«الملتقى الأدبي» يناقش «مهنتي هي الرواية»
تاريخ النشر: 28th, November 2024 GMT
فاطمة عطفة (أبوظبي)
أخبار ذات صلةكتاب «مهنتي هي الرواية» للكاتب الياباني هاروكي موراكامي، المهاجر إلى الولايات المتحدة، كان موضوع جلسة المناقشة في «صالون الملتقى الأدبي» أول أمس، وأدارت الحوار أسماء صدّيق المطوع، مؤسسة الملتقى، مشيرة إلى أن هاروكي موراكامي من أشهر كتاب العصر، وكتبه ذات انتشار ومبيعات واسعة، حيث تم نشر مليوني نسخة من إحدى رواياته.
وترجمت أعماله إلى خمسين لغة. والطريف أن فكرة الكتابة خطرت له فجأة أثناء حضوره مباراة بيسبول، مع أنه لم يكن مهتماً بقراءة الرواية وغير ملم بخصائصها، لكنه اشترى ورقاً وقلم حبر وراح يكتب ما يخطر له، لكن تلك التجربة لم تعجبه، فقرر أن يعيد كتابتها بالإنجليزية، رغم معرفته المحدودة بتلك اللغة، فأتلف النسخة الأولى، وعاد ليكتب النص الإنجليزي من جديد بلغته اليابانية، وبأسلوب يتسم بالبساطة والعفوية، وهكذا ظهرت روايته الأولى «اسمع الريح تغني» ونالت جائزة غونزو لأدب الشباب.
وفي تصدير كتابه هذا يقول: «أتصور أن هذا الكتاب سيعد نوعاً من «مقالات السيرة»، لكنه في واقع الأمر لم يكتب على هذا الأساس». وهو يتحدث في مقالاته هذه عن الجوائز الأدبية، ويؤكد أنه يهتم بالقارئ أكثر من الجوائز، كما أنه يتحدث عن الأصالة، وعن عادته في الكتابة.
وقالت رنا منزلجي: إن هذا الكتاب جعلها تفكر بأن كلاً منا في داخله رواية ولديه حكاية، إما أن ينجح في قصها أو تظل مدفونة في ثنايا الذاكرة وطيات اللاوعي.
وفي مداخلة د. جميلة خانجي أشارت إلى أن هذا الكتاب لم يكن قصة أو سيرة ذاتية، بل مجموعة تأملات عميقة تتناول تجربة موراكامي في الكتابة وكيفية تعامله مع الإبداع والعزلة والمثابرة.
وقالت المهندسة هنادي الصلح في مداخلتها: قيمة الكتاب عندي في البوح الجميل عند الكاتب، وهذا البوح يشير إلى حقيقة شخصية الكاتب وفلسفته ونظرته إلى المجتمع.
الكتاب تجربة إبداعية غنية ومفيدة وجذابة في القراءة، وهو من ترجمة أحمد حسين المعيني، ومن منشورات «دار الآداب» في بيروت، ويقع في 222 صفحة من القطع المتوسط.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الملتقى الأدبي صالون الملتقى الأدبي هاروكي موراكامي أسماء المطوع الإمارات
إقرأ أيضاً:
مطبخ الرواية... الطعام الروائي من المشهدية إلى التضفير
القاهرة "د.ب.ا": في كتابه "مطبخ الرواية.. الطعام الروائي من المشهدية إلى التضفير"، يتنقّل بنا الأكاديمي والكاتب المغربي الدكتور سعيد العوادي، بين فصول وصفحات عدد من الروايات العربية والأجنبية، متوقفاً عند عوالم الطعام في تلك الروايات، مُبيّناً لنا كيف أن فن الرواية يصنع عالماً متخيلاً يتفاعل مع عالم الواقع، وراصداً حضور الطعام في الأدب الروائي.
وفي مقدمة كتابه يقول الدكتور سعيد العوادي، إن الروايات التي يستعرضها الكتاب، تضمنت مطابخ متنوّعة تزخر بصنوف من الموائد تُهيّج الحواس، وتكاد تتراءى للقارىء صور جلسات تناول الطعام، وارتشاف الكؤوس وألوان الملذات، ويسمع صرير احتكاك الشوكات بالسكاكين وقرقرة الأشربة ونشيش الطهي، ويشم الروائح، وتوابل المطبخ، وأريج الفواكه، ويتذوّق لذيذ المشهيات فتخلق في نفسه حالات سيكولوجية متباينة، كأن توقظ ذكرى مطمورة، أو تومض فكرة منطفئة.
