موسكو- بعد قرون من الارتباط الوثيق والعلاقات التاريخية مع روسيا، بدأت أرمينيا باتخاذ سلسلة خطوات جديدة في التباعد عنها، بموازاة قرارات أكثر جرأة في التقارب مع خصوم موسكو (الولايات المتحدة والغرب عموما).

وتمثلت أحدث الخطوات في توقيع اتفاقية الشراكة الإستراتيجية بين أرمينيا والولايات المتحدة منتصف الشهر الحالي في واشنطن.

ووقع الاتفاقية وزيرا الخارجية الأرميني أرارات ميرزويان ونظيره الأميركي أنتوني بلينكن.

على غرار أوكرانيا

وتشمل الاتفاقية التعاون الثنائي في المجالات السياسية والأمنية والدفاعية والاقتصادية والطاقوية والعلمية والتعليمية والثقافية والإنسانية، وتتضمن تقديم المساعدة الأميركية لأرمينيا لتنفيذ الإصلاحات العسكرية والاقتصادية، لكنها لا تعني التدخل الأميركي المباشر حالة نشوب صراع محتمل لأرمينيا مع دولة أخرى.

وقبل التوقيع عليها، أوضحت الخارجية الأرمينية أن "مبادئ التعاون في إطار الاتفاقية الجديدة ستستند إلى مثال التفاعل بين الولايات المتحدة وأوكرانيا، وهذا يعني أن يريفان تلتزم بالمبادئ الديمقراطية للولايات المتحدة".

ومنذ عام 2019، دخلت العلاقات بين أرمينيا والولايات المتحدة في مسار مستوى الحوار الإستراتيجي. وأعلن رئيس الوزراء نيكول باشينيان في 4 يوليو/تموز 2024 عن نية يريفان رفعها إلى مستوى الشراكة الإستراتيجية وذلك في رسالة تهنئة للرئيس الأميركي المنتهية ولايته جو بايدن بمناسبة عيد الاستقلال.

توجه أرمينيا للغرب سيدفعها لمزيد من الصراعات العسكرية مع جيرانها كما يرى محللون (رويترز) إشكالات

يشير المحلل السياسي الأرميني أرمين بايلان، إلى أن الوثيقة الخاصة بالشراكة الإستراتيجية بين البلدين لا تعني تقديم ضمانات أمنية لأرمينيا على نفس المستوى مثل تلك الموجودة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، أو بين الولايات المتحدة وأوكرانيا.

إعلان

وفي حديث للجزيرة نت يدلل بايلان على ذلك بأن الاتفاق لا يشمل تقديم مساعدات عسكرية في شكل إمدادات الأسلحة أو نشر قواعد عسكرية أميركية على أراضي أرمينيا.

مع ذلك يرى المحلل السياسي أن الاتفاقية ستؤثر بطريقة أو بأخرى على التعاون مع موسكو، على أقل تقدير عند الأخذ في الاعتبار أن حاميتين للقاعدة العسكرية الروسية تتمركزان في غيومري ويريفان منذ عام 1995.

ويوضح في هذا السياق بأنه وبموجب اتفاقيات عام 2010، فإن هذه الحاميات ستبقى في أرمينيا حتى عام 2044، فضلا عن أنه إذا بردت علاقات يريفان مع موسكو، فإن اتصالاتها مع باكو قد تصبح أكثر تعقيدا.

رد فعل موسكو

وتسارعت وتيرة تقارب أرمينيا مع الدول الغربية في عام 2023 بعد أن اتهم باشينيان روسيا ومنظمة معاهدة الأمن الجماعي "بالتقاعس أثناء الصراع في ناغورني قره باغ ". وفي فبراير/شباط 2024 أعلن تجميد مشاركة بلاده في المنظمة، وفي ديسمبر/كانون الأول من نفس العام قال إن العلاقات مع هذه المنظمة وصلت إلى "نقطة اللاعودة".

علاوة على ذلك، أيدت الحكومة الأرمينية في 9 يناير/كانون الثاني مشروع قانون لبدء عملية انضمام البلاد إلى الاتحاد الأوروبي، ورد الكرملين محذرا من استحالة عضوية يريفان في الاتحاد الأوروبي والاتحاد الاقتصادي الأوراسي في نفس الوقت.

ويأتي التقارب بين أرمينيا والولايات المتحدة على خلفية برود غير مسبوق في العلاقات بين يريفان وموسكو، والتي كان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف اعترف بأنها "ليست سهلة".

أما المتحدث الصحفي للكرملين ديمتري بيسكوف فوصف الاتفاق بين الولايات المتحدة وأرمينيا بأنه "حق سيادي لأصدقائنا الأرمن"، لكنه نوه في الوقت نفسه بأن "واشنطن لم تلعب أبدا دورا مستقرا في جنوب القوقاز، بل على العكس من ذلك".

ثمن التباعد

يقول المحلل السياسي المختص في شؤون جنوب القوقاز ألكسي نوموف، إن السلطات الأرمينية الحالية تحاول -على ما يبدو- تغيير "التوجه الإستراتيجي" للبلاد متجاهلة التكاليف والمخاطر المترتبة على ذلك والتي قد تدفع التوترات في العلاقات الأرمينية الروسية إلى حد المواجهة المفتوحة.

إعلان

ويتابع في حديث للجزيرة نت أن واشنطن تستغل هذا التوجه لإثارة المشاكل وتحقيق مصالحها الخاصة المتمثلة في التغلغل بمنطقة جنوب القوقاز التي كانت في السابق جزءا من الاتحاد السوفياتي.

