لجريدة عمان:
2025-05-21@00:22:14 GMT

حرب نتانياهو في الشرق الأوسط

تاريخ النشر: 28th, August 2024 GMT

باستمرار ظلت مسألة المفاوضات حول الأسرى الإسرائيليين بين حماس وإسرائيل عبر الوسطاء تراوح مكانها على مدى 10 أشهر. وفي كل مرة يضخ فيها الإعلام تطمينًا للجميع بأن الصفقة ستبرم عبر اتفاق نهائي لا محالة؛ تظهر عقبات إما أن تؤدي إلى تأجيل المفاوضات أو انهيارها، لتكر المسألة مرة أخرى مع تبشير أمريكي جديد بقرب التوصل إلى صفقة، لكن الجميع يتفاجأون بعد ذلك بخيبة أمل متجددة.

من الواضح جدًا - كما صرح أكثر من طرف في المفاوضات - أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو - وحده - من لا يريد لهذه الحرب أن تنتهي إلا بحرب إقليمية كبرى تعفيه من استحقاقات اليوم التالي لوقف إطلاق النار - في حال انتهاء الحرب في غزة دون تداعيات إقليمية.

تشدد نتانياهو، أولاً، بالإصرار على البقاء في معبر فيلادلفيا - الذي تعارض مصر البقاء فيه - ثم بإضافته مزيدًا من الشروط لعرقلة إتمام الصفقة، وصولًا إلى بلوغه خطوطا حمراء لم يبلغها أحد غيره من قبل في إسرائيل، كأمره باغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية في طهران، وكذلك اغتيال الرجل الأول في حزب الله بعد أمينه العام حسن نصر الله (فؤاد شكر) كل ذلك يدل على أن الرجل عالق في مأزق جنوني خطير يتصل بالخوف على مستقبله الشخصي.

وبرغم ارتفاع مستوى شعبية نتانياهو إثر مقتل هنية وشكر، إلا أن المظاهرات عادت مرة أخرى في إسرائيل للمطالبة بإتمام الصفقة من أجل إطلاق سراح الأسرى الذين تحتجزهم حماس في غزة.

كما بدا واضحا من الأنباء التي تفيد بأن نتانياهو ينوي إقالة كل من وزير الدفاع الإسرائيلي وقائد هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، أن نتانياهو ينوي السيطرة على الجيش ليتحكم في قرار الحرب عبر شخصيات مطيعة له في كل من الجيش ووزارة الدفاع.

وحين يقول الجيش الإسرائيلي أنه قد قضى على لواء رفح التابع لحماس في غزة وأن مهمته قد انتهت في غزة، فإن المثير للاستغراب هو؛ كيف يمكن لجيش قضى 10 أشهر في غزة بحثًا عن محاولة لاستعادة الأسرى الذين أسَرَتهم حماس منذ يوم 7 أكتوبر الماضي دون أن يستعيدهم، كيف يزعم أن مهمته انتهت؟

من الواضح جداً أن وراء ذلك الزعم الذي يروج له الجيش الإسرائيلي في انتهاء مهمته في غزة، قرار لنتانياهو بالتخلي عن الأسرى الإسرائيليين في غزة، ما يعني محاولاته المستميتة في الاستمرار بالحرب إما في الجبهة الشمالية بلبنان أو في الضفة الغربية، كما دلت على ذلك مؤشرات كثيرة.

واقع الحال يقول إن نتانياهو أدرك تماماً أن نجاته من المصير الذي ينتظره بعد الحرب هو فقط في إشعال حرب إقليمية يصبح فيها مصيره الشخصي عندئذ تفصيلاً صغيراً مقابل الأهوال التي ستخلفها حرب إقليمية كبرى في المنطقة.

