تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

المسرح الشعبي والفنون الغنائية يمثلان أحد أهم روافد الثقافة المصرية الأصيلة، حيث يعكسان روح الشعب وتاريخه وتراثه عبر أجيال من الرواد الذين أثروا هذا المجال، ومن أبرز هؤلاء: الشيخ سلامة حجازي الذى حول المسرح الغنائي إلى أداة تعبير فنى قريبة من وجدان الجمهور، مقدما موضوعات تمس الحياة اليومية، ولعب زكريا الحجاوى دورا كبيرا فى إحياء المسرح الشعبى، وجمع التراث الشفهى وأدخل الأغانى الشعبية فى أعماله، وأسس فرقا مسرحية جابت القرى والمدن لتعزيز هذا الفن.

إسهامات مبدعي المسرح الشعبي

وكذلك ترك بيرم التونسي بصمته بإضافة شعره وأزجاله اللاذعة التى عكست قضايا وهموم الطبقات الفقيرة، ولا يمكن تجاهل إسهامات شيخ الطريقة عبدالرحمن الشافعى، وأدخل على الكسار الفكاهة إلى المسرح الشعبى، مؤسسا لونا كوميديا يجمع بين المسرح التقليدي والفرجة الشعبية، إلى جانب جمالات شيحة، خضرة خضر، وغيرهم ممن أثروا المسرح الشعبى، والغناء بفنونهم وإبداعاتهم التى تعبر عن نبض المجتمع المصرى.

تشكلت ملامح هذا الفن على مر العقود، ليصبح مرآة تعكس أحلام الناس وآلامهم وأفراحهم، فهذه الأسماء لم تكن مجرد مبدعين، بل حملوا على عاتقهم مسئولية الحفاظ على الهوية الثقافية المصرية، ومزجوا بين التراث الشعبى القديم والتجديد الفنى، ليضعوا بصمتهم الخالدة فى المسرح الغنائى والفنون الشعبية.

ومن خلال المسرح الغنائي والاستعراضات الشعبية، استحضرت الحكايات والأساطير، ونقلت تجارب الشعوب عبر لغة فنية تجمع بين الغناء، الأداء، والحركة، تلك الجهود أثمرت إرثا فنيا غنيا يمثل جزءا أصيلا من الذاكرة الثقافية المصرية.

وفى السطور التالية نستعرض أبرز رواد المسرح الغنائى والفنون الغنائية في العالم العربي.

المخرج عبدالرحمن الشافعي

عبدالرحمن الشافعي.. شيخ طريقة

عبد الرحمن الشافعي أحد رواد المسرح الشعبي فى مصر، وأبرز الأسماء التى أسهمت فى تطوير المسرح الشعبى المصرى، الذى يتسم بالدمج بين الفلكلور الشعبى والعناصر الترفيهية.

عمل فى مجال المسرح منذ فترة طويلة وقدم العديد من الأعمال التى حققت نجاحا جماهيريا كبيرا، ويعد جزءا من الحركة الفنية التى جعلت المسرح فى متناول جمهور واسع.

وبهذا الصدد يقول الدكتور محمد أمين عبدالصمد، المشرف على إدارة التراث الشعبى بالمركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية، إن عبد الرحمن الشافعى اسم لمخرج له مشروعه الفنى، الذى امتد إلى ما يزيد على 50 عاما، وله كذلك أسلوبه الخاص فى اختيار عناصر تجربته الفنية، وترجيحاته الإبداعية، فهو مخرج فنان انحاز إلى الجماعة الشعبية وثقافتها، وحمل لواء المسرح المنتمى إلى هذه الجماعة الثقافة وتجلياتها الإبداعية، حيث ينتمى إلى جيل كان همه الأول البحث عن هويته الخاصة فى إطار حلم وطنى جمع الكل تحت لوائه، ساعيا ومن معه إلى تشكيل تيار واتجاه يحمل سمات ثقافته وقضاياها، فقدم إبداعه الفنى فى مختلف مناطق مصر الثقافية، مقدما خبراته الخاصة ومستفيدا وهاضما للتنويعات الثقافية المحلية، مضيفا إياها لمخزون معارفه وخبراته، مستعيرا ومتعلما من هذه الثقافة أو تلك. 

