معهد أمريكي: لماذا لا يستطيع الغرب هزيمة الحوثيين دون تأمين موانئ اليمن؟
تاريخ النشر: 6th, February 2025 GMT
لقد كان ميناء الحديدة شريان حياة للمتمردين الحوثيين في اليمن لفترة طويلة. وفي حين يتلقى الحوثيون أيضًا أسلحة إيرانية عبر طرق التهريب عبر عُمان، فإن الأسلحة الإيرانية الأكثر تطورًا تدخل عبر الحديدة.
يعرف الحوثيون أن الميناء هو شريان حياتهم، ويعملون بشكل استباقي لضمان بقائه في أيديهم. ومع تكثيف السعوديين والإماراتيين لحملتهم لدعم الحكومة المعترف بها دوليًا ضد الحوثيين، دخلت الدعاية الحوثية في حالة من النشاط المفرط، وتضخمت من خلال المنافذ القطرية مثل الجزيرة التي أعطت الأولوية في ذلك الوقت لعداء قطر للسعودية والإمارات على الحقيقة.
دخلت الأمم المتحدة التي سعت إلى إشراك الأطراف المختلفة في الصراع في حوار لتخفيف المعاناة الإنسانية. وقد بلغت هذه العملية ذروتها في ديسمبر/كانون الأول 2018 في ما يسمى باتفاقية ستوكهولم التي تطلبت من الحوثيين، من بين أحكام أخرى، السماح لطرف ثالث محايد بإدارة الميناء، ثم استخدام العائدات من الميناء لدفع رواتب القطاع العام. وقد فشل الحوثيون منذ البداية في الالتزام بالاتفاقية. وطالبوا الميناء بالحفاظ على موظفيه، مما أدى فعليا إلى خلق وضع تدفع فيه الأمم المتحدة رواتب الحوثيين.
كان نظام التفتيش الذي بدأته الأمم المتحدة هو نوع الحل الذي يعطي الأولوية للرمزية على الفعالية والذي تخصصت فيه الأمم المتحدة: يمكن للسفن أن تذهب إلى جيبوتي للتفتيش قبل التوجه إلى الحديدة. ويمكن للأمم المتحدة بعد ذلك أن تؤكد أن مفتشيها وجدوا فقط سلعا إنسانية على كل سفينة. ومع ذلك، كانت الثغرة هائلة: إذا اختارت السفن عدم الإبلاغ للمفتشين، فلا يزال بإمكانها الذهاب مباشرة إلى الحديدة وتفريغ إمداداتها - غالبًا الأسلحة وغيرها من المواد المهربة - إلى عمال الموانئ الحوثيين الذين ينقلونها بسرعة بعيدًا.
كان لاتفاقية ستوكهولم وظيفة أخرى. لقد وفرت ذريعة لتجنب العمل العسكري. ولكن إذا كان بوسع العالم أن يزعم أن الاتفاق حل مشكلة تهريب الأسلحة عبر الحديدة وحل النقص الإنساني، فإنه قد يتجنب معركة وشيكة.
لكن رعاة الحوثيين الإيرانيين سعوا إلى التأمين. فقبل اتفاق ديسمبر/كانون الأول 2018، بدت قوات الإمارات العربية المتحدة متجمعة للسيطرة على المدينة. وكان للإماراتيين قوات في جنوب اليمن، وقاعدة عسكرية في بربرة، أرض الصومال، وسفينة قيادة بحرية قريبة.
في مايو/أيار 2019، بينما كانت الإمارات العربية المتحدة تستعد للاستيلاء على ميناء الحديدة الرئيسي الذي يسيطر عليه الحوثيون في اليمن لتوجيه ضربة قاضية للمتمردين الحوثيين، قام عناصر يشتبه في أنهم من الحرس الثوري الإسلامي بتخريب أربع سفن في المياه الإماراتية باستخدام عبوات تحت الماء. وفي الشهر التالي، قام عناصر يشتبه في أنهم من الحرس الثوري الإسلامي بربط ألغام لاصقة بسفينتين، مملوكتين لشركة يابانية وأخرى نرويجية على التوالي. ولم تعترف أبو ظبي قط بالصلة بحادثة الألغام اللاصقة، ولكنها ألغت الهجوم على الحديدة في تتابع سريع وسحبت معظم قواتها من أرض الصومال القريبة.
