النقل: افتتاح مبنى لجان الفحص المشترك بمحطة تحيا مصر
تاريخ النشر: 14th, April 2025 GMT
أعلنت وزارة النقل افتتاح مبنى لجان الفحص المشترك (مبنى الجمارك) بمحطة تحيا مصر متعددة الأغراض بميناء الإسكندرية حيث قام بافتتاح المبنى اللواء أحمد أحمد حواش، رئيس الهيئة العامة لميناء الإسكندرية بتكليف من الفريق مهندس كامل الوزير نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية وزير الصناعة والنقل بحضور اللواء عبد القادر درويش، رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة المجموعة المصرية للمحطات متعددة الأغراض و د.
وأشار بيان الوزارة إلى أن هذه الخطوة تأتي بعد النجاح في الانتهاء من الأعمال التنفيذية لتوسعة مبنى الفحص المشترك بمساحة 320 مترًا مربعًا وحيث تم تقسيم المبنى لاستيعاب جميع الجهات المعنية، بما في ذلك الفحص والكشف والمعاينة، والجهات الرقابية، وسلامة الغذاء، والصادرات والواردات، وغيرها من الجهات الأخرى.
ويضم المبنى 14 نافذة للتعامل المباشر مع المستخلصين، إلى جانب أماكن انتظار داخلية تسع لأكثر من 40 فردًا وأماكن انتظار خارجية لأكثر من 20 فردًا. بالإضافة إلى ذلك، هناك 4 نوافذ تطل مباشرة على ساحة الفحص بالمحطة، ويتميز المبنى بنظام الاستدعاء الآلي الذي يسمح بتنظيم وسهولة الحركة للأفراد.
وأوضح بيان الوزارة ان افتتاح مبنى الفحص المشترك بالمحطة يساهم في تمكين المحطة من التعامل مع كميات أكبر من البضائع وتحسين الكفاءة عن طريق تسريع عمليات الفحص والتخليص الجمركي و توفير مقر لجهات العرض المختلفة، مما يمنح المحطة ميزة تنافسية ويقلل من فترة انتظار الحاويات بالإضافة إلى توفير مرافق أفضل للشركات والشاحنات والمتعاملين مع الجمارك ودعم التوسع التجاري خاصة مع الزيادة المتوقعة في حركة التجارة العالمية والتطورات في صناعة الشحن وكذلك المساهمة في جعل العمليات الجمركية أكثر مرونة وكفاءة، مما ينعكس إيجابًا على أداء المحطة وكفاءتها .
وتبرز أهمية هذه،الخطوة في دعم حركة الصادرات والواردات مع قيام المحطة خلال الفترة الماضية بتشغيل التجريبي لمحطة شحن القطارات بالحاويات RAILWAY CONTAINER STATION – RCS)) والتي تم إنشائها وتنفيذها في إطار إستراتيجية وزارة النقل لإنشاء محاور لوجستية تنموية متكاملة، لربط الموانئ البحرية بالموانئ الجافة والبرية بالمناطق الحدودية ومناطق الإنتاج الصناعي والزراعي والتعديني والخدمي، من خلال شبكة السكك الحديدية، لجعل مصر مركزا إقليمي للنقل واللوجستيات وتجارة الترانزيت ولتعزيز وتطوير النقل متعدد الوسائط، بين محطات الحاويات البحرية ومحطات السكك الحديدية لتعظيم حجم التداول، ومع توالي حركة نقل البضائع عبر خطوط السكك الحديدية بين ميناء أكتوبر الجاف ومحطة تحيا مصر بميناء الإسكندرية
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: وزارة النقل مبنى الجمارك محطة تحيا المزيد
إقرأ أيضاً:
غزة: حطام المعنى وركام المبنى
يشرح الفيلسوف الألماني هربرت ماركيوز في كتابه «الإنسان ذو البعد الواحد» كيف أوصلت الحداثة الصناعية الرأسمالية الإنسان إلى أن غدا ذا بعد واحد، بعد أن تم تدجينه في إطار منظومة لا يستطيع التفكير خارجها، الأمر الذي قضى على حريته التي أصبحت تعني حريته في أن يختار بين السلع المختلفة فقط، الأمر الذي يعني حرية الفرد في أن يختار بين الخيارات التي تم اختيارها له سلفاً، وهو ما يعني إفراغ مصطلح الحرية من محتواه، وإفراغ كثير من المصطلحات والقيم من مفاهيمها، وإعطاءها مفاهيم مضادة، ليصبح الاستثناء هو القاعدة والقاعدة هي الاستثناء، بعد أن أفرغ الإنسان من محتواه الروحي والقيمي، ليصبح ذا بعد مادي واحد.
