قراءة في الخطاب والرسائل.. المشاط يرسم ملامح النصر من مجلس الدفاع ويكشف تحولات الردع اليمني
تاريخ النشر: 21st, April 2025 GMT
يمانيون../
في كلمة فارقة أمام مجلس الدفاع الوطني، رسم رئيس المجلس السياسي الأعلى، المشير الركن مهدي المشاط، ملامح المرحلة الراهنة بوضوح لا لبس فيه.. مؤكداً أن اليمن يخوض معركة مصيرية تتجاوز حدود الرد التقليدي، وتمتد في عمق المشروع الأمريكي والصهيوني في المنطقة.
خطاب حمل نبرة المنتصر، وعبَّر عن ثقة عالية في النفس، ورسَّخ في الوعي الجمعي أن معركة البحر الأحمر ليست ملفاً منعزلاً، بل امتداد طبيعي لمعركة الوعي والسيادة والموقف الأخلاقي تجاه مظلومية فلسطين.
الرئيس المشاط لم يتحدث بلغة الدفاع، بل بلغة الفعل والمبادرة، معلناً أن كل رهانات الأعداء قد سقطت، وكل أسلحتهم الدعائية والعسكرية والسياسية ارتدت عليهم، مشيراً إلى أن الغارات والضربات الأمريكية لم تؤثر على الميدان بنسبة واحد بالمائة.
الرسالة الأولى كانت واضحة: اليمن لا يفاوض على الكرامة، ولا يخضع للابتزاز، وما دام العدوان مستمراً على غزة فالمعركة مفتوحة في البحر وكل الجبهات، لا هدنة قبل وقف العدوان، ولا تهدئة دون رفع الحصار عن شعب فلسطين.
كشف الرئيس المشاط عن نتائج عسكرية إستراتيجية تمثل نقطة تحول في ميزان الردع؛ أهمها إخراج حاملة الطائرات الأمريكية “ترومان” عن الجاهزية، وهو ما يؤكد نجاح الضربات اليمنية في تجاوز التهديد إلى التأثير العميق في عصب القوة الأمريكية.
اعتبر الرئيس المشاط أن التحرك الأمريكي في البحر الأحمر مجرد استعراض فاشل، ومحاولة لرفع معنويات الكيان الصهيوني المنهارة بعد فشله الذريع في غزة، مؤكداً أن واشنطن تقاتل بالنيابة عن “إسرائيل”، لكنها تغرق في الوحل نفسه.
المشاط أعاد التذكير بأن اليمن يخوض هذه المعركة دعماً لغزة، لا لغرض آخر، وأن من يظن أن صنعاء ستتراجع أو تساوم فهو لا يعرف طبيعة هذا الشعب، ولا يدرك أن البوصلة السياسية والعسكرية مرتبطة بأقدس قضية على وجه الأرض.
وبلهجة الواثق، وصف المشاط العدوان الأمريكي بأنه عبث لا طائل منه، مؤكداً أن اليمن ليس وحده، بل هو جزء من محور مقاومة يتنامى ويمتد، من البحر إلى البر، من صنعاء إلى غزة وطهران وبيروت وبغداد.
أكد أن اليمن يدير معركته بإمكاناته الذاتية وبعقيدته الصلبة، ولا يتلقى توجيهات من أحد، مشدداً على أن السيادة اليمنية غير قابلة للنقاش، وأن القرار السياسي والعسكري لا تصنعه غرف السفراء، بل قاعات العزة والصمود.
وأشار إلى أن كل ما يروج له إعلام العدوان بشأن خسائر اليمن عبارة عن تضليل لا يصمد أمام الواقع، موضحاً أن الجبهة الداخلية متماسكة، وأن الشعب اليمني أثبت مرة أخرى أنه عصي على الكسر، وغير قابل للاختراق.
وفي خطاب تحذيري يحمل نبرة إيمانية عالية، وجَّه الرئيس المشاط رسائل قوية لكل من تسوّل له نفسه التخاذل أو الانزلاق في دروب الخيانة، قائلاً: “لكل من يستهويه الشيطان، أقول له نحن قادمون على نصر كبير، وسيميّز الله الخبيث من الطيب”.
ونصحهم بقوله: “أنصح كل من يغريه الشيطان أن يتمسك بالشرف، فهذه زلزلة ما قبل النصر، زلزلة ما قبل الفتح، والإنسان يدعو الله أن يثبته.”
