نص البيان المشترك لاجتماع السوداني ونظيره البريطاني
تاريخ النشر: 14th, January 2025 GMT
14 يناير، 2025
بغداد/المسلة: التقى رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، الثلاثاء، نظيره البريطاني كير ستارمر.
المسلة تنشر نص البيان:
استضاف رئيس وزراء المملكة المتحدة، سعادة السيد السير كير ستارمر، رئيس مجلس وزراء جمهورية العراق، سيادة محمد شياع السوداني، وذلك ضمن الزيارة الرسمية التي يقوم بها رئيس مجلس الوزراء العراقي إلى المملكة المتحدة للمدة من 14 إلى 16 كانون الثاني/ يناير 2025.
وهنّأ رئيس الوزراء السيد ستارمر، رئيس مجلس الوزراء السيد السوداني على الاستقرار والنمو اللذين يتمتع بهما العراق تحت قيادته.
وأكد رئيسا الوزراء على التزامهما بدعم رؤية عراق مزدهر وذي سيادة من خلال شراكة جديدة تركز على التجارة والاستثمار، وتعميق الروابط التعليمية والثقافية، فضلاً عن معالجة تحديات الأمن والهجرة والتغير المناخي.
وتؤكد هذه الزيارة، من جديد، التزام العراق والمملكة المتحدة بالعمل معاً على تحقيق المصالح الإقليمية والعالمية المشتركة، وتؤكد الالتزام المتبادل بازدهار العلاقة الستراتيجية الثنائية.
ووقّع رئيسا الوزراء اتفاقية شراكة وتعاون تاريخية، وهي اتفاقية واسعة النطاق بشأن التجارة والتعاون الاقتصادي والستراتيجي، كما تم الاتفاق على حزمة تجارية بقيمة (12.3) مليار جنيه إسترليني، مدعومة بسلسلة من اتفاقيات ضمان الصادرات، لتعزيز العلاقة التجارية المتنامية بين البلدين، كما اتفقا على تطوير وتعزيز التعاون بين المملكة المتحدة والعراق في مجموعة واسعة من القطاعات، بما في ذلك:
*التجارة والاقتصاد والاستثمار*
ناقش رئيسا الوزراء السيد السوداني والسيد ستارمر، هدفاً مشتركاً يتمثل في زيادة الازدهار والتزامهما بتوسيع التجارة والاستثمار بين العراق والمملكة المتحدة، واتفقا على الاستفادة من خبرة القطاع الخاص في المملكة المتحدة في البنية التحتية الحيوية للمياه والطاقة والاتصالات والدفاع، وتأمين مشاريع استثمارية مستقبلية في قطاعات الطاقة النظيفة والأدوية والخدمات اللوجستية والخدمات المالية، سيتم دعم ذلك من خلال مذكرة تعاون لتمويل الصادرات البريطانية (UKEF) من أجل تعزيز استثمارات القطاع الخاص وتمويله في العراق، ورحّب رئيسا الوزراء بالاتفاق الذي تم الإعلان عنه مؤخراً بين الحكومة العراقية وشركة بريتيش بتروليوم للاستثمار طويل الأمد في العراق.
وأعلن رئيسا الوزراء حزمة التجارة والتصدير بقيمة(12.3) مليار جنيه إسترليني، التي تعادل أكثر من 10 أضعاف إجمالي التجارة الثنائية بين المملكة المتحدة والعراق في العام الماضي، وتتضمن المشاريع التالية التي تقودها المملكة المتحدة في العراق:
● إزالة الألغام: تم تعيين شركات بريطانية لإزالة حقول الألغام القديمة في جميع أنحاء العراق، بعقد قيمته 330 مليون جنيه استرليني.
● إعادة تأهيل قاعدة القيارة الجوية العراقية: سيقوم خبراء من القطاع الخاص البريطاني بإعادة تأهيل قاعدة القيارة الجوية العراقية بقيمة 500 مليون جنيه استرليني، بما يوفر للعراق تغطية دفاعية جوية.
