إشكالية الصراع والتعايش بين الحضارات
تاريخ النشر: 30th, January 2025 GMT
تموج ساحة الحديث عن طبيعة العلاقة القائمة الآن بين الغرب والمسلمين بالعديد من الأفكار والرؤى والتصورات، وتتوالى الأطروحات والتنظيرات التى تتعرض لهذه العلاقة بالدراسة والتعليق..ويعود هذا الاهتمام الكبير بدراسة هذه العلاقة إلى كونها تعد الموضوع الأكثر إثارة للجدل والنقاش فى الوقت الراهن، نظرًا لوقوع العديد من الأحداث والتطورات التى ألقت الضوء على العديد من جوانب الخلاف والاختلاف بين الجانبين، وألقت –بالتالى – بظلالها على مختلف الجوانب والفعاليات القائمة بين الجانبين فلم تسلم الجوانب السياسية والاقتصادية والثقافية من تداعيات هذه الأحداث وتلك التوترات، خاصة وأن هناك من حاول الترويج لهذه الاختلافات ويحاول التعامل معها باعتبارها قدرًا محتومًا، وإمعانًا لهذه الاختلافات ويحاول التعامل معها باعتبارها قدرًا محتومًا وإمعانًا من هذا البعض فى ضرورة تصعيد التوترات إلى أعلى مستوى ممكن، فقد سارع باختراع ظاهرة أسماها العنصريون ودعاة الشقاق الحضارى «إسلاموفوبيا».
وقد فرضت إشكالية الصراع والتعايش بين الإسلام والغرب نفسها بقوة على المنظرين والمفكرين فى الحضارتين –الغربية والإسلامية- خصوصًا بعد أن تحدث «هنتنجتون» عن حتمية الصدام بين الحضارتين، وخصوصًا بين الحضارتين الإسلامية والغربية.
فى هذا المضمار صدر كتاب «إشكالية الصراع والتعايش بين الحضارت..الإسلام والغرب نموذجًا» للمفكر الإسلامى الكبير الدكتور أمان عبدالمؤمن قحيف» عن مكتبة الآداب والتى تشارك بمعرض القاهرة الدولى للكتاب.
ويقول المؤلف: قد انقسم الباحثون فى موقفهم من هذه القضية إلى فريقين، أحدهما تابع هنتنجتون فى الرأى والرؤية، وذهب يؤكد مقولة: الصراع والصدام بين الحضارتين..بينما ذهب فريق آخر إلى رفض هذا الرأى وراح يتحدث عن التعاون والتعايش، والتواصل بين الحضارات..ويأخذ بعضهم على هذا الفريق أنه يتحدث بعاطفة تجعل حديثه أقرب إلى الرومانسية أو الطرباوية.
ولعل الجديد فى هذا الكتاب المهم أنه لم ينطلق من موقف عدائى ولا من موقف عاطفى طوباوى، حيث يعتمد المؤلف على تحليل نصوص المرجعية الإسلامية التى تعد الموجه، والمرشد، والمحرك الأساسى لسلوك المسلمين، وحاول أن ينتهى من خلال هذه التحليلات إلى بلورة رؤية متكاملة بشأن القضية موضوع الحديث.. وانطلق المفكر الإسلامى الكبير د. أمان قحيف يحلل الواقع الحضارى الراهن، من أجل الوصول إلى الموقف الذى يفرض واقع الحال على الغرب اتخاذه والانحياز إليه،،من ثم فالكتاب دراسة جديدة فى التحليل الواعى والعقلانى لقضية الصراع والتعايش بين الإسلام والغرب، وهذا بهذا المعنى يعد إضافة جادة للمكتبة العربية والإسلامية بما يحمله من ثراء معرفى ودوافع حضارية نبيلة.
