البابا تواضروس: "استثمر حياتك في السماء"
تاريخ النشر: 6th, March 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
ألقى قداسة البابا تواضروس الثاني عظته الأسبوعية في اجتماع الأربعاء مساء اليوم، من كنيسة القديس الأنبا أنطونيوس بالمقر البابوي بالكاتدرائية العباسية، وبُثت العظة عبر القنوات الفضائية المسيحية وقناة C.O.C التابعة للمركز الإعلامي للكنيسة على شبكة الإنترنت.
واستكمل قداسته سلسلة "ثنائيات في أمثال السيد المسيح"، وقرأ جزءًا من الأصحاح السابع من إنجيل معلمنا متى والأعداد (٢٤ - ٢٧)، وكذلك جزءًا من الأصحاح السادس من إنجيل معلمنا لوقا والأعداد (٤٦ - ٤٩)، وتناول مَثَل بيت العاقل وبيت الجاهل، وأوضح أن المقصود بالعاقل والجاهل هنا هو فلسفة وأسلوب الحياة التي يختارها الإنسان لنفسه.
وأشار قداسة البابا إلى أن الصخر في الكتاب المقدس هو السيد المسيح، "وَجَمِيعَهُمْ شَرِبُوا شَرَابًا وَاحِدًا رُوحِيًّا، لأَنَّهُمْ كَانُوا يَشْرَبُونَ مِنْ صَخْرَةٍ رُوحِيَّةٍ تَابِعَتِهِمْ، وَالصَّخْرَةُ كَانَتِ الْمَسِيحَ" (١ كو ١٠: ٤)، لذلك تعبير الصخرة في مَثَل اليوم يعني الإنسان الذي يبني حياته على أساس طاعة وصايا السيد المسيح والعمل بها.
وشرح قداسته أن بناء البيت والحياة يتطلب أن يتسم بالوضوح وأن يكون السيد المسيح هو أساس كل الربط التي تربط الإنسان بالحياة من حوله، "مَبْنِيِّينَ عَلَى أَسَاسِ الرُّسُلِ وَالأَنْبِيَاءِ، وَيَسُوعُ الْمَسِيحُ نَفْسُهُ حَجَرُ الزَّاوِيَةِ، الَّذِي فِيهِ كُلُّ الْبِنَاءِ مُرَكَّبًا مَعًا، يَنْمُو هَيْكَلًا مُقَدَّسًا فِي الرَّبِّ. الَّذِي فِيهِ أَنْتُمْ أَيْضًا مَبْنِيُّونَ مَعًا، مَسْكَنًا للهِ فِي الرُّوحِ" (أف ٢: ٢٠ - ٢٢)، وتعبير "حَجَرُ الزَّاوِيَةِ" هنا لأن السيد المسيح جمع في خلاصة اليهود والأمم.
كما أشار قداسة البابا إلى أن البيت يُقصد به حياة الإنسان، نفسه، أسرته، خدمته... إلخ، فإذا كان مؤسّسًا على الصخر٨ وحضور السيد المسيح وسكنى الروح القدس كان الإنسان عاقلًا، "فَإِنَّكُمْ أَنْتُمْ هَيْكَلُ اللهِ الْحَيِّ، كَمَا قَالَ اللهُ: «إِنِّي سَأَسْكُنُ فِيهِمْ وَأَسِيرُ بَيْنَهُمْ، وَأَكُونُ لَهُمْ إِلهًا، وَهُمْ يَكُونُونَ لِي شَعْبًا" (٢كو ٦: ١٦)، أما الجاهل هو الذي يبني بيته على الرمل غير الثابت، ويشير البناء على الرمل إلى ارتباط حياة الإنسان بالأرضيات.
وأكد قداسته على أن يستغل الإنسان فترة الصوم الكبير ويراجع نفسه في مخدعه، لكي يستطيع تصحيح ميزان حياته طوال العام، وأن ينتبه إلى بنائه.
