هذا ما تريده إيران من استضافة مناورات أيونز 2024 البحرية
تاريخ النشر: 20th, October 2024 GMT
طهران- في خضم التوتر المتصاعد بين تل أبيب وطهران واستنفار الأخيرة تحسبا لهجوم إسرائيلي محتمل، تستضيف إيران مناورات "أيونز 2024" البحرية، بمشاركة روسيا وسلطنة عمان وعدد آخر من القوات البحرية لعدة دول، منها المطلة على المحيط الهندي، في حين تشارك فيها الهند وتايلند وبنغلادش وباكستان وقطر والسعودية بصفة مراقب.
وتحت شعار "معا من أجل محيط هندي آمن ومستقر"، أعلن الأدميرال مصطفى تاج الديني، المتحدث باسم المناورات، عصر اليوم الأحد، انتهاء التمرينات شمالي المحيط الهندي بإجراء الوحدات البحرية المشاركة استعراضا -خلال المرحلة الأساسية- أمام "مدمرة جماران" الإيرانية.
وفي مؤتمر صحفي كان قد عقده عصر أمس السبت، أوضح الأدميرال تاج الديني، أن المناورات تشمل تنظيم ورشات عمل تخصصية لنقل الخبرات بمبادرة إيرانية، وذلك فضلا عن التدريبات الميدانية التي تشمل سيناريوهات مختلفة، بما فيها احتواء الحريق والبحث والإنقاذ ومعالجة التسربات النفطية.
وأضاف القيادي العسكري الإيراني، أن بحرية بلاده ونظيرتها الهندية تتوليان رئاسة لجنتين في مؤتمر "آيونز"؛ "اللجنة الأمنية" و"العمليات الإنسانية"، مؤكدا أن التدريبات الراهنة التي أطلق عليها اسم "أيمكس 2024" تهدف إلى تعزيز الأمن الجماعي في المنطقة، وتوسيع التعاون المتعدد الأطراف وإظهار حسن النية والقدرات اللازمة لحماية السلام والصداقة والأمن البحري.
من ناحيته، أوضح الباحث في الشؤون العسكرية محمد مهدي يزدي، أن قوات من بحرية الجيش والحرس الثوري وقوات حرس الحدود وإدارة الموانئ والشؤون البحرية الإيرانية شاركت في مناورات "أيونز 2024" وتدربت مع القوات البحرية العمانية والروسية على حماية التجارة الدولية، وتبادلت معها المعلومات والتجارب بشأن عمليات الإنقاذ والإغاثة البحرية.
وفي حديثه للجزيرة نت، أوضح يزدي أن مؤتمر "أيونز" تشكل عام 2008 بمبادرة من البحرية الهندية، وبمشاركة 25 بلدا غالبيتها من الدول المطلة على المحيط الهندي، لمواجهة التحديات الأمنية التي سبقت توقيت الاجتماع الأول، حيث تقرر أن تعمل الدول الأعضاء في هذا التكتل من أجل تعزيز التعاون البحري ومواجهة التهديدات الأمنية التي تعرقل التجارة الدولية.
وتابع أن مؤتمر "أيونز" قد أجرى فعاليات وتمرينات عسكرية سنوية منذ تشكيله، بهدف تعزيز الأمن الجماعي في المحيط الهندي بمشاركة الدول المطلة عليه، ومواجهة التهديدات الأمنية والكوارث البيئية، مؤكدا أن بلاده سبق أن استضافت خلال السنوات الماضية مناورات مشابهة لنسخة 2024.
أمن إقليميوتشمل مناورات أيونز -وفق يزدي- جلسات لتنسيق العمل المشترك لمواجهة أي طارئ في المحيط الهندي، واصفا مؤتمر "أيونز" بأنه مبادرة إقليمية لضمان الأمن الجماعي بمشاركة الدول المطلة على البحار والمحيطات، من دون الحاجة إلى قوات أجنبية ودولية قد تكون السبب الأساس وراء انعدام الأمن في المنطقة.
ويشير الباحث العسكري إلى التوتر المتفاقم في الشرق الأوسط منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، حيث حشدت بعض الدول الغربية أساطيلها البحرية في المياه الإقليمية، مؤكدا أن القطع البحرية الإيرانية سجلت حضورا بارزا في مناورات "أيونز 2024" لرفع استعدادها العملي والتمرن على الخطط والسيناريوهات المحتملة في مضيق هرمز فبحر عُمان مرورا بالمحيط الهندي، وصولا إلى مضيق باب المندب والبحر الأحمر.