في ديسمبر/كانون الأول 2015، حدد علي فدوي، رئيس الحرس الثوري الإسلامي - البحرية، خليج عدن على أنه ضمن الحدود الاستراتيجية لإيران. بالنسبة للإماراتيين، كانت الرسالة واضحة: قد لا يوافقون على الرؤية الاستراتيجية التوسعية لطهران، ولكن إذا ضربت الإمارات العربية المتحدة مصالح إيران في الحديدة، فإن إيران ستضرب الإمارات العربية المتحدة في خاصرتها.
بدلاً من إحلال السلام، أدى التلاعب بالحديدة إلى تمكين الحوثيين وتفاقم التهديد الذي يشكلونه على الشحن. إذا كانت الولايات المتحدة والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ومصر والشركاء الدوليين الآخرين جادين في إنهاء التهديد الحوثي، فيجب عليهم إنهاء الوهم بأن اتفاق ستوكهولم يعمل وسد الثغرة التي تجعل التفتيش طوعيًا في الأساس. وبدلاً من إرسال إشارات الفضيلة عسكريًا بدوريات بحرية غير فعالة كما فعلت إدارة بايدن، يجب على الولايات المتحدة وشركائها حصار الحديدة، والسماح فقط للسفن التي تخضع لعمليات تفتيش حقيقية بالمرور.
يجب وقف جميع المدفوعات لعمال الموانئ التابعين للحوثيين؛ إن الحوثيين لا يتمتعون بشعبية في الحديدة، وسيطرتهم ضعيفة، وسيطرتهم سوف تنهار في المدينة الساحلية بشكل أسرع من انهيار حكم بشار الأسد في حلب ودمشق خلال الهجوم الأخير لهيئة تحرير الشام.
إن الضوابط الإنسانية مشروعة، ولكن طائرات أوسبري المتمركزة مؤقتًا في مطار بربرة في أرض الصومال يمكنها إسقاط الإمدادات جوًا، تمامًا كما فعلت الولايات المتحدة للأكراد السوريين أثناء حصار كوباني.
يرفض دونالد ترامب الانتشار الأمريكي المطول، ولكن كما تظهر حالة رئيس فيلق القدس الراحل قاسم سليماني، فإنه ليس رافضًا لاستخدام الجيش بالكامل. ترامب محق في معايرة السياسة بالواقع بدلاً من التفكير التمني. اليمن سيكون مكانًا جيدًا للبدء.
البلاد مهيأة لبداية جديدة، واليمنيون مستعدون وينتظرون أن يتبع الحوثيون حزب الله إلى النسيان.
يمكن الرجوع للمادة الأصل على موقع معهد المشروع الأمريكي لأبحاث السياسة العامة ( (aei
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن أمريكا الحوثي موانئ البحر الأحمر الإمارات العربیة المتحدة الأمم المتحدة
إقرأ أيضاً:
لماذا أثار هاتف ترامب المنافس لآيفون كل هذا الجدل؟
أعلنت مؤسسة "ترامب" إطلاق هاتف محمول جديد أميركي الصنع يحمل اسم الشركة وذلك مقابل 499 دولارا، وذلك ضمن جهود الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتشجيع الصناعة المحلية، فضلًا عن كونه حلًا للمحافظين الذين لا يرغبون في هواتف مصنوعة بالصين، إذ يتضمن المشروع مراكز اتصال مقرها في الولايات المتحدة.
ومن جانبها، لم يعلن أي من مشغلي شبكات الهواتف المحمولة في الولايات المتحدة عن منح اتفاقية مشغل الشبكات الافتراضية للجوالات، وهو ما يطرح عدة تساؤلات عن خطة المؤسسة فيما يتعلق بتشغيل الهاتف ومراكز الاتصال، فضلًا عن إمكانية صناعة هاتف محمول بالكامل في الأراضي الأميركية.
هاتف "تي 1" (T1)تضمن البيان الصحفي الذي أطلقته المؤسسة للإعلان عن المشروع إشارةً إلى بعض مواصفات الهاتف دون تحديدها، إذ أشار البيان إلى أن مواصفات الهاتف توازي "آيفون" مع اعتماده على نظام "أندرويد"، وهيكل باللون الذهبي يحمل شعار صنع في الولايات المتحدة.
ويأتي هذا الإعلان وسط حرب تجارية تخوضها الولايات المتحدة ضد المنتجات المستوردة ضمن مساعيها لخفض التكاليف وتشجيع الصناعة المحلية، إذ تخضع غالبية الهواتف المحمولة لضرائب ترامب كونها مصنوعة في الصين بما فيها "آيفون".
