قالت وسائل إعلام فلسطينية إن جيش الاحتلال الإسرائيلي أسقط براميل متفجرة على الأحياء السكنية شمال قطاع غزة، مما تسبب في انفجارات قوية للغاية، وأحدث اهتزازات أرضية شعر بها سكان مدينة غزة.

كما أفاد مراسل الجزيرة اليوم الأربعاء بأن طائرات الاحتلال الإسرائيلي ألقت الليلة الماضية براميل متفجرة على الأحياء السكنية في شمال غزة.

والبراميل المتفجرة -كما يقول الخبراء العسكريون- وعاء معدني على شكل برميل أو وعاء إسمنتي أو أسطوانة معدنية، يتم ملؤها بالمواد شديدة الانفجار والوقود لإحداث حرائق أثناء سقوطها، بالإضافة إلى شظايا معدنية ومسامير، ومدى انفجارها قد يشكل دائرة قطرها يصل إلى نحو 250 مترا.

إسرائيل والبراميل المتفجرة

وقال الخبير العسكري والإستراتيجي حاتم الفلاحي إن إسرائيل تعد من أوائل الدول التي استخدمت البراميل المتفجرة عام 1948، حيث قصفت إبان النكبة بلدة صفورية في الجليل (شمالي فلسطين المحتلة) بـ3 براميل متفجرة، مما تسبب في إحداث رعب كبير عند سكان القرية التي دُمرت بالكامل.

وأضاف الفلاحي -في تصريحات للجزيرة نت- أن البراميل المتفجرة توالى استخدامها بعد ذلك في عام 1968 من قبل الولايات المتحدة في حرب فيتنام، بهدف حرق مساحات واسعة من الغابات.

وعقب اندلاع الثورة في سوريا عام 2011، توسع النظام السوري كثيرا في استخدام هذه البراميل، وأسقط نحو 82 ألف برميل بين عامي 2012 و2021، مما تسبب في دمار كبير للعديد من البلدات السورية.

وأشار الخبير العسكري إلى أنه أمام الأثر التدميري لهذا النوع من القنابل، صدر قرار مجلس الأمن رقم 2139 عام 2014 بإدانة استخدام البراميل المتفجرة بوصفها أسلحة إرهابية وغير نظامية، ولا يمكن أن تستخدم بهذه الطريقة العشوائية التي تؤدي إلى تدمير كبير.

أهداف إسرائيلية

ولم يكن استخدام الجيش الإسرائيلي للبراميل المتفجرة أمس هو الأول في استهداف قطاع غزة، فقد سبق أن زرع براميل متفجرة وسط عدة أحياء قبل أن يفجرها عن بعد، لكن الجديد هذه المرة هو إلقاء هذه البراميل بالطائرات عشوائيا على الأحياء السكنية.

ويعدد الباحث المختص في الشؤون العسكرية والأمنية أسامة خالد جملة من الأهداف التي دفعت إسرائيل للجوء إلى توظيف هذا السلاح في الحرب التي تشنها على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، ومنها:

يعتقد الجيش الإسرائيلي أن البراميل المتفجرة توفر عليه الجهد والوقت في الوصول والتقدم ميدانيا عبر إزالة مربعات سكنية كاملة على طول المسالك التي تتقدم فيها القوات الإسرائيلية. تخلص القوات المتقدمة من أي أخطار بشرية أو إنشائية قد تعيق تقدمها من خلال خطر القتال التصادمي الذي تتجنبه القوات العسكرية، والذي قد يوقعها في اشتباك حاسم ودام قد يسبب لها خسائر كبيرة. الاقتصاد في الأنواع الأخرى من الذخائر وتوفيرها لمعارك قد تكون فيها أكثر حسما للعمليات القتالية. الاحتلال الإسرائيلي يهدف إلى كي وعي السكان في قطاع غزة وكسر صمود الحاضنة الشعبية للمقاومة من خلال حجم التدمير والقتل الكبير الناتج عن البراميل المتفجرة. القصف الإسرائيلي على شمال غزة يوقع مجازر يروح ضحيتها العشرات يوميا (مواقع التواصل) آلية العمل

والبراميل المتفجرة مزودة بمروحة دفع في الخلف وصاعق ميكانيكي في المقدمة، ويمكن للبرميل الواحد أن يحمل ما بين 200 و300 كيلوغرام من المواد المتفجرة، وتحمله الطائرات المقاتلة أو المروحيات، ويسقط على الأماكن المستهدفة عشوائيا، مسببا أكبر ضرر ممكن في المنطقة التي سقط فيها.

ويقول الفلاحي إن إسرائيل عادت اليوم إلى استخدام البراميل المتفجرة مرة أخرى لأنها أقل كلفة من الذخائر التقليدية، كما أنها ذات تأثير قوي وطاقة تدميرية كبيرة جدا، ولا تحتاج في عملها إلا إلى التفوق الجوي في مناطق القتال، وهذا ما تملكه إسرائيل.

