شمسان بوست:
2025-05-21@01:56:12 GMT

برج الصمت وعبدة النار في عدن!

تاريخ النشر: 20th, August 2023 GMT

شمسان بوست / محمد النجار

وعلى سَفح جبل شمسان الأبي، يُمكنك زيارة معلم من معالم مدينة عدن والتي عَرفت التعايش العرقِي والتسامح الديني مُنذ قديم الزمان، ذالك المعلم جسّد هذا التعايش بين سكان المدينة، حيث لايزال صامداً رغم الإهمال وعوامل التَعرية وهجرة من شيّدوه وانتقالهم للعيش إلى بلدان أخرى، برج الصمت او مهلكت الفرس كما يُسميه أهالي عدن هو محور حديثنا في هذه الكلمات الموجزة.

يقع برج الصمت او الدخامة او دونجروادي في مديرية كريتر بمدينة عدن، حيث يُمكنك الصعود إليه من منطقة تسمى الطويله عبر طريق حجري ثم شقه بين جبل شمسان، وعند وصولك أعلى الجبل سيظهر أمام عينيك سور طويل يحيط بالبرج ثم بناءه لمنع تسلل الغرباء ومشاهدة الجثث وهي تتحلل، يوجد مدخل وحيد لهذا السور يمكنك من خلاله الدخول إلى داخل برج الصمت.

اما عن شكل برج الصمت من الداخل فهو دائري الشكل مكون من ثلاث حلقات دائرية متداخلة مع بعضها البعض مبنيه من الحجر الشمساني وخلطة البوميس، يمكنك الدخول إلى كل حلقه بواسطة فتحة موجوده في كل حلقة، أرضية البرج هي ايضاً مفروشة بالأحجار الشمسانية المترابطه مع بعضها البعض بمادة البوميس المستخرجة من كهوف البوميس القريبة من البرج.

اما إذا أردت تفاصيل أكثر عن برج الصمت فستُجيبك المراجع التاريخية بأنه معلم ديني ثم تشييده أثناء الاحتلال البريطاني لمدينة عدن من قبل أبناء الطائفة الزرادشتيه “عبدة النار” القادمين من إيران إلى عدن للإقامة فيها، كان الغرض من بناء برج الصمت هو التخلص من جتث موثاهم، فالطائفة الزرادشتيّه لا تؤمن بدفن او إحراق موتاها، وإنما تعتقد أنّ جثة الميت غير طاهرة بل قد تتسبب بثلوت عناصر الحياة الثلاثة التراب والماء والنار، لذلك كانوا يضعونها في البرج لكي تأكلها الطيور وتصير عظاماً بعدها يتم وضع تلك العظام في تجاويف خاصة داخل البرج مخصصة لجمع العظام، تحاط هذه التجاويف بالجير الذي يساعد على تحلل العظام خلال عدَّت سنوات.

اما إذا ما أقتربت لتُشاهد البرج من الداخل وتتأمل في تفاصيله، فأعلم أنك دخلت منطقة كانت تُعتَبر مُقدّسة بالنسبة لأبناء الطائفة الزرادشتيّه، فعندما كان الزرادشتيون يسكنون مدينة عدن، لم يكن يُسمح بدخول البرج الا لفئة خاصة من الكهنه يطلق عليهم “حملة النعش” حيث كانت وظيفتهم حمل النعش الذي توضع فيه جثة الميت ونقله من المعبد والذي يقع أسفل الجبل بجانب صهاريج الطويلة ويسمى “معبد النار” الى البرج وفق طقوس خاصة، لوضعها أخيراً في إحدى الحلقات الثلاث للبرج، الدائرة الأولى كان مخصصة للموتى من الرجال، أما الدائرة الوسطى فخُصصت للنساء، أما الحلقة الأخيرة كانت للأطفال.

بعد الاستقلال عن الحكم البريطاني وقيام جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية بدأ أتباع الطائفة الزرادشتيّه بمغادرة مدينة عدن وتناقصت أعدادهم بشكل ملحوظ، ومع ذلك كان من تبقى في مدينة عدن من الزرادشتيون يقومون بالتخلص من موتاهم في برج الصمت بل ويقصدون معبد النار لتلبية إحتياجاتهم الدينية عبر عبادة النار والتي ثم جلبها من الهند إلى عدن ووضعها في المعبد بعد بناءه عام 1873 على نفقة رجل الأعمال الفارسي “كوسجي دنشو إيدن”.