بالطبع أثار سعر الهاتف المقترح فضول العديد من خبراء التقنية وسلاسل التوريد الذين صرحوا سابقًا وفق تقرير "وال ستريت جورنال" (Wall Street Journal) حول الإعلان، بأن تصنيع هاتف "آيفون" داخل الأراضي الأميركية يحتاج إلى سنوات عدة حتى يصل إلى مستوى التصنيع في الصين، فضلًا عن ارتفاع تكلفته بالمقارنة.
ورغم تصريح المتحدث الرسمي للمؤسسة لكون هذه الهواتف تصنع في ولايات ألاباما وكاليفورنيا وفلوريدا، فإن إيريك ترامب وضح في لقائه مع بودكاست "ذا بيني شو" (The Benny Show) إلى أن الموجة الأولى من الهواتف لن تكون مصنوعة في الولايات المتحدة.
إعلانويمثل تصريح إيريك ترامب تناقضا مباشرا لما جاء في البيان الصحفي للشركة، ولكنه الأقرب إلى الواقع، كون الولايات المتحدة لا تملك المعدات اللازمة لتصنيع مثل هذه الهواتف في أراضيها، ويعني هذا أن الموجة الأولى من الهواتف تأتي من الصين.
مواصفات هاتف ترامب "تي 1"رغم أن بيان الشركة الرسمي لم يكشف عن مواصفات الهاتف النهائية، فإن حديث إيريك ترامب أشار إلى بعض المواصفات، مثل الشاشة التي تأتي بحجم 6.8 بوصات من نوع "آموليد" (Amoled) ومعدل تحديث 120 هرتز مثل "آيفون 16 برو ماكس"، وهي شاشات تصنعها شركات كورية مثل "سامسونغ" و"إل جي".
ومن ناحية البطارية، فإن المؤسسة تسعى لتقديم بطارية بحجم 5 آلاف مللي أمبير مع ذاكرة عشوائية تصل إلى 12 غيغابايت ومساحة تخزين 256 غيغابايت مع إمكانية توسعتها باستخدام بطاقات الذاكرة الصغيرة.
ويأتي الهاتف الجديد مع كاميرا ثلاثية تعتمد على عدسة رئيسية بدقة 50 ميغابكسل إلى جانب عدستين إضافيتين في الخلف وكاميرا أمامية بدقة 16 ميغابكسل بشكل يوازي ما يوجد في هواتف "آيفون"، مع كون هذه المستشعرات تأتي من شركة "سوني" اليابانية.
ومن المتوقع أن يوفر الهاتف منفذ للسماعات الخارجية مع بصمة أسفل الشاشة مثلما تقدم "سامسونغ" في هواتفها، ورغم أن شرائح المعالج هي الأقرب للتصنيع داخل الأراضي الأميركية، فإنها لم تذكر على الإطلاق وسط مواصفات الهاتف.
مكونات لا تصنع في الولايات المتحدةقال تينغلونغ داي، أستاذ إدارة العمليات وتحليلات الأعمال في كلية كاري للأعمال بجامعة جونز هوبكنز في حديثه مع "وال ستريت جورنال"، إن هذه المكونات لا تصنع في الولايات المتحدة على الإطلاق، ومن المستحيل صناعتها حاليًا.
ويتوقع داي إلى عملية صناعة مثل هذه المكونات داخل الأراضي الأميركية يحتاج على الأقل إلى 5 سنوات، وذلك لبناء البنية التحتية التي تيسر صناعة مثل هذا الهاتف، مؤكدًا أن محاولة نقل صناعة الهواتف المحمولة إلى الأراضي الأميركية حاليًا أمر غير ممكن ويجب التركيز على توفير البنية التحتية اللازمة لتصنيع مثل هذه الهواتف.
رخصة تشغيل الهواتف الافتراضيةتوفر شركات تشغيل الهواتف المحمولة في الولايات المتحدة رخصة افتراضية لتشغيل شبكات الهواتف المحمولة الافتراضية بالاعتماد على أبراج الاتصال الخاصة بها، ويعني هذا أن مشغلي شبكات المحمول يتيحون للشركات الأخرى استخدام أبراج الاتصال الخاصة بها.
ولكن في الوقت الحالي لم تعلن أي شركة أو حتى المؤسسة حصولها على مثل هذه الرخصة وتعاونها مع أي مشغل لأبراج الاتصالات، وبحسب تصريح مركز "باركليز" لأبحاث أسهم وسائل الإعلام الأميركية والكابل والاتصالات مع وكالة "رويترز"، فإن رئيس لجنة الاتصالات الفدرالية الحالي مقرب من إدارة ترامب سياسيًا، وهو أحد المساهمين في مشروع "بروجيكت 2025" الذي أعلنت عنه الإدارة سابقًا.