مرحلة التنشئة الفولكلورية

وتابع: أن مرحلة التنشئة للشافعى ترتبط بثقافة الفلاحين فى مسقط رأسه محافظة الشرقية، فقد شاهد وشارك فى الأعراس الشعبية وتشبع بأغانيها، والقيم التى تحملها، مدركا بالممارسة لجماليات النص والأداء أيضا، ولم يفت الشافعى، الطفل والصبي، التردد على الموالد ومتابعة ما يقدم فيها من أغانٍ شعبية كالسير، والمدائح، والإنشاد الدينى، والمواويل القصصية، وكذلك ما يقدم من عروض فرجة شعبية مثل الأراجوز، الذى لم يكن لصاحبنا مجرد شخصيات نمطية ومسرح بسيط، بل عالم مترامى الأطراف من المعانى والجماليات، وشاهد الحواة ولاعبى خيال الظل، وفصول الفرق الجوالة، وغيرها من أشكال الفرجة، وشاهد موكب الخليفة، والدوسة، وحلقات الذكر، وخوارق المتصوفة وأنشطتهم، كما شاهد ما يباع فى الموالد من ألعاب للأطفال، شعبية الفكرة والصناعة، وأزياء المشاركين فى الموالد سواء فنانين أو مرتادين، وهذه المرحلة هى مرحلة الإحاطة بالمعرفة من منابعها الأولى. 

وانتقل «الشافعي» إلى القاهرة للالتحاق بكلية الحقوق التى تخرج فيها ثم التحق بشعبة المسرح العالمى عام 1963، وعمل مع مجموعة من كبار المخرجين العائدين وقتها من بعثات تعليمية فى الخارج بالعديد من المذاهب والمناهج المسرحية العالمية، وبدأ يغزل تجربته الخاصة، فلم يعد العرض الشعبى مجرد مجموعة من الفنانين يقدمون بعض المواويل والقصص الشعبى على آلاتهم الموسيقية، بل عنصر رئيسيا فى بنية العرض المسرحى فى إطار الفرجة المقدمة، بحيث جاءت هذه العناصر التراث الشعبى جزء أصيلا فى بنية العرض المسرحى، وكان يقول أنه يبحث: "فى الموال الشعبى والأغنية الشعبية عن عناصر الدراما بمفهوم الدراما، وعندما اختار من يؤدى الموال اختار من يؤديه بمفهوم المسرح، أى مؤديا وليس مغنيا، ليشخص الحكاية من خلال إحساسه الداخلي بالصراع، فيعبر عنه بمقدرة، ويصبح هذا المؤدى للموال ظاهرة مسرحية، فأنا هنا لا أختاره على أساس جمال الصوت، لذلك أقول إنه ليس كل من قدم زمارا أو طبالا على المسرح يقدم المسرح الشعبى، فالمهم ما ذا يقول الزمار داخل حلبة المسرح".

وواصل: لم يكن أيضا اهتمام الشافعى بالأدب الشعبى اهتماما شكليا، بل ركز اهتمامه على الخطاب الفكري للأدب الشعبي، وليس مجرد تيمات القصص الشعبى فقط، وهى محاولة منه لتأكيد طموحات أفراد الجماعة الشعبية، وكذلك البحث فى مخاوفهم وإحباطاتهم، وكان هدفه من اختياراته للأغانى الشعبية داخل العمل المسرحي إثارة ملكة التخيل لدى الجمهور، ومشاركتهم بترديد بعض الأغانى الشعبية مع المغنين - المؤدين، أو التجاوب معهم. 

