حلم السكن يبتعد: هل أصبحت المجمعات السكنية للطبقة الثرية فقط؟
تاريخ النشر: 11th, November 2024 GMT
11 نوفمبر، 2024
بغداد/المسلة : في ظل ارتفاع تكاليف العقارات في العراق، أصبحت المجمعات السكنية الاستثمارية عبئاً كبيراً على المواطنين، خصوصاً ذوي الدخل المحدود والفئات الفقيرة والمتوسطة، الذين يجدون صعوبة متزايدة في الحصول على وحدات سكنية ضمن هذه المجمعات. حيث ارتفعت الأسعار بشكل ملحوظ، ما جعلها تتجاوز متناول معظم العوائل العراقية، وتحصرها بشكل فعلي بالطبقات الثرية التي تستطيع تحمل هذه النفقات.
وتأتي هذه المعضلة في الوقت الذي يندفع فيه المستثمرون لتحقيق الأرباح دون الالتفات لاحتياجات شريحة واسعة من المواطنين التي باتت محرومة من أبسط حقوقها في السكن الملائم.
وتحدثت عضو لجنة الاستثمار النيابية، سوزان منصور، عن تقصير هيئات الاستثمار في المحافظات، حيث وصفت الأسعار الحالية بأنها “طاغية” على المواطنين، ودعت إلى ضرورة تفعيل مشاريع إسكان اجتماعي تخدم شريحة محدودي الدخل.
كما حثت الحكومة على اتخاذ خطوات سريعة لمعالجة الأزمة، مشيرةً إلى أن المشاريع الاستثمارية السكنية الحالية أصبحت مخصصة للطبقات الغنية فقط، في حين أن الطبقات المتوسطة والفقيرة تفتقر إلى بدائل ملائمة.
وفي العراق اليوم، بات حلم امتلاك منزل بعيد المنال بالنسبة للكثيرين. ففي ظل ارتفاع غير مسبوق في أسعار الوحدات السكنية داخل المجمعات الاستثمارية، يجد المواطن العادي نفسه محاصراً أمام متطلبات لا يمكنه الوفاء بها. وأفادت تحليلات بأن الواقع العقاري بات يميل لخدمة الأغنياء فحسب، حيث تغلق الأبواب أمام الطبقات المتوسطة والفقيرة، مما يزيد من عمق الفجوة الاجتماعية.
وقالت النائبة سوزان منصور في تعليق لها إن “الأسعار طاغية على قدرة المواطن العادي”، وأكدت أن هيئات الاستثمار في مختلف المحافظات تتحمل جزءاً كبيراً من هذه المسؤولية، إذ أنها لم تسهم في توفير مجمعات سكنية بأسعار تتناسب مع الدخل المحدود. ووفق معلومات صادرة من لجان رقابية محلية، فإن العائق الأساسي يكمن في تركيز المستثمرين على الربح السريع، فيما تعاني المدن من نقص ملحوظ في مشاريع الإسكان الاجتماعي.
وذكرت المهندسة نادية التي تعمل في مشاريع إسكان خاصة، أن هناك “قصوراً في الرؤية الاستثمارية لدى الجهات المسؤولة”، مضيفةً أن فكرة إسكان محدودي الدخل لا تحظى بأي دعم جدي، رغم حجم الطلب الكبير عليها.
وبينما تزداد الدعوات الشعبية لمشاريع الإسكان الشعبي، تقول تغريدة للمواطن علي، وهو موظف في قطاع التعليم، “سئمنا من الوعود، أين المشاريع التي تلائم أوضاعنا؟ حتى أحلامنا في منزل بسيط أصبحت من نصيب الأثرياء فقط.”
وقال تحليل لأحد المستثمرين أن “التركيز على المشاريع الربحية دون مراعاة البعد الاجتماعي قد يزيد من تفاقم الأزمات الاجتماعية”، محذراً من مخاطر استبعاد شريحة كبيرة من المواطنين من سوق السكن، وهو ما قد ينعكس سلباً على الاستقرار الاجتماعي.
