موقع 24:
2025-10-15@16:39:56 GMT

مخاوف.. وضرورات سوريا

تاريخ النشر: 25th, December 2024 GMT

مخاوف.. وضرورات سوريا

مرة أخرى، عادت سوريا إلى واجهة الحدث الإقليمي والدولي، بعد أن تحوّلت لسنوات إلى ملفّ شبه منسيّ، يدعو للتشاؤم، لكن سقوط نظام الأسد خلال أيام معدودات بعد عملية «ردع العدوان»، وما رافقها من انكشاف سريع لهزالة البنية العسكرية للجيش، وارتباك النظام السياسي السوري، ومن ثمّ فرار رأس النظام إلى روسيا، أعاد تسليط الضوء على البلد الذي يعدّ من نواحٍ عديدة، مهمّاً في الفضاء الجيوسياسي لكلّ المنطقة، وأعاد طرح العديد من الضرورات والمخاوف، ليس فقط لدى صناع القرار في المنطقة، بل في الأساس لدى قطاعات واسعة من المجتمع السوري.


ليس هيّناً أن يسقط نظام سياسي/ أمني، تاركاً البلاد في حالة كارثية، فالكثير من ذوي المعتقلين في سجن صيدنايا سيء الصيت والفروع الأمنية، كانوا يأملون بخروج أبنائهم، ليكتشفوا فجأة أن مصيرهم لا يزال مجهولاً، ما يعني لهم أن النظام قام بتصفية القسم الأكبر من المعتقلين خلال السنوات الماضية، وعلى مراحل، ومن بينهم سياسيون وحقوقيون بارزون، أمثال عبد العزيز الخير، ورجاء الناصر، وخليل معتوق، وهم من قادة العمل السلمي والحقوقي على مدار عقود.
وعلى الرغم من الفرح العارم الذي شهدته ساحات الاحتفال بسقوط النظام، سادت أجواء قلق في أوساط اجتماعية كثيرة، وطُرحت أسئلة كثيرة، حول طبيعة النظام السياسي الجديد لسوريا، خصوصاً فيما يتعلق بالدستور، وتنظيم الحريات السياسية والاجتماعية والفردية، ومكانة النساء حقوقياً، في مجتمع سوري متنوّع ثقافياً ودينياً واجتماعياً، وهي أسئلة مشروعة وملحّة، فالسوريون الذين عانوا من استبداد، ربما هو الأطول في تاريخ المنطقة، لا يريدون استبدال نظام استبدادي بآخر.
وفي واجهة التحدّيات الراهنة، هناك ملفّ الأوضاع الخدمية والاقتصادية والمعيشية للسكان، فبحسب المنظمات الدولية، هناك نحو 90% من السكان تحتّ خطّ الفقر، كما غابت خلال السنوات الأخيرة الكثير من الخدمات، أو أصبحت شبه غائبة، بسبب نقص المحروقات وحوامل الطاقة، والذي أسهم شحّها في إعدام القطاع الصناعي السوري، كما أسهم تقطيع المدن بين النظام السابق والمعارضة في تضييق قطر دائرة الإنتاج، وإضعاف التكامل بين حلقاتها، وهروب معظم رؤوس الأموال من البلاد، وهجرة الكفاءات إلى بلدان اللجوء، وتدهور مستوى اليد العاملة الماهرة.
سوريا التي عاشت في خمسينات القرن الماضي، بعد رحيل الانتداب الفرنسي، سنوات من الديمقراطية، والعمل السياسي العلني، والتنافس البرلماني، تأمل اليوم أحزابها بعودة هذا المناخ الحرّ، ليسهم في تقوية النسيج الوطني المتنوّع، بحيث يكون التنافس السياسي على البرامج التي تقدّمها الأحزاب في المجالات كافة، وترك الحكم للناخب، في صناديق الاقتراع، لكن هذا الأمر، سيكون مرهوناً بكيفية صياغة النظام السياسي، وكتابة الدستور الجديد، وقانون عصري للأحزاب.
