البرلمان الإندونيسي يسعى لتشريع قانون يدعم مقاطعة المنتجات الإسرائيلية
تاريخ النشر: 29th, November 2024 GMT
جاكرتا- قال رئيس لجنة التعاون بين البرلمانات والنائب في البرلمان الإندونيسي مرداني علي سيرا، إنه يجري العمل في البرلمان على إقرار قانون لمقاطعة المنتجات الإسرائيلية أو تلك التي تعود لشركات داعمة لإسرائيل أو حاضرة فيها، قائلا إنه بدأ تجميع التوقيعات لتأييد طرح مسودة أولى لهذا القانون، ليكون من أوائل القوانين التي يقرها البرلمان في دورته الجديدة التي بدأت الشهر الماضي.
وأضاف النائب في تصريح للجزيرة نت أنه يأمل أن تنجز المهمة خلال 3 أشهر، بعد إعداد ما يعرف بـ"النسبة الأكاديمية الأولى" ثم المسودة خلال أسابيع، مشيرا إلى أن النواب سينسقون بهذا الخصوص، وهم يعدون تفاصيل هذا القانون الجديد مع الغرفة الإندونيسية للتجارة والصناعة، وكذلك هيئة ضمان المنتجات الحلال التابعة للحكومة الإندونيسية، ومؤسسات المجتمع المدني.
ويتزامن مشروع هذا القانون -حسب ما يقول النائب- مع اهتمام واضح لوزارة الخارجية الإندونيسية بالملف الفلسطيني دبلوماسيا وسياسيا، خصوصا في ظل ما يحصل في غزة والضفة الغربية.
وأضاف: "لقد ظلت الدعوات إلى المقاطعة مقتصرة طوال الفترة الماضية على مؤسسات المجتمع المدني والمنظمات الأهلية، ولهذا نسعى أن يكون للدولة دورا رياديا، كجزء من الاهتمام والتضامن مع فلسطين"، وأكد أن البرلمان الإندونيسي يأمل أن يترجم هذا القانون إلى ضغوط قوية تجاه المنتجات المستهدفة، وأن يتوقف تقديم الدعم لإسرائيل، موضحا: "من يتوقف عن دعم إسرائيل من منتجي تلك المنتجات فإننا أيضا سنتوقف عن مقاطعته".
تضامن رسمي وشعبي
ورغم أن كثيرا من الإندونيسيين يمارسون سلوك مقاطعة منتجات يأتي ذكرها في حملات التوعية بالمقاطعة والتضامن مع الشعب الفلسطيني بشكل غير رسمي في وسائل التواصل الاجتماعي، إلا أنه لم يسبق أن كان هناك قانون تفصيلي وملزم بشأن المقاطعة بشتى أشكالها، وهو ما يمكن اعتباره -إن تم إقرار القانون- تطورا مهما في الموقف الشعبي والرسمي الداعم لفلسطين في إندونيسيا.
وجاء تصريح النائب الإندونيسي للجزيرة نت خلال مشاركته في وقفة احتجاجية أمام السفارة الأميركية في جاكرتا، حضر فيها مئات من الإندونيسيين إحياء لذكرى اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، الذي يصادف اليوم 29 نوفمبر/تشرين الثاني.
ودعا المشاركون في الوقفة إلى تعزيز عمل محكمة الجنايات الدولية، وممارسة المزيد من الضغط الدولي على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لوقف الحرب المستعرة على قطاع غزة، وطالبوا الدول العربية والإسلامية والمجتمع الدولي بتحمل المسؤولية الإنسانية تجاه الفلسطينيين الذين يتعرضون لمذابح يومية وجرائم ضد الإنسانية وإبادة جماعية مستمرة.
وفي سياق متصل، كان البرلمان الإندونيسي في 14 من الشهر الجاري قد دعا المجتمع الدولي إلى العمل على إخراج إسرائيل من عضوية الأمم المتحدة، سعيا لعزلها دوليا عقابا لها على جرائمها بحق الفلسطينيين، واستمرار تورطها في الإبادة الجماعية بحقهم منذ أكثر من عام.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
اللغة القانونية وتأثيرها في الوعي الجمعي
عيسى الغساني
القانون أيًّا كان موضوعه، يتكون من مجموعة نصوص قانونية يطلق عليها مواد أو بنود قانونية، وهذه النص يحمل في جوهرة فكرة يسعي النص الي تبليغها الى عقل ووعي المخاطب بها وكل من له صلة او اطلاع او تأثر او تأثير، فكما هو معلوم، ان نصوص القانون أداة لبناء الوعي وتشكيل السلوك الفردي والجمعي. وبمعني اخر تجيب على تساؤل ماهي صورة القانون في الوعي الجمعي؟ وما الطريقة التي يفهم بها المجتمع العدالة، والحق والتزام.
