الجزيرة:
2025-05-05@13:00:22 GMT

الصالون الأدبي.. من ولّادة إلى مي زيادة

تاريخ النشر: 24th, August 2024 GMT

الصالون الأدبي.. من ولّادة إلى مي زيادة

بين هاتين الأديبتين مشتركات يمكن إيجازها في نقطتين: زاوية الميل والاهتمام، وسلطان "الجذب العام"، فكلتاهما كان لها -بلغة عصرنا- "بريد مراسلات" مفعل، وحساب تفاعلي مثقل بـ "طلبات الصداقة" المجابة على سجل الصالون، المغلق دونها باب القلب، وكلتاهما كانت صاحبة مثابة أدبية، تهوي إليها أفئدة أدباء عصرها.

اتخذت الأميرة الأندلسية ولادة بنت المستكفي من صحن بيتها مركزا ثقافيا مزدوجا، فأقامت به "صالونا أدبيا"، وأسست فيه معهدا نسويا للآداب وفنون العود.

أما الآنسة الفلسطينية اللبنانية مي زيادة فقد كان لها صالون أدبي مشهور، ينظر إلى صالون ولادة ويضارعه في النخبوية، مع فارق ألقاب بسيط، فرواد "صالون" ولادة كانوا وزراء ذوي سلطة سياسية، ورواد صالون مي كانوا أمراء بيان أدبي.

ولم يك ينقص الفريقين -ولا أميرتيهما- النبوغ البياني ولا الإنتاج الأدبي، فهم في ذلك سواء، كما أن القاسم المشترك لم يقف عند هذا الحد، بل بدا أن فتاة قرطبة ونظيرتها الشامية قد نصبتا صالونيهما ليكونا -مصادفة أو ترصدا- ميدان تنافس على عرش قلبيهما، لـ"يلهب" -في معركة الاستئثار- من ألهب عن هوى، و"يلهم" من ألهم عن جوى.

وما علينا من قصة الأول من شيء، فحدود "مردوديتها" حنايا أضلعه المستعرة، بل حسبنا من قصة الثاني ما أثمرت من ناضر الإنتاج الخالد ومزهر الأدب المحفوظ، فقد كان للمكتبة العربية والساحة الأدبية من ذلك مخرج عطاء، أمارته -في نسخة ولادة- المشجاة الشعرية السائرة (نونية ابن زيدون)، وآيته -في نسخة مي زيادة- بوح خاطر ووحي قريحة وصل فيهما شاحن الإعراب بكهرباء الإلهام، ليتفرق مداد الإنشاء والإنشاد بين رجال صالونها الأدبي، ثم لتكون -للقارئ- من وحي ذلك البعد الموجع قصيدة ابن زيدون المعجبة: "أضحى التنائي.."، وثلاثية الرافعي المعجزة: "رسائل الأحزان" و"أوراق الورد" و"السحاب الأحمر".

على أن نقاط الاتفاق وملامح التطابق بين نسختي صراع الأدباء على قلبي الأديبتين الأثيرتين مضت على وجهها إلى نهاية حياتيهما اللتين ختمتا بالمفارقة الحرى ذاتها: انفراط عقد الصالون الأدبي السامر -الذي افتتحته فراشة قرطبة وفراشة الناصرة- دون أن يسفر التنافس عن ترجمة الحب إلى زواج، مع اختلاف في مستوى الفجيعة، حيث غالبت ولادة فراغ ابن زيدون ولم تشأ أن تسده، حتى توفيت على فراش الكبر في قرطبة.

أما مي زيادة فقد فجعت بأحظى المتنافسين على قلبها بعد طول مراسلة، لتموت على فراش الذبول، بعد مقاساة عاشتها بين محبس الحجر الأهلي وسرير المرض النفسي، في مأساة شفت "جمهورها"، وأرق لها ذوو ودها، واختصرتها هي -في مذكراتها- بعبارة أقرب إلى "التدوينة الشارحة" ونفثة المودع، حين كتبت:

"باسم الحياة ألقاني الأقارب في دار المجانين.. أحتضر على مهل، وأموت شيئا فشيئا".

