سواليف:
2025-10-15@09:53:17 GMT

تأملات قرآنية

تاريخ النشر: 21st, November 2024 GMT

#تأملات_قرآنية

د. #هاشم_غرايبه

يقول تعالى في الآية 11 من سورة الرعد: “..إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ..”.
ذهب المفسرون الى أن التغيير في حال قوم يوقعه الله بهم يحتمل أن يكون من سيء الى حسن أو العكس، لكن السياق يفيد التغير من الحال السيء الى حال أفضل، ويعزز ذلك الآية المتشابهة مع هذه الآية: “ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَىٰ قَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ” [الأنفال:53].


لذلك تعتبر هاتان الآيتان من السنن الكونية التي يجري الله الأحداث بموجبها، وتقطعان بأن أحوال الأمم والأقوام ليست أقدارا مكتوبة عليها، بل متغيرة يبدلها الله من حال الى حال، والتغيير مرتبط بتغير نواياها وسلوكاتها.
وعليه فان من يطمحون الى خروج أمتنا من واقعها الحالي المزري، ونهضتها وعودتها الى موقعها الحضاري المجيد الذي كانت عليه، وكانت خلاله في صدارة الأمم، حري بهم أن يتأملوا جيدا في مدلولات هاتين الآيتين.
مما يمكن استخلاصه الحقائق التالية:
1 – إن التعامل الإلهي مع البشر فردي حينما تتعلق المسؤولية عن سلوكاته بذاته، فيحاسبه عما فعل ولا يحمله عاقبة أفعال غيره لأنه ليس له عليه من سلطة، لكنه يحاسب المجتمعات جماعيا عندما تتعلق منتجات الأفراد بالمنتج العام للسلوكات فتصبغ المجتمع بصبغة ذلك السلوك، وتصبح تلك السمة العامة للمجتمع سواء كانت إيجابية أو سلبية مؤثرة على الأفراد وموجهة لسلوكاتهم، مثال على ذلك قوم لوط، اذ لا يعقل أن جميع الأفراد كان لديهم شذوذ جنسي، لكن عوقب الجميع عندما لم يعد الأمر مستنكرا في القيم المجتمعية الجمعية، بل ممارسة مقبولة، ولممارسيه حماية ورعاية من قبل الهيئة الحاكمة، بل وتعاقب من ينتقدها أو يضايق فاعليها (كما نشهده الآن في العالم)، وعندما لم يتصدّ المصلحون لوقفها ولم يستنكرها الصالحون، أصبحت سمة عامة تصبغ المجتمع كله، لذلك أخذ الله المجتمع كله، صالحه وفاسده بالعذاب.
2 – فاسدو المجتمع يحاولون تبرير أفعالهم بأن الله كتب عليهم الضلال، وفي هاتين الآيتين بيان مبطل لادعائهم، وتأكيد على أن ما يصيب الأقوام هو نتاج أعمالهم.
كما بين تعالى في مواضع كثيرة أن الله لا يضل إلا من اختار الضلالة بإرادته وعن سابق عزم وتصميم “سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِن شَيْءٍ” [الأنعام:148].
كما بين أنه تعالى لا يأمر بالمنكر: “وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ” [الأعراف:28]، بل فعل المنكرات هو مما تزينه النفوس الأمارة بالسوء.
3- بناء على ما سبق نتوصل الى أنه لا ينبغي للمؤمنين في زمننا الكالح هذا القعود بانتظار المعجزات، ولا انتظار أن يأتينا الفرج بالاكتفاء بالدعاء، بل علينا الجد والعمل لتغيير هذا الحال الذي ما وصلنا إليه إلا لأن العلماء المصلحين انكفأوا عن أداء واجبهم في التنبيه الى سوء المنقلب، والمؤمنون الصالحون صمتوا عن شيوع المنكرات، وعلى رأسها تقبل أن يحكموا بغير ما أمر به الله، وسكتوا عندما تبين لهم أن قادتها يرفضون الحكم وفق منهج الله، واعترفوا صراحة أنهم ينبذونه ويعتبرونه أرهابا، ويتبعون منهج أعداء الأمة التاريخيين.
ان الحكم بما أنزل الله واجب شرعي، ولا يجوز للحاكم ان كان مؤمنا اتباع منهج غيره، ولا يقبل الله منه ادعاءه بأنه مسلم بمجرد إعلان ذلك طقوسيا على الراية، أوالتظاهر باتباعه من خلال المظاهر الخادعة كالسماح برفع الأذان، او تنفيذ احكام الاعدام بالسيف بدل المشنقة.
الحكم بموجب الشرع يظهر في اتباع ما أمر به الله، وأهمه معاداة من يعادي الدين ويحارب المسلمين، ونصرة إخوانهم في الدين وعدم موالاة من احتلوا ديار المسلمين ولا إلقاء السلم إليهم قبل أن يجلوا عنها.
هل عرفنا الآن لماذا غير الله نعمته التي أنعمها علينا بجعلنا خير أمم البشر، فغيرها الى الأمة الأضعف والتي سلط عليها أراذل البشر الذين كتب عليهم الذلة والمسكنة!؟.
وهل عرفنا أنه لن يزول ذلك، ولن يعيد الله حالنا الى ما كنا عليه من عزة وكرامة، بمجرد الصلاح الفردي وكثرة العبادات، بل بتغيير ما بأنفسنا كمجتمع، من هوان واستكانة لما فرضه الأعداء ووكلاؤهم علينا.

