المشاورات النيابية الرئاسية في بداياتها ولقاءات منتظرة تظهر التقاطع أو عودة التحالف
تاريخ النشر: 14th, December 2024 GMT
أسابيع قليلة تفصل عن موعد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية التي حددها رئيس مجلس النواب نبيه بري في التاسع من كانون الثاني المقبل وتبدو وكأنها من أطول الأسابيع التي يشهدها هذا الملف، لاسيما إذا ما تم ادراج الموعد في السياق المفصلي لهذا الاستحقاق.
ومنذ أن جرى تحديد الموعد ، انطلقت مجموعة اتصالات وعقدت لقاءات علنية وسرية في محاولة لإجراء تفاهم بين الكتل النيابية، وعاد البعض إلى قواعده الأساسية والمقاربات التي وضعها، وفتحت قنوات اتصال بين البعض الآخر وكل ذلك في إطار البحث في أمكانية التفاهم على إتمام هذه الأنتخابات.
اظهر "الثنائي الشيعي" حماسة لأتمام هذا الأستحقاق ، واعاد حزبا القوات والكتائب تأكيدهما على المسلمات الرئاسية وتحرك الحزب التقدمي الأشتراكي وكذلك بعض الكتل النيابية ، لكن الحراك بدا وكأنه يسير بين الألغام نظرا لأنعدام التوافق على الأسم. وعلى الرغم من ذلك فإن رئيس المجلس النيابي نبيه بري يبدي تفاؤلا.
فكيف تتحرك هذه الكتل النيابية ؟ وهل يولد تقاطع جديد بين القوات والتيار الوطني الحر ، ام يعود التيار البرتقالي إلى تموضعه السابق مع الثنائي الشيعي؟وماذا عن الموقف من اعلان النائب نعمت افرام عن ترشحه؟
هنا ، تقول مصادر نيابية ل " لبنان٢٤ " أن العملية قيد التدقيق وما من توجه حاسم لدى "التيار" قبل صدور معطيات محددة ومن ثم بيان أو موقف رسمي صادر عنه يؤكد فيه الأمر، فهو لا يزال يدرس خيارات غير منفصلة عن توجهاته التي رسمها للملف الرئاسي وشخصية رئيس الجمهورية، وإي قرار منه ينسجم معها بالتالي ، علما انه اذا تقاطع مجددا مع المعارضة فستشكل كتلته رافعة أصوات، وكذلك الأمر في حال رغب في تجيير أصوات كتلته لمصلحة مرشح حركة امل وحزب الله. غير أن المصادر تتحدث أن الحراك الرئاسي اليوم يختلف بعد الحرب التي مرت على البلاد ، وباتت المطالبة برئيس يجمع ويعمل على حسن سير تطبيق القرارات الدولية والحياد تتقدم على ما عداها ، وهذه رغبة دولية أيضا.
وتشير هذه المصادر إلى أن المعارضة حزمت أمرها بالنسبة إلى عدم التراجع عن هذه المطالبة لا بل تسعى الى ترجمتها في جلسة الأنتخاب. اما الإشارة إلى أسماء جديدة لديها فليس واردا في هذه الفترة منعا لحرق أي اسم ، مع العلم أن هناك معلومات تتحدث عن طرح بلائحة من الأسماء في اجتماعات مقبلة للمعارضة ومن بينها الوزير السابق جهاد ازعور ، وتبقى مسألة الدعوة لجلسات انتخاب مفتوحة قائمة بالنسبة إليها ، معلنة أن هناك مجموعة نيابية سترجح الكفة وقد تبرز تطورات تجعل الرئيس المقبل حاصدا للأجماع النيابي، وهذه الصورة تتظهر في الأسبوعين الفاصلين عن الأعياد أو بداية العام الجديد وربما ما بعد دخول الرئيس الأميركي دونالد ترامب البيت الأبيض.
