نشرت صحيفة "إزفيستيا" الروسية، تقريرا، سلّطت فيه الضوء على الصراع المحتدم شرقي جمهورية الكونغو الديمقراطية، وتأثيره على دول المنطقة والعالم.

وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنّ "حالة التوتر في المنطقة بدأت منذ جرائم الإبادة الجماعية في رواندا سنة 1994، التي عصفت بحياة نحو مليون شخص من قبيلة التوتسي، لكن الوضع ازداد سوءا في الفترة الأخيرة".



وأوضحت الصحيفة أنّ "متمردي حركة "23 مارس" الكونغولية المدعومين من رواندا، بسطوا سيطرتهم على مدينة غوما، عاصمة إقليم شمال كيفو، التي يبلغ عدد سكانها مليوني نسمة".

وحسب آخر البيانات، لقي أكثر من 100 شخص مصرعهم، فيما أصيب نحو 1000 آخرين، إثر الاشتباكات التي سيطر خلالها المتمردون على مطار غوما الذي يؤمّن وصول المساعدات من الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية وقوات حفظ السلام؛ وقُطعت طرق نقل المواد الغذائية والسلع الأساسية من الجنوب.

وذكرت الصحيفة أنّ: "الوضع زاد تأزما بعد أن قطعت حكومة جمهورية الكونغو الديمقراطية العلاقات الدبلوماسية مع رواندا المجاورة، متهمة إياها بدعم المتمردين".

وحسب الأمم المتحدة، شارك ما بين 3 آلاف و4 آلاف جندي رواندي في حصار غوما. ووفقاً للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فرّ أكثر من 400 ألف شخص من منازلهم في مقاطعتي شمال وجنوب كيفو بالقرب من الحدود مع رواندا منذ بداية السنة.


ومنذ 2022، تتهم حركة "23 مارس" سلطات كينشاسا، بعدم تطبيق بنود اتفاق السلام، الذي ينص على دمج التوتسي بشكل كامل ضمن الجيش والإدارة في جمهورية الكونغو الديمقراطية.

وتسيطر الحركة منذ أكثر من عام على منطقة روبايا الغنية بخام الكولتان، وهو معدن ثمين يُستخدم في إنتاج الهواتف الذكية وغيرها من المعدات الإلكترونية. كما تُنتج المناجم في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية القصدير والتنتالوم والتنغستن، بالإضافة إلى احتياطيات كبيرة من الذهب.

وبحسب الأمم المتحدة، تجني الحركة نحو 800 ألف دولار شهرياً من ضرائب الإنتاج، وتمنحها السيطرة على مناطق جديدة فرصة لزيادة مداخيلها.

دعوات لوقف المعارك
أبرزت الصحيفة، خلال التقرير نفسه، أن: "بعثة الأمم المتحدة في جمهورية الكونغو الديمقراطية قامت بإجلاء طاقمها وأفراد عائلاتهم من مدينة غوما بسبب الأحداث الأخيرة".

وتابعت أن السفارة الروسية في الكونغو الديمقراطية، قد دعت المواطنين الروس المقيمين في إقليم شمال كيفو إلى مغادرة المنطقة. كما أوصت البعثة الدبلوماسية الأمريكية في جمهورية الكونغو الديمقراطية، مواطنيها، باللجوء إلى أماكن آمنة على الفور بسبب تصاعد مستوى العنف والجريمة في شرق البلاد.

وأكد مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا، أن موسكو تدين ممارسات المتمردين في جمهورية الكونغو الديمقراطية وتدعو إلى وقف فوري للأعمال القتالية، مضيفا أن روسيا تعتزم استخدام "جميع الوسائل المتاحة" لوقف النزاع في جمهورية الكونغو الديمقراطية والعودة إلى المسار الدبلوماسي.

وتتّهم دول غربية بينها الولايات المتحدة، رواندا، بتأجيج النزاع ودعم حركة "23 مارس"، لكن رواندا رفضت الدعوات لسحب قواتها ونفت دعم المتمردين. فيما أكدت السلطات الرواندية أنها تتخذ تدابير دفاعية، متهمة جمهورية الكونغو الديمقراطية بدعم "القوات الديمقراطية لتحرير رواندا" التي تهاجم التوتسي في كلا البلدين.

