الفنون الشَّائعة في المُدُن نَحْوَ الأرياف والقرى على سبيل توسيع مدارك أبناء الريف والمحرومين من فنون المُدُن؛ كَيْ لا تكُونَ هذه الفنون الجميلة قصرًا وحكرًا على سكَّان الحواضر الكبيرة فقط!
أ.د. محمد الدعمي
كاتب وباحث أكاديمي عراقي

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: من خلال

إقرأ أيضاً:

الوثائقية تروج لفيلم الزعيم بمشاركة نجوم الفن المصري وعرضه قريبا.. فيديو

كشف قطاع الإنتاج الوثائقى بشركة المتحدة للخدمات الإعلامية عن برومو الفيلم الوثائقى "الزعيم"، والمقرر عرض الجزء الأول منه على شاشة قناة "الوثائقية" قريبًا.

يوثق الفيلم شهادات من نجوم الفن المصري عن الزعيم عادل إمام، وأعماله وشخصيته القوية فى التمثيل، كما يعرض الفيلم الوثائقى لقطات من أفلامه.

ويؤكد النجوم خلال الفيلم أن عادل إمام شخص استثنائى وفنان استثنائى، وانه لن يتكرر مرة أخرى فى عالم الفن. 

ويوثق الفيلم حياة النجم المصري عادل إمام، منذ نشأته في حي السيدة عائشة بوسط القاهرة، خلال أربعينيات القرن العشرين، ابنًا أصيلًا من أبناء الطبقة الوسطى المصرية، مستعرضًا بدايات ظهور موهبته الفنية داخل مدرستي "الحلمية الابتدائية" و"بنبا قادن الثانوية"، ثم على مسرح كلية الزراعة بجامعة القاهرة.

ويتناول الفيلم المحطات الفنية المهمة في مشوار عادل إمام مع احترافه التمثيل، بدايةً من تألقه الفني المبكر خلال الستينيات، مرورًا بصعود نجوميته في حقبتي السبعينيات والثمانينيات، وصولًا إلى بريقه الفني الطاغي في مرحلة التسعينيات، التي قدم فيها مجموعة من الأفلام المهمة، ناقشت قضايا اجتماعية وسياسية متنوعة.

ويبرز الفيلم الدور السياسي والاجتماعي والثقافي الذي قام به عادل إمام، داخل مصر، وعربيًّا ودوليًّا أيضًا، ومواجهته للجماعات الإرهابية والمتطرفة، وتفاصيل محاولات اغتياله عقب زيارته إلى أسيوط، ويقدم شهادات موثقة، ومادة أرشيفية يظهر بعضها تليفزيونيًّا لأول مرة، كما يجيب عن تساؤلات مهمة، منها: كيف استمر عادل إمام متربعًا على عرش الفن المصري والعربي أكثر من نصف قرن؟

 







مشاركة

مقالات مشابهة

  • أبرزهم فيفي عبده وسوزان نجم الدين وخالد زكي.. نجوم الفن في حفل زفاف نجل رجل الأعمال مصطفى العربي وابنة أمل رزق
  • برشلونة يحصد ثمار «الكرة الجميلة» و«القوة المدمرة»!
  • نشرة الفن| 50 صورة جديدة من حفل زفاف هيا كتكت وآدم العربي .. مفاجأة في وعكة مصطفى كامل الصحية
  • افتتاح معرض مسابقة «الفن هو النَفَس» في رأس الخيمة
  • محمد الشرنوبي يتعاون مع أصالة في أجدد ألبوماتها «ضريبة البعد»
  • أتوبيس الفن يقدم جولة ثقافية للأطفال بمحمية قبة الحسنة بأبو رواش
  • دار الارتقاء تعزز ثقافة الفنون في محافظة الداخلية
  • “أسس ترميم المخطوطات والوثائق” ورشة تخصصية في بينالي الفنون الإسلامية
  • «بيئة» تطلق في الشارقة المعرض الفني «نسيج: خيوط من الأمل»
  • الوثائقية تروج لفيلم الزعيم بمشاركة نجوم الفن المصري وعرضه قريبا.. فيديو