أسعى إلى الغفران بلا قصائد
تاريخ النشر: 1st, September 2024 GMT
(1)
في أثناء كتب التاريخ (وبالنتيجة الطبيعية، خلال الأسفار الجيوسياسيَّة، أيضا)، وبعد قراءة الصُّحف ومشاهدة نشرات أخبار القنوات الفضائية في كل يوم، ينبغي تذكُّر هذا في كل مرَّة:
«إن الشرائع ألقت بيننا إحَنَاً
وعلَّمتنا أفانين العداوات» (أبو العلاء المعرّي).
(2)
رِمْشُه على الحَلَمة (لا يستطيع أن يتذكر).
(3)
لا موعد لنا مع الذِّكريات والشُّهداء.
(4)
لا يستطيع لغاية الآن أن ينسى المعركة الأولى (ولا أن ينتصر فيها).
(5)
يصير الجرح بلسمًا مع تقادم الرُّوح من دون تشذيب الذِّكريات.
(6)
كل الأبواب يطرقها لصوص مهذَّبون.
(7)
ترى، من الذي يدفع الرِّياح إلى الهرب؟
(8)
لا نريد الشِّعر أيها الشَّاعر. نبغي اللغة، والصَّمت، والموت.
(9)
كم هي الشَّمس قريبة من هذا السَّراب.
(10)
أيتها الأم الكسيحة: الحبُّ موضوعٌ آخر (تقريبا، مثل المخابرات، ومثل التَّخلي من غير ترك، وكما شُكْر الموت لِسَعْفَة الحريَّة أو اغتيال الحليب).
(11)
ينتهي الحب في غرفة النَّوم بعد أن كان قد ترعرع على الأعشاب في البحر واليابسة، والزَّغب تحت الإبط والحنجرة، والبحار في الموجة التي لا تكف.
(12)
الماء ضحيَّة القوافل (خاصَّة في الغد).
(13)
كلُّنا في هذا القارب (لأنهم نسوا أين أغرقوا، الأدلَّة، والأهِلَّة، والمجاديف).
(14)
في كُلٍّ مِنِّي صافرة قطار، وأشلاء قضبان على الحنجرة.
(15)
يتيمٌ لا يزور المقبرة، وحيدٌ لا يحتاج إلى قبر.
(16)
تبحر السَّفينة، والرَّمل يتقَّلب على السَّعف.
(17)
لا توجد في مِجز الصُّغرى محطَّة قطارات؛ ولهذا كان ما عددناهُ لقاءً حُلمًا، فحسب (والمرء يستطيع أن يكون ركيكًا، أحيانًا، حتَّى في مِجز الصُّغرى).
(18)
لا أدين القاتل. لا ألوم القتيل. لا أبحث عن الشَّاهد. لا أشيِّد التِّذكار.
(19)
لا تذهب الأم إلى كل أعمدة المشانق، الخبز، والفراغ، والغربة، وعهد مُهَشَّم تحت قدميها.
(20)
«ما كان صامتًا لدى الأب يتكلم في الابن. وقد وجدتُ في الغالب أن الابن هو السِّر غير المُصَرَّح به للأب» (نيتشه، «العِلم البهيج»).
لا العاطفة ولا الفضيحة تكتملان؛ لا القهقرى ولا نِبَال الرَّمي من أعلى السُّم؛ لا الرُّعب في الصَّلوات ولا حِلاقة الرَّأس؛ لا الضَّريبة ولا الجُبَاة.
(21)
الحكمة الوحيدة التي شذَّت عن بيانات المقابر: كُلُّهم شمع.
(22)
ما أسهل الشَّتيمة؛ ما أصعب الشِّعر؛ ما أكثر النَّاس (كلُّ هذا فاقةٌ أخرى تحيق من جديد).
(23)
لا تبعث الإشارة (الميناء غارق قبل وصول النَّجمة).
(24)
الحُب؟
أخبروني عمَّن كانت لديه أقمار ونحيب في نفس القُبْلَة، في هذه الليلة؟
(25)
يستطيع جسدي ما أخفقت فيه الذَّاكرة (ولهذا أخاف أكثر).
(26)
يذهبون إلى القاضي في تمييع الحليب (ومصائرهم).
(27)
أعادني الأشقَّاء إلى الأعداء (كانوا بارعين في المكيدة، وأقلُّ حنكة في السُّيوف).