وكان تقرير أنجزه فريق خبراء تابع للأمم المتحدة عام 2022، كشف وجود "أدلة دامغة" على قتال القوات الرواندية إلى جانب متمردي حركة "23 مارس". ويشير التقرير إلى أن رواندا تستخدم الحركة للوصول إلى موارد جمهورية الكونغو الديمقراطية وتصديرها إلى الخارج.


ماذا يقول الخبراء؟
يرى الباحث في مركز قضايا التنمية والتحديث التابع لأكاديمية العلوم الروسية، سيرجي كاراماييف، أن النزاع الحالي في منطقة البحيرات الكبرى يؤثر بشكل مباشر على رواندا والكونغو الديمقراطية، كما يؤثر على أوغندا وبوروندي، وله تأثير غير مباشر على كينيا وتنزانيا.

ويعتقد كاراماييف أنّ: "استمرار الصراع ينذر بانتشاره إلى دول أخرى في القارة ويؤدي بالتالي إلى تداعيات خطيرة على المنطقة".

وحسب الخبير الروسي، فإنّه يصعب تحديد الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة في الوقت الراهن، لأن الولايات المتحدة لم تفصح عن نواياها، مشيرا إلى أنّ: "هذه المنطقة لم تكن ضمن أولويات واشنطن خلال فترة ترامب الرئاسية الأولى".

وقال كاراماييف إن "هذه الحرب اندلعت بسبب المعادن الأرضية النادرة الضرورية لإنتاج الهواتف المحمولة والأجهزة اللوحية والتكنولوجيا النووية والصواريخ، لذلك فإن الصراع يشغل الشركات الأمريكية المتخصصة في التكنولوجيا الفائقة بسبب المخاوف من ارتفاع أسعار المعادن".

وأضاف أن: "استراتيجية الصين في المنطقة لا تبدو واضحة، خاصة أنها تسيطر  على ما بين 15 و19 منجمًا كبيرًا في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، وهي مهتمة جدًا بالحصول على المعادن النادرة".


كذلك، نقلت الصحيفة عن الخبير السياسي الأمريكي، جيسون ستيرنز، قوله إن "الدول الغربية يمكن أن تتخذ خطوات لوقف دعم رواندا لحركة 23 مارس". مؤكدا أن الدول المانحة استخدمت هذا النفوذ في الماضي. ففي 2012، أوقفت الولايات المتحدة إلى جانب دول غربية أخرى، مساعداتها لرواندا، ما أدى إلى تراجع حركة "23 مارس".

ويرى ستيرنز أننا "نعيش اليوم في عالم أصبحت فيه الاستثمارات التجارية والمصالح أكثر أهمية من المبادئ الإنسانية".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة دولية الكونغو رواندا الذهب الذهب الكونغو رواندا حركة 23 مارس المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی جمهوریة الکونغو الدیمقراطیة الأمم المتحدة

إقرأ أيضاً:

كيف يؤثر دوران الأرض على مسار الصواريخ الباليستية؟

عند إطلاق صاروخ باليستي، يدخل في تفاعل معقد تحكمه الفيزياء، وبينما يتخيل معظم الناس أن الصواريخ تحلق في قوس مكافئ بسيط من نقطة الإطلاق إلى الهدف فإن الواقع أكثر تعقيدًا بكثير، حيث يُعد دوران الأرض أحد أهم العوامل المؤثرة على مسار الصاروخ، وخاصةً لمسافات طويلة.

ويُقدم هذا الدوران العديد من التأثيرات الفيزيائية التي يجب على مصممي الصواريخ والمخططين العسكريين مراعاتها بعناية، بل قد يؤدي تجاهلها إلى أخطاء جسيمة في الاستهداف، تتراوح من مئات الأمتار إلى عدة كيلومترات.

دوران الأرض يؤثر على مسارات الصواريخ الباليستية (ناسا) الأرض.. إطار مرجعي دوار

ولفهم كيفية تأثير دوران الأرض على الصواريخ، علينا أن نُدرك أن الأرض ليست ثابتة، بل تدور حول محورها من الغرب إلى الشرق، لتكمل دورة واحدة كل 24 ساعة.