وأضاف أن إستراتيجية إسرائيل في توظيف سلاح البراميل المتفجرة تهدف إلى إجبار السكان في شمال غزة على إخلاء منازلهم والتهجير القسري منها، وذلك عبر إحداث أكبر قدر ممكن من التدمير والقتل.

وختم الخبير العسكري تصريحاته للجزيرة نت بأن استخدام هذه البراميل يعد جريمة جديدة تضاف إلى الجرائم التي نفذها الاحتلال الإسرائيلي في غزة خلال الفترة الماضية، إذ إن استخدامها يعد مخالفة للقوانين والأنظمة الدولية وجريمة إرهابية تؤدي إلى الإبادة الجماعية في حق سكان قطاع غزة.

وتشن إسرائيل -بدعم أميركي وغربي- منذ أكثر من عام حربا مدمرة على قطاع غزة، خلّفت حتى أكثر من 143 ألف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الجامعات الاحتلال الإسرائیلی البرامیل المتفجرة برامیل متفجرة

إقرأ أيضاً:

من إنكار الوجود إلى قتل الشهود.. لماذا تقتل إسرائيل الصحفيين الفلسطينيين؟!

قتلت إسرائيل 238 صحفيّا فلسطينيّا في قطاع غزّة منذ أن بدأت إبادتها للفلسطينيين في القطاع، فبعد استهدافها مراسلي ومصوري قناة الجزيرة، أنس الشريف ومحمد قريقع، وإبراهيم ظاهر، ومؤمن عليوة، ومحمد نوفل، اغتالت الصحفي محمد الخالدي. وإذا كانت هذه السياسة أكثر انكشافا وعنفا أثناء الإبادة؛ فإنّها ليست جديدة بالنسبة للسياسات الإسرائيلية، فقد مضت أكثر من ثلاث سنوات على اغتيال قوات الاحتلال لمراسلة قناة الجزيرة شيرين أبو عاقلة على مدخل مخيم جنين، وذلك علاوة على استشهاد صحفيين آخرين، واعتقال غيرهم، وإغلاق العديد من المؤسسات الإعلامية الفلسطينية، واعتقال النشطاء الفلسطينيين بتهمة تعبيرهم عن آرائهم الوطنية على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك في حين ما يزال قرار إغلاق قناة الجزيرة في الأراضي المحتلة عام 1948 والضفة الغربية جاريّا، مما يعني أن قتل صحفييها ومراسليها ومصوريها يأتي في سياق إنفاذ القرار في غزّة بقوّة النيران.

تأتي سياسة قتل الصحفيين الفلسطينيين في قلب السياسة الاستعمارية الإسرائيلية عموما، والإبادية خصوصا، وذلك لأنّ الاستعمار الصهيوني في جوهره تأسس على النفي؛ النفي الفيزيائي للسكان الأصليين، بإنكار وجودهم أولا، وتاليا بمحاولة تحقيق هذا الإنكار بالقوّة المسلحة، من خلال عمليات التشريد والتطهير العرقي، وبما أن العدوانية الإسرائيلية المنفلتة، والمدعومة من المغرب، والمعززة بكون الفلسطينيين وحدهم في مواجهة هذا النمط الاستعماري الفريد، لم تتمكن من اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم تماما، وبعد أن نفت إسرائيل عنهم هويتهم الفلسطينية وجعلتهم مجرد عرب يعيشون في "أرض إسرائيل التاريخية"، فإنّها نفت عنهم إنسانيتهم. فوصف سكان قطاع غزّة بأنّهم حيوانات بشرية، لم يكن انفعالا طارئا بعد السابع من أكتوبر، تأتي سياسة قتل الصحفيين الفلسطينيين في قلب السياسة الاستعمارية الإسرائيلية عموما، والإبادية خصوصا، وذلك لأنّ الاستعمار الصهيوني في جوهره تأسس على النفيوإنّما كان تعبيرا عن موقف إسرائيلي عميق يصطدم بالسكان الأصليين بوصفهم حقيقة، وهو ما يستدعي الانتقاص من آدميتهم، ليس فقط لتسهيل إبادتهم، ولكن لتسهيل الحياة الاستعمارية وتدعيم الوعي القومي الإسرائيلي، بمعنى أنّ السردية الإسرائيلية تحتاج في نفس الأمر، وبقطع النظر عن السياسات الإبادية، إلى انتقاص آدمية العدوّ الأساس لإسرائيل.

قتل الصحفي يستند في أساسه إلى هذا التصوّر، فأن يمتلك "الآدمي الناقص" أو "الحيوان البشري" وسيلة إعلامية فهو أمر شاذ، يخالف منطق الطبيعة. الفلسطيني لا حياة آدمية كاملة له، وبذلك، فهو لا ينبغي أن تكون له مظاهر الحياة المدنية الإنسانية، من منازل، ومدارس، ومستشفيات، ومساجد، وما سوى ذلك، وهو أقلّ شأنا من أن يقول الشعر ويصنع الموسيقى، ومن كان هذا حاله كيف يعمل في الصحافة، وتكون له مؤسسات إعلامية. على أية حال، هكذا صوّرت الحركة الصهيونية السكان الأصليين لفلسطين قبل النكبة، جعلتهم مجتمعات بدائية، مجرّدة من الوعي بلوازم العمران الإنساني، وبمرور الوقت، نزلت بهم في تصوّرها إلى منزلة الحيوانات البشرية، وهو أمر بالضرورة سهّل الإبادة الجماعية بهذا النحو المريع، المنفلت من أيّ كابح، ولأنّ الإسرائيلي تعوّد أن يكون ذا دلال على العالم، يستبطن استحقاقا له على أهل الكوكب، فهو يفترض أن رؤيته للفلسطينيين ينبغي أن تكون رؤية العالم كله.

