وعد بوقف الدعم لأوكرانيا.. يميني مغمور يفجّر مفاجأة في انتخابات رومانيا
تاريخ النشر: 26th, November 2024 GMT
"يمنيني متطرف مغمور" ظهر فجأة في مقطع فيديو على تطبيق تك توك، فأصبح فجأة المرشح الأول لرئاسة رومانيا بعد ثلاثين عاما من هيمنة الديمقراطيين الاشتراكيين على الحياة السياسية.
وعد الستيني كالين جورجيسكو في مقطع الفيديو، الذي حصد مشاهدات مليونية، الشعب الروماني بوقف دعم البلد الموالي للغرب، العضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، لأوكرانيا في حربها ضد روسيا،
هذه ملامح جورجيسكو، وربما أيضا ملامح مرحلة، قد تعود فيها رومانيا لحضن الدب الروسي، بعد عقود من التوتر الناتج عن الدعم الكبير الذي قدمته خلال السنوات الثلاث الماضية لكييف، ودعمها كذلك للعقوبات المفروضة على روسيا.
وبين ليلة وضحاها انقلبت المعايير، وخرج من السباق المرشح الأوفر حظا في استطلاعات الرأي، رئيس الوزراء مارسيل سيولاكو المؤيد لأوروبا، الذي أكد أنه سيتخلى عن رئاسة الحزب الديموقراطي الاشتراكي، بعد هزيمته، الاثنين، وأيضا "لن يطعن في النتائج"، بحسب ما نقلت عنه وكالة فرانس برس.
وفي 8 ديسمبر القادم، ستنطلق الجولة الثانية من الانتخابات، يتنافس فيها جورجيسكو (62 عاماً) الذي حاز على 22,94% من أصوات الناخبين في الجولة الأولى، مع إيلينا لاسكوني (52 عاما) وهي رئيسة بلدية وسطية لمدينة صغيرة، حصلت على 19,1% من أصوات الناخبين.
وخلال الأيام السابقة ليوم الانتخابات (أمس الأحد)، قام جورجيسكو المعروف كذلك بمعارضته للقاحات، بحملة عبر تطبيق "تيك توك" ركزت على ضرورة وقف كل مساعدة لكييف، وحققت انتشارا واسعا خلال الأيام الماضية.
وعلّق أمس الأحد بالقول "هذا المساء، هتف الشعب الروماني من أجل السلام، وهتف بصوت عالٍ للغاية".
وقال الأحد "أشكر الشعب الروماني على جهوده وتضحياته ومسؤوليته. ويمثل هذا اليوم صحوة للضمير الوطني. لم يكن تصويت اليوم مجرد انتخابات انتخابية، بل كان صرخة من أجل السلام وإشارة واضحة إلى أن الرومانيين لم يعودوا يقبلون التعرض للإذلال والضغط. لقد حان الوقت لإعادة بناء رومانيا على أسس أخلاقية واجتماعية متينة".
حتى الآن، دعمت رومانيا أوكرانيا بقوة مما سمح لجارتها باستخدام ميناء كونستانتا الروماني على البحر الأسود لتصدير الحبوب.
وقالت أوانا لونغيسكو المتحدثة السابقة باسم "الناتو" المولودة في رومانيا وهي الآن زميلة في المعهد الملكي للخدمات المتحدة، إن "رومانيا لاعب رئيسي للغاية من حيث الأمن والدفاع في أوروبا ولدعم أوكرانيا".
وأضافت في مقابلة مع وكالة رويترز: "أي شيء وأي سياسة وأي طرف سياسي يتغير يخاطر بأن يكون له تأثير كبير ليس فقط على رومانيا نفسها وعلى مسار أمن رومانيا وديمقراطيتها، ولكن أيضا على أمن أوروبا ومنطقة اليورو الأطلسية".
وُلد جورجيسكو في بوخارست عام 1962 ولديه شهادة الدكتوراة في علم التربة. شغل مناصب مختلفة في وزارة البيئة الرومانية في تسعينيات القرن الماضي، ومثّل بلاده في لجنة الأمم المتحدة لبرنامج البيئة بين عامي 1999 و2012.
وكان عضواً في حزب اليمين المتطرف "تحالف وحدة الرومانيين (AUR)" لكنه غادره عام 2022 بعد خلافات داخلية واتهامات بأنه موالٍ لروسيا ومنتقد لحلف "الناتو"، بحسب تقرير لأسوشيتد برس.
يدعم جورجيسكو الكنيسة الأرثوذكسية الرومانية، وأثار الجدل بتمجيده زعماء فاشيين ووطنيين من الثلاثينيات والأربعينيات. كما نقلت وسائل إعلام محلية عنه مديحاً للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، واصفاً إياه بأنه "رجل يحب وطنه".