● مشروع المياه الشامل: سيقود تحالف شركات بريطانية مشروعاً كبيراً للبنية التحتية للمياه بقيمة تصل إلى (5.3) مليار جنيه استرليني من صادرات المملكة المتحدة، وسيؤدي ذلك إلى تحسين جودة المياه وريّ الأراضي الزراعية وتوفير المياه النظيفة في جنوب وغرب العراق، مما يحسن ظروف العيش لملايين العراقيين.
● مشروع مياه البصرة: تم تعيين شركة بريطانية لإنشاء البُنية التحتية واسعة النطاق لمحطّات تحلية ومعالجة المياه، بما يوفر المياه النظيفة لثلاثة ملايين عراقي في محافظة البصرة، وتبلغ قيمة هذا المشروع ما يصل إلى (3.3) مليار جنيه إسترليني من الصادرات البريطانية.
● الربط البيني لشبكة الكهرباء بين العراق والسعودية: ستربط أنظمة نقل الطاقة البريطانية الصنع بين الشبكتين العراقية والسعودية، وهو مشـروع تبـلغ قيمـته (1.2) مليار جنيه إسترليني على الأقل.
● تعزيز الشبكة الوطنية العراقية للكهرباء: ستقوم جنرال إلكتريك فيرنوفا بتوريد وتركيب محطات فرعية للطاقة بقيمة (82) مليون جنيه إسترليني لتحسين شبكة الكهرباء في العراق.
● شبكة 5G: تم تعيين شركة فودافون لتصميم شبكة 5G الجديدة التي خططت لها الحكومة في مشروع من المقرر أن تبلغ قيمته (410) مليون جنيه إسترليني على مدى عشرين عاماً.
● مشروع السكة الحديد العراقية: ستقوم شركة بريطانية بالمباشرة بمشروع مد سكة حديد جديدة في العراق بقيمة (82) مليون جنيه إسترليني.
● المرحلة 2 من مشروع مياه الحلة: تم التعاقد مع شركة بريطانية لتقديم حلول معالجة مياه الصرف الصحي والمياه التي تخدم ثلاثة ملايين عراقي بقيمة (260) مليون جنيه إسترليني من الصادرات.
● مشروع بغداد للصرف الصحي: تم التعاقد مع شركة بريطانية لتوفير حلول إدارة المياه ومعالجة مياه الصرف الصحي لأمانة بغداد بقيمة (655) مليون جنيه إسترليني.
● توفير مركبات مكافحة الحرائق البريطانية: سيتم تصدير 62 مركبة إطفاء بريطانية الصنع إلى العراق، بتسهيل من UKEF بقيمة (27.5) مليون جنيه إسترليني.
● توفير معدات الاتصالات اللاسلكية: ستقوم الشركات البريطانية بتصدير تكنولوجيا اتصالات بقيمة (98) مليون جنيه إسترليني، لتزويد خدمات الطوارئ العراقية بالمعدات اللازمة لمعالجة حالات الطوارئ والحوادث بشكل أكثر كفاءة في جميع أنحاء العراق.
● تكنولوجيا الحدود: ستوفر الشركات البريطانية معدات لضمان أمن الحدود بقيمة (66.5) مليون جنيه إسترليني لوزارة الداخلية العراقية، لجعل المعابر ونقاط التفتيش والمطارات العراقية أكثر أماناً.
تقدم المملكة المتحدة الدعم لجمهورية العراق للقيام بالإصلاحات طويلة الأمد، اللازمة لتنمية اقتصاده، وستسخّر المملكة المتحدة خبراتها المالية العالمية الرائدة لدعم صندوق العراق للتنمية، أول صندوق استثمار استراتيجي في العراق، الذي أسسه رئيس الوزراء السيد السوداني، ويتمتع الصندوق بالقدرة على دعم مشاريع تطوير البنية التحتية الاجتماعية والاقتصادية في العراق وتوفير بوابة للعالم لجذب الاستثمار الخاص.