وعند خط الاستواء، يتحرك سطح الأرض شرقًا بسرعة حوالي 1670 كيلومترا في الساعة، وتتناقص هذه السرعة كلما اقتربنا من القطبين، لتصبح صفرًا تمامًا عند القطبين الشمالي والجنوبي.

ومع إطلاق صاروخ، فإنه لا يترك الأرض فحسب، بل يحتفظ بسرعة دورانها عند نقطة انطلاقه، ويشبه ذلك أن تقذف صخرة صغيرة للأعلى وأنت في سيارة ما فستجد أنها تتخذ سرعة هذه المركبة، وإذا أسقطت شيئا ما من طائرة فإنه سيتخذ سرعة الطائرة أثناء سقوطه.

مع إطلاق صاروخ فإنه يحتفظ بسرعة دوران الأرض عند نقطة انطلاقه (غيتي) تأثير كوريوليس

ويمتد الأمر لما هو أعمق من ذلك، حيث يُعد تأثير كوريوليس أحد أهم وأشهر عواقب دوران الأرض، ويعرف بأنه ظاهرة تنشأ عن دوران الأرض، وتتسبب في انحراف الأجسام المتحركة عن مسارها المستقيم بالنسبة لمراقب على سطح الأرض.

وتخيل مثلا أنك وصديقك تلعبان في لعبة "الدوامة" التي تدور بسرعة في الملاهي ويجلس فيها الأطفال على مقاعد بشكل دائري، وتجلسان على مقعدين متقابلين، وبدأت اللعبة تدور بسرعة. وفي هذا السياق قررت أن ترمي كرة لصديقك مباشرة، ورغم أنك رميتها "بشكل مستقيم" نحوه، إلا أنها ستنحرف وتذهب إلى جانب آخر.

إعلان

ونفس الكلام ينطبق على سطح الأرض الدوارة، فإذا انطلق صاروخ شمالًا أو جنوبًا، فإنه يتحرك بين مناطق من الأرض بسرعات دوران مختلفة، ولذلك فإن الصاروخ المنطلق شمالا (أعلى خط الاستواء) سيبدو وكأنه ينحني إلى اليمين. وفي نصف الكرة الجنوبي، يحدث العكس، حيث ينحني إلى اليسار.

وهذا ليس بسبب وجود قوة فعلية تدفع الصاروخ، بل لأن الأرض تحته تتحرك بسرعة مختلفة عن سرعة انطلاقه.

وبالنسبة للصواريخ قصيرة المدى (أقل من 100 كيلومتر) يكون تأثير كوريوليس ضئيلًا ولكنه قابل للقياس، ولكن بالنسبة للصواريخ الباليستية العابرة للقارات -التي يمكنها قطع مسافة تتراوح بين 5 آلاف و15 ألف كيلومتر، يمكن أن يتراوح الانحراف الناتج عن تأثير كوريوليس بين عشرات ومئات الكيلومترات.

تأثير إيتفوس

وهناك أيضا ما يطلق عليه تأثير إيتفوس على حركة الصواريخ، وسمي بهذا الاسم تيمنًا بالفيزيائي المجري لوراند إيتفوس، وهو تغيّر صغير في الإحساس بالجاذبية عندما يتحرك جسم بسرعة شرقًا أو غربًا على سطح الأرض، بسبب دوران الأرض.

وبسبب هذا التأثير، فإن التحرك شرقًا (مع دوران الأرض) يجعلك تشعر كأنك أخفّ قليلا، وحينما تتحرك غربًا (عكس دوران الأرض) تشعر كأنك أثقل قليلا.

وتخيل مثلا أنك واقف داخل قطار سريع جدًا، يمشي شرقًا، وأنت تقفز عموديًا، وهنا قد تلاحظ كأنك "طفوت" قليلا في الهواء، ونزلت على الأرض متأخرا عن توقعك، والسبب أن القطار يُعطيك سرعة إضافية مع قفزتك، فتحس أنك أخف.

ولو أن القطار كان يسير غربًا، فإنك تشعر أنك تقفز أسرع، لأن حركة القطار تقلّل من السرعة التي تساعدك في "الطفو" فتحس أنك أثقل.

وفي حالة الصواريخ الباليستية، فإن الصاروخ المتجه شرقًا سيتعرض لقوة جذب أقل قليلًا نحو الأسفل، مما يجعله يبقى في الأعلى فترة أطول، وربما يتجاوز هدفه عموديًا، وعلى العكس سيهبط الصاروخ المتجه غربًا بسرعة أكبر قليلًا.