واليوم، ومع ما نشاهده من أهوال القصف والتشريد والتجويع والإذلال في قطاع غزة يمكن أن نفهم حالة التبلد الشعوري واللامبالاة إزاء الجريمة، وهو تبلد وصلنا معه إلى درجة أن نكون شهوداً على قتل إسرائيل أكثر من ستين ألف فلسطيني، دون أي تفاعل يتناسب مع حجم الجريمة، حتى أصبحت أخبار موت الأطفال – جوعاً – خبراً مألوفاً، نشاهده – صوتاً وصورة – في نشرة أخبار التاسعة، ثم نذهب بعدها للنوم، بكل هدوء.
ولكن كيف تم هذا التطبيع مع الجريمة؟
لقد مر هذا التطبيع بعدة مراحل، خلال فترات طويلة، هي ذات الفترات التي تدرج فيها خطابنا السياسي من «العدو الصهيوني» إلى «الكيان المحتل»، إلى «دويلة إسرائيل»، إلى «دولة إسرائيل»، وصولاً إلى مراحل التطبيع المختلفة، وهي ذات العملية التي عبرنا خلالها عدة مراحل ومصطلحات، انتقلنا فيها من كون فلسطين قضية عربية إسلامية، إلى كونها قضية عربية، ثم قضية فلسطينية، ثم اختصار فلسطين في غزة، إلى أن وصلنا إلى اختصار القضية في كونها مجرد مشكلة مع حركات مقاومة (إرهابية) يجب القضاء عليها، ضمن استراتيجية ما يسمى بـ»الحرب على الإرهاب»، ليتمثل الحل، بعد ذلك، في إخراج حماس من المشهد السياسي، ثم التطور إلى إخراجها من غزة، وهو حل لن يقف على ذلك، لأن الهدف هو تهجير أكثر من مليوني فلسطيني من غزة إلى تغريبة فلسطينية جديدة، في المنافي والشتات.
وقبل الوصول إلى هذه المرحلة تم الاشتغال على محتويات مفاهيمية وعلى مصطلحات تم تكريسها في ثقافتنا السياسية والإعلامية تحديداً، ضمن الاشتغال على لغة مناسبة، هيأت الساحة على مدى عقود لتقبل فكرة أن المقاومة إرهاب، وأن إسرائيل يمكن أن تكون دولة صديقة، وأن العلاقات معها ستكون بديلاً عن مقاومة احتلالها، في بناء شرق أوسط جديد مزدهر وآمن.
وهنا لعبت اللغة دوراً محورياً عبر ضخ كم كبير من المصطلحات، تحولت معها اللغة إلى وسيلة تدجين، بدلاً من كونها أداة تفكير ووعي وشعور وخلق وإبداع، وأصبحت أداة في يد آلة إعلامية جبارة تسلطها لخدمة أهداف رأس المال في تدجين الإنسان ليغدو كائناً أحادياً، بلا قيم ولا شعور ولا تفكير ولا قدرة على التمييز بين الصواب والخطأ، بعد فترات طويلة من تكريس ثقافة تقوم على أساس أن القيم نسبية، وأن الأخلاق تتغير، وأنه لا توجد حقائق مطلقة، وأن الشك هو سيد الموقف، وأن الحقيقة الوحيدة الماثلة أمامنا هي حقيقة القوة المادية التي تعيد تشكيل الروح، ومن هنا لم تعد القضايا الكبيرة تهمنا، ولا فلسطين تشغلنا، بل على العكس، أصبحت فلسطين صداعاً نتمنى التخلص منه بأية وسيلة كانت.