وتتحدث المصادر عن لقاءات تعقد من أجل تحضير الأرضية الخصبة لأتمام الانتخابات الرئاسية في حين يبقى خيار "التيار" معلقا على استيضاح التفاصيل قبل بت القرار النهائي، اما الحزب الاشتراكي فيجري سلسلة مشاورات ، وفي مقلب الكتل الأخرى والنواب المستقلين، هناك حراك وقد تبرز مفاجآت على صعيد تبدل التوجهات السابقة ، إنما الأمور مرهونة بتوقيتها وكيفية ابرازها في إطار التماشي مع المرحلة الراهنة.
وفي المختصر، من المرجح أن يشهد الملف الرئاسي تقلبات قبل الوصول إلى المشهد الختامي المنتظر وسط تأكيدات مراقبين أن الانتظار لأنتخاب رئيس يملك صفات الأنقاذ والسيادة لن يضر على الأطلاق . المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
تجاذبات سياسية مبكرة وأدوار منتظرة.. من يقود حكومة المونديال في المغرب؟
الرباط- مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية لسنة 2026، وفي ظل استعدادات المغرب لاستضافة نهائيات كأس العالم 2030، تحتدم المنافسة بين الأحزاب السياسية حول من سيقود الحكومة المقبلة، في مشهد يعكس تباين الرؤى بين أحزاب الأغلبية والمعارضة بشأن ملامح المرحلة القادمة.
وبات مصطلح "حكومة المونديال" يتكرر في الخطاب السياسي المغربي، ويثير تساؤلات عن طبيعتها، فيما إذا كانت حكومة تدير ملف المونديال مؤقتا؟ أم من المفترض أن تجعل منه انطلاقة تنموية؟
ويرى المحلل السياسي محمد شقير أن الحكومات المغربية تنبثق دستوريا من الانتخابات ويعينها الملك، وتصنف من خلال اسم رئيس الحكومة، وبالتالي فإن استعمال هذا المصطلح يندرج ضمن المنافسة السياسية والانتخابية، كما أنه غير دقيق، لأن المغرب سينظم الحدث العالمي بالاشتراك مع دول أخرى.
احتمال المعنىويضيف شقير للجزيرة نت أن إطلاق هذا المصطلح قد يكون بهدف جذب الناخبين وتقليل العزوف الانتخابي، خاصة مع شغف الشباب بكرة القدم.
من جهته، يقول أستاذ العلوم السياسية عبد الله أبو عوض الحسني إن المصطلح يحتمل معنيين، إما أن الحكومة القادمة ستشرف على تنظيم الحدث، أو أنها ستتحمل عبء البرامج التنموية والإصلاحات الهيكلية التي وضعت لاستقبال المونديال، أي أنها "حكومة البرامج التنموية".
إعلانويضيف للجزيرة نت أن المستفيد الأكبر من المونديال سيكون البنية التحتية والقطاع السياحي، لكنه يُحذر من أن معدلات التنمية في الدول النامية التي استضافت المونديال كانت ضعيفة مقارنة بالضجيج الإعلامي الذي يسبق الحدث.
وعند استعراض خطابات الأحزاب المؤثرة في المشهد السياسي، نجد أن أحزاب الأغلبية الحكومية المشكلة من حزب التجمع الوطني للأحرار والأصالة والمعاصرة وحزب الاستقلال تطمح في الاستمرار وقيادة المرحلة المقبلة، بينما تطالب أحزاب المعارضة بتغيير جذري وإفراز حكومة جديدة بمقاربة مختلفة.
بكل فخر، تم اختيار المغرب، إسبانيا، والبرتغال لاستضافة كأس العالم 2030 من قِبل "فيفا". وتعمل الحكومة، بتوجيهات ملكية، لجعل هذا الحدث فرصة لتعزيز الاقتصاد، السياحة، فرص الشغل، والترويج للسلام والتنمية المستدامة. pic.twitter.com/UsAMjG4Zs9
— الحكومة المغربية (@MoroccanGov) December 11, 2024
تنافس شعاراتواعتبر حزب التجمع الوطني للأحرار (يقود الحكومة الحالية) أن مظاهر الضعف تكمن في المعارضة، وأنه سيقود الحكومة حتى سنة 2032 بفضل ما حققه من إنجازات.