*الدفاع والأمن*
أكد رئيسا الوزراء السيد السوداني والسيد ستارمر على العلاقة الأمنية التاريخية القوية بين البلدين، وأشار رئيسا الوزراء إلى أن عام 2025 يمثل مرور أكثر من عقد من الزمن على بدء المهمة العسكرية للتحالف الدولي في العراق، وتناولا كذلك النجاحات التاريخية التي حققتها قوات الأمن العراقية والتحالف في تحقيق الهزيمة الميدانية لداعش في العراق، وكرّما التضحيات التي قدمتها القوات العراقية والبريطانية وغيرها من القوات في تحقيق هذا الهدف.
وبهذا المجال، وقّع رئيسا الوزراء على البيان المشترك حول العلاقات الدفاعية والأمنية الستراتيجية الثنائية، الذي يضع الأساس لحقبة جديدة في التعاون الأمني ويمهد الطريق لاتفاق جديد يعكس طموح البلدين، بما يعمّق التعاون الأمني المستقبلي، وذلك من خلال توفير تبادل التعليم العسكري بين المملكة المتحدة والعراق، والدعم الاستشاري البريطاني في مجال تعزيز القدرات والإصلاح المؤسسي، وتطوير الشراكات الصناعية الدفاعية، ويشدد البيان المشترك على الأهداف المشتركة، بما في ذلك مكافحة الإرهاب وتعزيز الأمن والاستقرار الإقليميين وعراق قوي ومزدهر، وأعرب رئيسا الوزراء السيد السوداني والسيد ستارمر، بصورة مشتركة، عن أهمية السلامة والمعايير الأمنية للطيران.
*الهجرة وجرائم الهجرة المنظمة*
يلتزم رئيسا الوزراء، السيد السوداني، والسيد ستارمر، بشأن تعزيز التعاون الحيوي في مجال الهجرة بين العراق والمملكة المتحدة، نظرا لأهمية هذه الشراكة الثنائية الستراتيجية في مكافحة الهجرة غير النظامية من خلال معالجات جذرية، والعمل الكبير الذي تقوده الحكومة العراقية لتوفير دعم إعادة الإدماج للعائدين.
واتفق رئيسا الوزراء على مبادئ اتفاقية العودة عبر التزام مشترك بضمان إمكانية إعادة أولئك الذين ليس لديهم الحق في التواجد في المملكة المتحدة بالسرعة الممكنة، وناقشا الخطوات العملية القادمة حول كيفية القيام بذلك، بناء على زيارة وزيرة الداخلية البريطانية الأخيرة، التي وضعت الاتفاقات الرئيسة حول سبل تعزيز البلدين لأمن الحدود والتعاون في إنفاذ القانون للتصدي لعصابات الجريمة المنظمة لتهريب البشر.
كما اتفقا على أن الطبيعة العالمية المتزايدة لجرائم الهجرة المنظمة تؤكد الحاجة لمنع عصابات تهريب البشر من تعريض الكثير من الأرواح للخطر، وأن تعزيز أمن الحدود لدولنا هو جزء أساسي من هذا الجهد، وتلعب خبرة القطاع الخاص في المملكة المتحدة دوراً مهماً في هذا المسعى، معلنة عن توفير معدات اتصالات الشرطة، تكنولوجيا الحدود وبرامج التدريب الشاملة لوزارة الداخلية العراقية، ما يضمن امتلاك العراق لأحدث التقنيات والقدرة على الاستجابة للطوارئ لدعم هدفنا المشترك المتمثل بتعزيز أمن الحدود، مع المساهمة أيضا في نمو المملكة المتحدة.