مقالات ذات صلة كاريكاتير ناصر الجعفري 2024/11/21

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: تأملات قرآنية هاشم غرايبه

إقرأ أيضاً:

مقتل شاب بجريمة إطلاق نار في كفر كنا

قتل الشاب علي وائل عواودة (22 عاما) من بلدة كفركنا بأراضي 48، فجر اليوم الثلاثاء، إثر تعرضه لجريمة إطلاق نار في البلدة.

ويعد مقتل عواودة الجريمة الثانية خلال ساعات في المجتمع العربي؛ إذ قتل، مساء الإثنين، الشاب محمد رفاعية (26 عاما) من بلدة سالم في منطقة وادي عارة، جراء تعرضه لإطلاق نار قرب مفرق مجيدو.

وفي حوادث أخرى، أُصيب شاب (33 عاما) من مدينة الطيرة بجروح خطيرة إثر تعرضه لإطلاق نار في كفار سابا، فيما أُصيب شاب آخر (30 عاما) من بئر المكسور بجروح متوسطة في حادثة مماثلة.

وبذلك، ترتفع حصيلة ضحايا جرائم القتل منذ مطلع العام إلى 201 قتيل بينهم 20 امرأة، في وقت يشهد المجتمع الفلسطيني داخل أراضي الـ48 تصاعدا خطيرا وانفلاتا في جرائم القتل والعنف.

وتشير المعطيات إلى أن 169 شخصا قتلوا بالرصاص، فيما كان 99 من الضحايا دون سن الثلاثين، بينهم ثلاثة أطفال لم يبلغوا سن الثامنة عشر، كما سجلت 10 جرائم قتل من قِبل الشرطة الإسرائيلية.

وتعكس هذه الأرقام الصادمة حجم تفاقم العنف والجريمة في المجتمع الفلسطيني داخل أراضي الـ48، في ظل تقاعس الشرطة الإسرائيلية عن أداء دورها في مكافحة الجريمة.

المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من أخبار عرب 48 المحلية - فلسطين الداخل عوائل أسرى المؤبدات من مناطق الـ48: خُذلنا باستبعاد أبنائنا من الصفقة أراضي الـ 48: مقتل مسن جراء حريمة قتل في اللد مقتل مواطنين في جريمتي إطلاق نار في رهط ودير الأسد داخل أراضي الـ48 الأكثر قراءة سعر صرف الدولار مقابل الشيكل اليوم الثلاثاء 7 اكتوبر 2025 الاحتلال يقتحم زعترة شرق بيت لحم الاحتلال يعتقل 10 مواطنين على الأقل من مدينة البيرة ومخيم الجلزون الاحتلال ومستوطنوه يقتلعون 150 شجرة زيتون في قرية أم الخير بمسافر يطا عاجل

جميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025

مقالات مشابهة

  • حبيب: هذا دليل ثقة المجتمع الدولي بالرئيس عون
  • إشادة أُمميّة بجهود سلطنة عُمان في دعم الأشخاص ذوي الإعاقة
  • الحوكمة والرقمنة وتحقق العدالة الاجتماعية
  • إنهم يعبدون المال!
  • قتل شاب بإطلاق نار في أراضي 48
  • مقتل شاب بجريمة إطلاق نار في كفر كنا
  • قيمة التناصح
  • الإفتاء: الإسلام دعا المجتمع بأسره إلى المساهمة في توفير الرعاية اللازمة للمسنين
  • لماذا سميت سورة النساء بهذا الاسم؟
  • أفضل دعاء قبل النوم.. 15 آية قرآنية داوم عليها النبي كل ليلة