جاء الكتاب فى مقدمة وستة فصول: ناقش الفصل الأول واحدية مصدر الخلق والأخوة الإنسانية، حيث أكد القرآن الكريم فى كثير من المواضع واحدية مصدر الخلق والإيجاد فى هذا الكون، أما الفصل الثانى فناقش المرجعية الإسلامية وإشكالية التعددية والواحدية فى الدين والحضارة، فإذا كان التصور الإسلامى قد أكد واحدية المصدر البشرى، فإنه قد آمن بأن التعددية هى السنة والقانون فى سائر عوالم الخلق، التى فطرها خالقها على الثنائية والازدواج والاشتراك والاتفاق، فطرة وسنة لا تبديل لها ولا تحويل.. فالإيمان بالتعددية فى ظواهر وعناصر الكون المادى، وفى مكونات الاجتماع الإنسانى قسمة بارزة فى النموذج الثقافى الإسلامى، أما الفصل الثالث فناقش المرجعية الإسلامية وعدم الإيمان بواحدية الآخر، فالمتأمل فى المرجعية الإسلامية يكتشف أن النص القرآنى المنزل لم يتعامل مع الآخر باعتباره واحدًا، إذ ينظر هذا الكتاب الكريم إلى «الآخر» باعتباره متعددًا ومختلفًا بعضه عن بعض. ويناقش الفصل الرابع استراتيجية التواصل بين المسلمين وغيرهم، فمن الطبيعى أن يقوم الدين الإسلامى بإرشاد المسلم إلى استراتيجية للتعامل بينه وبين «الآخر» سواء كان ذلك على مستوى الذات الإنسانية المفردة أم على مستوى الأمم والحضارات. فيما استعرض الفصل الخامس فى الكتاب نماذج من البعد الأدائى التطبيقى لاستراتيجية التواصل بين المسلمين وغيرهم،واختتم المؤلف الكبير كتابه فى الفصل السادس بالحديث عن الحضارة الغربية وضرورة التعايش مع المسلمين. مؤكدا فى النهاية أن الحوار هو خير الطرق وأسرعها لحل الخلافات وتسوية المشاكل بين الحضارات والأمم.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: بين الحضارات من مكتبة اقرأ المرجعیة الإسلامیة
إقرأ أيضاً:
مأساة بحرية في طاقة .. غرق صياد ونجاة شقيقه بعد ساعات من الصراع مع الأمواج
في صباح يوم الثلاثاء، خرج الشقيقان فهمي وخالد بن حسن جمعان من ميناء الصيد البحري بولاية طاقة لجمع محصولهما من الأسماك، في رحلة صيد اعتيادية اعتادا العودة منها بحلول الساعة الثانية ظهرًا. ومع تأخر عودتهما وغياب الاتصال، أُبلغت الجهات المعنية، لتبدأ شرطة خفر السواحل وسلاح الجو السلطاني العُماني، بالتعاون مع فرق الدفاع المدني وفريق ظفار للمغامرات، عمليات بحث واسعة تخللتها تحديات طبيعية صعبة تمثلت في الرياح العاتية والأمواج القوية.
وفي اليوم التالي، تمكن أحد الشقيقين، «فهمي» من النجاة والوصول إلى مستشفى طاقة سيرًا على الأقدام لمدة عشر ساعات، ما ساعد في تحديد موقع البحث عن شقيقه. وعند الواحدة ظهر الأربعاء، تم العثور على جثمان خالد في البحر، غير أن محاولات انتشاله باءت بالفشل بسبب وعورة الموقع وهيجان البحر.
وصرّح سعادة المهندس خويدم بن محمد المعشني، عضو مجلس الشورى ممثل ولاية طاقة، لجريدة «عُمان»، بأن الجهود كانت مضنية وسط ظروف طبيعية صعبة، وتضافرت فيها جهود رسمية وأهلية من الهيئة العامة للدفاع المدني والإسعاف، وشرطة عُمان السلطانية، وفريق ظفار للمغامرات، إلى جانب عدد كبير من الغواصين والصيادين من أبناء الولاية والمناطق المجاورة الذين توافدوا لمتابعة الموقف والمساهمة في جهود الإنقاذ.