ووفقا له، فقد أظهرت روسيا استعدادها ليس فقط لاستخدام القوة لمنع مثل هذه المحاولات، بل وللمخاطرة بالتصعيد النووي لمنع مثل هذه المحاولات.

وحسب اعتقاده فإن سياسة التقارب التدريجي التي تنتهجها أرمينيا مع الغرب مقابل تقليص العلاقات مع روسيا ستؤدي لفقدانها التفضيلات والفرص الاقتصادية التي نشأت في إطار علاقاتها مع موسكو.

ومن وجهة نظره، فإن القيادة السياسية الأرمينية تعتقد أن روسيا تحتاج لأرمينيا أكثر من حاجتها هي لموسكو، ولهذا السبب تراهن على الغرب في التعاون العسكري والسياسي، لكنها تتناسى أن ما يصل إلى 70% من السلع الاستهلاكية في أرمينيا تأتي من روسيا.

بموازاة ذلك، يستبعد المتحدث بأن تحذو الولايات المتحدة حذو فرنسا في تقديم الدعم العسكري لأرمينيا حتى لا تفسد علاقاتها مع تركيا، وأن الشراكة الأرمينية الأميركية ستقتصر على التدريبات العسكرية المشتركة، كما يحدث في جورجيا المجاورة، والتي هي ذات طابع استعراضي صرف، حسب وصفه.

اتفاقيات مماثلة

تجدر الإشارة إلى إن أوكرانيا لديها اتفاقية مماثلة مع الولايات المتحدة. وفي أوائل ديسمبر/كانون الأول 2024، بدأت الحكومة المولدوفية أيضا مناقشات بشأن إبرام شراكة إستراتيجية مع الولايات المتحدة.

وفي 30 نوفمبر/تشرين الثاني من نفس العام، علقت واشنطن مثل هذه الاتفاقية مع جورجيا بسبب ما وصفتها بـ"الإجراءات المناهضة للديمقراطية" التي اتخذها حزب "الحلم الجورجي" الحاكم في البلاد بعد اعتماد قانون المنظمات غير الحكومية الأجنبية حول "شفافية النفوذ الأجنبي" بمجلس الشيوخ الجورجي.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات بین الولایات المتحدة مع موسکو

إقرأ أيضاً:

الولايات المتحدة تفرض عقوبات على عصابة فنزويلية

أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية، فرض عقوبات على مجموعة فنزويلية تزعم أن الرئيس نيكولاس مادورو يقودها، متهمة إياها بدعم عصابات المخدرات.

أعلن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأمريكية عن فرض قيود على ما يسمى بـ"كارتل الشمس"، وتصنيفه ككيان إرهابي عالمي .

الاحتلال يقتـل الرضيعة زينب أبو حليب.. وصحة غزة تتوقع 6 شاحنات دواءزلزال يضرب إندونيسيا بقوة 5.9 درجة على مقياس ريخترعزت الرشق: تصريحات ترامب وويتكوف حول المفاوضات تثير الاستغرابوزير الخارجية الإسرائيلي: الاعتراف الفرنسي بفلسطين يضر بمفاوضات غزةتايوان .. تصويت تاريخي لعزل أعضاء بالبرلمان وسط اتهامات بتدخل صيني

تزعم وكالة مراقبة الأصول الأجنبية، التي تحدد العقوبات على أساس السياسة الخارجية الأمريكية، إن المجموعة "يرأسها نيكولاس مادورو" و"أفراد فنزويليون آخرون رفيعو المستوى في نظام مادورو".

وزعمت أيضًا أن الكارتل "يقدم دعمًا ماديًا" لعصابتي ترين دي أراجوا وسينالوا - العصابات الإجرامية التي صنفتها إدارة الرئيس دونالد ترامب على أنها جماعات إرهابية.

واتهمت إدارة ترامب في ولايتها الأولى مادورو وعدد من كبار مساعديه بـ "الإرهاب المرتبط بالمخدرات" وعرضت مكافأة للقبض عليهم، وهي ادعاءات انتقدها الزعيم الفنزويلي اليساري بشدة.

وبحسب حكومة ترامب، فإن "كارتل دي لوس سولس" يهدف إلى "استخدام تدفق المخدرات غير المشروعة كسلاح ضد الولايات المتحدة".

طباعة شارك الولايات المتحدة المتحدة الأمريكية فنزويلا عصابة فنزويلية الرئيس مادورو

مقالات مشابهة

  • الولايات المتحدة تنتقد إفراج فرنسا عن المناضل جورج عبد الله
  • زاهي حواس يختتم محاضراته في الولايات المتحدة الأمريكية ويتجه إلى كندا
  • الولايات المتحدة تفرض عقوبات على عصابة فنزويلية
  • نتنياهو: ندرس الآن مع الولايات المتحدة خيارات بديلة لاستعادة المحتجزين
  • الولايات المتحدة.. إلقاء القبض على ممرضة عملت بـ20 اسما مستعارا ووثائق مزورة
  • الولايات المتحدة تبرم صفقة تجارية تاريخية مع اليابان
  • الولايات المتحدة ترفض اعتراف فرنسا بالدولة الفلسطينية
  • الولايات المتحدة ترفض المشاركة في مؤتمر أممي حول حل الدولتين
  • الولايات المتحدة والأردن يبحثان دعم وقف إطلاق النار بالسويداء
  • كوريا الجنوبية تُلغي محادثات تجارية مع الولايات المتحدة وسط تهديدات جمركية