قنصل إندونيسيا: نحلم ونحقق.. علامة سعودية تؤكد الرحلة التحويلية لآفاق واسعة
تاريخ النشر: 24th, September 2024 GMT
قال القنصل العام للجمهورية الإندونيسية بجدة، يسران بهاء الدين عنبري: "نيابة عن حكومة وشعب جمهورية إندونيسيا، وأصالة عن نفسي كقنصل عام لجمهورية إندونيسيا، يسعدني أن أتقدم بأجمل التهاني وأصدق التبريكات، إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وإلى سمو ولي عهده رئيس مجلس الوزراء، صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، وإلى الشعب السعودي الشقيق، بمناسبة حلول ذكرى اليوم الوطني الـ 94 للمملكة العربية السعودية".
وتابع: "الاحتفال باليوم الوطني الـ94 تحت شعار (نحلم ونحقق) يمثل علامة بارزة للمملكة العربية السعودية، يؤكد على الرحلة التحويلية للمملكة، نحو آفاق أوسع من التقدم والنمو المضطرد في كل المجالات، وشاهد ذلك مشاريعها الضخمة التي تمثل روح ومستهدفات الرؤية السعودية الطموحة 2030، والتي تجسد بشكل مثالي روح الوحدة والتقدم والازدهار".
أخبار متعلقة "الأرصاد": أمطار خفيفة على الباحة"نحلم ونحقق" لقاءً لمركز الملك عبدالعزيز للتواصل الحضاري بمناسبة اليوم الوطنيوأشار إلى أن هذه المناسبة تأتي في ظل عملنا المتواصل وحرصنا في القنصلية العامة للجمهورية الإندونيسية بجدة، على زيادة توثيق العلاقات الثنائية في شتى المجالات، بين الجمهورية الإندونيسية والمملكة العربية السعودية، تحقيقًا لتطلعات القيادة والشعب في كلا البلدين الصديقين ، سائلاً الله تعالى أن يديم على المملكة العربية السعودية، نعمة الأمن والأمان والاستقرار والنماء.
المصدر: صحيفة اليوم
كلمات دلالية: اليوم الوطني 94 اليوم الوطني 94 اليوم الوطني 94 جدة اليوم الوطني الـ94 اليوم الوطني السعودي العربیة السعودیة
إقرأ أيضاً:
أمــــل
في الخيمة الواسعة التي كنّا نجلس فيها، ومن بين كل النساء المتّشح بعضهن بالسواد، انتبهت إلى تلويحة يدها، أتلفّت يمينا ويسارا، لعلها تشير إلى امرأة غيري، نظراتها وحركة يدها تؤكّد إنّها تشير إليّ، إنّها أمل التي تعرّفت عليها حين بدأنا إجراءات التسجيل إلى الرحلة، ومنذ ذلك اليوم جمعتني بها صداقة روحية؛ لسبب أننا سنكون معا في الأيام القادمة.
بيني وبينها صفان من النساء، ينتابني الشك في أن تكون أخرى، أقول لنفسي: «لن تخونني عيناي...»، شيء ما تغيّر فيها، ربما الشيلة السوداء أضافت أو غيّرت شيئا في ملامحها، فأنا لم أرها مرتدية شيلة سوداء من قبل، دائما تكون مرتدية «الليسو» كما هو حال الكثير من النساء هنا في هذه الرحلة. ندمت أنّي لم أحضر بعضا من «اللواسي» الكثيرة التي يمتلئ بها دولابي، واكتفيت بالعباءة والشيلة السوداء على اعتقاد منّي أن كل ما أحتاجه إلى هذه الرحلة هو السواد فقط.