كل المؤشرات تتجه بأنه إما أن يكون الرد الإسرائيلي على إيران (حال قيام الأخيرة بقصف إسرائيل ردا على مقتل هنية) مستدعيا لحرب إقليمية مهما كان الرد الإيراني ناعما (كالذي حدث في أبريل الماضي) أو أن نتانياهو سيتبرع بجريمة أخرى من وزن ثقيل لإشعال حرب إقليمية في المنطقة كاغتيال الأمين العام لحزب الله - حسن نصر الله - وقد سبق لإسرائيل أن اغتالت أمين عام حزب الله السابق عباس الموسوي عام 1992م ففي وجه الأزمات التي تهب على نتانياهو، وآخرها احتمال أزمة دستورية قد تتجه إليها إسرائيل نتيجة لتهربه من إقامة لجنة تحقيق رسمية في الإخفاقات التي رافقت هجوم حركة حماس في السابع من أكتوبر، خوفاً من إدانته بالتقصير، ليس من المستبعد أن يقوم نتانياهو بما يطيل من أمد الحرب، لاسيما وأنه يدرك الوضع المشلول للرئيس الأمريكي جو بايدن، وانشغال الولايات المتحدة بالانتخابات المقبلة.

سيظل نتانياهو يلعب دور المعطل لأي اتفاق يقضي بعودة الأسرى مقابل إطلاق سراح معتقلين فلسطينيين وصولاً إلى لحظة تنفجر فيها التناقضات المؤدية إلى حرب إقليمية بأي سبب من الأسباب التي ذكرناها سابقاً، ليصبح من الوضوح بمكان - كما قلنا من قبل - أن ما حدث في عملية طوفان الأقصى؛ إما أن يؤدي إلى قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة، وهذا ما يبدو مستبعداً في ظل المزاج اليميني المتطرف للمجتمع الإسرائيلي خصوصا بعد عملية طوفان الأقصى، وإما حرب إقليمية يبدو أن نتانياهو هو الشخص الوحيد الذي يريدها في الشرق الأوسط.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: أن نتانیاهو حرب إقلیمیة فی غزة

إقرأ أيضاً:

الرياض عاصمة القرار السياسي في الشرق الأوسط

 

 

علي بن سالم كفيتان

زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى العاصمة السعودية الرياض في جولة شملت الدوحة وأبوظبي كانت بمثابة رسم خارطة جديدة للتحالفات في المنطقة ونهاية للفتور في العلاقات بين الرياض وواشنطن في عهد الرئيس السابق جو بايدن؛ حيثُ طغت لغة المال على لغة السياسة، ولا شك أنَّ سمو الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء بالمملكة العربية السعودية، يعرف فك شفرة الرئيس ترامب وقدَّم المملكة برؤيتها الجديدة للعالم من باب المال والأعمال.

والحقيقة السياسية التي بدت من خلف الكواليس تقول لأمريكا إذا أرادت التطور السلام والتنمية والشراكة فبابها هو الرياض التي احتضنت قمة خليجية أمريكية، وإذا أرادت الحروب والدمار وخنق طرق التجارة العالمية، عليها أن تتبع تلابيب وحكومة نتنياهو الإرهابية المتطرفة، التي كلَّفت واشنطن مليارات الدولارات، ورسمت صورة سيئة للولايات المتحدة الأمريكية، التي كانت تنصِّب نفسها حاميةً للحريات وحقوق الإنسان والتعبير عن الرأي. ونعتقد أنَّ الرئيس ترامب كرجل أعمال سينحاز للسلام والتنمية والازدهار الاقتصادي أفضل من لغة الحروب والدمار، ولا نستبعد عقد صفقة مع إيران؛ إذ إنَّ ترامب بات يؤمن أكثر من أي وقت مضى بأنَّ على إسرائيل التي لا تستمع له أن تخوض معركتها منفردة، وأن ذلك جليًا من خلال اتفاق وقف إطلاق النار مع صنعاء بعيدًا عن إسرائيل.

لعلها كانت الفرصة الكاملة لشرح تطلعات منطقة الشرق الأوسط للسلام مع رئيس أمريكي يؤمن بوقف الحروب، ويتبنى لغة الصفقات التجارية بين أمم وشعوب العالم لحل الأزمات، وما حصل عليه خلال جولته هذه كان خير شاهد على اختيار عرب الخليج الشراكة الاقتصادية مع الولايات المتحدة الأمريكية، وهو الباب الذي يُمكن الولوج منه لحل نهائي للقضية الفلسطينية؛ فالرئيس ترامب هو الزعيم الأمريكي الوحيد الذي لديه القدرة على فرض السلام على الكيان الصهيوني في الوقت الحاضر.