التجاوب المرتكز على خبرة سابقة على الأقل

وكان هدف اختياراته أيضا الشحن والتحريض، لكن بآليات أخرى غير الفصل والتغريب، ليس بمفهوم التوحد التقليدى، لكنه شحن وتحريض مرتكز على ميكانيزمات الثقافة ذاتها، وحملة ما ثورها الشعبى، لذلك كانت نصوص الأدب الشعبي محتفية بعادات الناس وتقاليدهم، مرتبطة باحتفالاتهم، مما جعل المتلقين والجمهور على موجة تواصل واحدة مع هذه النصوص الشعبية، ومع مسرحتها، فالموسيقى فى مسرح الشافعى تثرى خيال المتلقي، وتساعده على فهم الحدث، كما أنها تحفز المبدع ذاته على خلق حالة من الانسجام والتوافق، بينه وبين مكونات العمل المسرحى، كما أنها تؤكد هذه العلاقة من معايشة للحركة والحوار، كما تسهم بتنوع نغماتها فى تصوير الجو النفسى العام، وموسيقاه المسرحية أيضا موسيقى تعبيرية بالدرجة الأولى وليست تطريبية، والموسيقى فى العمل المسرحى لا تتوقف عنده على متابعة الكلمة أو الحدث بل تتضافر معه أو تعلق عليه وتستكمله مثل استخدامه للدف في مسرحية "أدهم الشرقاوي"، ويستخدم غالبا آلات النفخ أو الإيقاع خالقا حالة من التواصل المتوهج، موظفا إياها أحيانا كمعادل لشخصياته المسرحية، وإذا استخدم الشافعى آلات وتقنيات حديثة يحرص أشد الحرص على إبراز العنصر البشرى الإنسانى وقدراته ومهاراته التي حباه الله بها. 

وأعتقد أن تعيين عبد الرحمن الشافعى مديرا لمسرح السامر عام 1971، ثم مديرا لفرقة الآلات الموسيقية الشعبية عام 1975، قد أتاحا له فرصة كبيرة جدا، ومتميزة، للتعامل مع ودراسة الفنانين الشعبيين، وطرق أدائهم وكذلك الاقتراب الشديد من عالم الآلات الموسيقية الشعبية، ومعرفة إمكانياتها، وكيفية توظيفها، كما أن العناصر البشرية الفنية، التى استمرت بعد زكريا الحجاوى وتعامل معها الشافعى أتاحت له الاطلاع على عالم رحب من المأثورات الشعبية من خلال مجموعة من الحملة المتميزين المدربين على الأداء ومواجهة جمهور مختلف، وتقديم ما يستطيعون به التواصل مع هذا الجمهور عن اختلاف نوعياته ومستويات حساسيته الفنية. 

أما المكان فقد كان الشافعة مغرما بتوظيفه كما هو وتقديم العمل المسرحى موظفا مفردات المكان ومؤكدا شخصيته مازجا بين تاريخه وبين العمل القدم، مستخدما المكان ذاته كعنصر من عناصر الفرجة أو إطار لها مثل استخدامه لوكالة الغورى فى الكثير من عروضه المسرحية، حتى وإن قدم عروضه فى مكان ليس له هوية شعبية مثل عرض "الخلابيص" فى جاليرى الهناجر خلقها باستخدام موتيفات شعبية بخامات شعبية، كذلك يعيد بها صياغة المكان حسب رؤيته وعرضه، لذا كان الشافعى دائما حاضرا وبشدة فى تصميمات ديكورات مسرحياته وتنفيذها دون انتقاص من دور مصممى ديكور مسرحياته أو قدرتهم. 

اختيار الشافعي لنصوص عروضه

كانت أغلب اختيار نصوصه مستمدة تيماتها من المأثور الشعبى القصصى، وتسمح له بخلق فرجة شعبية، فى شكلها وتأثيرها، لذا ايا كان مؤلف النص المسرحى، فإن الشافعيى فى النهاية يتحكم فى تقديم العمل بمفرداته واختياراته وتفضيلاته الجمالية، لكن هذا لا يعنى انقطاع صلة المؤلف بنصه والعرض المقدم عنه، لكنه صاحب نص توافق مع "الطريقة الشافعية"، لذا يرى عبدالرحمن الشافعى أن علاقة المخرج والمؤلف علاقة تكاملية، فلن يستطيع أي منهما دون الآخر تقديم عمل ناجح ملتحم بالجمهور ومعبر عنه. 