لقد علّقت على هذه الرحلة أمنية غالية، في أن أعود (كما ولدتني أمي)، وكم أعوّل على هذه الولادة الجديدة والخلق الجديد، فمنذ أدركت هذا المعنى في جلستنا الأولى استعدادا لهذا السفر، كَبُر الأمل، وعلّقته حرزا في صدر أيامي القادمة. لقد أثقلتني حوادث الدهر، وربما لم يتعبني شيء كما أتعبتني رؤية القيم التي آمنت بها تنهار أمام عيني، الثوابت التي ما كنت أظن أنّها ستهتزّ تسقط في قعر سحيق، وأن تغدو الشجرة التي ظننت أنّي أستظل بها وأسند عليها ظهري، عارية وبلا ظلّ.
لم تتأخّر الرحلة كما ظننت، أتت في وقتها، كل شيء يسير وفق نظام وتقدير وموعد، وكل حدث مرّ بي كان يحرث الأرض لأمضي حتى أصل إلى هذا المفترق الواضح في نهايات الطرق، لقد سألت الله ذات ليلة عن الأعداء (الصغار جدا) الذين كانوا يخرجون من ثيابي، من مسمات جلدي، من عيني، من يدي، من قدمي، ومن فراشي وجدران غرفتي، سألته عن الحكمة في أن يكون أعدائي صغار وبهذا الحجم الضئيل والهزيل، فلم يجبني.
أعيد النظر إلى صفوف النساء الجالسات في مقاعدهن في خضوع وخشوع، أتأمّل ملامح وجوههن، تقع عيني عليها ما زالت تشير إليّ، أركّز النظر في وجهها البعيد، ما الذي تغيّر فيها؟
ألوّح لها، تتسع ابتسامتي وأنا أنظر إليها، أحاول اكتشاف ما تغيّر في ملامحها، ليست الشيلة السوداء، لعلّه أثر الرحلة، ربما تغيّرت ملامحي أنا أيضاً، يقال: إنّ هذه الرحلة تغيّر الملامح، الجميع هنا أجمل رغم الوجوه العارية من طبقات المكياج وحدود (الكونتور)، والشفاه غير المصبوغة بأحمر الشفاه، والأعين غير المرسومة (بالأيلينر)، والرموش غير المثقلة (بالمسكرة)، والجفون غير المظلّلة بالألوان المخملية، نحن هنا بلا أقنعة، كلّنا بلا استثناء رغم اختلاف أعمارنا وأشكالنا وألواننا، نساء جميلات، مشرقات الوجوه، ولكل منّا حكايتها المخبّأة في جيب خفيّ من جيوب قلبها.
***
أحدّث زينب الجالسة بجانبي التي وجدت فيها قربا من روحي، عن كتاب (طعام، صلاة، حُب) لإليزابيث جيلبرت، أخبرها أنّي قرأت الكتاب أكثر من مرة، وشاهدته كفيلم، وتمنيت في لحظة أن أعيش تلك الرحلة، وأن أكتب شيئا يشبه ما كتبته الكاتبة... أصمت وأتذكّر أنّي لا أريد تناول الطعام في إيطاليا، ولا تلاوة الصلاة في الهند، ولا تجربة الحُبّ في أندونيسيا، «تعبت من السفر». اكتفيت بسفري الجديد، عثرت فيه على كل ما أريد، لجيلبرت رحلتها وصلاتها، ولي رحلتي وصلاتي، أنا بخفّة فراشة وروح طفلة، ترفرف أجنحة روحي فرحا، بولادة جديدة، اليوم ألد نفسي من رحم نفسي بعد مخاض صعب، ولا يد سوى يده تعينني...
«مات أعدائي يا الله ولم أمت، وغابت ملامح وجوههم، وها أنا أعيش نعمة الحياة الجديدة...».
ما زالت المرأة تنظر إليّ وشفاهها تتحرّك، إنّها تقصدني أنا وليس غيري، أتخيّل ما تحاول قوله لي من حركة شفتيها، أقول لها وأنا أشير إلى قلبي، وأعلم أنها لا تسمع صوتي للمسافة الفاصلة بيني وبينها في تلك الخيمة الواسعة:
- أنا بخير.