ورغم أن الفرق في قوة الجاذبية ضئيل (بحدود أجزاء من المئة) فإنه في الرحلات طويلة المدى، قد يُترجم هذا الفرق إلى أمتار أو عشرات الأمتار في الارتفاع، وهو فرق كافٍ للتأثير بشكل كبير على دقة الاستهداف إذا لم يُصحح.

نفس التأثيرات تظهر في الصواريخ الفضائية (رويترز) اتجاه الإطلاق وكفاءة الوقود

ومن المثير للاهتمام أن دوران الأرض يمكن أن يكون ميزةً أيضًا إذا استُغل بشكل صحيح. لأن الأرض تدور شرقًا، ومن ثم فإن إطلاق صاروخ شرقًا يمنحه دفعةً في السرعة من دوران الأرض، وهذا يعني الحاجة إلى وقود أقل للوصول إلى سرعة معينة، أو يمكن أن تكون حمولة أثقل بنفس كمية الوقود.

ولهذا السبب، تُطلق معظم الصواريخ الفضائية باتجاه الشرق، بما في ذلك التي تُطلق من مركز كينيدي للفضاء التابع لناسا في فلوريدا، والواقع أن هناك سببا لاختيار هذا المكان، فكلما كان إطلاق الصاروخ أقرب لخط الاستواء كانت سرعة الأرض أكبر كما أسلفنا، ومن ثم كان الصاروخ بحاجة لوقود أقل. ومن ناحية أخرى، يتطلب الإطلاق غربًا (عكس اتجاه دوران الأرض) وقودًا أكثر.

وتستخدم أنظمة الصواريخ الحديثة أنظمة الملاحة بالقصور الذاتي وأنظمة تحديد المواقع العالمية للتعامل مع هذه الانحرافات البسيطة، حيث تُنمذج حسابات ما قبل الإطلاق مسار الرحلة ثلاثي الأبعاد بالكامل باستخدام معادلات فيزيائية، تتضمن انحناء الأرض وتباين الجاذبية والسحب الجوي وقوة كوريوليس وخط العرض والسمت للإطلاق أثناء الطيران، وتُعدّل الجيروسكوبات ومقاييس التسارع وأجهزة الحاسوب اتجاه الصاروخ باستمرار للبقاء على المسار المُصحّح. وفي بعض الصواريخ المتطورة، يضمن التوجيه النهائي باستخدام بيانات الرادار أو الأقمار الصناعية الدقة في الثواني الأخيرة من الرحلة.

إعلان

ولكن حتى قبل ظهور الصواريخ، كان تأثير كوريوليس معروفًا بالنسبة للمدفعية بعيدة المدى. فمثلا في الحرب العالمية الأولى، أطلق مدفع "باريس" الألماني قذائف تصل إلى 120 كيلومترا. وكان لا بد من تصحيح انحراف كوريوليس بمئات الأمتار. وفي الحرب البحرية، تطلبت القذائف بعيدة المدى تصحيحات زاوية بناءً على نصف الكرة واتجاه الإطلاق. ومهدت هذه الدروس المبكرة الطريق لعلم مسارات الصواريخ الحديث.

مقالات مشابهة

  • مستقبل الصراع بين إيران وأمريكا
  • كيف يؤثر دوران الأرض على مسار الصواريخ الباليستية؟
  • أمير المنطقة الشرقية يستقبل سفير جمهورية إندونيسيا لدى المملكة
  • أمير المنطقة الشرقية يستقبل سفير جمهورية اندونيسيا لدى المملكة
  • حركة كثيفة بمحيط المنطقة 18 في طهران
  • أمير الشرقية يستقبل سفير جمهورية الفلبين لدى المملكة
  • أمير المنطقة الشرقية يستقبل سفير جمهورية الفلبين لدى المملكة
  • فتح المنطقة الخضراء وسط بغداد أمام حركة المركبات
  • مستقبل وطن: التصعيد العسكري بين إسرائيل وإيران يهدد أمن المنطقة والعالم
  • مصرع 29 شخصاً جراء الأمطار الغزيرة في الكونغو الديمقراطية