في الوقت نفسه، ينفي جورجيسكو أنه مؤيد لروسيا.
???????? We are so back
Romania's future president, Călin Georgescu https://t.co/ZcHIcCSxPY pic.twitter.com/bD4BGHqoAj
ووصفه تقرير لموقع "بلييه تيك ستيري" الروماني، بأن لديه "ملفاً أكاديمياً ومهنياً قوياً، لكن طغى عليه الجدل".
وقال إن جورجيسكو بنى حياة مهنية مثيرة للإعجاب في مجال البيئة والتنمية المستدامة، مما ساهم في وضع إستراتيجية رومانيا الوطنية للتنمية المستدامة.
ولكن لديه، أضاف التقرير، تصريحات مثيرة للجدل، كما حدث حين قال إن على بلاده اتخاذ مواقف أكثر استقلالية عن حلف "الناتو" والاتحاد الأوروبي، كما وصف الدعم لأوكرانيا بأنه "تلاعب جيوسياسي" لتحقيق مصالح أميركية.
تم تفسير هذه التصريحات وغيرها، على أنها موالية لروسيا.
ربط كثيرون نجاح جورجيسكو السياسي، بنجاح حسابه على تيك توك الذي يحظى بمتابعة أكثر من 300 ألف شخص، وحازت فيه فيديوهاته الأخيرة على ملايين المشاهدات.
وفق تقرير صادر عن مؤسسة "منتدى الخبراء" في بوخارست، نقلته أسوشيتد برس، حقق جورجيسكو مشاهدات بلغت 92.8 مليوناً خلال شهرين فقط، تضاعفت إلى 52 مليوناً إضافية قبل الجولة الأولى.
@calingeorgescuoficial Dezechilibrul economic al României Vorbim despre faptul că exportăm grâu ieftin, dar importăm aluat congelat și pâine la prețuri ridicate, ceea ce nu reprezintă o economie sănătoasă. De asemenea, observăm că importăm mai multe produse decât exportăm, ceea ce este o situație îngrijorătoare din punct de vedere economic. #exportgrâu #importaluat #prețpâine #economienefuncțională #totimportăm #import #tiktokromania #CĂLINGEORGESCU #calingeorgescu #românia #fy #viral ♬ sunet original - calingeorgescu
وقالت الوكالة، إن محللين أرجعوا الأداء غير المتوقع لجورجيسكو إلى سخط الناخبين على الطبقة السياسية التقليدية التي فشلت في تقديم رؤية واضحة أو رسائل أمل.
لذلك، استفاد جورجيسكو من وسائل التواصل لتقديم نفسه كخيار بديل في ظل غياب أفكار جديدة من الأحزاب الكبرى.
ومن المعروف عن جورجيسكو، أنه يدعم المزارعين المحليين، ويدعو لتقليل الاعتماد على الواردات، وزيادة الإنتاج المحلي للطاقة والغذاء، كما يروج لنموذج سيادة يعتمد على الديمقراطية التشاركية.
وفي أكتوبر الماضي، أعلن جورجيسكو ترشيح نفسه للرئاسة كمستقل، واختار تنفيذ ما أسماه بـ"الحملة الوحيدة من دون تمويل"، كما أفاد تقرير "بلييه تيك ستيري".
وقال جورجيسكو في حينه إن "جميع المواد والعروض الترويجية عبر الإنترنت يتم إجراؤها طواعية من قبل المؤيدين".
ومع ذلك، أضاف التقرير الروماني إن المكتب المركزي للانتخابات قال مؤخرا "يجب إزالة جميع مواد الترويج الانتخابي لجورجيسكو من بيئة الإنترنت، على أساس أنها لا تمتثل للتشريع الانتخابي بشأن استخدام رمز تعريف الممثل المالي".
علّق المرشح الذي وصفته أسوشيتد برس بأنه يميني متطرف مغمور، على هذا القرار بالقول إنه "محاولة للترهيب"، مضيفاً أن رفضه استخدام رمز الهوية هو "موقف مبدئي"، مردفاً "اسمي كالين جورجيسكو، وهذا هو الرمز الوحيد الذي أتعرف عليه".
وقال جورجيسكو أمس الأحد، وفق الموقع المحلي "اليوم، أظهرت رومانيا الشجاعة للوقوف والتوقف عن قبول الإذلال وإعادة تأكيد هويتها".
المصدر: الحرة
إقرأ أيضاً:
إحياء يوم النصر.. أوروبا بين تهديد روسيا وتلاشي الناتو وتحيز ترامب
باريس- بينما تحتفل عواصم الدول الأوروبية، اليوم الخميس، بانتصار الحلفاء وانتهاء ألمانيا النازية في الحرب العالمية الثانية يوم 8 مايو/أيار 1945، تواجه أوروبا خطر التحول مرة أخرى إلى مسرح للصراع في ظل استمرار الحرب الأوكرانية.