نعم كنت صادقة أنا بخير، فمنذ وصلت هنا وأنا سعيدة جدا، سعادة لم أعرفها من قبل، رغم كل أسباب السعادة التي كانت تحيط بي، كل شيء هنا مختلف، كل شيء لا يشبه ما سبق، حتى أنا لا أشبه من كانت قبل هذه الرحلة، وقبل هذا السفر، إنّها رحلة مختلفة وسفر مختلف.
تعلو الأصوات بالذكر والتلاوة والصلّاة، ترتفع الأكف، وارفع كفي بين تلك الكفوف، طالبة من الله حاجتي، لقد قالت لنا أم عمّار وهي تهمس لنا بسرٍّ مُعلن: «أخبركن عن سرّ الحجّ... كل دعاء فيه مُستجاب، وسترى كل واحدة منكن أن دعاءها قد أستجيب وأمانيها تحققت، وسترين كل ذلك رؤيا العين، في الحياة قبل الموت».
أذكر أنّه لم تتم الموافقة على طلبي لأكون في هذه الرحلة، إلا بعد السنة الثالثة من تسجيل متواصل وملحّ، أقرأ الرسالة عبر الهاتف «مبارك... أنتَ مستحّق للحجّ هذا الموسم»، ظلّ الهاتف في يدي وعيناي معلّقتان بكلمات وحروف الرسالة، وكعادتي وكلّما لامس الفرح قلبي، درت حول نفسي، ورقصت. هذا ما أفعله دائما في تلك اللحظات القليلة التي تلقيت فيها أخبارا مفرحة، لكن هذه المرة ربّما يجب أن أفعل شيئًا آخر «الصلاة»، نعم الصلاة، هذا ما أنا بحاجة إليه، توضّأت، أحسنت الوضوء وكأنّي أتوضأ للمرة الأولى في حياتي. أفرش سجادتي، أسجد سجدة طويلة وأبكي، ولا أدري لماذا تلبسّني هذا الشعور الغريب من الفرح الممتزج بالرغبة في البكاء؟!
أحدّثه وقد امتزج صوتي بالبكاء كما أحدّث صديق أو صاحب أو حبيب:
« أخيرًا يا الله... قبلت بي ضيفة لديك وفي بيتك، إذا أنت راضٍ عنّي، أنت تحبّني وتراني ...».
تحيط بالمرأة مجموعة من النساء، وما زالت تشير إليّ وإلى امرأة أخرى بجانبها، هذه المرة وكأنها تشير إليّ إشارة اعتذار، عن أي شيء تعتذر؟ ما الذي تريد قوله؟! المرأتان تنظران إليّ وتبتسمان، وبابتسامة واسعة أشير لها أنّي لا أفهم ما تودّ قوله لي، تشير إلى المرأة الواقفة بجانبها، أهزّ لها رأسي مستنكرة، معتذرة عن جهلي، لا أعرف المرأة، واصلت إشاراتها لي وأنا لست لبيبة كي أفهم. أقوم من مكاني، اتجّه إليها، تعتذر منّي بلطف كبير، وهي تشير إلى تلك المرأة التي لم ألتقيها من قبل، تقول لي:
- ظننتك صديقتي أمل.
أنظر إليها باستغراب محدّقة في ملامح وجهها، أقول لها بارتباك:
- وأعتذر منك، أنا أيضاً ظننتك صديقتي أمل.
انظر إلى وجه أمل، باحثة عن ملامح الشبه بيني وبينها، لعلها تشبهني حقاً، ولطالما بحثت عن وجه يشبه وجهي، ولطالما بحثت عن الأشباه الأربعين لي ولم أجدهم إلاّ في عيون من أخبروني عنهم... نبتسم وكلتانا تشير إلى الأخرى «أمل».
شريفة التوبي روائية عمانية