وقد يقدم الشافعى نصا مسرحيا برؤية شعبية ثقافية ونذكر هنا مسرحية "منين أجيب ناس" للشاعر الراحل نجيب سرور، التى كان له فضل السبق فى تقديمها، وهى مسرحية صعبة فى تقديمها، لافتقادها للحظات الصراع التقليدية فى الدراما وتعدد الأماكن والمشاهد، فقام بالمزاوجة بين نص المسرحية والموال القصصى "حسن ونعيمة"، واستخدم الرواة الشعبيين ومحفوظهم الشفاهى داخل العرض المسرحى ذاته، وكان هذا العمل من الأعمال الأولى، التى حددت فيما بعد أسلوبه الإخراجي، حيث يرى أن الاستلهام هو عمل الكاتب صاحب الرؤية، الذى يتعامل مع عنصر من عناصر المأثور الشعبى، ومع قيمه، أما التوظيف فهو عمل المخرج وشغله الشاغل داخل العرض من أجل وحدة فنية متكاملة، ويعمل كذلك على عادة تهيئة المسرح بما يلائم الداء الشعبى، فالفن الشعبى لقاء حميم بين المؤدى والمتلقى. 

وينبه الشافعى إلى أهمية دراسة الأداء اللغوى والحركى والموسيقى فى الفنون الشعبية، وتنمية وصقل المهارات والقدرات التعبيرية والحركية للفنان الشعبى، حيث يرى أن الدراما هى الدراما، والمسرح هو المسرح، فعرض المسرح الحديث أو الهناجر يختلف عن عرض فى جرن أو ساحة، والسؤال هو إلى أى جمهور نتوجه؟

كيف تعامل الشافعى مع المأثور الشعبى؟ 

تعامل الشافعى مع المأثور الشعبي بجميع جوانبه فقد وفر له أرضية خصبة لينهل منها، استلهاما وتوظيفا، واضعا فى اعتباره – وهو ابن فلاحى الشرقية – الإطار الاجتماعى والثقافى والجمالى للمأثور الشعبى، وهو ما جعل لديه القدرة الفائقة على توظيف الموروث الثقافى ومنحه دلالاته الفكرية والجمالية، ولم يتورط فى الغرق فى الجمالة على حساب الفكرى، مثلما تورط الكثيرون فى الشكل على حساب الخطاب والمحتوى، وقد تميز تعامل الشافعى مع المأثور الشعبى بالفهم العميق لموروثه الثقافى بوصفه سجلا لحياة الإنسان، وقدرته على انتقاء أكثر عناصر المأثور الشعبى دلالة وقبولا للتوظيف الجمالى، وإعطاء دلالة معاصرة وآنية للعنصر الذى يختاره، فلا "ماضٍ ميت" بالنسبة له، والتوظيف الفنى المتميز لعناصر المأثور الشعبى، لذا كان تعامله مع المأثور الشعبى تعاملا واعيا بالعادات والتقاليد ومعتقدات المجتمع وتصوراته، كذلك مستوعبا الثقافة المادية للمجتمع وفنونه التشكيلية الشعبية، وهو ما أسهم وساعد الشافعى فى بناء منظره المسرحى، إذ لم ينقطع عن ثقافته تعايشا وهضما واستيعابا، ثم إبداعا. 