ويضع هذا التقارب مشغلي شبكات الهواتف المحمولة في موقف سيئ، إذ يمنح مؤسسة "ترامب" سلطةً عليا في المفاوضات للحصول على رخصة التشغيل الافتراضية، وهو ما يزيد مستوى المساءلة التي تتعرض لها هذه الشركات والحكومة الأميركية على حد سواء.
استياء عام من الخبراءتسبب الإعلان في موجة من الاستياء العامة من خبراء التقنية والقانونين فضلًا عن الاقتصاديين، إذ يرى جيل لوريا، رئيس قسم أبحاث التكنولوجيا في شركة "دي إيه ديفيدسون وشركاه" (D.A. DAVIDSON & CO) أن هذا الإعلان هو الأحدث في سلسلة من محاولات المؤسسة للاستفادة من مكانة الرئيس ترامب السياسية، وذلك بعد سلسلة من المنتجات التجارية الموجهة للمستخدمين، بدءًا من منصة التواصل الاجتماعي "تروث" (Truth) والإعلان عن العملات الرقمية التابعة للرئيس وزوجته.
إعلانوأما لورانس ليسيج، أستاذ القانون في جامعة هارفارد فيرى أن هذا الإعلان يؤكد نظرة ترامب للرئاسة كوسيلة لتعزيز ثروة أسرته، وهو ما يتفق فيه باولو بيسكاتور المحلل في مؤسسة "تي إم تي" (TMT) الذي أضاف أن هذه الخطوة تزيد من التساؤلات حول تصرفات التجارية وعلاقته مع الشركات، ويتوقع بيسكاتور أن هذه الخطوة تجذب غضب حملة الأسهم في العديد من الشركات.
ويضيف بريان مولبيري، مدير محفظة العملاء في شركة "زاكس لإدارة الاستثمارات" (Zacks Investment Managment) أن هذا الإعلان موجه بشكل مباشر إلى "آبل" في محاولة لوضع ضغط أكبر عليها، ولكنه يرى أنها خطوة تعزز من التنافسية في سوق الهواتف المحمولة بالولايات المتحدة.
ومن جانبه يرى ديفيد واغنر، رئيس قسم الأسهم في شركة "أبتوس كابيتال أدفايزرز" (APTUS CAPITAL ADVISORS) أن هاتف ترامب لن يؤثر بشكل كبير في سوق الهواتف المحمولة، كون جمهوره بالأساس من الموالين السياسيين لترامب وإدارته.
ردود فعل متفاوتة من الجمهورانقسمت آراء المستخدمين في منصات التواصل الاجتماعي مثل "إكس" حول الهاتف الجديد، إذ يرى البعض مثل حساب "آبل ليكر" (ِApple Leaker) أن هاتف "ترامب" هو مجرد إعادة تسمية لأحد الهواتف الصينية التي تصل تكلفتها إلى 175 دولار.
وأما المستخدم "سولي" (Sully) يرى أن الهاتف فرصة لمواجهة الهواتف المستوردة بهاتف من الصناعة الأميركية، مؤكدًا أن الهاتف يملك فرصة حقيقية في المنافسة.
Finally! An alternative to foreign phones. I’m so ready for this golden phone.
"I’ve gotta T1." I like the sound of that.
Check it out at https://t.co/KhXcr0vawp
Trump Mobile
The 47 Plan on the T1 Phone. https://t.co/T2YxggAapM pic.twitter.com/tSqKeI2itN
— SULLY (@SULLY10X) June 16, 2025
ومن جانبه قال "لانس أولانوف" إن فرصة صناعة الهاتف في أميركا مريبة وغير قابلة للتصديق.
This Trump T1 phone being "Made in the USA" sounds fishy. There’s just one company that builds phones in the US, Purism. Its specs don’t match up. Even if it is assembled somewhere in Trump Castle, they’re still almost certainly sourcing components outside the US. pic.twitter.com/DBM3MWSU4N
— Lance Ulanoff (@LanceUlanoff) June 16, 2025
ولكن يصعب الحكم على الهاتف حتى يصدر فعلًا ويصل إلى أيدي الخبراء والمستخدمين على حد سواء، ومن المتوقع أن يصل الهاتف إلى المستخدمين في أغسطس/آب القادم مع إتاحة الطلب المسبق عليه حاليًا مقابل دفعة مقدمة تصل إلى 100 دولار.