الأسبوع:
2025-10-22@23:36:58 GMT

رمانة الميزان.. !!

تاريخ النشر: 20th, August 2023 GMT

رمانة الميزان.. !!

في الحياة هناك دائمًا تلك المساحة الوسيطة بين كل نقيضين، بين اليمين واليسار، بين الفقر والغنى، بين التأييد المُطلق والمعارضة غير الواعية، بين التزيُّد والتسيُّب، بين الأصالة والحداثة، ولكن حين غُيِّبَت تلك المنطقة عن واقعنا المعاصر سقطنا جميعًا في فخ التعصب بدرجات متفاوتة. حين غابت أو تآكلتِ الطبقة الوسطى انفصل الناس كما ينفصل الزيت عن الماء، فلا يمتزجان.

كانت تلك الطبقة الوسطية اقتصاديًا واجتماعيًا وفكريًا هى رمانة الميزان بين طرفَي المعادلة، كانتِ الضامن الوحيد للتقريب بين وجهات النظر، والوصول إلى مساحة مشتركة تتسع للجميع. حين تلاشت تلك الطبقة بفعل سنوات التأرجح الأخيرة تحوَّل المجتمع إلى طبقتين فقط على طرفَي معادلة الحياة، فلا يلتقيان ولا يتفقان. أن لا تكون معي فأنت ضدي، أهلي وزمالك، ساحل ومسحول، وطني وخائن، هكذا أصبحت معادلات حياتنا على كل المستويات، لا وجود للطبقة الوسطى التي تربط بين أجزاء المجتمع. اختفى صوت العقل والهدوء وزاد الصراخ، كل طرف يرى أنه يمتلك الصواب وحده وأن الآخر لا يفهم شيئًا. غابتِ الوسطية حتى فى الشكل العام للناس وملابسهم وطريقة كلامهم، بين لغة عربية يتحدث بها القلة، وبين لغة (فرانكو) مستغرِبة، واندثرت أو كادت تندثر تلك العامية الراقية التي كانت سائدة بين المصريين من قبل. فى الفن والفكر والثقافة ستجد هذا الأثر قويًا، فإما أن تكون في حاضنة (بيكا) وأشباهه أو تظل متمسكًا بما كان موجودًا قبل عشرات السنين، لا وجود للرابط الذى يقرب المسافة، ويمزج الحديث بالقديم، فيستفيد بإمكانيات العصر، ويقدم إبداعًا يحترم عقل الناس وقيم المجتمع فى ذات التوقيت. جيل يُخاطب نفسه فوق المنصات والغرف المغلقة، وجيل شاب لا يعنيه ما يقولون وإنما يعيش وفق هواه دون جذور، لا وجود لجيل الوسط الذى كان قادرًا على تضييق فجوة الأجيال المزمنة. حين أصبحنا على أطراف المعادلة، زاد الصراخ والتعصب بل والشجار الذى يصل أحيانًا إلى أقصى درجات التكفير والتخوين وقطع الأرحام وخسارة الأصدقاء، فقط لأننا أهملنا تلك المساحة التى كان يمكن أن نلتقي جميعًا فوقها، هناك فى براح المنتصف الآمن الذي قد يتسع لكل الأفكار والمستويات دون تمييز. دعوة للهدوء والبعد عن الأطراف والعودة لمنطقة الدفء بين الناس، حتى يسود المجتمع درجة من التراحم والتكافل والتقارب الفكري القائم على التنوع دون تعصب أو احتداد، قرّبوا بين الأجيال والأفكار والاتجاهات، ففى النهاية كلنا مصريون، وكلنا مسئولون عن هذا الوطن، ليس كل مَن يصفق (مُغرض)، ولا كل مَن ينتقد (خائن)، ليس كل جديد (صالحًا) ولا كل قديم (طالحًا). نحن نسقط بإرادتنا فى دوامة العنصرية والتعصب دون سبب، وسننسى يومًا كيف كنا قبل سنوات مضت، وكيف حملت تلك الطبقة المتوسطة راية الإبداع والفكر والتنوير وربطت بين جنبات المجتمع وطبقاته المختلفة، كيف كنا أسوياء ولكننا اليوم تُهنا.. حفظ الله بلادنا الطيبة من التمييز والتشتت والفُرقة. حفظ الله الوطن الأبي الغالي.

المصدر: الأسبوع

إقرأ أيضاً:

جمالُكِ يهمنا

 

جابر حسين العُماني **

jaber.alomani14@gmail.com

ظاهرة اجتماعية غريبة انتشرت في مجتمعاتنا العربية والإسلامية، كالنار في الهشيم، وأصبحت تؤرق فئة كبيرة من أبناء المُجتمع، وهي انتشار صور النساء السافرات على واجهات صالونات التجميل، ومحال العناية بالبشرة، والتي باتت تُثير الكثير من التساؤلات لدى أبناء المجتمع المحافظ، فيا ترى هل إبراز صور النساء غير المحتشمات على واجهات صالونات التجميل يتوافق مع عاداتنا وتقاليدنا العربية والإسلامية التي تربينا عليها؟