وشاركت في مناورات "أيونز 2024" أبرز القطع البحرية التابعة للجيش والحرس الثوري الإيرانيين، بما فيها مدمرتا "جماران" و"ألبرز"، وسفينتا "الشهيد سليماني" و"ألماس" وعدد آخر من البوارج والقاذفات البحرية، في حين شاركت البحرية العمانية بسفينة "مبشّر"، وحضرت سفينة "مركوري" المناورات عن الجانب الروسي.
ويرى الخبير الإيراني المختص في الشؤون الأمنية محمد قادري، أن هناك ارتباطا وثيقا بين المناورات التي استضافتها بلاده في إطار التمرينات العسكرية الدورية بين أعضاء تكتل أيونز وبين التطورات الإقليمية، التي يقول عنها إنها أضرّت بالأمن البحري من خلال "عسكرة الدول الغربية أعالي البحار دعما لكيان الاحتلال الإسرائيلي".
وفي حديثه للجزيرة نت، يعتبر الباحث الإيراني عسكرة المياه الدولية منذ العام الماضي تتعارض مع هدف مؤتمر "أيونز"، الرامي إلى ترسيخ الأمن الجماعي في المحيط الهندي، بمشاركة الدول المعنية وليس القوى الأجنبية، موضحا أن مناورات أيونز تذكّر بقدرة الدول الإقليمية على ضمان أمن مياهها وتعاونها من أجل مكافحة القرصنة، وتجدد رفضها الحضور العسكري الأجنبي في المنطقة.
وأشار قادري إلى أن الحضور العسكري للقوات الأجنبية في المياه الإقليمية أدى إلى زعزعة أمنها خلال السنوات الماضية، حيث تزايدت أحداث ناقلات النفط فيها، مضيفا أن القوات البحرية التابعة للجيش الإيراني تلعب دورا بارزا في إرساء الأمن شمالي المحيط الهندي وضمان الممرات المائية القريبة منه.
واعتبر المتحدث نفسه، أن إجراء مناورات "أيونز 2024" ترسل رسالة واضحة للقوى الغربية وداعمي الاحتلال الإسرائيلي أنه لم يعد بإمكانهم إنقاذ تل أبيب من عزلتها عبر إطلاق "ممر الشرق الأوسط الجديد"، الذي تريد له أن يربط الهند بالقارة الأوروبية مرورا بالشرق الأوسط.
مستدركا أن جغرافيا المناورات تدل على حرص الدول المشاركة فيها على ضمان أمن الممرات الرئيسية الرابطة بين الشرق والغرب وكذلك بين الشمال والجنوب.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات فی المحیط الهندی الأمن الجماعی
إقرأ أيضاً:
ملتقى ذاكرة المحيط يستحضر الإرث البحري العُماني ويبرز الروابط التاريخية مع شرق إفريقيا
استعرض ملتقى "ذاكرة المحيط .. اللبان والقرنفل"، الذي نظمته مدرسة روضة المعارف للتعليم الأساسي بولاية جعلان بني بو علي، برعاية سالم بن حمد الراسبي، مدير إدارة التربية والتعليم بجعلان، الإرث البحري والحضاري الذي نسجته عُمان في منطقة شرق إفريقيا، خصوصًا في زنجبار وممباسا، عبر قرونٍ من التواصل البحري والتجاري، مبرزًا سلطنة عُمان كقوة بحرية ربطت آسيا بإفريقيا، وأظهرت عمق التأثير المتبادل في مجالات العمارة والاقتصاد والثقافة، من خلال الأبواب الزنجبارية وزراعة القرنفل واللغة السواحلية وفنون الطرب؛ ليكون احتفاءً بملحمة بحرية وثقافية صنعت هوية مشتركة لا تزال قائمة حتى اليوم.
بدأ حفل الافتتاح بقصيدة ترحيبية وفقرة شعبية لطالبات الصف الأول، تلاها كلمة ألقاها سالم بن خميس الغنبوصي، مشرف مادة الجغرافيا، أوضح فيها أن تنظيم هذا الملتقى يأتي تزامنًا مع احتفالات اليوم الوطني المجيد، مناسبة يجدد فيها الجميع الولاء والعرفان لباني النهضة المباركة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق ـ حفظه الله ورعاه، مؤكّدًا أن الملتقى يمثل وقفة معرفية تبرز ما حققه الأجداد من أمجاد بحرية وحضارية كأساس يُبنى عليه حاضرنا ومستقبلنا بعزيمة وإيمان.