الكلمة القانونية تختزل قوة مضاعفة وهي قوة النص وقوة الجهة المصدرة للنص فعندما يقال يجب، يلتزم فان اللغة هنا تتجاوز الدلالة اللفظية لتصنع توجيها سلوكيا بوجدان الفرد والمجتمع الذي بمرور الوقت يكون العادة وعند ثبات العادة تصبح ثقافة.
ولعلة من المدرك والمعلوم أن اللغة القانونية تبني وتزرع أهم قيمة معنوية للوعي الجمعي وهي مفهوم وصورة العدالة، والكلمة والوعي ثنائي مترابط، ذلك أن الكلمة خيال وصورة وشعور فعند وضوح الكلمة تتضح الدلالة، هذه المقدمة تقتضي بالضرورة وضوح النص القانوني وبعدة عن الغموض او البعد عن الواقع، فالغموض القانوني يُشوِّه العدالة، وهذا شرط اجتماعي ونفسي ليس لإنتاج الثقة؛ بل لصحة النص القانوني.
كيف يكون النص القانوني غامضا؟ يقاس النص القانوني بالغموض عندما يكون للنص اكثر من تفسير بحيث يوجه نحو غايات واهداف بعيدة عن غايات التشريع او القانون او اللائحة التي ينتمي اليها هذا النص. وأقرب مثال لذلك نفس الحالة القانونية الاولى تعامل بالإيجاب والأخرى بالسلب دون سبب معلوم هنا يتولد الغموض المعطل لبناء لثقة في النص القانوني. وهذا الغموض يولد الخوف من التعامل مع القوانين، وهن الثقة، دور أكبر للوسطاء، وعنصر نفسي هو تقلص الشعور بالمساواة امام القانون.
بيمنا اللغة القانونية والنص القانوني الواضح تجعل القانون متاحا أكثر انتشارًا وقبولًا، وهناك ثلاث مسافات لغوية للصياغة القانونية، أولًا: مسافة القاموس: استخدام مصطلحات صعبة لا توجد في الثقافة الاجتماعية وغير مفهومة وهذا غموض غير منتج اذ يشكل فراغ بين القانون والمتلقي. ثانيًا: مسافة الطبقة وهي احتكار المشتغلين بالقانون لحق المعرفة ولفهم وانهم الوحيدون فقط من لهم حق فهم وتفسير القانون وهذا ينشي الانفصام بين النص القانوني والمتلقي والمخاطب، وهنا ينشي الفراغ المعرفي يملي بأدوات اخري نفسية واجتماعية لا تنسجم مع اهداف وغايات القانون ومنها محاولة بناء أدوات سلوك التحايل على القانون. وثالثًا: مسافة الواقع وهي ابتعاد القانون عن الواقع المعاش وكلما زادت هذه المسافة قل ارتباط المجتمع بالقانون.
والقاعدة هي أن القانون يتحدث والمجتمع يستقبل؛ فالكلمات القانونية تمثل تأثيرًا خفيًا على الوعي، فعندما يسمع الناس كلمات مثل النظام العام والمصلحة العامة والخير العام تتشكل صورة أن القانون جزء من النظام الاجتماعي وأحد مكونات الرعاية والتماسك الاجتماعي والضبط الاجتماعي.
اللغة القانونية ليست مجرد لغة؛ بل أداة تقنية تبني الثقة او تهدما، تخلق القبول او الرفض، تقرب القانون من المجتمع او تبعده عنهم، والاهم تحول العدالة من نص مكتوب الى تجربة اجتماعية وواقع معاش.
وأخيرًا.. هل يمكن قياس النص القانوني قبل صدوره؟ الجواب أن هناك العديد من الأنظمة القانوني تستخدم اختبار الصدمة لقياس مدى الأثر قبل صدور القانون بحيث يُعدَّل النص ويُطوَّر قبل صدوره لتقليل أي أثر سلبي وتعزيز عناصر قوة القانون؛ فاللغة القانونية ليست حيادية؛ بل فاعل اجتماعي، ووعي المجتمع بالقانون يبدأ من وعيه بلُغته.
رابط مختصر