وأوضح سعادته أن طبيعة الموقع الوعرة، المتمثلة في الجرف الصخري الحاد والتشكيلات الصخرية التي تضم تجاويف وكهوفًا بحرية، زادت من خطورة عمليات الانتشال على فرق الإنقاذ، مؤكدًا أن هذه الحادثة تبرز التحديات الجسيمة التي تواجه فرق البحث والإنقاذ البحري في المناطق ذات التضاريس الجغرافية المعقدة، لاسيما مع قوة الأمواج وهيجان البحر.
ونوّه إلى أهمية تطوير آليات وتقنيات الإنقاذ، مثل استخدام طائرات «الدرونز»، وأجهزة التصوير تحت الماء، والروبوتات المائية التي يمكن أن تقلل المخاطر على فرق الإنقاذ، مع ضرورة اعتماد سيناريوهات تدريبية تحاكي الظروف الطبيعية المعقدة.
كما أشار إلى أهمية التوثيق والتحليل بعد كل حادثة بحرية لبناء قاعدة بيانات وطنية لحوادث الإنقاذ يمكن من خلالها تحسين الأداء وتوجيه السياسات المستقبلية، إضافة إلى تعزيز التوعية المجتمعية بخطورة بعض المواقع البحرية وإجراءات السلامة.
وفي السياق ذاته، عبّر مرشد بن حسن جمعان، شقيق الفقيد، عن تقديره العميق لجهود فرق الإنقاذ من خفر السواحل وسلاح الجو وهيئة الدفاع المدني والإسعاف وفريق ظفار للمغامرات، إلى جانب الفرق التطوعية وأهالي ولاية طاقة وولاية مرباط، مثمنًا الاستجابة السريعة والجهود الكبيرة التي بُذلت رغم الظروف الجوية الصعبة، مؤكدًا أن هذا التكاتف جسّد أسمى معاني الإنسانية والمسؤولية.
أما فهمي بن حسن جمعان، الناجي من الحادثة، فقد سرد تفاصيل ما جرى، موضحًا أنهما توجّها صباح الثلاثاء إلى مواقع الأقفاص قرب محطة التحلية في منطقة أشور، ثم إلى موقع آخر عند خور روري، وأثناء سحب الأقفاص تفاجآ بموجة متوسطة، فحاولا فك الحبل، لكن تبين أنه ما زال مربوطًا بالونش، مما أعاق حركة القارب، لتأتي موجة أقوى أدت إلى غرق القارب جزئيًا.
وأضاف: أنهم حاولوا جمع صناديق أدوات السلامة، لكن موجة ثالثة قلبت القارب رأسًا على عقب، ما اضطرهما للاعتلاء على ظهره، ثم فرغوا براميل الوقود للاستعانة بها في السباحة. وأثناء محاولتهم السباحة باستخدام البراميل، فاجأتهم موجة رابعة شتتت بينهما، لتفقده الموجة لاحقًا رؤية شقيقه بعد أن أعادته إلى البحر لمسافة تزيد على كيلومتر ونصف الكيلومتر. مضيفًا: رغم التيارات القوية، تمكّن من التشبث بالحياة بعد أن قذفته الأمواج نحو كهف صخري، ثم إلى مرتفع صخري ظل عليه حتى الساعة السابعة مساء، حيث حالت الأمواج دون حركته أو عبوره، وبقي يراقب أنوار الزوارق والطائرة دون قدرة على التواصل بسبب الإرهاق وضعف صوته.
وفي الخامسة صباحًا، انخفض مستوى البحر، ما مكّنه من السير على قدميه إلى مستشفى طاقة، قاطعًا مسافة تقارب خمسة كيلومترات وهو في حالة صحية منهكة، يعاني من الجراح والحروق نتيجة اختلاط البنزين بماء البحر، محمّلًا بمشاعر القلق والخوف على مصير شقيقه.
لا تزال جهود انتشال الجثمان جارية، وأهالي ولاية طاقة يواصلون وقوفهم ومتابعتهم للحادثة في انتظار استكمال عمليات الإنقاذ وتسليم جثمان الغريق.