لترتسم على شاهد قبرها -بالقاهرة- شهادة عصرها في حقها أن: "هنا ترقد نابغة الشرق، زعيمة أديبات العرب، المثل الأعلى للأدب والاجتماع".

على حين نقش على "نصب حب" ولادة -بساحة "مارتيليه" في قرطبة- بيتان ينسبان لها اتخذا تذكارا شعريا للارتباط الذهني بين اسمي ولادة وابن زيدون:
"أغار عليك من عيني ومني
ومنك ومن زمانك والمكان
ولو أني خبأتك في عيوني
إلى يوم القيامة ما كفاني".

ربكم أعلم هل هما من شعرها أم منتحلان عليها، ليكونا نصا يخدم التمثال المنتصب ليدين متناجيتين ترمزان لعلاقة الحب المعلق، التي اجتمعا عليها قبل أن "ينوب عن طيب لقياهما تجافيهما"، ولئن كان طرفا العلاقة -في آخر حياتهما الجامعة- بعيدين على قرب، لقد ظل "جبران مي" قريبا على بعد، لكن "المسافة الجغرافية" ملغاة في الحالين، وهنا يكمن الاتفاق، رغم اختلاف شكل التجاوب النهائي.

ومع أن انطفاء حظ الاقتران بين جبران ومي جاء بعدما ضاقت دائرة التنافس الأدبية، ولم تكن وراءه خلفية تدبير كيدي، فإن خيوط التنافس على قلب ولادة تشابكت واستحكمت، لينتهي المطاف بابن زيدون مقصى مبعدا، وما أبرئ السياسة من تكدير صفو علاقتهما.

وللتاريخ حكمته حين يجعل ما كان أقرب توقعا منذ البداية أبعد ما يكون تحققا في النهاية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات

إقرأ أيضاً:

التعليم العالي يطلق أولى فعاليات صالون القادة الثقافي لبناء وعي طلاب الجامعات

شهد الدكتور أيمن عاشور وزير التعليم العالي والبحث العلمي، انطلاق فعاليات "صالون القادة الثقافي - الملتقى الحواري لبناء الوعي"، الذي نظمه قطاع الأنشطة الطلابية ومعهد إعداد القادة خلال الفترة من 4 إلى 8 مايو الجاري، بمقر معهد إعداد القادة، بحضور الدكتور كريم همام مستشار الوزير للأنشطة الطلابية ومدير المعهد، والفنان سامح حسين، ولفيف من طلاب الجامعات الحكومية والأهلية والتكنولوجية والخاصة والمعاهد العليا.

وأكد الدكتور أيمن عاشور وزير التعليم العالي والبحث العلمي أهمية تعزيز الوعي لدى طلاب الجامعات والمعاهد، باعتبارهم طاقة الوطن ومحرك مستقبله، مشيرًا إلى أن هذا الملتقى يمثل منصة فكرية وحوارية تعزز من وعي الشباب وتفتح أمامهم آفاقًا جديدة لفهم التحديات الوطنية والإقليمية.

عاشور: الإطار المرجعي الاسترشادي خارطة طريق لتطوير التعليم العاليوزير التعليم العالي: 50 مشروعًا للطلاب مؤهلًا لدعم صندوق رعاية المبتكرين

وأشار الدكتور أيمن عاشور إلى أن الوزارة تولي اهتمامًا كبيرًا بتنفيذ الأنشطة الطلابية في الجامعات؛ للمساهمة في بناء شخصية الطلاب، وتعزيز قيم التعايش والتسامح والمحبة بينهم، وترسيخ قيم الولاء والانتماء، وبناء وعي طلاب الجامعات والمعاهد المصرية.

وثمّن الوزير مشاركة الفنان سامح حسين في فعاليات الصالون الثقافي، مؤكدًا أهمية دور الفن الهادف في تشكيل الوعي وتعزيز الانتماء والمواطنة لدى الشباب.