وناقش قداسة البابا: ماذا حدث لبيت العاقل وبيت الجاهل أمام الظروف؟ وأعطى الإجابة كالتالي:
١- فَنَزَلَ الْمَطَرُ: يُقصد بها الرذاذ الخفيف الذي يرمز إلى المشكلات اليومية والتي تَعبُر سريعًا، وقد يُقصد به المطر الشديد الذي يرمز إلى المُعطلات الشديدة التي تعوق الحياة الروحية، وعندما يسقط المطر على بيت الإنسان العاقل الذي بنى بيته على الصخر وحياته صامدة فلا يؤثر عليه المطر، "أَنْتَ سِتْرٌ لِي. مِنَ الضِّيقِ تَحْفَظُنِي. بِتَرَنُّمِ النَّجَاةِ تَكْتَنِفُنِي" (مز ٣٢: ٧).
٢- جَاءَتِ الأَنْهَارُ: يُقصد به الفيضان ويرمز إلى الكوارث التي تقابل الإنسان كفقْد شخص عزيز مثلًا، أو الخطايا الموجعة كالخيانة، والتي تدمر حياة الإنسان، وعندما تواجه الكوارث الإنسان العاقل لا يفقد إيمانه ويجتاز التجربة، "اَللهُ لَنَا مَلْجَأٌ وَقُوَّةٌ. عَوْنًا فِي الضِّيْقَاتِ وُجِدَ شَدِيدًا. لِذلِكَ لاَ نَخْشَى وَلَوْ تَزَحْزَحَتِ الأَرْضُ، وَلَوِ انْقَلَبَتِ الْجِبَالُ إِلَى قَلْبِ الْبِحَارِ" (مز ٤٦: ١، ٢).
٣- هَبَّتِ الرِّيَاحُ: والتي إما أن تكون خفيفة أو شديدة، وترمز إلى الكلام، وقد يكون كلام مديح أو كلام نقد، "اَلْمَوْتُ وَالْحَيَاةُ فِي يَدِ اللِّسَانِ" (أم ١٨: ٢١)، والإنسان العاقل يتجاهل الكلام الموجع ويعطي اهتمامه لكلام الله، "لأَنَّ كَلِمَةَ اللهِ حَيَّةٌ وَفَعَّالَةٌ وَأَمْضَى مِنْ كُلِّ سَيْفٍ ذِي حَدَّيْنِ، وَخَارِقَةٌ إِلَى مَفْرَقِ النَّفْسِ وَالرُّوحِ وَالْمَفَاصِلِ وَالْمِخَاخِ، وَمُمَيِّزَةٌ أَفْكَارَ الْقَلْبِ وَنِيَّاتِهِ" (عب ٤: ١٢).
واختتم قداسته أن الإنسان العاقل عندما تواجهه ظروف الأمطار والأنهار والرياح فإنه يسمع ويعمل بكلمة الله ويبني نفسه ونفوس المحيطين به، لأن كلمة الله تجعل الإنسان يستطيع التمييز بين البر والخطية، أما الإنسان الجاهل لا يعمل بكلمة الله لأنه بدون أساس ويعتمد على ثروات الأرض الزائلة، لذلك سقوطه يكون عظيمًا.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: اجتماع الاربعاء الأنبا انطونيوس البابا تواضروس الثاني القديس الأنبا أنطونيوس الإنسان العاقل قداسة البابا السید المسیح
إقرأ أيضاً:
اتقوا الله في الأموات.. مات الإنسان.. لكن الطمع بَقي
غاب شاب في ريعان شبابه، بعد صراع مؤلم مع مرض قاسٍ لم يُبقِ فيه من الجسد شيئًا، كانت أيامه الأخيرة ثقيلة، لكنها لم تُثقل قلبه، رحل بصمت، ومعه أحلام كثيرة، وترك خلفه أبناءً صغارًا يحتاجون الحنان لا الحساب.
لكن الصدمة لم تكن في الموت، بل فيما تبعه.
فبينما كان الناس يدعون له بالرحمة، خرج من دمه من يطالب بالميراث. دون قهرة الموت بهذا المرض اللعين الذي أصاب الابن، أين الدعاء للمتوفي، أين احتضان الأحفاد اليتامي، فقط حسابات، ووعودٌ قديمة أُعيدت للحياة كأنها صكوك تنفيذية.
بيت؟ عُمرة؟ مال علشان نجوز من يكون عبء وعاله دايما؟
هل صار الرحيل لحظة للمطالبة لا للمواساة؟
هل أصبح الحزن مشروطًا بالرصيد البنكي؟
الأقربون… لا يرحمونمن المفترض أن يكونوا أهله، سندَه، من يحملون اسمه بحب بعد غيابه. لكن المدهش أن الجراح جاءت من هناك.