*الثقافة والتعليم*
أشار رئيسا الوزراء، السيد السوداني والسيد ستارمر، إلى أهمية التبادل التعليمي والثقافي في بناء الفرص المشتركة والثقة والتفاهم المتبادلين، وأقرّا بالعلاقات القوية بين شعبي البلدين، وناقش الجانبان تاريخ الإنجازات العلمية للعراق، ورحب رئيس الوزراء السيد ستارمر بشدة باستثمار العراق في المنح الدراسية الدولية، حيث أعلن رئيس مجلس الوزراء السيد السوداني عن برنامج كبير للمنح الدراسية يُمكّن أكثر من 2000 طالب عراقي من الدراسة في المملكة المتحدة، وأشارا كذلك إلى إمكانية التعاون في مجال التدريس والتعليم والبحث عالي الجودة بين الجامعات والأكاديميين في المملكة المتحدة والعراق، من خلال توقيع عدد من الاتفاقيات رفيعة المستوى مع جامعات المملكة المتحدة، وناقشا أهمية تعلم اللغة الإنجليزية ومؤهلات المدارس الدولية في المملكة المتحدة، والتي تفتح فرصاً لمزيد من التبادل التعليمي والثقافي، واعترفا بعمل المؤسسات البريطانية والعراقية التي تعمل على توسيع نطاق الوصول.
*المرأة والسلام والأمن*
التزم رئيسا الوزراء، السيد السوداني والسيد ستارمر، بتعميق التعاون بشأن أجندة المرأة والسلام والأمن، حيث رحب رئيس الوزراء السيد ستارمر بخطط العراق لإطلاق خطة العمل الوطنية الثالثة وشبكة من بناة السلام العراقيات في آذار 2025، واتفق رئيسا الوزراء على أهمية دعم المنظمات التي تقودها النساء ومنظمات حقوق المرأة، وأقرّا الحاجة إلى الدعم المستمر وضمان العدالة والمساءلة لجميع الناجين من العنف الجنسي الذي ارتكبه كيان داعش الارهابي، بما في ذلك الأمهات وأطفالهن المولودون من العنف الجنسي المرتبط بالنزاع، ومواصلة الجهود لإنهاء العنف ضد النساء والفتيات، واتفقا على أهمية إتمام الفتيات تعليماً جيداً وتمكين المرأة اقتصادياً، بما يعود بالنفع على المجتمع بأسره.
*المناخ والبيئة*
وأكد رئيسا الوزراء السيد السوداني والسيد ستارمر على أهمية العمل معاً لمعالجة قضايا المناخ والبيئة، والترحيب بالتزام الحكومة العراقية بإنهاء حرق الغاز المصاحب بحلول عام 2028، كجزء من انتقالها نحو نظام طاقة أنظف، وتنفيس الغاز الجاف، الذي له عواقب بيئية واقتصادية سلبية، والتزام المملكة المتحدة بالتحول إلى الطاقة النظيفة بحلول عام 2030، ووقع الجانبان مذكرة تعاون بشأن تغير المناخ والبيئة والتحول في الطاقة واقتصاد الكربون، وسيؤدي ذلك إلى تعميق التعاون بشأن مجموعة واسعة من قضايا المناخ والبيئة، وعلى وجه الخصوص، اتفقا على تعزيز الشراكة لتعزيز التعاون للوفاء بالتزام العراق بإنهاء حرق الغاز.