ويرى بعض المتابعين أن تركيز المستثمرين على الأرباح وحدها دون مراعاة احتياجات الفئات الضعيفة قد يولد بيئة غير متوازنة على المدى الطويل، فيما تظل الحاجة قائمة لسياسات إسكانية شاملة تحقق نوعاً من العدالة في التوزيع.
وقالت تغريدة أخرى لمدون عراقي، “نشاهد مجمعات سكنية فاخرة حولنا، لكن ما فائدتها إذا لم يستفد منها سوى الأغنياء؟ لماذا لا توجد مشاريع سكنية للطبقات البسيطة؟”.
ويشعر الكثيرون من محدودي الدخل الذين يسكنون الإيجارات بضغط مالي كبير نتيجة الارتفاع المستمر في أسعار الإيجارات، في وقت تظل فيه مشروعات الإسكان في متناول الثراء فقط.
وتحدثت مصادر من هيئة الاستثمار الوطنية أن “الأولويات حالياً تتجه لإيجاد حلول طويلة الأمد لأزمة السكن”، لكنهم أكدوا أن قلة الموارد وضعف الدعم الحكومي يجعل الحلول بطيئة، في حين اعتبر مواطنون يسكنون الإيجارات أن الحكومة لا تقدم حلولاً واقعية ومباشرة لهم، بل تكتفي بالتصريحات.
في ضوء ذلك، يقول تحليل اقتصادي إن غياب برامج الإسكان لمحدودي الدخل قد يدفع إلى تبني أساليب غير تقليدية لسد الفجوة، مثل بناء مجمعات منخفضة التكاليف، ودعم المواطنين ببرامج تمويلية، وقد يتطلب الأمر توجيهاً حكومياً يلزم المستثمرين بنسبة معينة من المشاريع لخدمة ذوي الدخل المحدود.
وتذكر إحدى التغريدات: “لن ننتظر طويلاً، نحن بحاجة لحلول واقعية وليس أحلاماً بعيدة المنال.”
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author moh mohSee author's posts
المصدر: المسلة
إقرأ أيضاً:
لماذا أصبحت العلامات التجارية الفاخرة أغلى من أي وقت مضى؟
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- تسعى العلامات التجارية الراقية أكثر من أي وقت مضى، لإطلاع الزبائن بدقّة على كيفية وأماكن تصنيع منتجاتها، وتُطلق حملات تسويقية تركز على المواد الفاخرة والحِرفية المتقنة التي تدخل في صناعة هذه المنتجات الباهظة الثمن جدًا.
تسعى هذه الشركات إلى شرح قيمة منتجاتها للمستهلكين في وقت تتباطأ فيه أرباحها، رغم ارتفاع أسعارها.
رغم أن قيمة سوق السلع الفاخرة الشخصية بلغ 363 مليار يورو (نحو 415 مليار دولار) في عام 2024، مقارنة بـ223 مليار يورو (242 مليار دولار) قبل عقد من الزمن، وفقًا لشركة الاستشارات الإدارية العالمية Bain "باين"، إلا أن القطاع يشهد أحد أبطأ معدلات نموه منذ سنوات.
بدأت الشركات الفاخرة بزيادة أسعارها خلال جائحة كورونا، مع ازدياد المدخّرات الشخصية والدعم المالي الحكومي الذي دفع المتسوقين إلى الإنفاق بكثافة على المنتجات الراقية.
اليوم، ارتفعت أسعار السلع الفاخرة في أوروبا بنسبة لا تقل عن 52% مقارنة بعام 2019، وفقًا لبيانات صادرة عن بنك "HSBC".
باتت الأسعار اليوم تختبر حتى أكثر عشّاق الترف حماسة، إذ قال ديفيد فيشر، المؤسس والرئيس التنفيذي لمنصة Highsnobiety المعنية بثقافة الشباب: "أصبح الأمر مبالغًا فيه جدًا. لا تعكس غالبية هذه الزيادات تحسّنًا بنسبة 52% في الجودة، حيث ارتفعت الأسعار بشكل هائل، لكن الجودة لم ترتفع بالوتيرة ذاتها".
