بي إم دبليو تختبر روبوتا شبيها بالبشر في الإنتاج
تاريخ النشر: 22nd, August 2024 GMT
في خطوة جديدة تشير إلى سرعة تطور الروبوتات في المنشآت الصناعية، بدأت شركة "بي إم دبليو" في اختبار روبوت متطور يشبه الإنسان في أحد مصانعها. وخلال التجارب الأخيرة، نجح هذا الروبوت في وضع أجزاء من الصفائح المعدنية داخل أجزاء هيكل السيارة، ثم تم تركيبها لاحقا في الهيكل، وهي مهمة صعبة تتطلب لمسة إنسانية.
روبوت جديدتطور الشركة الناشئة "فيغر" (Figure) الروبوت الجديد، الذي يحمل اسم "فيغر 02″، وهو الأحدث في سلسلة من الابتكارات التي تهدف إلى أتمتة المهام المعقدة التي ينفذها البشر عادةً في أماكن العمل.
وذكرت الشركة -عبر موقعها- أنها تستخدم الروبوتات الشبيهة بالبشر في عملية الإنتاج لأول مرة. وذكرت أنه خلال فترة اختبار استمرت عدة أسابيع، نجح الروبوت "فيغر 02" في وضع أجزاء الصفائح المعدنية داخل تركيبات خاصة في ورشة تصنيع هياكل السيارات في مصنع مجموعة بي إم دبليو بمدينة سبارتانبرغ، وهي أجزاء يتم تجميعها لتكون جزءا من هيكل السيارة. وتتطلب هذه الخطوة في عملية الإنتاج أن يكون الروبوت حساسا بصورة استثنائية.
كما تذكر الشركة أن استخدام الروبوت قد يريح العاملين من أداء المهام التشغيلية المجهدة والمرهقة. وأوضح ميلان نيدليكوفيتش عضو مجلس إدارة شركة بي إم دبليو المسؤول عن الإنتاج أن "التطورات في مجال الروبوتات واعدة للغاية. ومع بدء الاختبار الأولي، فإننا نستكشف التطبيقات الممكنة للروبوتات الشبيهة بالبشر في مجال الإنتاج. ونسعى إلى مواكبة هذه التقنيات من مرحلة التطوير إلى مرحلة التصنيع".
يختلف استخدام الروبوتات الشبيهة بالبشر عن باقي الروبوتات الصناعية في إمكانية استخدامها في تطبيقات تجارية وربما منزلية. فعلى عكس الروبوتات الصناعية التقليدية، التي تقتصر مهمتها غالبًا على تنفيذ الأعمال المتكررة داخل بيئة خاضعة للرقابة البشرية، يجري تطوير الروبوتات الشبيهة بالبشر مثل الروبوت "فيغر 02" للتفاعل مع الإنسان والعمل بصورة مستقلة والتكيف مع بيئات عمل أكثر ديناميكية وغير متوقعة.
مثلا، إحدى أبرز مميزات الروبوت الجديد هي قدرته على التواصل اللفظي مع البشر، التي توفرها تقنيات شركة "أوبن إيه آي". كما يتيح النموذج اللغوي البصري المدمج في الروبوت إمكانية الاستنتاج القائم على الرؤية، وهو عنصر أساسي في امتلاكه لإمكانات المنطق السليم. تشير تلك التطورات الملحوظة إلى أن الروبوتات الشبيهة بالبشر يمكنها قريبًا أن تتولى وظائف تتجاوز أرض المصنع، وربما تدخل في مجالات مثل خدمة العملاء والرعاية الصحية وحتى البيوت.
اختبار هذا الروبوت الشبيه بالبشر في مصنع شركة بي إم دبليو ليس حدثا منعزلا، بل هو جزء من توجه أوسع في صناعة الروبوتات. وربما أشهر روبوت جذب الأنظار مؤخرا كان روبوت شركة تسلا، ولكن تتحرك عدة شركات أخرى مثل هيونداي تحركات إستراتيجية في هذا المجال على مدار سنوات، وظهرت مثل هذه التحركات في استحواذها على شركة تطوير الروبوتات "بوسطن دينامكس".
