الخط العربي والعمارة يجتمعان في «ديواني» الشارقة
تاريخ النشر: 17th, August 2024 GMT
رأس الخيمة (الاتحاد)
نظمت جمعية الإمارات للتنمية الاجتماعية برأس الخيمة، زيارة ثقافية إلى مبنى «ديواني» في إمارة الشارقة، الذي يعد تحفة معمارية وأيقونة عصرية تجمع بين التراث والمعاصرة، بهدف إلهام المشاركين وتعريفهم بجماليات الخط العربي وفنون العمارة المعاصرة، حيث يضم «ديواني» أكثر من 200 عمل فني شارك في إبداعها ما يزيد على 85 خطاطاً وفناناً.
يمتاز هذا المبنى بدمجه الفريد بين فن الخط العربي والعمارة الحديثة، ما يجعله رمزاً للثقافة والفن العربي الأصيل.
شارك في الزيارة 25 مشاركاً من مختلف أفراد المجتمع المهتمين بالفنون والعمارة. كان في استقبال الوفد الفنان والمصمم الإماراتي هشام المظلوم، صاحب فكرة وتصميم «ديواني»، والذي استلهم من منزله لغة تحاكي ثقافته وفلسفته وحياته.
أشار المظلوم إلى أن فكرة «ديواني» نبعت كفكرة تجسد تلازم فن العمارة والخط العربي. وأكد أن كل تفاصيل المبنى، سواء من الخارج والداخل قد درست بعناية لتبرز هذا التلازم، حيث تم استخدام ثلاثة اتجاهات في الخط، هي الخط الأصيل للأعمال القديمة مثل الثلث والنسخ، والتجربة الحديثة، بالإضافة إلى التجربة المعاصرة، مما أضفى على «ديواني» بُعداً فنياً ومعمارياً متفرداً.
ثلاث جوائز
أضاف المظلوم أن «ديواني» حصل على ثلاث جوائز: الأولى جائزة أفضل تصميم عمارة معاصرة ضمن جوائز «لوب للتصميم»، والثانية لأفضل تصوير فوتوغرافي لمبنى معاصر ضمن جوائز «رؤية أرجايز» في الولايات المتحدة، والثالثة جائزة أفضل مبنى لعام 2024 من دائرة التخطيط والمساحة بحكومة الشارقة.
وأشار إلى أن هذه الجوائز تعكس نجاح مشروع «ديواني» في تحقيق فكرة مزج الخط العربي بالعمارة المعاصرة
خلال الجولة، استعرض المظلوم للوفد المشارك في الزيارة مجموعة من أبرز الأعمال الفنية التي يضمها «ديواني»، مشيرًا إلى أن المبنى يمثل معجماً تاريخياً مكثفاً للخط العربي بجميع مدارسه واتجاهاته. ومن بين الأعمال المميزة التي يحتويها المبنى، أشار إلى مجموعة من الأعمال الخطية العريقة التي تعود إلى رواد الخط العربي من مختلف البلدان الإسلامية.
تعزيز الوعي
أكد خلف سالم بن عنبر، مدير عام جمعية الإمارات للتنمية الاجتماعية، أن تنظيم الزيارة الثقافية إلى مبنى «ديواني» يأتي في إطار حرص الجمعية على تعزيز الوعي الثقافي والفني بين أفراد المجتمع.
وقال ابن عنبر: «إن اختيارنا لمبنى 'ديواني' كوجهة لهذه الرحلة لم يكن مصادفة، بل لأنه يمثل نموذجاً مميزاً يجسد التلازم بين الأصالة والحداثة، ويعكس أهمية الحفاظ على التراث الثقافي والفني الإماراتي ونقله للأجيال القادمة».
وأضاف ابن عنبر: «نحن في جمعية الإمارات للتنمية الاجتماعية نؤمن بأهمية الفن كأداة للتواصل والتعبير عن الهوية الثقافية. مبنى 'ديواني' يعتبر مثالاً حياً على كيف يمكن للفن أن يجسد روح المجتمع وثقافته، وكيف يمكن للخط العربي، الذي هو جزء من تراثنا الغني، أن يجد مكانه في عمارة المستقبل».
واختتمت الزيارة بجولة حرة أتاحت للمشاركين الفرصة للتفاعل مع الأعمال الفنية عن قرب، حيث أعربوا عن إعجابهم الكبير بما رأوه من إبداع وتميز في هذا الصرح الفني. وأشادوا بالجهود التي تبذلها جمعية الإمارات للتنمية الاجتماعية في تنظيم مثل هذه الفعاليات التي تساهم في تعزيز الروح الثقافية ونشر الوعي بأهمية الحفاظ على التراث الفني الإماراتي.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: جمعية الإمارات للتنمية الاجتماعية جمعیة الإمارات للتنمیة الاجتماعیة الخط العربی
إقرأ أيضاً:
الخط الرسمي للدولة.. لماذا تحتاج مصر إلى «صوت بصري موحد»؟
في عالم أصبحت فيه التفاصيل الصغيرة تصنع الانطباع الكبير، لم يعد شكل الوثيقة الحكومية مجرد تنسيق طباعي، بل أصبح جزءًا أساسيًا من هوية الدولة ومصداقيتها، فحين تختلف الخطوط بين وزارة وأخرى، أو تتباين القوالب والتنسيقات، تبدو الدولة وكأنها تتحدث بصوت بصري متفرق، حتى لو اتحدت في مضمون رسائلها، أما عندما تعتمد لغة بصرية واحدة، فإن ذلك يعكس الانضباط والمهنية ويعطي للمؤسسات حضورًا واضحًا أمام الداخل والخارج.