في منتدى Reddit الشهير "Handbags"، كتب أحد المستخدمين تعليقًا يعكس هذا الشعور: "بعض هذه الأسعار جنونية فعلًا. أفهم أنك تدفع مقابل اسم العلامة التجاريّة، لكن من حيث الجودة الفعلية، يبدو أحيانًا أننا نتعرّض للاستغلال".
أثرّت هذه الزيادات الحادة في الأسعار بالفعل على المبيعات، إذ أبلغت شركات عدّة عن أرقام مخيّبة للآمال.
على سبيل المثال، انخفضت الأرباح التشغيلية لشركة "شانيل" بنسبة 30% لتبلغ 4.48 مليار دولار في عام 2024. وعلى غير عادتها، لن تقوم العلامة التجارية بزيادة الأسعار هذا العام، رغم أنها عادةً ما تفعل ذلك مرتين في السنة.
وقال فيشر: "أعتقد أن الناس بدأوا يستفيقون اليوم ويقولون: 'في الواقع، لستُ مستعدًا لإنفاق هذا المبلغ الكبير على شيء لا يحتفظ بقيمته".
ما الذي يجعل المنتج فاخراً؟أصبح تعريف المنتج الفاخر أوسع من أي وقت مضى. لم تعد التسمية محصورة بالفئات التقليدية مثل الأزياء، والنبيذ، والسيارات.
في السنوات الأخيرة، بات أي منتج بسعر مرتفع ويَعِد بالجودة، مثل قدر الطهي البيضاوي المصنوع من الحديد الزهر من "لو كروزيت" بسعر 759 دولارًا، أو شمعة عملاقة من "أكوا دي بارما" بسعر 1,270 دولارًا، يُسوّق على أنه منتج فاخر.
لكن في الربع الأول من عام 2025، شهدت بعض العلامات التجارية الفاخرة انخفاضًا في الطلب، ما يدل على أن هناك حدًا لما يرغب المستهلك في إنفاقه، حتى في عالم الرفاهية.
لهذا السبب، بدأت العلامات التجارية تميل بشكل متزايد إلى تقديم قصص أعمق حول الحرفية، إلى جانب التركيز على التراث والمنشأ، من أجل استعادة الثقة وبناء رابط عاطفي جديد مع المستهلكين.
في الفترة الأخيرة، استعانت العلامة الإيطالية "فيراغامو" بصانع المحتوى فولكان يلمز، المعروف بشخصية "تانر ليذراستين" الشهيرة على الإنترنت، والذي يختص بتفكيك منتجات الجلد من الماركات الفاخرة وتقييم جودتها الفعلية.
رأت غاب والر، المتخصصة في التسوّق الشخصي أنّ "الجاذبية واضحة، فالعامل العاطفي المرتبط بالانتماء إلى علامة تجارية لا يمكن تجاهله"، موضحة أن "الشعبية الكبيرة التي تحقّقها علامة Miu Miu، الشقيقة لعلامة برادا، والتي ارتفعت مبيعاتها بالتجزئة بنسبة 60% في الربع الأول من السنة المالية، هي مثال على علامة تجارية نجحت بفضل أسلوب تسويقي عبقري يلقى صدى لدى المستهلكين، إلى جانب ارتباطها بقطع تدوم مع الزمن، وهو مطلب أساسي للعديد من عملائها الحاليين".
الإساءة إلى صورة العلامة التجاريةتعرّض مفهوم الحرفية ذاته للتشكيك في يوليو الماضي، عندما خضعت علامات فاخرة مثل "أرماني" و"ديور" المملوكة لأكبر شركة فاخرة في العالم LVMH لتحقيقات من قبل السلطات الإيطالية على خلفية ادعاءات باستغلال العمال.
كما طالت الاتهامات علامة "فالنتينو" هذا العام، حيث وُضعت إحدى وحداتها تحت الإدارة القضائية لمدة عام، بعد تقارير عن انتهاكات بحق العمال في سلسلة التوريد الخاصة بها.