وبحسب مقدمة الكتاب، فلا غرابة في ذلك ما دمنا نوسع الدائرة الوظيفية للطعام، فلا تنحصر في الوظائف البيولوجية، وتميل إلى الامتداد في الوظائف الأنثروبولوجية والسوسيولوجية والثقافية، حيث يُجسر الطعام علاقات راسخة مع أسئلة الوجود والهوية وغير ذلك والطبقية والجندر.
ونتعرّف من كتاب "مطبخ الرواية.. الطعام الروائي من المشهدية إلى التضفير"، أن لكل طعام أو شراب ذاكرته السردية الخاصة التي تحمل معها تنوعاً من العلاقات الإنسانية المتجذرة في الزمان والمكان. وكأن كل مفردة من الطعام والشراب هي عنوان الرواية الكاملة الأركان، وإذا ما اخترقت العالم السردي التخييلي رفدته بتجربة إنسانية منحته العمق والفرادة.
وننقل من الكتاب قول مؤلفه: "أفلا تكون الرواية الجيدة، هي الأخرى، طبقاً سردياً يتفنن فيه الروائي الطباخ بانتقاء مقادير شخوصه وأحداثه وأمكنته وأزمنته، مع إضافة ما يوائم ذلك من توابل سردية، ثم يطبخها على نار الخبرة والتجربة؟ وتُشير نصوص الكتاب إلى أن النقد الروائي لم يحفل بـ "أطعمة الرواية"، ولم ينسحم معها، بدليل خلو مدونته الواسعة من أي كتاب تفصيلي استقل بتناول هذا المكوّن الحيوي بأي صيغة، سواء أكانت وصفية أم تاريخية أم تأويلية.
وأرجع الكتاب سبب ذلك إلى النظرة الذكورية التي تحكّمت في التناول النقدي للنصوص الأدبية، الأمر الذي جعل كثير من النقاد ينظرون إلى "الروايات الطعامية" على أنها أدب من الدرجة الثانية أو الثالثة، وذلك بحسب نصوص الكتاب.
نصوص الكتاب تُشير إلى أن البعض رأى في مشاهد الطعام والشراب بأنها "شأن نسائي خالص"، وكأنه موضوع مبتذل لا يليق بوقار النقد أن يخوض فيه، ويعتني بتفاصيله.
وقد جاء كتاب "مطبخ الرواية.. الطعام الروائي من المشهدية إلى التضفير"، في إطار سعي مؤلفه الدكتور سعيد العوادي، لسد الفراغ في الدراسات النقدية التي تتناول موضوع الطعام في السرديات الأدبية، وذلك عبر اعتماد مقاربة موضوعاتية منفتحة على القراءة الثقافية والتناول البلاغي الموسع.
وقد توزّعت مادة الكتاب على ثلاثة فصول، حيث حمل الفصل الأول عنوان " روافد الطعام الروائي"، وعمل فيه المؤلف على تحديد المراجع التي استندت إليها الرواية العربية في الأفق التراثي العربي، من خلال نماذج سردية من أخبار الطفيليين وأخبار البخلاء وأدب المقامات.
واستحضر المؤلف - كذلك - في الفصل الأول من الكتاب، الأفق الحديث الغربي والأمريكي اللاتيني من خلال التركيز على أربعة أعمال روائية مهمة هي: "طعام.. صلاة.. حب" للروائية الأمريكية إيزابيل جيلبرت، و"ذائقة طعام هتلر" للروائية الإيطالية روزيلا بوستورينو، و "كالماء للشوكولاتة"، للروائية المكسيكية لاورا إسكيبيل، و"أفروديت"، للروائية التشيلية إيزابيل الليندي.
وجاء الفصل الثاني من الكتاب بعنوان " الرواية العربية والطعام المشهدي"، تتبّع فيه المؤلف المحطة الأولى من السرد الروائي العربي، ورصد فيه الحضور المشهدي للتوصيفات الطعامية، وما تعبر عنه من دلالات ومقاصد تتصل بثلاثة أنساق كبرى هي: "الطعام هوية: و"الطعام رسالة"، و"الطعام سلاح". وتوقف المؤلف في هذا الفصل عند ست روايات تمثل أربعة فضاءات عربية، فمن مصر تناول رواية "بين القصرين" لنجيب محفوظ، ورواية "الإفطار الأخير" لهشام شعبان، ومن المغرب اختار استعراض رواية "بعيدا من الضوضاء.. قريباً من السكات"، المحمد برادة، ورواية "جيران أبي العباس"، لأحمد التوفيق، ومن سوريا تناول المؤلف رواية "المهزومون" لهاني الراهب، ومن تونس اختار تناول رواية "الطلياني"، لشكري المبخوت.