أسفرت تفاهمات بين الحكومة الهندية وحكومة اليمن الديمقراطية الشعبية عن نقل النار التي كانت في معبد النار من عدن الى معبد “إيدن والا” في الهند بواسطة طائرة خاصة تابعة للخطوط الجوية الهندية وذلك نهاية عام 1976 ميلادية، وبذلك ثم إنتهاء تواجد الطائفة الزرادشتيّه في عدن وبقي معبدهم وبرج الصمت شاهدين على حقبة زمنية عاشتها مدينة عدن كانت تتسم بالتعايش العرقي والتسامح الديني وظل برج الصمت يعانق سماء المدينة ويعلوا جبلها الأبي رغم تآكله وتهدم أجزاء منه، بينما ثم تحويل المعبد لاحقاً إلى مسجد اطلق عليه اسم سلمان الفارسي.

المصدر: شمسان بوست

كلمات دلالية: مدینة عدن

إقرأ أيضاً:

تحت غطاء الصمت… الهاتف يفضح الخيانات

بقلم : نورا المرشدي ..

في زمن ليس ببعيد، كانت العلاقات تُبنى على لقاءات مباشرة، نظرات صادقة، وكلمات تُقال من القلب للقلب. كانت الأسر تحيط أفرادها بحماية غير معلنة، وكان للوفاء طعم واضح لا تلوثه الفجوات الإلكترونية. أما الخيانة، فكانت فعلًا مدويًا، لا يمكنه أن يمر دون أن يُحدث شرخًا ظاهرًا في جدار الثقة.

اليوم، تغيّرت الملامح. لم يعد الصمت علامة على البراءة، بل صار أحيانًا غطاءً لما يدور خلف الشاشات الصغيرة. الهاتف الذكي، هذا الجهاز الصغير الذي لا يُفارقنا، أصبح شاهدًا صامتًا على الكثير من التحولات، وأحيانًا شريكًا في انكسارات لم نكن نتخيلها.

من خلاله، تُنسج علاقات خلف الكواليس، ويُبنى عالم موازٍ لا تراه العيون، لكنه يهدد كيان الأسرة ويزلزل ثقة الشريك. لم يعد من الضروري أن تُمسك أحدهم متلبسًا، يكفي أن تفتح سجل المحادثات، أو أن تلاحظ نظرة غريبة كلما رنّ الهاتف. الخيانة لم تعد صاخبة، بل أصبحت أكثر هدوءًا… وأكثر وجعًا.

لكن لا يُلام الهاتف وحده. إنه أداة، مجرّد مرآة تعكس ما بداخل مستخدميه. الخلل الحقيقي يكمن في غياب القيم، وفي ضعف الروابط الإنسانية أمام الإغراء السهل والافتراضي. وتمامًا كما يستخدم البعض الهاتف لبناء مساحات من الخداع، يستخدمه آخرون لبناء جسور من الوفاء والتواصل الحقيقي.

في النهاية، تبقى التكنولوجيا حيادية… لكننا لسنا كذلك. نحن من نزرع في الصمت خيانة، أو نزرع فيه حبًا لا يخذل

نورا المرشدي

مقالات مشابهة

  • طعن لاعب بسكين في مباراة بالدوري اللبناني
  • غزة تستباح بين إجرام الصمت وسفور العمالة
  • وفد من لائحة نسيج طرابلس زار ميقاتي: نقدر موقفه الوطني والمسؤول
  • بعد طعن لاعب البرج خلال مباراة لكرة القدم.. هكذا ردّ نادي الرياضي العباسية
  • كارثة خلال مباراة كرة قدم في لبنان.. لاعب البرج تعرّض لطعنة سكين (فيديو)
  • تدفق الحركة السياحية على معبد رمسيس الثانى بمدينة أبو سمبل
  • تحت غطاء الصمت… الهاتف يفضح الخيانات
  • ترامب: مكالمتي مع بوتين كانت جيدة.. وروسيا وأوكرانيا سيبدآن مفاوضات وقف إطلاق النار فورا
  • البيضاء.. مليشيا الحوثي تقتل شاباً في نقطة تفتيش بمدخل مدينة رداع وتصيب اثنين آخرين
  • افتتاح معرض حُلي الكرنك الذهبية بمتحف الأقصر للفن المصري القديم