رسالة إلى السيد عبد الملك الحوثي
تاريخ النشر: 23rd, February 2025 GMT
أكتب إليكم اليوم لا لأحملّكم ذنبا، ولا لألقي بظلال الماضي على حاضركم، بل لأتحدث عن الزميل المعتقل في سجون صنعاء محمد المياحي، ذلك الإنسان الذي اختلفت السلطات مع حروفه ورأتها خطأ يجرح اليقين، لكن أليس هذا هو الإرث الإنساني الذي ورثناه؟ أن نخطئ ونصيب، ونحاسب بالعدل لا بالسطوة؟
نعلم أن الرأي المخالف جمرة تحرق يد من يمسكها، لكن الإمام عليا -عليه السلام- علمنا أن "الناس عدّوا ما أخطأوا، وأعانوا على ما اجترحوا".
المياحي مواطن يمني قبل أن يكون ناقدا، وابن لهذا التراب قبل أن يكون رأيا. أليس من حق الوطن أن يجمع أبناءه -حتى المختلفين- تحت سقف العدالة التي تعتذر قبل أن تعاقب؟
صنعاء يا سيدي ليست شوارع ترصف بالأسفلت، ولا أبراجا تتحدى السحاب، إنها "الجامع الكبير" الذي تتعانق تحت قبته أرواح الأئمة والشعراء، والمقاومين والمتصوفين، هي الذاكرة التي تحمي اليمن من أن يضيع في متاهات التقسيم. فكيف نحولها -ونحن ندعي الدفاع عنها- إلى سجن كبير يسجن أبناءها بحجج "الخيانة" و"الاختلاف"؟
نعلم أن الأعداء ينسجون حولها شباكا من نار، ويريدونها أن تسقط كي يقولوا: "انظروا.. حتى صنعاء لم تسلم!". لكن صنعاء التي صمدت ألف عام أمام غزوات الأعادي، لن يكسرها اليوم إلا شيء واحد: أن ننسى أنها "مظلة الجميع". فهل نسلمهم النصر المجاني بأن نفرغها من معناها، ونحولها إلى قلعة للطائفة الواحدة، أو الحزب الواحد؟
العدل الحقيقي ليس في أن نصدق كل ما يكتبه الآخر، بل في أن نعطيه فرصة. والعفو ليس اعترافا بضعف الموقف، بل إعلاء لقيمة الإنسان على تفاصيل الخلاف. هل نخشى -حقا- من حروف تكتب في زاوية ما؟
اليوم، بينما ينتظر المياحي خلف القضبان، يذكرنا بأن اليمن الذي حاربنا من أجله لا يسع الجميع إلا إذا غلبنا "الإنسان" على "التهمة"، و"المواطن" على "الخلاف". فهل نريد أن يروي التاريخ أنا انتصرنا على الخصوم وخسرنا الإنسان؟
محمد المياحي لم يكن يوما في خندق من حاربكم بالسلاح، أليس الأجدر بنا، ونحن نمسك بمفاتيح السجون، أن نتذكر الإمام عليا -عليه السلام- حين قال: "إذا قدرت على عدوك فاجعل العفو عنه شكرا للقدرة عليه"؟ فالعفو ليس تنازلا، بل اعتراف بأن القوة الحقيقية هي التي تسمو فوق الانتقام.
نعلم أن قرار الإفراج عن إنسان هو اختبار لرحابة السلطة قبل اختبار لبراءة السجين. اليوم، وأنتم تواجهون أعتى التحديات، أليس من الحكمة أن تعلنوا للعالم أن صنعاء -قلب اليمن النابض- قادرة أن تحتضن أبناءها؟
الإمام علي -عليه السلام- يقول: "العفو تثبته القدرة، والحلم يدركه العقل" فامنحونا، كيمنيين، دليلا على أن ثورتكم ولدت لتحرير الإنسان، لا لتسليط عليه سياط التحريض.