*التعاون الرياضي*
أكد رئيسا الوزراء أهمية تطوير التبادل الرياضي بما يعود بالفائدة المتبادلة على البلدين، وشجعا على المزيد من التواصل وتطوير التعاون في الشؤون الرياضية، وشجعا كذلك اتحاداتهما الرياضية على تنسيق أنشطتها وتعزيز التبادل والتعاون، بما في ذلك العلوم الرياضية والطب الرياضي، وأعرب رئيسا الوزراء عن اهتمامهما القوي بتبادل الزيارات بين الفرق الرياضية في البلدين.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author زينSee author's posts
المصدر: المسلة
كلمات دلالية: ملیون جنیه إسترلینی ملیار جنیه إسترلینی رئیس الوزراء السید فی المملکة المتحدة رئیس مجلس الوزراء رئیسا الوزراء على المناخ والبیئة شرکة بریطانیة القطاع الخاص بما فی ذلک فی العراق من خلال
إقرأ أيضاً:
تحوّل حاد في الموقف البريطاني تجاه إسرائيل وسط أزمة غزة الإنسانية
رئيس مؤسسة المشروع البريطاني الفلسطيني: هناك إجراءات أوسع يمكن أن تتخذها بريطانيا ضد إسرائيل
شهدت المملكة المتحدة، الحليف التقليدي الراسخ لإسرائيل، تحوّلًا ملحوظًا في موقفها الدبلوماسي خلال الثماني والأربعين ساعة الماضية، في ظل مواصلة الحكومة الإسرائيلية، بقيادة بنيامين نتنياهو، فرض قيود مشددة على وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.
فقد علّقت بريطانيا محادثات اتفاقية التجارة الحرة مع إسرائيل، واستدعت سفيرتها تسيبي هوتوفلي إلى وزارة الخارجية. وأوضح وزير شؤون الشرق الأوسط، هاميش فالكونر، أنه سيُبلغها برفض الحكومة البريطانية "للتصعيد غير المتناسب تمامًا للنشاط العسكري في غزة".
كما أعلنت المملكة المتحدة فرض عقوبات جديدة على ثلاثة أفراد، من بينهم زعيمة المستوطنين المتطرفة دانييلا فايس، بالإضافة إلى بؤرتين استيطانيتين غير شرعيتين ومنظمتين ساهمتا في التحريض على العنف ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية. وتشمل العقوبات: دانييلا فايس، هارييل ليبي (مالك شركة ليبي للإنشاءات والبنية التحتية)، زوهار صباح، مزرعة كوكو، شركة ليبي، منظمة "نحالاه"، ومزرعة نيريا – وجميعهم متورطون في دعم العنف والأنشطة غير القانونية بحق الفلسطينيين.
وقال وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي: "رأيت بعينيّ آثار عنف المستوطنين، والخوف الذي يعيشه ضحاياهم، والإفلات من العقاب الذي يحظى به الجناة". وأضاف: "فرض العقوبات على دانييلا فايس وآخرين يُظهر تصميمنا على محاسبة المستوطنين المتطرفين، في وقت تعاني فيه المجتمعات الفلسطينية من الترهيب والعنف". وختم قائلاً: "تقع على عاتق الحكومة الإسرائيلية مسؤولية التدخل ووقف هذه الانتهاكات. إن فشلها المستمر يعرض الفلسطينيين وحل الدولتين للخطر".
وتناقلت الصحف البريطانية صباح اليوم أنباءً عن نية رئيس الوزراء كير ستارمر فرض عقوبات إضافية على وزراء كبار في حكومة نتنياهو، وسط تصاعد الضغوط لاتخاذ موقف بريطاني أكثر حزمًا. ومن المتوقع أن تشمل القائمة وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، وآخرين.
لماذا الآن؟
ورغم أن وسائل الإعلام البريطانية تشير إلى تحوّل في لهجة لندن تجاه إسرائيل، إلا أن كريس دويل، مدير مجلس تعزيز التفاهم العربي البريطاني، يرى أن هذا التغيّر لم يكن مفاجئًا، بل بدأ يتشكل منذ أشهر. وقال: "اللهجة أصبحت أكثر حدة مؤخرًا، وهناك تنسيق بريطاني مع فرنسا وكندا، كما في البيان الثلاثي المشترك الأخير. من الواضح أن صبر بريطانيا تجاه التصرفات الإسرائيلية في غزة قد نفد".