فلسفة الشافعي في التعامل مع الفنون الشعبية 

يرى الشافعي أن أساس المأثور الشعبى الفنى هو المبدع الشعبى نفسه وليس آلته أو أداته، فالآلة الشعبية ليست معجزة فهى بسيطة الصنع والتكوين، والاهتمام بالآلة وصنعها وتطورها وأشكالها المتنوعة يدخل فى إطار النشاط المتحفى، أما البطل الحقيقى فهو العازف الفنان الذى يستطيع بهذه الآلة على بساطتها أن يخلق عالما من الإبداع اللامحدود، ولا يعتمد العازف على نوتة موسيقية أو وجود قائد، بل اعتماده الأكبر على أذنه وحسه ويقظته، وهناك تقاليد أدائية يلتزم بها الفنان الشعبى، ولديه كذلك حلول لكل طارئ أو عرضى، ويستطيع مع زملائه ضبط الأداء بكل انسيابية وبساطة، مؤكدا أنه فى فلسفة تعامله مع فرقة "النيل للآلات الشعبية" لا يشكل امتدادا لزكريا الحجاوى ولا لسليمان جميل، فهو – أى الشافعي – ليس باحثا فى المأثور الشعبى مثل الحجاوى وليس موسيقيا مثل سليمان جميل، بل هو رجل مسرح، ومخرج مسرحي تحديدا، لذا جاء عمله هو كيف يستفيد من المأثور الشعبى فى عروضه الفنية، وهو ما تطلب منه إعادة بناء الفرقة واستدعاء كل الأشكال الفنية الشعبية بعد أن كان الأستاذ سليمان جميل قد سرح أغلب الفرقة ولم يحتفظ سوى بعدد محدود من العازفين على الآلات الموسيقية الشعبية وحول الفرقة إلى "فرقة للآلات الشعبية".

وينبه الشافعى إلى خطورة اندثار بعض فنوننا الشعبية وذلك لعدة أسباب يذكر منها ما يقدمه الإعلام ووسائطه المتعددة من صور شائهة للفنون الشعبية - هذا فى حالة عدم إهمالها التام له – وهو ما يستجيب له الفنانون الشعبيون من أجل "لقمة العيش"، وهناك سبب آخر وهو عدم توريث الأبناء فنونهم لأبنائهم، وامتهان الأبناء مهن أخرى، بل إن بعض الأبناء يتنكر لفن الآباء لأسباب مختلفة منها ما هو اجتماعى ومنها ما هو اعتقادى، ومن أسباب اندثار الفنون الشعبية السياقات التى كانت تؤدى فيها مثل اندثار الاحتفالات بالقطن وجمعه أو القمح وحصاده، وكذلك تغير العادات التى كانت سياقات للفنون الشعبية مثل عادات وطقوس السبوع المصرى.  

أخرج الشافعي 70 عرضًا منذ اشتغاله بالحركة المسرحية منذ عام 1968 حتى 2012 تتمركز حول تجارب توظيف العناصر الشعبية فى أعمال مسرحية مستلهمة من السير والحكايات، وانتدب للثقافة الجماهيرية عام 1967، فكون أول فرقة للحى الشعبى "فرقة الغورى المسرحية" وأخرج لها: "ياسين وبهية – آه يا ليل يا قمر – أدهم الشرقاوى"، وعين أول مدير لمسرح السامر بالقاهرة عام 1971 وظل مديرا لفرقة السامر عشر سنوات، قدم خلالها عددا من المسرحيات التراثية منها: "شفيقة ومتولى، علي الزيبق، حكاوى الزمان، عاشق المداحين، السيرة الهلالية، الشحاتين، مولد يا سيد، حكاية من وادى الملح، سلطان زمانه، منين أجيب ناس، لعبة الزمان، يا صبر أيوب، ست الحسن".

 كما يعد أول من قدم عروضا مسرحية بسرادق احتفالات الثقافة الجماهيرية بشهر رمضان وحولها من عروض منوعات إلى عروض مسرحية لآلاف الجماهير، بحي الحسين فقدم "الليلة الكبيرة، ليلة الرؤية، حلاوة زمان، الشحاتين"، وأعد وأشرف على مهرجان ثلاثمائة ليلة مسرحية بالثقافة الجماهيرية على مسرح السامر 1985.  