(28)
لا يفتقرون إلى البوصلة، بل إلى القلب.
(29)
لا يستحقون الخزي (لا تعريف للخزي).
(30)
ينبغي تجنُّب الاحتضانات في الوداع (بعد أن فات الأوان على استضافة الغبار في الغَزَل القديم).
(31)
كلُّ كلمة مشروع ناقص (ولا أحبِّذُ الارتجال).
(32)
بيني وبينكِ عِلَّة (ولا أُرغب في الوطن).
(33)
قال إنه أكملَ الحكاية، وأتمَّ الرِّواية، وارتضى لنا السَّرد، ثم ابتدأ (لغاية الآن لا يزال يبدأ).
(34)
صرتُ ألمحك في الكُحْلِ والمَحْلِ فحسب (لا ينبغي أن أراك في غير هذين).
(35)
هذا الوادي يسلكُ القِرطاس (فلينتظر من بأيديهم المِدَاد).
(36)
الصَّباح من اهتمامات الشَّمس (لكن ليس فحسب).
(37)
عن ذلك القيد، أم عن هذه الخطوات التي استعبدت الجميع؟
(38)
أفهم الموت دومًا، وأنتظره، في اللحظة السَّابقة.
(39)
لا يحدث الاستشهاد في المعركة (بالضَّرورة)، ويصير القتل في مكان آخر (بالضَّرورة أيضا).
(40)
الليل جسر، وليس وصولًا (هناك ما هو أسوأ: الجسر ليسَ مغادرة).
(41)
لن أموت في الأعالي (لا أحبُّ النُّسور في الرَّسائل).
(42)
«العظماء»؟ كلا، لم يعد هناك هؤلاء. لكن، في أيَّة حال، شكرًا لهم في المقابر.
(43)
الحب طاقة كبيرة تتعلق بالماضي (في كل يوم جديد).
(44)
يصير كل شيء مُخَاطًا أو تاريخًا (من دون اضطرارك لكتابة رواية).
(45)
تَعِبَ الأموات من إيقاظهم لدى تراكُمِنا حين نرفع العَلَم.
(46)
الأقمار هي الفرصة الأخيرة للأخدود.
(47)
شيء واحد فقط صرت أعرفه عن السِّر: لم يوجد قَطْ. نحن فقط نكابد كل الحياة من أجله.
(48)
في المؤامرة، لا يمكن لأحد أن يتجنَّب الحديث عن الوفاء للرِّفاق (باعتبار أن كل ما حدث كان مقامرة).
(49)
المعرفة ليست من العقاقير النَّافعة للمصابين بمرضي الاكتئاب المزمن الحاد والأرق المزمن الحاد (والسُّهول لا تزال تقول إنها فسيحة).
(50)
فراقٌ آخر: المحطَّة الأولى في نهاية الطَّريق الذي ليس فيه منتَصف.
(51)
انظري وانتبهي: كل شيء يسير إلى هناك.
(52)
لا طائل من «الحقيقة» (بعد تجربة فرضيَّة سابقة أو لاحقة).
(53)
الصَّحراء تتكوَّن في الصَّحراء (والدَّعوات تصير أو لا تصير ماء).
(54)
سقطت الخارطة في الكمين الذي ينسرب من القفطان.
(55)
«-- لكن اسمح لي أن أعاتبك. أنت تستهلك نفسك كثيرا. منذ غروب الشمس وأنت في الحانات.
-- وما مشكلتك أنت في هذا؟
-- مشكلتي هي أنني قد لا أتمكن من رؤيتك في المرَّة القادمة».
(كان ما ورد أعلاه تذكارا بكمال بُلَّاطة الذي لم تعد رؤيته ممكنة لا في هذه الليلة، ولا في المرة القادمة).
(56)
أستَقي منكِ القفل، وأبتهل. ثم أسعى إلى الغفران بلا قصائد.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
العقوبات الأميركية على «سلطة بورتسودان» تدخل حيز التنفيذ
أبوظبي (الاتحاد)
أخبار ذات صلةدخلت العقوبات الأميركية على «سلطة بورتسودان» حيز التنفيذ، أمس، بعد أن اتهمت وزارة الخارجية الأميركية «سلطة بورتسودان» باستخدام أسلحة كيميائية خلال الصراع في السودان.