وأضاف دويل في - حواره مع جريدة عمان- أن السبب الرئيسي لهذا التحوّل هو المنع الكامل لإدخال المساعدات منذ الثاني من مارس 2025. فقبل ذلك، كانت إسرائيل تسمح بدخول محدود لها، لكنها أوقفتها تمامًا منذ أوائل مارس. وهو ما أشار إليه أيضا وزير شؤون الشرق الأوسط، هاميش فالكونر "سأوضح للسفيرة هوتوفلي أن الحصار المفروض على المساعدات الإنسانية لمدة 11 أسبوعًا كان قاسيًا ولا يمكن تبريره".
ويرى دويل أن اللهجة التصعيدية تهدف إلى الضغط على إسرائيل لاتخاذ خطوات محددة طال انتظارها. "لقد طالبنا بذلك منذ بداية مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة، بل قبل السابع من أكتوبر بكثير".
وأشار دويل أيضًا إلى أن غياب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عن إسرائيل خلال جولته الخليجية قد شجّع بريطانيا وفرنسا وكندا على رفع نبرتهم.
الاعتراف بدولة فلسطين؟
وفي السياق نفسه، قال أندرو وايتلي، رئيس مؤسسة "المشروع البريطاني الفلسطيني" في تصريحات لجريدة عمان "نحن نرى أن الخطوة الصحيحة التالية – إلى جانب تعليق صفقات الأسلحة – هي الاعتراف بدولة فلسطين. وعلينا تنسيق ذلك مع فرنسا قبل قمة نيويورك المقبلة، التي ترعاها السعودية، وتُعقد في يونيو، وقد تكون هي المحرك وراء هذا التغيّر البريطاني".
وأضاف وايتلي أن هناك إجراءات أوسع يمكن أن تتخذها بريطانيا، "وكان يمكنها أن تذهب أبعد من ذلك بكثير.. اتخاذ خطوات تنفيذية إضافية سيجعل الموقف البريطاني أكثر اتساقًا"، مشيرا إلى التعاون الاستخباراتي البريطاني مع جيش الدفاع الإسرائيلي.
وفي السياق نفسه أضاف كريس دويل "أن هذه العقوبات لا تكفي لإنهاء الحصار والقصف والإبادة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني".
لكن ما جدوى هذه العقوبات فعليًا؟
يشير موقع الحكومة البريطانية إلى أنه لم يحدث أي تعليق فعلي لحجم التبادل التجاري مع إسرائيل. ووصف وايتلي هذه الإجراءات بأنها "لا تُذكر"، موضحًا أن تعليق مفاوضات التجارة الحرة يتعلق بمحادثات لم تُحرز تقدمًا ملموسًا، ولم تُلغَ الاتفاقية القائمة، ولم تُعلّق خارطة طريق 2030 التي تهدف إلى تعميق التعاون الاقتصادي والعسكري بين البلدين.
ورغم ترحيب مؤسسته بالموقف البريطاني الجديد، شدّد وايتلي على أن الإجراءات الحالية "متواضعة نسبيًا".
ويؤكد دويل أن "تعليق مفاوضات التجارة الحرة" يعني ببساطة إمكانية فرض مزيد من العقوبات لاحقًا، وعدم رغبة بريطانيا في تطوير علاقة أوثق ضمن الاتفاقية المقررة لعام 2030، التي كانت من بنات أفكار ريشي سوناك".
وتجدر الإشارة إلى أن اتفاقية التجارة الحرة المقترحة بين بريطانيا وإسرائيل بدأت مفاوضاتها في 20 يوليو 2022، وتُعد ثالث اتفاقية تغطي التبادل التجاري بين البلدين، وتهدف إلى توسيع نطاق التعاون ليشمل الخدمات والتجارة الرقمية، محلًّا لاتفاقية "الاستمرارية التجارية" السابقة.