وبينما يسعى حزب الأصالة والمعاصرة لقيادة الحكومة القادمة من أجل "تنزيل مشروع الحزب الطموح"، يدعو حزب الاستقلال إلى عدم الانخراط في صراع انتخابي مبكر حول رئاسة الحكومة، لكنه شدد على أحقية حزبه في تصدر المشهد السياسي المقبل.
ومن جانب المعارضة، أكد حزب التقدم والاشتراكية أنه سيقدم "برنامجا بديلا ينطلق من الإنصات لمطالب المواطنين"، بينما يرى حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية أن الديمقراطية تحتاج إلى "إنعاش حقيقي"، داعيا إلى تنظيم انتخابات نزيهة، تمنح فيها الأولوية لـ"شعب المونديال" بدلا من الانشغال بـ"حكومة المونديال".
أما حزب العدالة والتنمية، فاعتبر أن الحكومة الحالية "سقطت سياسيا وإن بقيت دستوريا"، وأكد أنه يستعد للانتخابات المقبلة بثقة، مستندا إلى "التفاف الشعب حول مشروع الحزب الأخلاقي والسياسي".
إعلانبينما وجَّه حزب الحركة الشعبية انتقادات لاذعة إلى أحزاب الأغلبية، معتبرا أن إعلانهم عن نوايا انتخابية مبكرة هو "استفزاز للمغاربة"، في وقت تتفاقم فيه "انشغالات المواطنين مع الغلاء وتراجع الخدمات الأساسية".
وفي خضم هذه التصريحات تبرز تساؤلات ملحة عن استعداد الأحزاب وخلفياتها السياسية والانتخابية.
ويرى أستاذ القانون الدستوري عبد الحفيظ اليونسي أن الخطاب السياسي في المغرب، ومنذ انتخابات 2011، يركز بشكل كبير على الحملات الانتخابية دون الاهتمام الكافي بفعالية الأداء الحكومي بعد تشكيلها.
ويقول للجزيرة نت إن رهن العملية التنموية للمشاريع الانتخابية قبل سنة أو سنتين من الانتخابات "غير معقول"، ويدل على "ثقافة حزبية غير مقبولة".
ويلفت إلى أن المنافسة بين الأحزاب تدور أساسا حول الظفر بالمقاعد وليس حول الأفكار أو المشاريع التنموية، مما يثير قلقا بشأن قدرة الأحزاب على الارتقاء لمستوى الفترة المقبلة، التي يميزها هذا الحدث العالمي.
بينما يعتقد الخبير السياسي والإستراتيجي مولاي هشام معتضد أن النقاش الحزبي الحالي، رغم مظهره النشط، لا يتجاوز المزايدات السياسية، واصفا إياه بتمرين في "العلاقات العامة" أكثر من كونه تقديم بدائل إستراتيجية.
ويرى في حديثه للجزيرة نت ضرورة انتقال الأحزاب من اللغة الترويجية إلى تقديم تصورات واقعية حول تدبير لوجيستيات المونديال وتنمية الجهات المشاركة، وإلا فإن "حكومة المونديال" قد تكون مجرد حكومة تكنوقراط بغطاء سياسي.
الدور الرسمي
من جهة ثانية، تتباين الآراء حول تأثير الأحزاب السياسية على مشاريع "مونديال 2030" في المغرب، وهل هي شريك فاعل أم مجرد هامش في خطة الدولة؟
إعلانويعتقد الأكاديمي معتضد أن الدولة المغربية تمتلك الأدوات الكافية للحد من تداعيات الصراعات الحزبية، خاصة في المشاريع الكبرى.