الجواب على السؤال هو الآتي: إن جميع الصور المعروضة على واجهة تلك المحال التجارية تتعارض ولا تتوافق جملة وتفصيلا مع المنظومة الأخلاقية والقيمية التي تربى عليها المجتمع العربي، والذي كان منذ القدم يؤمن إيمانا راسخا بأهمية احتشام المرأة، والحفاظ على حيائها وسترها وعفتها، وكما قال أمير الكلام الإمام علي بن أبي طالب: "عَلَى قَدْرِ اَلْحَيَاءِ تَكُونُ اَلْعِفَّةُ". فينبغي عدم إبراز مفاتن المرأة فذلك في حد ذاته خروجا على السلوكيات الطيبة التي تربى عليها الإنسان العربي الأصيل، فإلى أين نحن نسير؟

لا يخفى على أحد أن تلك الصور المخلة، لها تأثيرات كبيرة جدا في ترسيخ مفهوم التبرج في المجتمع، فهي تجعل من جسد المرأة مجرد سلعة رخيصة تعرض على واجهات المحال التجارية التي يمر عليها الجيل الناشئ في كل يوم فيتأثر بها وينجر نحو الانحراف الأخلاقي والسلوكي.

هناك شريحة كبيرة من أبناء المجتمع يتساءلون عن دور الجهات الحكومية والرسمية، حول ما يعرض ويروج له على واجهات صالونات التجميل من صور النساء المتبرجات، ولماذا تسمح الجهات المسؤولة بإعطاء موافقات لتلك المحال التجارية، لعرض ما يحلو لها من صور غير محتشمة، والتي أصبح من يتقبل عرضها من أبناء المجتمع في الأماكن العامة. أليس من الواجب أن يكون هناك قانون صارم وواضح ينظم تلك الإعلانات والصور المنتشرة، بما يضمن توافقها مع الذوق العام والقيم الاجتماعية؟

المطلوب اليوم من الجهات الرسمية والمسؤولة، إصدار لوائح منظمة تنظم تلك الصور المعروضة على واجهات صالونات التجميل.

ومن أجل وضع النقاط على الحروف، ينبغي توعية المجتمع ومؤسساته حول أضرار عرض صور النساء المتبرجات بمظاهر جمالية مبالغ فيها على واجهات صالونات التجميل في الأماكن العامة وتأثيرها على أبنائنا وبناتنا وهي كالآتي:

أولًا: الإخلال بالآداب وخدش الحياء العام، خصوصا عندما تكون تلك الصور مثيرة وغير مقبولة.

ثانيًا: التأثيرات السلبية على الأطفال والمراهقين، وذلك عندما يتكرر نظر الطفل أو المراهق إلى تلك الصور، فهي تعطي نظرة خاطئة حول مفهوم الجمال الحقيقي للمرأة، وتجعل الأطفال والمراهقين يقلدون ما يرونه أمامهم، مما يسيء إلى طفولتهم ومراهقتهم.

ثالثًا: تحويل المرأة التي كرمها الله تعالى وأعزها في الإسلام، إلى سلعة، واستبدالها ككائن بشري غير فاعل في الحياة الاجتماعية والأسرية بحيث تختزل في أنوثتها ومظهرها الخارجي لا أكثر.

اليوم هناك بدائل مؤثرة ومحترمة تجمع بين الجذب السريع والذوق الرفيع، والتي ينبغي التفاعل معها بدلا من عرض وجوه النساء على صالونات التجميل. والبدائل كثيرة ومنها استخدام الرسم الاحترافي في رسم فرش المكياج أو أدوات العناية بالبشرة؛ فهي تعطي طابعا مناسبا لصالون التجميل النسائي، دون الحاجة لعرض صور النساء، أو عرض صور للمنتجات المعروفة والمشهورة عالميا كالزيوت وأدوات التجميل المختلفة مثل الماسكات والكريمات وغيرها؛ فهي تعزز الثقة الكبيرة بين الزبائن وأصحاب الصالونات النسائية، دون المساس بالذوق العام، أو عرض صور لتسريحات قبل وبعد وهو ما يساعد الزبائن على التفريق والتمييز بين الماضي والحاضر دون أي تعدٍ على الخصوصيات، أو التركيز على كتابة الخطوط الجمالية على اللوحات الخارجية بعبارات تسويقية أجمل مثل "جمالك يهمنا" أو "أنت تستحقين الأفضل والأجمل"، وهي عبارات تساعد كثيرا في تخيل صورة ذهنية جاذبة وجميلة ومميزة عن صالون التجميل وما يقدمه من خدمات لزبائنه.

أخيرًا.. علينا أن نعمل معًا لمصلحة مجتمعاتنا وتنظيمها بما يتوافق مع أعرافنا الاجتماعية والإنسانية الأصيلة، مع الحذر الشديد من الانجرار وراء العادات الدخيلة التي لا تُسمن ولا تُغني من جوع.

** عضو الجمعية العُمانية للكتاب والأدباء

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • برج الميزان .. حظك اليوم الخميس 23 أكتوبر 2025: كرس وقتا للحب
  • الاستثمار: 18% انخفاضاً بعجز الميزان التجاري و36.64 مليار دولار صادرات مصر خلال 9 أشهر
  • برج الميزان .. حظك اليوم الأربعاء 22 أكتوبر 2025 : ستحقق نجاحًا
  • صرخة في وجه الفاسدين
  • انخفاض فائض الميزان التجاري بسويسرا في الربع الثالث
  • ما خفي أعظم!
  • الاختلاس والرشوة.. وما خفي أعظم!
  • برج الميزان .. حظك اليوم الثلاثاء 21 أكتوبر 2025: تلتقي بشخص ودود
  • جمالُكِ يهمنا
  • ولادة الهلال في برج الميزان وتأثيره على توقعات الأبراج لشهر نوفمبر 2025