وأدرج الموقع الرسمي «للسجل الاتحادي» الأميركي إخطاراً عاماً بشأن سريان العقوبات، وتاريخ نشره أمس.
وقال الإخطار الذي جاء بتوقيع المسؤول الرفيع الذي يؤدي مهام وكيل وزارة الخارجية الأميركية لشؤون الحد من التسلح والأمن الدولي، إن «السلطات في السودان انتهكت القانون الدولي باستخدام هذه الأسلحة، وذلك بموجب المادة 306 (أ) من قانون مكافحة الأسلحة الكيميائية والبيولوجية والقضاء على الحرب لعام 1991».
وتشمل العقوبات المفروضة قيوداً على الصادرات الأميركية إلى السودان، بالإضافة إلى منع وصوله إلى خطوط الائتمان الحكومية الأميركية.
وكشف خبراء ومحللون سودانيون، في تصريحات لـ «الاتحاد»، عن أن «سلطة بورتسودان» تهدف من وراء إطالة أمد الحرب إلى خلق بيئة فاسدة تسمح بتشكيل «مافيات» قادرة على التهرب من العقوبات الدولية وإعادة إنتاج نفسها، وتسعى إلى تلميع صورتها وتحسين سمعتها من خلال «تحقيقات شكلية» لا تتعدى كونها مسرحية سياسية تهدف إلى تخفيف الضغوط الدولية.
ويعاني ملايين السودانيين من المجاعة ويصارعون للبقاء على قيد الحياة، في ظل اقتصاد منهار، وبنية تحتية مدمرة، وأوضاع إنسانية بالغة السوء.
وفي المقابل تصر «سلطة بورتسودان» على ممارسات مشبوهة وسياسات فاسدة تستنزف ثروات البلاد، في حرب تخدم مصالح مجموعات من المنتفعين، على رأسها جماعة «الإخوان».
وقال السياسي السوداني، مصعب يوسف، إن الموارد الوطنية تُبدّد في حرب عبثية لا تخدم سوى مصالح ضيقة، حيث تُستنزف ثروات السودان لشراء السلاح، وتغذية خطوط الإمداد العسكري، بينما يعاني ملايين السودانيين الفقر والجوع والتشرد.
وأضاف يوسف، في تصريح لـ «الاتحاد»، أن «سلطة بورتسودان» تهدف من وراء إطالة أمد الحرب إلى خلق بيئة فاسدة تسمح بتشكيل مافيات قادرة على التهرب من العقوبات الدولية، وإعادة إنتاج نفسها، موضحاً أن استمرار النزاع المسلح يخدم مصالح المجموعات المحسوبة على جماعة «الإخوان»، التي ترى في الحرب وسيلة لتوسع نفوذها السياسي والاقتصادي.
وأشار إلى أن استمرار الحرب يعني مزيداً من القتل، ومزيداً من الإنهاك للاقتصاد، داعياً إلى وقف فوري للعمليات العسكرية، وتحكيم صوت العقل من أجل إنقاذ ما تبقى من مقدرات السودان.
ونوه السياسي السوداني، بأن الإنفاق العسكري لا يتوقف لحظة، ويكلف البلاد مبالغ طائلة شهرياً تُحوّل من خزائن الدولة أو من موارد تُنهب من السكان، ليُعاد توجيهها من أجل استمرار القتال، بدلاً من دعم الخدمات والقطاعات الحيوية أو تأمين الغذاء والدواء.
بدوره، أوضح الكاتب الصحفي، فداء الحلبي، أن «سلطة بورتسودان» تُمعن في إهدار ثروات السودانيين، عبر تمويل آلة الحرب بدلاً من الإنفاق على الغذاء والدواء والاحتياجات الإنسانية العاجلة، مما يفاقم معاناة ملايين المدنيين، موضحاً أن «سلطة الأمر الواقع في بورتسودان لم تعد تمثل أي شكل من أشكال الدولة، بل تحوّلت إلى عبء إضافي على كاهل السكان، بانسحابها المتواصل من مسؤولياتها الأساسية».
وأكد الحلبي، في تصريح لـ«الاتحاد» أن تغليب «سلطة بورتسودان» للإنفاق العسكري على حساب الاحتياجات الإنسانية لا يعكس فقط فشلاً إدارياً، بل يرقى إلى مستوى الجريمة بحق الشعب، لكونه يفاقم الانهيار الاقتصادي، ويضاعف معاناة ملايين المدنيين.