ما هو حجم التجارة بين بريطانيا وإسرائيل؟
تشير آخر الإحصاءات التي نشرتها الحكومة البريطانية قبل ثلاثة أسابيع إلى أن إجمالي التبادل التجاري في السلع والخدمات بين المملكة المتحدة وإسرائيل بلغ 5.8 مليار جنيه إسترليني حتى نهاية الربع الرابع من عام 2024، مسجلًا انخفاضًا بنسبة 8.5% (ما يعادل 536 مليون جنيه) مقارنة بالفترة نفسها من عام 2023.
وبلغت صادرات المملكة المتحدة إلى إسرائيل 3.2 مليار جنيه (بانخفاض 4.9% أو 166 مليونًا).
بينما بلغت وارداتها من إسرائيل 2.5 مليار جنيه (بانخفاض 12.7% أو 370 مليونًا).
واحتلت إسرائيل المرتبة 44 بين شركاء المملكة المتحدة التجاريين، بما يمثل 0.3% فقط من إجمالي التجارة البريطانية.
أما في عام 2023، فقد بلغ رصيد الاستثمار الأجنبي المباشر الصادر من المملكة المتحدة إلى إسرائيل سالب 6.6 مليار جنيه إسترليني، ما يمثل –0.4% من إجمالي رصيد الاستثمار الأجنبي المباشر الصادر.
مزيد من الضغط
خلال مناقشات محتدمة في مجلس العموم، طالب نواب من مختلف الأطياف السياسية - بمن فيهم نواب من حزب العمال، المحافظين، الخضر، الديمقراطيين الليبراليين، والحزب الوطني الاسكتلندي - حكومة العمال باتخاذ إجراءات أكثر صرامة ضد إسرائيل استجابةً للأزمة الإنسانية في غزة. ومع تحذير الأمم المتحدة من أن المساعدات لا تزال لا تصل إلى المنطقة، وتقرير يفيد بأن 14,000 طفل في غزة قد لا يتبقى لهم سوى ساعات قليلة للبقاء على قيد الحياة، تصاعد الضغط على وزير الخارجية ديفيد لامي لفرض عقوبات ووقف مبيعات الأسلحة لحكومة نتنياهو. وتساءلت النائبة عن حزب العمال، ميلاني وارد، عما إذا كان لا بد من حدوث المزيد قبل أن ترسم المملكة المتحدة خطًا أحمر، مؤكدة أن "غزة لم يعد لديها وقت".
النداءات لاتخاذ إجراءات حاسمة استندت إلى التزامات سابقة أدلى بها زعيم حزب العمال، السير كير ستارمر، إلى جانب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الكندي مارك كارني. وقد جادل المنتقدون بأن رد الحكومة البريطانية الحالي غير كافٍ، مطالبين بإجراءات فورية وملموسة. وقد لقي موقف حكومة العمال ترحيبًا من شخصيات معارضة في إسرائيل، من بينهم رئيس الوزراء الأسبق إيهود أولمرت، الذي دعا إلى الاستمرار في الإدانة الدولية القوية لسياسات نتنياهو.
رغم أن الإجراءات البريطانية لا تزال في إطارها الرمزي ولم تمس جوهر العلاقات الاقتصادية والعسكرية مع إسرائيل، فإن الرسائل السياسية التي تحملها هذه الخطوات تبقى بالغة الدلالة. فبريطانيا التي لطالما تبنّت موقفًا داعمًا لإسرائيل، اختارت اليوم أن تُعلن – ولو بحذر – رفضها للتجاوزات التي ترتكب في غزة والضفة الغربية.
هذا التحول لا يعكس فقط ضغوطًا داخلية وإعلامية متصاعدة، بل يعبر أيضًا عن إدراك أوروبي متزايد بأن سياسة الإفلات من العقاب قد وصلت إلى نقطة حرجة تهدد الأمن الإقليمي ومصداقية الغرب على الساحة الدولية.