كما أخرج الشافعى للمسرح الحديث "ليلة بنى هلال" 1994، و"السفيرة عزيزة" 2005، وأخرج للفرقة الغنائية الاستعراضية "ست الحسن" 1992، و"أحلام يا سمين" 1996، و"السنيورة " 1997، وأخرج لمسرح الهناجر مسرحية "الخلابيص" 2002، وأخرج للمسرح الكوميدى "ما فيش حاجة تضحك"، والمسرح العائم "طقاطيق جحا" عام 2012، وغيرها من المسرحيات، والمشاركة في العديد من المهرجانات والاحتفالات الثقافية، وعن مجمل أعماله نال الشافعى العديد من الجوائز والتكريمات منها: جائزة الدولة التشجيعية ونوط الامتياز من الطبقة الأولى في الفنون عن إخراج سيرة بنى هلال عام 1986.

تجربة الشافعي شديدة الثراء فى التعامل مع الفنانين الشعبيين وعالمهم، حتى أنه يذكر من طرائف مصادر تعرفه واكتشافه لعالم الفنانين الشعبيين أنه تعلم الكثير من فنون الأداء الشعبى على يد الفنانة الغجرية فريدة مازن فى الأقصر، التى كانت تروى السيرة الهلالية مستخدمة "صينية" لضبط إيقاع الأداء واستخدامها فى التشخيص، وأخيرا قد يكون فى الساحة المسرحية ألف مخرج، لكن من منهم يملك أسلوبه الخاص.

 

عبدالرحمن الشافعيعبدالرحمن الشافعينعيمة عاكف

 

 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: المسرح الشعبي الفنون الغنائية محافظة الشرقية الادب الشعبي مسرح السامر المأثور الشعبي السفيرة عزيزة الفنون الشعبیة الرحمن الشافعی المسرح الشعبی التى کان وهو ما

إقرأ أيضاً:

فلسطين مرآة للاختلال الكوني.. حين تصبح العدالة عبئا على المظلوم

الميزة الأهمّ للقضية الفلسطينية هي عدالتها التي لا تحتمل الالتباس من حيث التأسيس، ومن حيث المسار، فالفلسطينيون هم أكثر شعوب المنطقة الأصليين الذين دفعوا ثمن الاستعمار الغربي بعد انهيار السلطنة العثمانية، فبينما انتهت سايكس بيكو إلى تأسيس دول عربية جديدة على أساس التقاسم الانتدابي بين بريطانيا وفرنسا، فإنّ الانتداب البريطاني لفلسطين انتهى إلى وعد بلفور الذي تجسّد تاليا بإقامة إسرائيل في العام 1948، ولم يكن بين سايكس/ بيكو (3 كانون الثاني/ يناير 1916)، ووعد بلفور (2 تشرين الثاني/ نوفمبر 1917)، إلا سنة وتسعة شهور فحسب. وبينما تتشكل اليوم في المجال العربي المحيط بفلسطين وطنيات على أساس هذا التقسيم؛ يعاني الفلسطينيون لا الاستعمار الإسرائيلي فحسب، ولكن أيضا استمرار سياسات الإبادة والتطهير العرقي والإمعان في محو خياراتهم السياسية والنضالية، ويدفعون ثمن الاختلال العالمي السياسي والأخلاقي، وانهيار السرديات الكبرى الجامعة، بحيث يجد الفلسطيني نفسه وحيدا، مهما كانت خياراته سواء سلك طريق التسوية وقدّم فيها كل التنازلات غير المحتملة، أو احتفظ بأدوات المقاومة المسلحة.