كان مطلوباً – إذن – ضخ أكبر قدر ممكن من التشكيك في الثوابت، سواء كانت دينية أو وطنية، تم التخطيط للتشويش على المعاني والقيم، ثم جرت عمليات منظمة لخلط المفاهيم ومهاجمة الرمزيات، والسخرية من المقدسات، وإبراز التفاهة ثابتاً من الثوابت التي لا تتغير، وسرى تعميم التشكيك على تاريخنا، حيث ضُخت محتويات إعلامية ضخمة، كُرست لشيطنة ذلك التاريخ، وحصره في فترات الصراع، بعد أن جرى تغييب كامل لمنجزات هذا التاريخ الفلسفية والعلمية والتشريعية والأدبية والفنية، وتم تصوير هذا التاريخ على أنه تاريخ حروب وصراعات لا تنتهي، حتى راجت أفكار سخيفة من مثل أن الرغبات الجنسية وحب السلب والنهب والتسلط كانت الدافع وراء «الفتوحات الإسلامية».
وفي سياق الأهداف المذكورة، ضُخت محتويات مهولة لتشويه كبار رجال التاريخ، بغرض هز المُثُل في نفوس الأجيال، الأمر الذي أدى إلى سقوط الرمزيات والمعاني والقيم في النفوس، حتى وصلنا أخيراً لشيطنة فكرة المقاومة، رغم أن من حقها، وفقاً للقوانين الدولية أن تقاوم الاحتلال.
أريد لنا – إذن – أن نعيش دون رمزية، دون معنى، دون هدف، لأن الغايات عندما تُمحى من النفوس تضيع البوصلة، وينحرف المسار، ويتفجر الصراع البيني على الماديات، داخل مجتمعاتنا التي انعدمت لديها القيم والمثل والرموز، وسقطت في هوة العدمية السحيقة.
من هنا تقدمت السطحية، وتراجع العمق، وسادت التفاهة وانزوت الجدية، وضخت وسائل التواصل الاجتماعي محتويات فارغة، وتغيرت نواحي اهتمام الجمهور، بعد أن فقد الثقة في الرموز، بفعل شيطنة تلك الرموز من جهة، وبفعل ترميز التفاهة من جهة أخرى، الأمر الذي وصل بنا إلى تتبع محتويات فارغة، والنفور من المحتويات الممتلئة، وهذا هو المطلوب لرفد مجتمعنا بكميات رقمية من الأفراد، مجرد أرقام بلا قيمة ولا محتوى، ولا هدف ولا غاية ولا معاني كبيرة، أرقام استهلاكية بامتياز.
ومع خلط الأوراق، واهتزاز القيم، والتباس المفاهيم أصبحت المقاومة إرهاباً، وغدت إسرائيل دولة تدافع عن نفسها ضد الإرهاب، فيما الشعب الفلسطيني الواقع تحت الاحتلال أصبح – وفقاً لهذا التوجه – يمارس الإرهاب ضد الدولة الديمقراطية الوحيدة في المنطقة، وتشوشت مفاهيم المقاومة والاحتلال والحرية والديمقراطية والحرب والسلام والصح والخطأ والحق والباطل، والقيم والمصال. وانتهى عهد قوة القانون، ليطل عصر قانون القوة الذي نرى تجلياته في تلك الغابة المتوحشة التي تدعى «المجتمع الدولي» الذي سلب الشعب الفلسطيني الواقع تحت الاحتلال حق الدفاع عن النفس، ومنح هذا الحق لدولة الاحتلال الإسرائيلي.
القدس العربي