وفي يوليو/تموز الماضي، أشار تقرير في "سي إن بي سي" إلى أن وادي السيليكون يشهد حاليا موجة جديدة من انتشار الروبوتات الشبيهة بالبشر التي يدعمها الذكاء الاصطناعي، وسط توقع الخبراء بأن تُستخدم تلك الروبوتات في مواجهة نقص الأيدي العاملة على مستوى العالم.
وتستثمر شركات التقنية الكبرى، مثل تسلا وأمازون ومايكروسوفت وإنفيديا، مليارات الدولارات في تطوير تلك الآلات الحديثة التي تُستخدم حاليًا في أعمال المستودعات، لكنها تملك القدرة على العمل جنبا إلى جنب البشر داخل بيئات عمل مختلفة، منها المنازل والمكاتب.
تُصمم تلك الروبوتات الشبيهة بالبشر لمحاكاة حركات الإنسان وأداء المهام التي ينفذها البشر عادة. يدعم قادة صناعة التقنية هذه الروبوتات بصورة ملحوظة، ومن أشهرهم بالطبع إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة تسلا، الذي يعبر عن حماسه الدائم للروبوت الذي تنتجه شركته وتطلق عليه اسم "أوبتيموس".
يعتقد ماسك أن بإمكان الروبوت "أوبتيموس" إحداث ثورة في الصناعات المختلفة، وأنه سيسهم بصورة هائلة في ارتفاع القيمة السوقية لشركة تسلا لتصل إلى 25 تريليون دولار في المستقبل، وفق تصوره، مؤكدا أن تلك الروبوتات ستؤدي دورا حيويا في حياة البشر اليومية في المستقبل، ويرى أنها ستغير حياتنا أكثر مما فعلت السيارات بكثير.
أما بالنسبة لشركة أمازون، فهي تضخ استثمارات بكثافة في هذه التكنولوجيا أيضا، إذ تدعم شركة "أجيليتي روبوتكس"، وتستخدم أمازون الروبوت "ديجيت" الذي تطوره الشركة في مراكز تسليم الطلبيات.
كذلك تعكس توقعات السوق هذا الحماس للروبوتات الجديدة، إذ يقدر محللو بنك غولدمان ساكس أن سوق هذه الآلات قد يصل إلى 38 مليار دولار خلال العقدين المقبلين، ويتوقعون أن تصبح الروبوتات الشبيهة بالبشر أساسية في مجالات التصنيع، وتنفيذ الأعمال الخطرة، ورعاية المسنين، والتخفيف من مشكلة نقص العمالة في المصانع.
يطرح استخدام هذه الروبوتات في مجال الصناعة أسئلة مهمة حول مستقبل العمالة. وفي حين تقتصر تجربة شركة بي إم دبليو حاليًا على مصنع واحد، إلا أن نجاح دمج تلك الروبوتات قد يؤدي إلى اعتمادها على نطاق أوسع في مختلف القطاعات الصناعية، وقد يثير هذا الاحتمال على الأرجح مخاوف البشر خاصة مع احتمال فقدانهم وظائفهم.
ومع ذلك، تجدر الإشارة أيضا إلى أن إنتاج هذه الروبوتات المتطورة سيتطلب بدوره قاعدة تصنيع ضخمة، مما قد يخلق فرص عمل جديدة في صناعة الروبوتات نفسها. ومع استمرار تطور هذه التقنية، فإن العلاقة بين البشر والروبوتات في مكان العمل ستحتاج على الأرجح إلى إعادة صياغة.
وبينما نشهد أولى مراحل دخول الروبوتات إلى البيئات الصناعية، فإن الآثار المتوقعة في المستقبل ستكون واضحة وعميقة. فربما بعد مرور عقد من الآن، قد ننظر إلى هذه اللحظة الحالية على أنها علامة فارقة في تطور مجال الأتمتة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الروبوتات الشبیهة بالبشر شرکة بی إم دبلیو تلک الروبوتات الروبوتات فی التی ینفذها بالبشر فی فی مجال التی ت
إقرأ أيضاً:
شاهد الأب الروحي للذكاء الاصطناعي يحذر من خطره على البشر
يقف العديد من العلماء خلف ظهور تقنيات الذكاء الاصطناعي بالشكل الذي نعهده اليوم، ومن أبرزهم يوشوا بنجيو الذي ساهمت أبحاثه بشكل كبير في تطوير شبكات التعلم العميق والشبكات العصبية الصناعية، وهي التي شكلت بذرة الذكاء الاصطناعي، لذلك يصفه الكثيرون بأنه الأب الروحي للذكاء الاصطناعي.