لم يدفع الفلسطينيون، والحالة هذه، ثمن التقاسم الاستعماري للمشرق العربي فحسب، ولكن حُلّت المسألة اليهودية، والتي هي مسألة غربية بامتياز، على حساب الشعب الفلسطيني، في أكثر أنماط الظلم غرابة ودلالة على إمكانات الانحطاط البشري، وبالرغم من القبول الفلسطيني الضمني بدفع ثمن هذا الظلم باتجاه الفلسطينيين نحو القبول باقتسام فلسطين على أساس غير عادل، فإنّ هذا الخيار كذلك بات أمرا مستحيلا، وفي هذا السياق نفسه، كان اقتلاع شعب من أرضه وإحلال آخرين مكانه، وتشييد ذلك على تصورات أسطورية، يفترض أنّها تصادم العقلانية والعلمانية الغربية، لكن المفارقة في كون هذا الغرب العقلاني/ العلماني هو الذي أسّس إسرائيل!

لم ينحصر الظلم الواقع على الفلسطينيين في ذلك، فقد دفع الفلسطينيون ثمن الهزائم العربية في حربي 1948 و1967، وثمن التناقضات العربية الداخلية، من قبل النكبة وأثناءها وبعدها حتى الساعة. وبالرغم من كون هذه الحقيقة التاريخية يفترض بها أن تكرّس فلسطين قضية عربية، فقد انتهى الأمر لأن تكون فلسطين بوابة عربية إلى قلب العالم الغربي، ولا سيما واشنطن، لا بحملها إلى ذلك العالم والدفاع عنها فيه، ولكن تماما بالتخلي عنها، أي بالتحالف مع إسرائيل، أو دفع الأثمان للغرب بغرض الحماية وطلب النفوذ، من كيس القضية الفلسطينية.

هذه الاعتبارات كلّها من شأنها أن توفّر الأساس المناسب لصياغة مشروع كوني لمواجهة الاختلال الأخلاقي وما ينجم عنه من سياسات منحطة في هذا العالم، ليس فقط لأنّ فلسطين تملك الطاقة الفائضة للكشف الدقيق عن اختلالات العالم، ولكن أيضا لأنّ كل القضايا الكونية سواء الناجمة عن الرأسمالية وتمركزها في الغرب/ الشمال لأسباب تاريخية، أو عن النيوليبرالية المذرّرة للاجتماع الإنساني لصالح الفردانية والهويات الصغيرة، وهو ما سوف تدفع ثمنه المجتمعات والشعوب التي لا تجد من يقف معها، تتجلّى كوارثها في فلسطين وعلى الفلسطينيين، وفي كيفيات تكريس التبعية للغرب/ الشمال، وللشبكات الاقتصادية النافذة في العالم، على حساب الفقراء، وعلى حساب الاستقلال الحقيقي للدول التابعة، خاصة في المنطقة العربية التي تملك، كما يفترض، التطلعات التاريخية والثقافية، والموارد السياسية والاقتصادية، لتكون صاحبة إسهام كوني يتجاوز موقع التابع الراهن.

وبعدما تجلّى هذا الظلم التاريخي بنحو فاحش وغير مسبوق بحرب الإبادة الإسرائيلية على غزة، فإنّه وبدلا من الالتفات إلى فلسطين، بوصفها محورا صالحا لتشييد مشروع كوني لمواجهة اختلال العالم، فقد تمكن الإسرائيلي، بلا أدنى كابح من الاستمرار 18 شهرا، حتى الآن، في حرق أكثر من مليوني فلسطيني وتجويعهم في مساحة مغلقة لا تزيد على 365 كيلومترا مربعا.

والفلسطيني كأيّ مظلوم، تتسم مظلمته بهذا القدر العالي من العدالة والوضوح، لا بدّ وأن يسعى إلى تركيز مظلمته هذه في وعي العالم، ومن باب أولى الذين هم أقرب إليه ثقافيّا واجتماعيّا، علاوة على مسؤوليتهم التاريخية تجاه هذه المظلمة، أي العرب والمسلمين، بيد أنّ الاستجابة العالمية، على مستوى جماهير الناس وأفرادهم، كانت أحسن منها في المجال العربي في فلسطين، ليس فقط بسبب السطوة الأمنية للأنظمة العربية المتحالفة قطعا مع إسرائيل، ولكن أيضا لسياسات التحطيم والتذرير للمجتمعات العربية، ومركزتها حول يومياتها الاقتصادية، وتجريدها من الهمّ السياسي، وهو ما انتهى لا إلى وعي مشوّه فحسب بخصوص القضية الفلسطينية، وما تمثله من مشترك عربيّ يتداخل حتى مع اليوميات الاقتصادية للعربيّ المطحون، ولكن أيضا إلى ضمور في الإحساس الأخلاقي.