ويتزعّم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الاحتفال، ويخطط قصر الإليزيه لإقامة حفل تذكاري خاص عند قوس النصر وسط باريس، مع وضع إكليل الزهور التقليدي عند تمثال الجنرال شارل ديغول، تليها مسيرة في جادة الشانزليزيه.
أما في الساحة الحمراء بموسكو، يستعد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لاستضافة أكثر من 20 من قادة العالم، لاستعراض قوة بلاده العسكرية وإظهار مدى اتساع التحالف الداعم لروسيا، مما يثير التساؤلات بشأن النفوذ الأوروبي وفعالية حلف الناتو في مواجهة الدب الروسي.
نهاية القوة الأوروبية
من منظور جيوإستراتيجي، تعني نهاية الحرب العالمية الثانية ـ في جوهرها ـ نهاية الدور القيادي للدول والإمبراطوريات الأوروبية في تشكيل الأحداث العالمية، بعد هزيمة ألمانيا وإيطاليا وإنهاك بريطانيا العظمى وفرنسا.
ويرى الباحث في المعهد الفنلندي للشؤون الدولية إدوارد هانتر كريستي، أن عام 1945 أوجد قوتين عظيمتين في العالم؛ الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي، معتبرا أن أوروبا تمر اليوم بتحدٍّ جديد ومتكرر لموقعها الجيوسياسي يغذيه الاتفاق المرن بين البيت الأبيض والكرملين، ما يثبت مجددا عدم تحكم الأوروبيين في مصير القارة.
إعلانوأشار كريستي في حديثه للجزيرة نت، إلى اعتماد أوروبا على الحماية الأميركية والخوف الشديد من القوة الروسية، لدرجة تمنع الأوروبيين من مواجهة موسكو بمفردهم، ويقول "بالرغم من عدم رضاهم عن رئاسة دونالد ترامب الثانية، إلا أنهم يخشون من فقدان الدعم الأميركي".
أما إيونيلا ماريا سيولان، مسؤولة أبحاث السياسة الخارجية والأمن والدفاع بمركز "ويلفريد مارتنز" للدراسات الأوروبية، فترى أن التهديد الروسي أدى إلى تغيير العقلية في بروكسل وأوروبا، سواء في حلف الناتو أو الاتحاد الأوروبي.
وتقول للجزيرة نت، "لأننا ندرك بشكل متزايد أهمية الدفاع الذي أصبح ولأول مرة من أهم أولويات المفوضية الأوروبية لتعزيز القدرات الدفاعية والاستعداد بشكل أفضل لاحتمال نشوب صراعات مستقبلية".
وأضافت سيولان "نشهد حاليا نظاما عالميا متعدد الأطراف يتسم بعدم الاستقرار وتصاعد الصراع بين الديمقراطية والاستبداد، والفكرة التي سيطرت على تفكيرنا السياسي منذ سقوط جدار برلين بأن أوروبا جزيرة سلام لم يعد لها أي وجود".
وفي انتظار تحقق الآمال الأوروبية المتعلقة بنتائج قمة الناتو التي ستُعقد هذا الصيف في لاهاي بهولندا، يطالب ترامب الأوروبيين باستثمار 5% من ناتجهم المحلي الإجمالي سنويا في الدفاع، وهي نسبة يرون أنه "مبالغ" فيها نظرا للعقبات الاقتصادية والاجتماعية التي تمر بها معظم دول أوروبا.
وبينما أكد المسؤول السابق في حلف الناتو إدوارد هانتر كريستي، تضاؤل أهمية الحلف بسبب تراجع الالتزام الأميركي، طرح تساؤلات عدة عن مقدار الانسحاب الأميركي وسرعته وكيفية تعويض الأوروبيين للمساهمة الأميركية رغم أملهم بألا تكون واشنطن "أنانية" لهذا الحد.
إعلانوبينما لا يزال القلق قائما بشأن الطريقة التي تتعامل بها إدارة ترامب مع ملف جزيرة غرينلاند والغضب الذي تشعر به الدانمارك ودول الأخرى، لا تولي دول أوروبية عديدة هذه المشكلة اهتماما كبيرا، ما يعني أن الوحدة النظرية التي يسعى إليها الأوروبيون تتحطم نسبيا عند التطبيق العملي.
من جانبها، لا تعتقد سيولان أن دور الناتو يتلاشى، وتؤكد أنه أكثر أهمية من أي وقت مضى، لأنه منظمة سياسية بالأساس وعسكرية قادرة على توفير الدفاع للقارة الأوروبية.