كما أن يوشوا بنيجو يعد أكثر عالم تم اقتباس أحاديثه والإشارة إليها في الأبحاث المختلفة المتعلقة بعلوم الحاسب والذكاء الاصطناعي، وهو صاحب أعلى نتيجة في مؤشر الثقل والتأثير العلمي في مجال الذكاء الاصطناعي.
ألقى بنجيو مؤخرًا محاضرة قصيرة ضمن فعاليات مؤتمر "تيد" (TED) حول مخاطر الذكاء الاصطناعي والتطور الذي وصل إليه بشكل كبير، وخلالها وضح جزءًا كبيرًا من المخاطر المتعلقة بالذكاء الاصطناعي وتطوره بالشكل الحالي.
الذكاء الاصطناعي خطره يتعدى تهديد الوظائفيشير بنجيو في محاضرته إلى مجموعة من المخاطر المتنوعة التي تأتي من الذكاء الاصطناعي، وقسمها بين مخاطر قريبة الأمد وأخرى بعيدة، ومن بين المخاطر القريبة التي أشار إليها هو سرقة الوظائف، فضلًا عن توليد الشائعات والترويج لها بشكل أقرب إلى الحقيقة.
ومن بين المخاطر التي تحدث عنها بنيجو هي استخدام الذكاء الاصطناعي لبناء الأسلحة من قبل الإرهابيين أو عامة الشعب على حد سواء، مشيرًا إلى ارتفاع احتمالية حدوث هذا الأمر وفق تقرير عن هذه الاحتمالية في أنظمة "أوبن إيه آي".
إعلانويذكر أن بنجيو قام بالتوقيع على عريضة لإيقاف التطور السريع للذكاء الاصطناعي إلى جانب مجموعة من المعارضين والمتخوفين من هذه السرعة، وفي هذه العريضة أشار بنجيو بصفته أحد أبرز علماء الذكاء الاصطناعي إلى أن هذه التقنية قد تؤدي إلى انقراض البشرية كما نعرفها.
خط رفيع بين البشر والذكاء الاصطناعيويرى بنيجو أن ما يفصلنا عن الذكاء الاصطناعي الحالي هو خط رفيع للغاية يتمثل في غياب الحرية والاستقلالية لدى تقنيات الذكاء الاصطناعي، وذلك لأن الذكاء الاصطناعي الحالي لا يستطيع التفكير والتخطيط بشكل كامل مثل البشر.
ولكن سرعة تطور الذكاء الاصطناعي تخيف بنجيو، إذ يرى أن نماذج الذكاء الاصطناعي تتطور بشكل سريع في قدراتها والمهام التي تستطيع إنجازها، ومن بينها التخطيط بشكل بسيط، لذا يتوقع بأن يصل الذكاء الاصطناعي قريبًا إلى نقطة الحرية الكاملة والقدرة على وضع خطط طويلة الأمد تتجاوز قدرات البشر.
وفي خضم حديثه أشار إلى دراسة نشرت من قبل معهد "أبولو" (Apollo) للدراسات، وقد وجدت هذه الدراسة أن نماذج الذكاء الاصطناعي تميل إلى الكذب والخداع من أجل حماية نفسها من المخاطر التي تهدد وجودها وتقوضه.
اختتم بنجيو حديثه بأن عمليات تطوير الذكاء الاصطناعي والتجارب التي تتم عليه تتعامل مع مخاوف الحرية الكاملة للذكاء الاصطناعي بشكل مهمل وغير جاد أو مدرك للخطر المحدق بمثل هذه التقنية، إذ يرى بنيجو أن الشركات تحاول جاهدةً تطوير الذكاء الاصطناعي بشكل يعطيه الحرية الكاملة التي قد تفضي إلى انقراض البشر.