بعد ذلك، عُرضت ورقتا عمل؛ الأولى بعنوان "التقنيات الجغرافية الحديثة ودورها في دراسة الظواهر الطبيعية"، قدّمها خميس بن فايل الحربي، مشرف منتدب مادة الجغرافيا، والثانية بعنوان "الموقع الجغرافي وارتباطه بالتاريخ العُماني"، قدّمها المشرف سالم الغنبوصي.
عقب ذلك تجوّل الحضور في المعرض المصاحب، الذي صُمم على شكل خمسة مرافئ رمزية تمثل الأدوار التاريخية لعُمان في البحر والتجارة البحرية. شملت هذه المرافئ: مرفأ شريان المحيط الهندي، الذي يبرز أهمية البحر كحلقة وصل بين القارات ومصدرًا للتبادل التجاري والثقافي، ومرفأ سلطة القرنفل واللبان، الذي سلط الضوء على التجارة البحرية العمانية والسلع التي شكّلت ثروة ونهضة للمنطقة؛ ومرفأ العربية السواحيلية، الذي يجسّد التبادل الحضاري والثقافي بين سلطنة عُمان وسواحل شرق إفريقيا؛ ومرفأ نبض الإمبراطورية العُمانية، الذي يوضح القوة البحرية والسيطرة التجارية لعُمان عبر القرون؛ وأخيرًا مرفأ جسور لا تنقطع، الذي يرمز إلى التواصل المستمر والروابط المتينة بين عُمان وشركائها البحريين على مر العصور، مانحًا الزوار فرصة لفهم الأثر التاريخي والاقتصادي للبحر في تشكيل هوية سلطنة عُمان ودورها المحوري في التجارة العالمية.
هدف المعرض إلى إبراز العمق التاريخي الغني لعُمان وعلاقاتها المتميزة مع شرق إفريقيا، وتوعية الجمهور المحلي والدولي بتاريخ هذه الروابط العريقة، وتصحيح المفاهيم المغلوطة حول الدور العُماني في المنطقة. كما ركّز المعرض على الجوانب الحضارية والفنية والاقتصادية التي ساهمت في ازدهار شرق إفريقيا، مستعرضًا التأثير العماني في العمارة والفنون والزراعة والتجارة البحرية. وحرص على توثيق التمازج الثقافي بين الثقافة العربية العُمانية والسواحيلية، مع التأكيد على الهوية المشتركة والإرث الإنساني والحضاري المشترك الذي امتد عبر قرون. كما سلّط الضوء على الأثر الاقتصادي الحيوي للروابط العُمانية في تشكيل شبكة التجارة الإقليمية، وألهم الزوار بمشاهد من التعاون المعاصر بين سلطنة عُمان ودول شرق إفريقيا، ليعكس المعرض صورة حيّة لتاريخ مترابط يمتد من الماضي العريق إلى الحاضر الواعد.
خُصص ركن خاص للبحار المخضرم سليم بن خميس الزرعي، استعرض خلاله تجربته الطويلة في عالم البحار والأسفار منذ القدم؛ لتتاح للحضور فرصة الاطلاع على شهاداته ومعايشته المباشرة لمغامراته البحرية. كما تابع الزوار حصة تطبيقية تفاعلية قدمتها المعلمة موزة الجعفرية من مدرسة المكارم للتعليم الأساسي، أضفت بعدًا عمليًا وتجريبيًا على المعرض. واختُتم البرنامج بتكريم المنظمين والمشاركين، تقديرًا لجهودهم وإسهاماتهم في إنجاح هذا الحدث الثقافي والمعرفي.
ويُذكر أن فكرة الملتقى وتنفيذه بمبادرة من المعلمتين شمسة بنت خميس الجعفرية (معلمة تاريخ) ورخية بنت علي العلوية (معلمة جغرافيا)، بمشاركة المعلمات ميثاء بنت حمد الجعفرية، وقمر بنت حمد الجعفرية، وندى بنت عامر المقاحمية، وأماني بنت مأمون الجعفرية، تحت إشراف مديرة المدرسة، موزة الغيلانية، ليشكل الفريق كله نموذجًا للتعاون المبدع في نقل المعرفة وترسيخ الإرث الثقافي العماني.