ومع ازدياد شدة الخطر الروسي بظل تقارير استخبارية تُشير إلى احتمال تعرض أوروبا لهجوم روسي، خلال عامين وفي حدود 8 أعوام قادمة، أكدت المتحدثة أن الناتو يعتبر المنظمة الوحيدة القادرة على توفير هذا الردع الأمني ضد التهديد الروسي.
وكسيناريو افتراضي للمرحلة القادمة، يتوقع الباحث كريستي، تحول الناتو إلى الحلف الأوروبي، قائلا "بقاء المؤسسة وهياكلها قائمة وعدم انسحاب أميركا منه تماما، مع ارتفاع حصة الجهود والمساهمات القادمة من الدول الأوروبية".
وهو تحليل لا يختلف كثيرا عما تقوله سيولان التي تفترض تحول الناتو من منظمة خاضعة -حتى الآن- للاستثمارات الدفاعية الأميركية، إلى منظمة أكثر تكافؤا بين الأوروبيين والأميركيين، عبر "تعزيز الركيزة الأوروبية للناتو وزيادة الاستثمار، وضمان الأمن التقليدي لتغطية جميع الثغرات في أنظمتنا".
وفي النهج الأمني الشامل، يدل الأمن التقليدي على مكافحة الهجمات التقليدية الهجينة، من أمن الطاقة إلى التضليل الإعلامي، والتدخل في العمليات الانتخابية وانتهاك المجال الجوي وحماية البنية التحتية الحيوية.
وفي حال خرج الأميركيون من أوروبا وسحبوا قوّاتهم منها، سيكون ذلك "مشكلة جدية"، إذ ستصبح مصداقية الناتو وإدارة ترامب في التزامها بأمن أوروبا، والدفاع الجماعي -كما تنص المادة الخامسة من ميثاق الناتو- في حال تعرض دولة واحدة لهجوم، موضع شك، حسب مسؤولة أبحاث السياسة الخارجية والأمن والدفاع بمركز "ويلفريد مارتنز".
إعلان الخطر الروسيوبعد ساعات من سريان الهدنة المؤقتة التي أعلنها الكرملين بمناسبة يوم النصر، قال وزير الخارجية الأوكراني أندريه سيبيغا، إن الروس هاجموا خط الجبهة. وفي المقابل، أعلنت وزارة الدفاع الروسية التزامها بعدم شن أي غارات حتى منتصف ليل السبت.
وفي هذا الإطار، يرى كريستي، أنه وفي حال نجح الأوكرانيون بضرب العرض العسكري في موسكو أو أي هدف عسكري آخر، غدا الجمعة، فسيكون ذلك بمثابة نصر رمزي وسياسي لكييف وسيُشعر الروس بالازدراء، لكنه سيواجه برد روسي عنيف.
ويعتبر كريستي أن احتمال القصف الأوكراني سيكون بمثابة رسالة مهمة للكرملين وللعالم مفادها أن روسيا لا تمتلك الشرعية لتمجيد دورها وانتصارها على ألمانيا النازية، لأنه كان انتصارا سوفياتيا، شارك بتحقيقه ملايين الجنود الأوكرانيين، فضلا عن الأرمن والبيلاروسيين وغيرهم.
وضمن سعي القومية الروسية في عهد بوتين لتكريس الادعاء بأن روسيا والاتحاد السوفياتي هما الشيء نفسه، يعتقد المتحدث أن ثمة ما يستحق الهجوم المشروع على هذه الاستثنائية الروسية في الوصول إلى برلين وهزيمة أدولف هتلر ومحاولة التلاعب بمشاعر الجمهور الروسي.
من جهتها أشارت سيولان إلى عدم استعداد روسيا للسلام أو بدء المفاوضات أو وقف إطلاق النار في أوكرانيا، في ظل زيادة إنفاقها الدفاعي من 6% من الناتج المحلي الإجمالي العام الماضي إلى 9% هذا العام.
ويبدو ذلك جليا في الاتجاه الذي يسلكه الاقتصاد الروسي أكثر فأكثر نحو اقتصاد الحرب، وزيادة الكرملين أعداد الجنود من مليون ومائتي ألف إلى مليون ونصف عام 2025، إضافة لإنتاج المزيد من الدبابات.
وحتى في ظل مفاوضات السلام التي تتوسط فيها إدارة ترامب، لا تتوقع سيولان نهاية للحرب هذا العام لأن "روسيا تتخذ موقفا متطرفا وتتصرف كما لو كانت المنتصرة في الحرب الأوكرانية، وفي الواقع لم تسيطر خلال الحرب إلا على 12% من أراضي أوكرانيا".
إعلان