أطلقوا سراح المياحي.. اليمن يستحق أن نجرب معه لغة جديدة: لغة تبدأ بالإفراج عن السجين السياسي، وتنتهي بتحرير الوطن من ثقافة السجون.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مدونات مدونات سجون محمد المياحي اليمن اليمن اعتقال سجون الحوثي محمد المياحي مدونات مدونات سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة رياضة سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
ندوة في صنعاء بعنوان اليمن والقرن الأفريقي.. الأواصر التاريخية ومآلات التحولات الراهنة
الثورة نت /..
عقدت اليوم بصنعاء، ندوة بعنوان “اليمن والقرن الأفريقي.. الأواصر التاريخية ومآلات التحولات الراهنة”، نظمها مركز دار الخبرة للدراسات والتطوير .
وفي الافتتاح أشار نائب وزير الإعلام الدكتور عمر البخيتي إلى أهمية هذه الندوة لتسليط الضوء على الجذور التاريخية للعلاقات بين اليمن ودول القرن الأفريقي وتوحيد الرؤى لتوجيه بوصلة العداء إلى العدو الحقيقي للأمة.
وأكد أهمية كشف المؤامرات الدولية التي يتعرض لها اليمن ودول القرن الأفريقي وسبل مواجهتها، وضرورة التصدي لحرب المصطلحات التي ينتهجها العدو لتغيير الوعي لدى شعوب المنطقة.
وثمن مشاركة أبناء الجاليات الأفريقية في اليمن في المسيرات الجماهيرية الداعمة والمساندة للشعب الفلسطيني.
وتطرق نائب وزير الإعلام إلى الدور المحوري لوسائل الإعلام لفتح آفاق ومسارات فكرية وثقافية واقتصادية واجتماعية لتعزيز العلاقات بين الشعب اليمني وشعوب دول القرن الأفريقي.
وفي الندوة التي حضرها وكيل وزارة الخارجية للشؤون المالية والإدارية السفير محمد حجر وعدد من أعضاء مجلسي النواب والشورى وسفراء اليمن السابقين في دول القرن الأفريقي وأساتذة الجامعات والأكاديميين ورؤساء الجاليات الإفريقية، استعرض نائب رئيس مركز دار الخبرة الدكتور أحمد العماد أهداف الندوة وأهميتها في مناقشة الأبعاد التاريخية، والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية للعلاقات بين اليمن ودول القرن الأفريقي.
وحث على الخروج بتوصيات عملية بما من شأنه كسر الحواجز الرسمية في العلاقات بين الشعوب وتعزيزها وصولا إلى ما يجب أن تكون عليه .
وأكد اهتمام القيادة الثورية والسياسية بتعزيز وتطوير العلاقات والروابط الإنسانية مع شعوب دول القرن الأفريقي والتكامل وتحقيق المصالح المشتركة.
فيما أشار المدير العام التنفيذي للمركز الدكتور محمد جزيلان إلى أهمية الندوة في مناقشة آفاق العلاقات الاستراتيجية بين اليمن ودول القرن الإفريقي بحكم الترابط الجغرافي والتاريخي وتأثيرها المباشر على الأمن والاستقرار والتنمية في المنطقة.
ولفت إلى أن التحولات الجيوسياسية التي يشهدها الإقليم من توترات إقليمية وصراعات داخلية وتنافس دولي والأزمات الإنسانية وقضايا الهجرة غير الشرعية والأمن البحري، تجعل من الحوار العلمي وتبادل الرؤى أمراً ضرورياً لفهم الواقع وصياغة حلول بناءة تخدم استقرار المنطقة وازدهارها.
وناقشت الندوة أوراق عمل حول العلاقات اليمنية الأفريقية.. شراكات استراتيجية وتحديات راهنة، والعلاقات الاستراتيجية الإفريقية مع دول العالم وأفريقيا من الداخل.. واقع معقد وآفاق واعدة.