وحمل الفصل الثالث من الكتاب عنوان "الرواية العربية والطعام التضفيري"، وفيه توقف المؤلف عند تعاظم الاهتمام بالكون الكعامي في السرد الروائي العربي، وكيف غدا موضوعاً يضفر السرد والوصف والشخصيات والفضاء واللغة. وتناول فيه حضور الطعام في ثلاثة نصوص روائية هي: "كحل وحبّهان"، للروائي المصري عمر طاهر، ورواية "برتقال مر"، للروائية اللبنانية بسمة الخطيب، ورواية "خبز على طاولة الخال ميلاد"، للروائي الليبي محمد النعّاس.
وتدلنا صفحات الكتاب، على أن الرواية العربية لم تكن بمنأى عن التفاعل النصي مع السرود العربية القديمة والروايات الأجنبية الحديثة والمعاصرة، بل اتخذت منهما رافدين مركزيين لبناء منجز سردي يطمح من خلاله الروائيون الجادون إلى إنتاج نص ثالث يراعي حاجات الخصوصية وضرورات التميز، وأن الروائي العربي نفسه له تجاربه الخاصة، كإنسان، مع عوالم الأكل والشرب، فضلا عن أنه يعيش في وطن كبير يزخر بمخزون ثقافي متنوع، تشكل ثقافة الطعام أحد لبناته المعبرة عن احتفاء استثنائي بقيمة الكرم الآتية من ماض صحراوي بعيد.
وعدّ الكتاب "وصف الطعام وتسريده" بأنه واحد من أشكال التفاعل النصي الذي أقامته الرواية العربية مع ماضي السرد العربي من جهة، وحاضر الرواية الأجنبية من جهة أخرى. حيث عمل الروائيون العرب على دمجه في عوالمهم السردية للنهوض بغايات إستيتيقية وثقافية وفكرية مختلفة.
ولفتت نصوص الكتاب، إلى أن المطلع على المدونة التراثية العربية في تنوعاتها اللغوية والتاريخية والعلمية والاجتماعية والأدبية، يلاحظ وبوضوح مدى الحضور الوازن لخطاب الطعام، الذي لا ينحصر في وصف المآكل والمشارب، بل يميل إلى فتح آفاق رحبة للتشابك مع قضايا الهوية العربية الإسلامية حين تصنفه المدونة التراثية العربية إلى حلال وحرام، وتسيّجه بمنظومة من الآداب والقيم، ومع قضايا المثاقفة المتجلية في ارتحال الأطعمة والأشربة بين الفضاءات العربية وغير العربية، ومع قضايا التدافع الحضاري التي جعلت من بعض الإختيارات الطعامية للأمم وسيلة للإزدراء والتحقير.
وابرز الكتاب كيف اعتنى السرد العربي القديم بتيمة الطعام، فجعلها مؤطرة بأنماط سردية تراثية مختلفة مثل: الأخبار والرحلات والمنامات والمقامات والتمس لها ساردين وشخصيات كريمة معطاءة أو بخيلة مقترة أو طفيلية شرهة، وأسبغ على الفضاءات أوصافاً تتنوع تمطيطًاً وتقليصًا.
وسرد الأكاديمي والكاتب المغربي الدكتور سعيد العوادي، في خاتمة كتابه "مطبخ الرواية.. الطعام الروائي من المشهدية إلى التضفير"، مجموعة من النتائج جاء من بينها: ضرورة إنكباب على النقد على تجلية التوظيف الطعامي في الخطاب الروائي، وتجاوز "تلك الرؤية التبخيسية"؛ لأن الطعام يتجاوز في الرواية بعده البيولوجي البطني لملامسة أبعاد اجتماعية وثقافية وسياسية. بل إنه يمكن أن يكون مدخلاً قرائيًا مُنتِجاً لعدد من الروايات العربية.
واستفادت "الرواية الطعامية العربية" بنسب متفاوتة من السرد العربي القديم الذي عُني عناية بارزة بحق الطعام. والمؤَمّل أن توسع هذه الرواية بعض المفاهيم التي تنتمي إلى الحقل الطعامي العربي، مثل مفهوم التطفل الذي يمكن أن يتسع للتعبير عن مظاهر تطفل شامل نعيشه اليوم، كتطفل الميديا، وتطفل الأشخاص على الحياة الفردية، وغير ذلك.
وإمكانية توسيع مفهوم الكرم للدلالة على مطلق التآزر الذي تحتاجه الإنسانية في سياقها الحالي المليء بأزمات الفقر والأوبئة. وتطور الحضور الطعامي في الرواية العربية، بتأثير من نظيرتها الغربية.