وأعلن الوزير عن الانطلاق الرسمي لـ"صالون القادة الثقافي" في الجامعات والمعاهد المصرية، مؤكدًا أن هذا الحدث هو الأول ضمن سلسلة من اللقاءات الدورية التي ستُعقد في الجامعات المصرية المختلفة على مدار العام، بمشاركة قامات فنية وفكرية وثقافية مؤثرة، تتحاور مع الطلاب، وتُسهم في بناء وعيهم وتطوير معارفهم، في إطار رؤية وطنية تؤمن بأن الشباب هم ركيزة الجمهورية الجديدة، وأن الحوار هو بوابة التغيير الحقيقي.

من جانبه، أوضح الدكتور كريم همام مستشار الوزير للأنشطة الطلابية ومدير معهد إعداد القادة أن صالون القادة الثقافي يأتي في إطار تنفيذ إستراتيجية الوزارة لتنمية وعي الطلاب على كافة المستويات، وتعزيز مشاركتهم في القضايا الوطنية، في إطار رؤية الدولة لتمكين الشباب وتحصينهم ضد الفكر المتطرف، وتحت مظلة التعاون المثمر بين قطاع الأنشطة الطلابية ومعهد إعداد القادة.

وأشار الدكتور كريم همام إلى أن البرنامج يتضمن محاضرات تسهم في تنمية الثقافة السياسية والوطنية لدى الطلاب، ومن أبرزها محاضرة حول الأمن القومي المصري ومخاطر الفكر المتطرف، وأخرى حول مهارات القيادة في بيئات الابتكار، إلى جانب عرض تفصيلي للخطة الإستراتيجية لصندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي بالجامعات والمعاهد، بما يحقق اندماجًا حقيقيًا للطلاب مع قضايا المجتمع.

وشهد الصالون عرض فيلم قصير بعنوان "أجيال بتسلم أجيال"، تبعه لقاء مفتوح مع الفنان سامح حسين، الذي قدّم نموذجًا ملهمًا للفنان الواعي صاحب الرسالة، كما شهد الصالون حوارًا أبويًا بين الدكتور أيمن عاشور وعدد من طلاب الجامعات والمعاهد المصرية، عبّر فيه الطلاب عن وعيهم واهتمامهم الحقيقي بقضايا التعليم وبناء الشخصية الوطنية، كما وجّه الطلاب عددًا من الأسئلة للفنان سامح حسين حول عدد من المحاور الثقافية والفنية المرتبطة ببناء الوعي، والالتزام بالهوية والقيم في الأعمال الفنية.

في الختام، كرّم الدكتور أيمن عاشور الفنان سامح حسين، تقديرًا لإسهاماته الفنية الهادفة، وخاصة برنامجه الأخير "قطايف"، ولدوره الكبير في تقديم نموذج للفنان الواعي الذي يوظف فنه لخدمة قضايا الوطن، ونشر القيم الإيجابية بين الشباب.

طباعة شارك التعليم العالي وزارة التعليم العالي البحث العلمي

مقالات مشابهة

  • الصالون الدولي للبناء ومواد البناء.. قرانيتكس تساهم بـ 20 بالمائة في السوق الوطنية
  • مبادرة «عينية عيالنا» تحتفي بالمبدعين الصغار في «أبوظبي للكتاب»
  • التعليم العالي يطلق أولى فعاليات صالون القادة الثقافي لبناء وعي طلاب الجامعات
  • الوكيل الأدبي.. مبادرة سعودية لتعزيز صناعة النشر
  • عروس بفستان الزفاف تدلي بصوتها داخل مركز اقتراع
  • اختتام فعاليات ملتقى إبداع الطلاب الأدبي بالداخلية
  • نهاية مايو.. جدول امتحانات الثانوية الأزهرية 2025 للقسمين الأدبي والعلمي
  • جدول امتحانات الثانوية الأزهرية 2025 للقسمين الأدبي والعلمي
  • ولادة طفلة بلا دماغ في غزة .. مع تزايد ظاهرة تشوه الأجنة في القطاع
  • تنظيم الصالون الدولي الأول للكهرباء والطاقات المتجددة في نوفمبر المقبل