إنَّ إقناع الرياض الرئيس ترامب برفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا منذ عقد من الزمن، يُعد اختراقًا كبيرًا للعقلية الأمريكية التي دأبت على إلصاق تهمة الإرهاب بالمشرق العربي الذي عانى من ويلات الحروب والتشريد والحصار؛ فعودة الحياة إلى دمشق مجددًا هي استعادة النبض لعاصمة مُهمة، طالما شكلت محورًا مُهمًا في عالمنا العربي. وكُل مُحب للخير يرى في ذلك إنجازًا عظيمًا حققته هذه الزيارة مهما كانت كلفتها؛ حيث إنَّ عودة سوريا إلى الحضن العربي ورجوع ملايين اللاجئين إلى بلادهم لا يُقدَّر بثمنٍ، ولا شك أن سمو الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز راهن بكل ثقله على ذلك، فما لم تحققه القمم العربية ولا قرارات الأمم المتحدة حققه بن سلمان في صفقة واحدة، وساهم في إحياء قطر عربي رزح تحت الظلم والطغيان لعقود.

العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية مُهمة لكل شعوب العالم؛ كونها القوة العظمى الوحيدة، فقد رأينا توقيع الصين لاتفاق الرسوم الجمركية مع أمريكا والوصول لحل وسط يُرضي الطرفين، رغم قوة الصين وأهميتها الاقتصادية التي تطمح لبلوغ سقف الاقتصاد العالمي، إلّا أنها آثرت الصُلح مع المارد الأمريكي، والتجاور معه بلغة المال التي يُفضِّلها ترامب على لغة التصعيد والحرب الاقتصادية التي سوف تعصف بالعالم وتتسبب في أزمات جديدة. لهذا لا نرى عجبًا ولا استنكارًا أن يتفاهم عرب الخليج بذات اللهجة مع ترامب لحماية استقرار المنطقة ونموها وازدهارها؛ فالكثير من المُنادين بالمناكفة لا يعون العواقب.

للأسف لم تنل القضية الفلسطينية حسب الظاهر الاهتمام الذي توقعناه من هذه الزيارة؛ حيث كنَّا نأمل إعلان اعتراف أمريكي بالدولة الفلسطينية من قلب جزيرة العرب وتراجعها عن حماية الكيان الصهيوني سياسيًا واقتصاديًا وعسكريًا ووقف الحرب الوحشية والتطهير العرقي الممنهج في قطاع غزة وقضم الأراضي في الضفة الغربية. وبيَّنت قطر أنَّها تحمل همَّ هذا الملف وأوصلته بمهنية إلى الرئيس ترامب، وعسى أن نرى تطورًا لافتًا خلال الأيام المقبلة وخاصة بعد إطلاق الأسير الأمريكي الجنسية عيدان ألكسندر كبادرة حُسن نية من حركة المقاومة الإسلامية حماس تزامنًا مع الزيارة.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • نتانياهو ينتقد قادة بريطانيا وكندا وفرنسا لإدانتهم الهجوم الإسرائيلي في غزة
  • اليمن الجديد: من ركام الحرب إلى قوة إقليمية صاعدة
  • «الشرق الأوسط للساعات والمجوهرات» ينطلق في الشارقة 28 الجاري
  • جولة ترامب في الشرق الأوسط تكشف تجاهله لغزة
  • الرياض عاصمة القرار السياسي في الشرق الأوسط
  • ترامب يعيد رسم تحالفات الشرق الأوسط ورسالة صامتة تضع العراق في الظل
  • ترامب يغير الشرق الأوسط وليس نتنياهو
  • جديد الحرب التجارية.. وزير الخزانة الأميركي يتوقع إبرام اتفاقات إقليمية
  • ‏رويترز نقلا عن مسؤول إسرائيلي كبير: لا يوجد تقدم يُذكر في محادثات غزة التي تتضمن إنهاء الحرب
  • عاجل- الوفد الإسرائيلي يواصل مفاوضات الدوحة وسط تعثر التقدم ومقترحات لإنهاء الحرب وتجريد غزة من السلاح