إن وصفة الدول والأنظمة السياسية الحديثة لا تحتاج إلى اختراع من جديد في تاريخ البشرية الحديث، فالمدخل الرئيسي هو تبني المواطنة المتساوية من دون أي تمييز على أساس قومي أو ديني أو طائفي أو جندري، وفصل السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية، ومنع أي محاكمات خارج القضاء المدني المستقل والنزيه، وحرية الإعلام، لكن ما يثير مخاوف قسم كبير من السوريين أن تحدث عملية تجاهل لهذه الوصفة، تحت ذرائع ومبررات عديدة.
وفي مسائل السيادة الوطنية، فإن تحدّي إخراج الاحتلالات كافة من سوريا مسألة مهمة، وتمثل تحدياً كبيراً، لكن هذا التحدي، مرهون بإعادة بناء المؤسسة العسكرية على أسس وطنية جامعة، وتحت سقف الدستور، ورهن حدوث توافقات دولية وإقليمية، ورهن وعي السوريين بعدم الانجرار وراء سياسات المحاور، والدفع نحو علاقات جيدة مع المحيط، وخصوصاً المحيط العربي.
لقد كان واضحاً بالنسبة لقسم كبير من السوريين، وبالنسبة لدول الإقليم، أن النظام السوري زائل في نهاية المطاف، وأن إعادة تأهيله ليست ممكنة، على الرغم من المحاولات العديدة التي أبدتها دول عربية حريصة على سوريا، من أجل تطبيق القرار الأممي 2254، للحلّ السياسي، والتي اصطدمت بتعنّت النظام وتجاهله، ولئن كانت المرحلة الماضية قد طويت اليوم، فإن المطلوب دفع سوريا نحو الاستقرار السياسي والاقتصادي والمعيشي، كخطوة على طريق بناء نظام أمن واستقرار في عموم المنطقة.
إن إعادة الحيوية للمجتمع السوري، مرهونة، من بين أمور كثيرة، بعودة العمل السياسي والمدني والنقابي، وإنهاء ثنائية الخارج والداخل، فلم يعد هناك أي مبرر سياسي لبقاء قيادات المعارضة السياسية خارج البلاد، فعودتهم السريعة ضرورية، لإحداث نوع من التماسك المجتمعي والسياسي، خصوصاً القوى الوطنية الديمقراطية، وإحداث توازن في المشهد السياسي الوطني العام، وإطلاق منصاتهم الإعلامية، والمشاركة في الفعاليات العامة، وانتقاد أي خطوات مضادة للديمقراطية والمواطنية، ومواجهتها بالعمل السياسي المنظم.
إن استحضار أرقام الكارثة السورية اليوم سياسياً واقتصادياً وإنسانياً قد يدعو للتشاؤم، لكن لا مفرّ أمام السوريين من إمساك زمام مصيرهم بيدهم، والعمل على منع عودة الاقتتال الداخلي، والخروج سريعاً نحو الأمان والاستقرار والازدهار، ومواجهة التحدّيات التي يطرحها الواقع، والعمل على حلّها، وإعادة سوريا لتشارك محيطها الإقليمي في صناعة مستقبل أفضل لعموم المنطقة.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: سقوط الأسد حصاد 2024 الحرب في سوريا عودة ترامب خليجي 26 عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله غزة وإسرائيل الإمارات سقوط الأسد الحرب في سوريا

إقرأ أيضاً:

العثور على ذهب أبيض قرب قمة إيفرست

أعلنت الصين عن اكتشاف ثالث أكبر احتياطي لليثيوم في البلاد في منطقة نائية من جبال الهيمالايا قرب قمة إيفرست، بما يزيد عن مليون طن من أكسيد الليثيوم، العنصر الأساسي في صناعة بطاريات السيارات الكهربائية والإلكترونيات الحديثة.