خلال ذلك الوقت، أكدت كل من "أرماني" و"ديور" تعاونها مع السلطات ونفت ارتكاب أي مخالفات، بينما أعلنت علامة "فالنتينو" التجارية، عن استعدادها للتعاون من أجل فهم أسباب التحقيق.
غالبًا ما تعتمد العلامات الفاخرة على مصانع مستقلة حول العالم لإنتاج تصاميمها، غير أن عددًا متزايدًا منها ، بما في ذلك "شانيل"، و"برونيلو كوتشينيلي"، و"بربري" بدأ بالاستحواذ على مورّديه لضمان الوصول إلى مواد عالية الجودة والتحكم بشكل أكبر في عمليات الإنتاج.
لكن هذه القضايا وحدها ليست ما دفع العلامات التجارية إلى تأكيد قيمتها بهذه الطريقة.
في هذا السياق، قالت كلوديا داربيتزيو، الشريكة الأولى ورئيسة قسم الأزياء والمنتجات الفاخرة عالميًا في شركة الاستشارات "باين آند كومباني" إنه "صحيح أن الفضائح الأخيرة، مثل قضايا استغلال العمال أو التضخّم السعري، قد سرّعت من وتيرة التدقيق، لكن هذا التوجّه ليس مجرد رد فعل على حوادث فردية، بل هو استجابة لتآكل أوسع في الثقة والقيمة المُدركة".
وتابعت: "في زمن بدأ فيه المستهلكون يتساءلون عمّا يبرّر الأسعار الباهظة، تعود العلامات إلى جوهر ما منحها معناها منذ البداية: الحرفية العالية، السرد القصصي، وأهميتها الثقافية".
في يونيو، أطلقت شركة الأحذية الإيطالية الفاخرة "سانتوني" كتابًا فخمًا جديدًا بالتعاون مع دار النشر "أسولين". يحتوي الكتاب، الذي يضم أكثر من 180 صورة، قصة العلامة التجارية خلال خمسة عقود من بداياتها المتواضعة في مدينة كوريدونيا بمنطقة لي ماركي الإيطالية، حتى تحولت إلى مشروع عالمي بملايين الدولارات يشمل اليوم حقائب، وأحزمة، ومنتجات جلدية أخرى.
أشار جوزيبي سانتوني، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي إلى أن "الوقت كان مناسبًا لرواية قصتنا، ليس فقط من خلال المنتجات، بل عبر القيم والرؤية والهوية".
تحتفل علامة "تودز" الإيطالية أيضاً بإطلاق كتاب جديد يضم 286 صفحة، صدر في أبريل خلال معرض ميلانو للأثاث المصمم "سالوني ديل موبيل".
يحتوي الكتاب مجموعة من الصور الشخصية الحميمة والمحادثات التي تسلط الضوء على حرفيي البلاد، بدءًا من المصمم والتر تشابونّي (المدير الإبداعي للعلامة منذ 2019) إلى بائع الأسماك في سانتا مارغريتا.
في الوقت نفسه، أطلقت علامة "بوتيغا فينيتا" الفاخرة، حملة تسويقية جديدة تُعد بمثابة رسالة حب للحرف اليدوية البطيئة في العصر الرقمي.
بينما تشهد الأسواق الآن زخمًا في تسويق الحرف اليدوية للمستهلكين، فإن هذه الاستراتيجية ليست جديدة.
في عام 2011، التزمت "تودز" بتمويل ترميم الكولوسيوم في روما، مما وضع سابقة في رعاية التراث تبعتها لاحقًا علامات فاخرة أخرى.
كما أن نافورة تريفي أعيد افتتاحها في عام 2015 بعد ترميم مولته "فندي"، وتم ترميم درج إسبانيا الذي في 2016 بدعم "بولغاري"، فضلًا عن القصر الكبير في باريس الذي أعيد افتتاحه في يناير بعد تجديد ضخم ساهمت فيه "شانيل" بمبلغ 25 مليون يورو (28.6 مليون دولار).
أمريكاإيطالياالصينفرنساأزياءرفاهيةموضةنشر الاثنين، 23 يونيو / حزيران 2025تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2025 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.