يزداد الأمر توترا في عقل الإسرائيلي ودوافعه حينما يؤكد الفلسطيني أنّه في موقع مضادّ تماما للتصوّر الإسرائيلي عنه. مثلا، عززت إسرائيل من سياسات التجويع في الشهور الأخيرة لتكون مطبقة، بالرغم من كونها سياسة موجودة منذ بداية الإبادة، بوصفها واحدة من أدوات تركيع الغزيين، لكن ومع طول أمد الحرب دون وصول الإسرائيلي إلى الحسم المطلوب؛ رفع التجويع إلى درجة الإطباق الكامل، مع إنكار إسرائيلي معتاد لوجود مجاعة مفروضة منه في غزّة. ليست مشكلة الإسرائيلي فقط في انكشاف سرديته، ولكن أيضا في كون من كشف هذه السردية وفضحها وردّها سلاحا في وجه صاحبها هو شاب فلسطيني، اسمه أنس الشريف، وهذه هي عقدة الإسرائيلي؛ أن يكون الفلسطيني فاعلا وقادرا على المواجهةأنس الشريف وغيره من الصحفيين الفلسطينيين تمكنوا من تحطيم السردية الإسرائيلية، وتكذيب ادعاءاتها، وتحويل السياسة التي أريد منها تركيع الفلسطينيين إلى سلاح بيد الفلسطينيين يفضح العدوانية الإسرائيلية أمام الرأي العام العالمي.

ليست مشكلة الإسرائيلي فقط في انكشاف سرديته، ولكن أيضا في كون من كشف هذه السردية وفضحها وردّها سلاحا في وجه صاحبها هو شاب فلسطيني، اسمه أنس الشريف، وهذه هي عقدة الإسرائيلي؛ أن يكون الفلسطيني فاعلا وقادرا على المواجهة، فكما أنّ نزعة التفوق العنصري عانت ارتباكا مريريا مع السابع من أكتوبر، فإنّ الإسرائيلي ما زال غير قادر على تصوّر الفاعلية الفلسطينية في غزة بعد 675 يوما على الإبادة الجماعية، وهو اليوم الذي استشهد فيه أنس ورفاقه.

علاوة على النية الإسرائيلية الواضحة بـ"تطهير" الميدان من أي صحفي، وكاميرا، وطمس الصورة، والكتم المسبق للصوت، على مشارف تشريد سكان مدينة غزة، ثم الشروع في تدميرها بالكامل وقتل من تبقى من سكانها، وهو ما احتاج إلى قتل ما تبقى من مراسلي قناة الجزيرة والعاملين معها، فيجب التنويه إلى عناصر أخرى في الدافعية العنصرية الإسرائيلية، من قبيل أنّ الفلسطيني لا يستحقّ التعاطف، وهو أقلّ شأنا من أن تُغطى إبادته. هذا الاختلال الآدمي في التعامل مع الفلسطيني لا يختلف جوهريّا عمّن لا يعترض على الإبادة ولكنه يعترض على التجويع، فقتل الفلسطيني مقبول عند الغرب، ولكنه يفضل ألا يُقتل وهو جائع، أي ينبغي عند الغربيين تحسين الشروط الإنسانية الشكلية للإبادة!

x.com/sariorabi

مقالات مشابهة

  • رئيس الأركان الإسرائيلي يزور المواقع التي تسيطر عليها إسرائيل في جنوب لبنان: نفذنا أكثر من 600 غارة
  • إندبندنت: لماذا تخاف إسرائيل من الحقيقة وتقتل الصحفيين عيون العالم في غزة
  • 17 شهيدًا في قصف الاحتلال الإسرائيلي استهدف قطاع غزة
  • هذه هي الدولة التي تريد إسرائيل توطين الفلسطينيين من قطاع غزة فيها
  • من إنكار الوجود إلى قتل الشهود.. لماذا تقتل إسرائيل الصحفيين الفلسطينيين؟!
  • جنرال إسرائيلي: لماذا لم تُهزم “حماس” بعد كل الضربات التي تلقتها؟
  • الاحتلال الإسرائيلي يعتقل 3 فلسطينيين ويصيب آخرين في الضفة الغربية
  • جنرال إسرائيلي: لماذا لم تُهزم حماس بعد كل الضربات التي تلقتها؟
  • الجيش الإسرائيلي يعلن إصابة جندي بنيران قناص شمال غزة
  • لماذا اغتالت إسرائيل أنس الشريف؟