اقرأ ايضاً"خرقوا الهدنة".. إسرائيل تُعاود القصفموقع استراتيجي وحساس يقع المنجم على ارتفاع 17,700 – 18,300 قدم قرب محمية جبل "تشومولانغما".يحتوي على صخور غنية بـ"سبودومين"، مشابهة لحقول الليثيوم في أستراليا.يشكل الاستخراج في هذه البيئة تحديات بيئية كبيرة بسبب الهشاشة البيئية والأنهار الجليدية التي تغذي ملايين البشر.فرص وتحديات

يرى خبراء أن الاكتشاف قد يعزز جهود الطاقة النظيفة، لكن استخراج الليثيوم في المرتفعات الشاهقة يتطلب طاقة هائلة، ما قد يقلل من الفائدة البيئية ويحول المشروع إلى عبء جديد على الطبيعة.

ليثيوم القرن الجديدالليثيوم أصبح يُعتبر نفط المستقبل مع الطلب العالمي المتصاعد.السيطرة على منابعه تثير مخاوف جيوسياسية واحتكارية.الصين تعزز هيمنتها على سلاسل التوريد العالمية لهذا المعدن الحيوي، بينما تطور تقنيات بطاريات بديلة لتقليل الاعتماد عليه. معادلة صعبة 

تفتح الخطوة الباب أمام جدل دولي حول التوازن بين تحقيق التحول الأخضر وحماية البيئة، وسط مخاوف من تلويث مصادر المياه وتسريع ذوبان الجليد في هضبة التبت.

View this post on Instagram

A post shared by Albawaba (@albawabaar)

كلمات دالة:قمة إيفرستالطاقة المتجددةالطاقة النظيفةاقتصاد الصينالذهب الأبيضاكتشاف

© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com)

زين حجازي شابة صحفية انضمت مؤخراً لعائلة " موقع البوابة"..بكل إخلاص وحماس.. سأنقل لكم كل ما هو مهم وحصري, وبكل حب وشغف.، سأقدم لكم في رحلتي القادمة محتوى مبهر ..أتمنى أن ينال إعجابكم. الأحدثترند العثور على "ذهب أبيض" قرب قمة إيفرست يوم الحلويات العالمي: دلّل نفسك بأطيب الحلويات هل يكون الحلقة الأضعف أمام صلاح؟ مخاوف تحيط بنجم مانشستر يونايتد قبل قمة ليفربول ما هي قلادة النيل ولماذا منحها السيسي لترامب؟ تقارير: الهلال السعودي يقدم عرضًا تاريخيًا بـ 400 مليون يورو لضم لامين يامال Loading content ... الاشتراك اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن إشترك الآن Arabic Footer Menu عن البوابة أعلن معنا اشترك معنا حل مشكلة فنية الشكاوى والتصحيحات تواصل معنا شروط الاستخدام تلقيمات (RSS) Social media links FB Linkedin Twitter YouTube

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن

اشترك الآن

© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com) Arabic social media links FB Linkedin Twitter

مقالات مشابهة

  • بارزاني يبحث مع المجلس الوطني الكوردي السوري تطورات المنطقة
  • الرئيس السوري في موسكو.. محادثات مع «بوتين» لتعزيز التعاون السياسي والاقتصادي
  • الأمير فيصل بن مشعل يرأس اجتماع الاستعدادات الخاصة للبطولة الآسيوية للدراجات التي تستضيفها القصيم
  • قوات العدو الإسرائيلي تنصب حاجزاً بريف القنيطرة جنوبي سوريا
  • العثور على ذهب أبيض قرب قمة إيفرست
  • جمعت بين الثروة والتأثير السياسي.. من تكون ميريام أدلسون التي أشاد بها ترامب أمام الكنيست؟
  • التمكين… حين تحول الدين إلى غطاء للفساد السياسي
  • من يقف وراء عمليات الاغتيال في إدلب شمالي سوريا؟
  • أنهينا 8 حروب - ترامب من الكنيست: الفوضى التي ابتليت بها المنطقة انتهت تماما
  • فصل رفعت الأسد وشعبان والجعفري من اتحاد كتاب سوريا