ويمكن ملاحظة هذا الضمور الأخلاقي في الكيفيات التي يُعبّر بها نشطاء ومثقفون عرب عن موقفهم من الإبادة المفتوحة على الشعب الفلسطيني بغزة، بعد استثناء الإعلام الممول رسميّا وما يتصل به من لجان إلكترونية، ففي غمرة الإبادة والتجويع، يعجز هؤلاء الناشطون والمثقفون عن إبداء تعاطفهم مع الشعب المشرد والمسحوق والمجوّع إلا بإدانة بعض من هذا الشعب بتحميله المسؤولية عن مصاب الفلسطينيين، في تجاوز مريع لمسار القضية الفلسطينية برمته وسلوك الاحتلال، فاتهام المقاومة الفلسطينية تراوح بين إدانتها وتحميلها المسؤولية في تبرئة ضمنية للاحتلال، وبين اتهامها بالعمل لأجندة إقليمية، أو السعي لتكريس سلطتها، بالرغم من أنّها هدمت كلّ مكتسباتها السلطوية في سياق نضالها.

لكن الأسوأ من ذلك، تلك الخطابات التي لا تقصر إدانتها على المقاومين، ولكنّها تدين الفلسطينيين كلّهم بدعوى أنهم حوّلوا قضيتهم من قضية عادلة إلى دين، وأنفسهم إلى آلهة، وهي خطابات -للأسف- يتبناها بعض النشطاء السوريين، في مدّ منهم لخطّ تنافس المظلوميات الذي اخترعوه طوال 14 عاما من عمر المعاناة السورية. ويمكن ملاحظة هذا الاختلال العقلي والضمري، ليس فقط في الكيفية التي يجري فيها توصيف قضية من شأنها أن تكون أساس مشروع كوني مشترك، علاوة على أنّها بالبداهة ينبغي أن تكون كذلك عربيّا وإسلاميّا، ولكن أيضا لو قلبنا هذه الخطابات على أصحابها وقيّمنا تجاربهم ونضالهم وثوراتهم بالمنظور نفسه لنلاحظ مستويات التمركز المريعة حول الذات، تصبح فلسطين والحالة هذه شرطا لشفاء بعض العرب والمسلمين من أسقام ضمائرهم وخراب عقولهم أيضا.

x.com/sariorabi

مقالات مشابهة

  • ” الشعبية” تدعو لتصعيد الغضب الشعبي العالمي والعربي لوقف العدوان على غزة
  • اليوم.. قصور الثقافة تقدم 10 عروض مسرحية بالاسماعيلية ضمن مشروع المسرح التوعوي
  • حشر بن مكتوم: الإعلام مرآة حضارة وصوت وطن
  • دخل أوضة العمليات .. اعتذار تامر عاشور عن حفلاته الغنائية بأمر الطبيب
  • فلسطين مرآة للاختلال الكوني.. حين تصبح العدالة عبئا على المظلوم
  • قيادة قوات الدفاع الشعبى والعسكرى توقع بروتوكول تعاون مع وزارة الشباب والرياضة‬
  • دعاء قضاء الحاجة المأثور عن النبي .. لا يُرد اغتنمه وردده الآن
  • تمصلوحت :اختتام فعاليات مهرجان التبوريدة بمناسبة ميلاد سمو الأمير ولي العهد مولاي الحسن وسط حضور وازن ونجاح باهر :
  • ‏الخميس المقبل.. عرض مسرحية «صوت وصورة» على مسرح قصر النيل
  • محمد الشافعي لـ «الأسبوع»: لا يوجد وباء منتشر بين الدواجن.. والوضع مطمئن للغاية