ويقترح تفعيل آليات الرقابة والمساءلة الإدارية والمالية باستقلالية تامة، مؤكدا أن تدخل الدولة ضروري عندما تعرقل الصراعات الحزبية برامج التنمية، بهدف إعادة ترتيب الأولويات وفق مصلحة المواطن.
ويدعو لتعزيز منطق المؤسسات على الحسابات الحزبية الضيقة، وتقوية ثقافة "المصلحة العامة" خاصة في محطات كبرى مثل التحضير للمونديال.
في حين يذهب المحلل شقير أبعد من ذلك، معتبرا أن تنظيم المونديال مشروع ملكي أساسا، وأن كل المشاريع المتعلقة بتنظيمه أسندت إلى لجنة خاصة، وبالتالي فإن الأحزاب التي دخلت في حملة انتخابية سابقة لأوانها عليها التركيز على المطالب الاجتماعية والاقتصادية للمواطنين.
بدوره، يؤكد الأكاديمي اليونسي أن الحكومة تتحمل كامل المسؤولية في تنزيل السياسات العمومية، بما فيها مشاريع المونديال، عبر القنوات الرسمية، وهذا يعني أن المسؤولية السياسية للحكومة قائمة، وكذلك مسؤولية الأحزاب التي تشكل ائتلافها.
وفي المقابل، يؤكد الحضور القوي للدولة والمؤسسة الملكية في الإشراف على هذه المشاريع، وذلك لا يمنع من ربط المسؤولية بالمحاسبة في مشاريع سابقة كانت تحت إشرافها، كما حدث مع مسؤولين بما فيهم وزراء.
بنعبد الله : "هل هناك انخراط حقيقي في مسألة المعارضة ومساءلة هذه الحكومة ومحاسبتها، بل وحتى محاكمتها على فشلها في تدبير الشأن العام، وفي العديد من الملفات وسنعود إلى ذلك بلا شك أم أن هذا الانخراط غير موجود في العمق، وأن هناك أمورًا أخرى لا تظهر الآن ؟" pic.twitter.com/ZmiJo2FtP0
— PPS - حزب التقدم والاشتراكية (@PPSofficiel) May 20, 2025
تأثير المعارضة ودورهاإلى جانب مسؤولية الدولة والأحزاب المشكلة للحكومة، يبرز أيضا دور المعارضة الرقابي لضمان استعداد أمثل لاحتضان المونديال.
ويشير الخبير معتضد إلى أن هذه المعارضة، بالرغم من امتلاكها لأصوات جريئة، غالبا ما يقتصر عملها على ردود فعل آنية أو سجالات إعلامية، بدلا من تقديم تقارير تحليلية وبدائل حقيقية، مما يحولها إلى مجرد تعبير احتجاجي دون تأثير فعلي على تنفيذ السياسات العمومية.
إعلانويدعو المعارضة إلى تحديث أدوات اشتغالها لمراقبة مشاريع المونديال الضخمة، لتتحول إلى قوة اقتراحية تقدم بدائل واضحة ومدعومة بالحقائق، مما قد يعيد لها المصداقية ويؤثر في التوازنات الانتخابية لعام 2026.
في حين يؤكد المحلل شقير أن المعارضة يمكن أن تركز على مساءلة الحكومة حول مدى استفادة باقي الأقاليم خارج محور مدن المونديال، وأيضا المطالبة بتحسين أوضاع الفئات المهمشة ومنع استغلال رجال الأعمال للأمر.
أما الأكاديمي أبو عوض فيرى أن المعارضة "استفاقت متأخرة"، لكن عملها في تقويم العمل الحكومي يبقى أساسيا، خاصة أن استشراف المستقبل في تتبع المشاريع الكبرى يتطلب تثمين مفهوم المعارضة في الشأن السياسي، ليكون طريق الانتخابات القادمة متوافقا مع التطلعات السياسية، وأكد أن الانتخابات المقبلة "مختلفة تماما عن سابقاتها".