أمٌّ تطالب بـ “حقها” مما وعد به ابنها المريض ذات يوم.
أخٌ يقف أمام الكاميرات ليُحصي ما وُضع في يد أخيه من تبرعات في أقصي لحظات المرض، بدلًا من أن يفتح ذراعيه ليرعى أبناءه الصغار.
هكذا تُكشَف الوجوه.. .حين يتكلم المال، ويصمت الضمير.
حين كانت السينما أصدق من الواقعفي فيلم أفواه وأرانب، قدمت فاتن حمامة دورًا لا يُنسى. لم تكن فقط تمثل، بل كانت ترسم مثالًا لأبهى العلاقات الإنسانية ولأعظم صور للعائلة، الخالة كانت امرأة فقيرة، لكنها أغنى الناس قلبًا. احتضنت أبناء أختها، وربّتهم من تعبها وشقائها، لم تنتظر شكرًا، ولم تفتش في جيب أحد، اشتغلت في الحقول، ونامت علي الأرض، ووسط عجز الأم وتقصير الأب، حملت مسؤوليتهم على كتفيها لم تنتظر شكرا ولا ميراثا ولا وعودا، بل كان العطاء منها فطرة ورحمة، وفي نهاية الفيلم لم تشتك نعمة من الفقر، بل حاربت من أجل الطفولة، لم تتكلم كثيرا عن الأمومة بل جسدتها في أروع النماذج.
هذا الدور يجب أن يُدرّس، لا كمشهد فني، بل كقيمة إنسانية. لأن ما نراه اليوم من قسوة وجحود، يؤكد أننا في أمسّ الحاجة إلى أن نتعلم من زمن كان فيه الفن أنقى من الواقع.
الإنجاب مسؤولية.. لا غنيمةفي مجتمعاتنا، لا تزال بعض الأسر تُنجب بلا وعي، بلا تخطيط، بلا مسؤولية. طفل تلو الآخر، بلا قدرة على التربية أو الرعاية. وحين ينجح أحد الأبناء، يُحمَّل وحده عبء العائلة بأكملها، ويُنظر إليه كصندوق ذهبي يجب أن يُفتح للجميع.
هذا ليس عدلًا، ولا حبًا، بل استغلال مغلّف بالقرابة.
لذا، من كل قلبي، أناشد المشرّعين، وأتوسل لأصحاب القرار:
لا بد من قانون يضبط هذا الفوضى.
لا بد من تشريعات تُلزم الأسر بحدود الإنجاب، خاصة في البيئات الفقيرة، لأن الفقر أحيانًا عند بعض الناس لا يقتل الجسد فقط، بل يقتل الرحمة أيضًا.
رسالة من كل نبضة في قلبيرسالتي هذه لا تُكتب بحبر.. .بل بروحي.
الضنا غالٍ، والابن قطعة من الروح.
كم من أم تُبقي لقمَتها لابنها، وتحرم نفسها من الدواء لتُعالج فلذة كبدها! كم من أب يكدّ ويشقى ويموت واقفًا كي لا يشعر أبناؤه بالاحتياج!
لهذه العائلة أطمئنوا حقوق العباد والميراث وشرع الله سوف يأخذ، ومن يسرقه منكم سوف يعذب به يوم الحساب،
الابن راح.. .فهل سيخرج من قبره لينفذ لكِم ما وعد؟
أم سيخرج ليطمئن على أطفاله، الذين تُركوا في زمنٍ لا يرحم؟
ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء، وكونوا سند لابنائه وامتداد حنان لا خصمًا عليه بعد موته.
الرحيل يُغربل القلوب.
يفضح من أحب بصدق، ومن كان ينتظر الغنيمة.
لكننا لن نصمت.
سنكتب، ونحكي، ونشهد على زمن تبدلت فيه القيم، لكن ما زال فينا من يتألم، ومن ينادي:
اتقوا الله في الأموات.. .فمن لا يرحم الراحل، لن يرحم اليتيم.
اقرأ أيضاًمقال «الأسبوع» يزلزل الاحتلال.. مرصد إسرائيلي يتهم الدكتور محمد عمارة بالتحريض ضد إسرائيل
في مقال بإصدارة «آفاق الطاقة».. وزيرة البيئة توضح التكنولوجيا الحديثة لتدوير المخلفات الصلبة البلدية