المعتصم البوسعيدي
لا ريب أنَّ بطولات كأس الخليج العربي باتت من إرث التَّعاون بين دول مجلس التعاون الخليجي، لها خصوصيتها ونكهتها، وهي- كما نعلم- تُدار خارج المُستطيل الأخضر أكثر من داخله، ويمتزج فيها الهزل بالجد، وتطغى الإثارة المُتعمدة أكثر من الإثارة الناتجة من التنافس الفني في مباريات البطولة، وحتى مع تبدل الأحوال، وتغيُّر الأجيال، وازدياد المجالس، لا زالت البطولة تأتينا بالعجائب والغرائب في الأقوال والأفعال.
مُنذ مُدة وأنا مُقِلّ في الكتابة؛ فما يدور في العالم وما حولنا يستنزف كل حبر، ويَئِد كل شعور، لكنها الدنيا التي تأخذنا إلى معاشاتنا مع الدعاء بألا نحيد عن الدرب ولو بالنذر اليسير. وهذه بطولة الخليج العربي في بلد النهار تشرق من جديد، لكنها تغرب في النفس ألمًا وحزنًا، صراخاً وعويلاً، وبكاء وتشفياً، (وطقطقة) وتنابزاً بالألقاب، وصناعة إعلامية مُبتذلة، حالها من حال الأمة التي تصنع من نقطة الخلاف هالة كبيرة ومن هالة الوحدة نقطة صغيرة، وتلك ساحات السباب والشتائم وتراكمات النفوس التي تكبر مع الوقت كبالون ينفجر ولو بعد حين.
توقفوا.. بين ظهرانيكم يموت الأبرياء، وعلى مسامعكم يُباد الأنقياء، أفلا يعنيكم ذلك؟ فلتخجلوا من دماء الشهداء، وسكان الخيام النازحين في العراء، أطفال رضع يكسر مهدهم، وأمهات ركع تُسلب أحلامهم، ونحن نبكي على كرة منفوخة بكاء الرجال الذي لطالما قيل من هوله "عندما يبكي الرجال"، صه صه أيها الناس؛ فالمجالس تبني الهمم، وترتقي القمم، وتخرج القادة في ميادين الحياة.
ما يزيد النفس بؤسًا أن نخرج نحن العُمانيين من سمتنا المعهود، أن نظهر في صورة لم نعتد عليها؛ نتباكى ونصرخ ونتمايل، ثم نبدأ بالمناوشات كغيرنا، هؤلاء من يحاولون اللعب بالنار في بطولات الخليج اتركوا الماء يخمد بركانهم الزائف، لغة التشفِّي ليست لغتنا، والرد بالإساءة ليس ديدننا، مزاح اليوم يصير غدًا "ضرب رماح" وكم شاهدنا تراشق وانحدار أخلاقي في الخصومة بلغ مبالغ الفجور.
توقفوا.. كلمة أقولها للقنوات الفضائية التي تتداعى على النار لتضرمها، وتمسك الزلات بتلسكوب الفتنة عن قصد وعن غير قصد، ولتلزموا أنفسكم وضيوفكم مسارات النهج القويم، كونوا الوسيلة للغاية المثلى، والحقيقة لمن ضل السبيل، واستخدموا ما عندكم لنصرة أمتكم السمحاء التي تتكالب عليها الأمم والدول، ألا تحبون صورة الألفة وابتسامة الأخوة؟ لماذا اللهفة لإحداث الصدع؟ لماذا لغة التعالي عند الفوز؟ ستُدركون يومًا أنها لعبة ورياضة، ووسيلة ناجعة لتصدير القيم والمبادئ لا لنشر الكراهية تحت مسميات المناوشات والضحك وحلاوة بطولات الخليج التي نسمعها ثم ما نلبث نتذوق مرارتها عند أبسط حدث عارض وزلة لسان.
نفرح بقدرٍ، لا بأس في ذلك، فالحال يقتضي أن نفرح وسط ما يحدث من ظروف سياسية واقتصادية واجتماعية، والأحمر العُماني عبر للنهائي عن جدارة واستحقاق، وهو الذي اعتاد على المنصات الخليجية منذ عهد، لا جديد.. لكن الجديد ليس ألّا نتخلى عن عهدنا بين النَّاس، وألا تحركنا ادعاءات "الهرم الرابع"، ولا "حصالة" من قوله غير نافع، نحن نحب الجميع بطيبةٍ، قد يراها البعض لم تعد تجدي في هذا الزمان، لكنها حقيقتنا التي لا نصطنعها ولا نريد القفز عليها، لأننا باختصار أبناء المديح النبوي الشريف، تطير من شفاهنا حمامات السلام، وتسكن قلوبنا رايات الوئام. فتوقفوا.. توقفوا رحمنا ورحمكم الله.
رابط مختصر
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
تفعيل أول مركز إقليمي لتطوير السباحة ومصر تستضيف 3 بطولات عربية
أعلن حسين المسلم، رئيس الاتحاد الدولي للألعاب المائية، عن تفعيل أول مركز إقليمي لتطوير المدربين والإداريين والحكام في الشرق الأوسط، وأن يكون مقره في مصر، وذلك بدءًا من شهر يوليو المقبل، على أن يخدم الدول العربية والإفريقية.
جاء هذا الإعلان خلال مشاركة المسلم عبر تقنية "زووم" في اجتماع الجمعية العمومية للاتحاد العربي للرياضات المائية، التي أقيمت بالمملكة المغربية.
وأوضح المسلم، أن هذا القرار يأتي استكمالًا لإعلان سابق، أكد فيه أن الاتحاد الدولي اختار مصر لتكون مقرًا لهذا المركز الإقليمي، بفضل ما تمتلكه من بنية تحتية رياضية قوية وكفاءات تنظيمية عالية، تؤهلها للقيام بدور ريادي في تطوير الكوادر الفنية والإدارية في الألعاب المائية على المستويين العربي والأفريقي.
في سياق متصل، قررت الجمعية العمومية للاتحاد العربي للرياضات المائية، خلال اجتماعها، إسناد تنظيم بطولات المراحل السنية للسباحة إلى مصر خلال الفترة من 2026 وحتى 2028، وذلك في إطار دعم وتعزيز مكانة مصر في استضافة البطولات الإقليمية الكبرى.
وشهد الاجتماع حضور المهندس ياسر إدريس، رئيس اللجنة الأولمبية المصرية ورئيس الاتحاد المصري للسباحة وعضو الاتحاد الدولي، الذي حرص على دعم مرشح مصر، أمير عبد الجواد، في انتخابات الاتحاد العربي، التي أسفرت عن فوزه بمنصب نائب رئيس مجلس إدارة الاتحاد العربي للرياضات المائية.