هذا الموضوع لم يعد قضية محلية أو هامشية، بل حسمته دول كبرى، فقد قررت وزارة الخارجية الأميركية مؤخرًا العودة إلى استخدام Times New Roman بعد فترة من اعتماد Calibri. القرار لم يكن جماليًا فقط، بل رسالة بأن الوثائق الرسمية يجب أن تحمل طابعًا كلاسيكيًا صارمًا يعكس «مهنية الدولة ورَصانتها».
هذه الخطوة أعادت النقاش عالميًا حول أن «الشكل» هو جزء من جوهر الدولة الاتصالى، وأن الجدية يمكن أن تبدأ من الحرف ذاته، فحين تُدرك الدول أهمية التفاصيل، تتحول الخطوط إلى أدوات لإعلان الهوية والاتساق والقوة المؤسسية.
في مصر، تتعدد القوالب الرسمية بين الوزارات، وتختلف خطوط الكتابة داخل المؤسسة الواحدة أحيانًا، واحيانا أخرى باختلاف الوزراء وتفضيلاتهم، وهو ما يخلق ضوضاء بصرية غير مبررة، ويضعف فكرة الدولة الموحدة.، هذا التباين لا يربك القارئ فحسب، بل يضر بعمليات الأرشفة الرقمية المعتمدة على التناسق الموحد للخطوط والأحجام والعناوين، وهو ما يجعل الحاجة إلى معيار وطني في هذا الشأن مسألة تنظيمية تتعلق بالحوكمة وليس بالزخرفة.
كما أن هذه الخطوة تأتي متسقة مع التحول الهيكلي الجاري في مصر، حيث اتجهت الدولة إلى توحيد شكل مقار الوزارات والآليات المنظمة للعمل الحكومي بعد الانتقال إلى العاصمة الإدارية الجديدة، فالهوية البصرية للوثيقة الحكومية يجب أن تواكب هذا التوحيد العمراني والمؤسسي، لتظهر الدولة بوجه واحد ليس فقط في البنيان، بل في كل ما يصدر عنها مكتوبًا ومطبوعًا.
أقترح أن تتبنى الدولة خط Simplified Arabic كخط عربي رسمي للمراسلات الحكومية اليومية، نظرًا لسهولة قراءته، ووضوح حروفه، وملاءمته لذوي الإعاقة البصرية، إلى جانب توافقه التام مع أنظمة التشغيل والمنصات الرقمية الحكومية. وفي المقابل، يمكن استخدام Times New Roman في الوثائق الإنجليزية، بحيث تتحدث مصر بصوت بصري موحّد أمام الخارج أيضًا. ويمكن أن يكون لخبراء الخطوط آراء أخرى تكون جديرة بالنقاش.
ومع ذلك، تبقى بعض الوثائق ذات حساسية عالية كالمعاهدات والقرارات التاريخية بحاجة إلى طابع كلاسيكي يعكس الإرث الثقافي للخط العربي، مثل Amiri أو Scheherazade New. بذلك تتوازن الدولة بين العملية في التعامل الإداري اليومي والهيبة في اللحظات الرسمية الكبرى، فلا تفقد أصالة الحرف ولا حداثة الوظيفة.
ولا ينحصر الأمر في اختيار الخط فقط، بل يشمل منظومة القوالب الرسمية: المسافات بين السطور، والهوامش، وحجم الخطوط، وترتيب العناوين، ومواقع التوقيع والختم. هذه التفاصيل تعكس احترامًا للمعلومة ومتلقيها، وتشير إلى أن كل ما يصدر باسم الدولة يحمل قدرًا متساويًا من الانضباط والاحتراف. الدراسات الاكاديمية تشير إلى أن توحيد معايير التنسيق يرفع كفاءة العمل وجودة الرسائل الرسمية بنسبة ملحوظة، ويوحّد الصورة الذهنية للمؤسسة لدى الجمهور.
إن إصدار دليل وطني ملزم للقوالب الرسمية، وتدريب الموظفين عليه، يمثل خطوة بسيطة في تكلفتها… كبيرة في أثرها. فالدولة التي تكتب بخط واحد، وتظهر بشكل واحد، وتلتزم بهوية بصرية واضحة، تعلن رسالتها بدون كلمات إضافية: نحن مؤسسة قوية، متماسكة، تعرف ما تقول… وكيف تكتب ما تقول.
إن توحيد الخط الرسمي ليس ترفًا إداريًا، بل تعبير عن احترام الدولة لرسائلها ولمواطنيها. وهو خطوة ضرورية نحو بناء صورة بصرية وطنية متماسكة تليق بحضور مصر الدولي، وتؤكد أن الجدية يمكن أن تبدأ من أول حر ومن أول سطر.
يوسف ورداني مدير مركز تواصل مصر للدراسات - مساعد وزير الشباب والرياضة السابق
اقرأ أيضاًالاتحاد الدولي للصحفيين يقدم شكوى في فرنسا احتجاجا على عرقلة ممارسة حرية الصحافة فى غزة والضفة
محافظ القاهرة: مكتبة «اقرأ نون السحار» نموذج لنشر الوعي وبناء الثقافة في الأحياء
«الوطنية للصحافة» تطلق اسم الكاتبة سناء البيسي على جائزة التفوق الصحفي