كما أشاد بالدور الكبير الذي تقوم به الأجهزة الأمنية في إفشال محاولات الاختراق والتجنيد التي تقودها أمريكا وأدواتها، مؤكداً أن كل من يثبت تورطه في الخيانة ستتم محاسبته بأقصى درجات الحزم.
ولفت إلى أن العدو يعاني أزمة استخباراتية حقيقية، وأنه لم يعد يمتلك القدرة على توقع الضربات اليمنية، حيث تتحرك القوات اليمنية وفق منطق المبادرة وليس رد الفعل، بما أربك حسابات واشنطن ولندن وتل أبيب.
وأثنى الرئيس على الإنجازات المتسارعة في مسار التصنيع العسكري، ونجاح القوات البحرية والجوية في توجيه ضربات دقيقة أثبتت أن اليمن لم يعد بلداً محاصراً، بل بات رقماً صعباً في معادلات البحر الأحمر وخليج عدن.
وأشار إلى أن المعركة ليست معركة موانئ وسفن فقط، بل معركة هوية واستقلال وقرار، وأن اليمن قرر أن يكون في طليعة الأحرار، مهما كانت التضحيات، ومهما بلغ حجم الاستهداف الإعلامي والعسكري والسياسي.
وفي لفتة تجسِّد الموقف الأخلاقي والشرعي، نوّه الرئيس المشاط إلى أن اليمن يقاتل بوعي أخلاقي، وأنه لم يستهدف أي سفينة مدنية، وأن كل عملياته محسوبة بدقة وفق القوانين الدولية، مما يكشف زيف الادعاءات الأمريكية التي تتاجر بـ”حرية الملاحة”.
تطرق إلى النموذج الإيراني في مقاومة الهيمنة، وأشاد بمواقف طهران المبدئية، معتبراً أن نجاحها السياسي يعزز من صمود محور المقاومة، ويوسّع من مساحة الضغط على العدو الصهيوني وحلفائه في المنطقة.
وأكد الرئيس أن زمن الهيمنة الأمريكية المطلقة قد انتهى، وأن من يراهن على بقاء واشنطن كقوة حاسمة في معادلات الشرق الأوسط فإنه يعيش خارج التاريخ، مشدداً على أن الوقائع الميدانية تكتب واقعاً جديداً كل يوم.
الخطاب تميز بتقدير عال لدور السيد القائد عبد الملك الحوثي، واصفاً إياه بصاحب الرؤية الثاقبة والقيادة المتزنة، التي استطاعت تحويل العدوان إلى فرصة بناء وتعزيز للجبهة الوطنية والقدرات الدفاعية.
كما عبَّر عن ثقته الكاملة في وعي الشعب اليمني، وقدرته على قراءة المعركة بمسؤولية، منوهاً بدور العلماء والمجتمع في تعزيز الصمود، وداعياً إلى رفع الجهوزية والاستعداد لأي تصعيد قادم.
أنهى الرئيس المشاط كلمته المفتوحة للداخل والخارج: “اليمن لم يبدأ هذه الحرب، لكنه سيحسمها، وصوت فلسطين لن يخفت، ما دام في هذا الشعب نفس يتردد، لا مساومة على المبدأ، ولا مساكنة مع المحتل، ولا تهدئة على حساب الدم الفلسطيني.”
هكذا تحدّث الرئيس من قلب صنعاء، لا بلغة المجاملة، بل بلغة الواثق الذي يرى النصر أقرب من أي وقت مضى، ويؤمن أن من يحمل قضية عادلة لا يهزم، حتى لو اجتمع عليه العالم.
سبأ – جميل القشم
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: الرئیس المشاط أن الیمن إلى أن
إقرأ أيضاً:
إيران تثبت معادلة الردع وتستعيد المبادرة الاستراتيجية
وأن خطة احتوائها عبر العدوان الجوي الأخير لم تُحقق أهدافها. بل على العكس، فإن ردود فعل محور المقاومة، وحالة الاستنفار الإقليمي، والإشارات الأمنية والسياسية العديدة، وضعت الولايات المتحدة في موقف دفاعي أمام رأيها العام ورأي حلفائها.
إن التصريحات الرسمية في طهران حول إدراج مسألة الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي على جدول أعمال البرلمان، بالإضافة إلى نية إغلاق مضيق هرمز، تحمل رسائل متعددة؛ مفادها أن إيران لن تقف مكتوفة الأيدي أمام المطالب التي تُفرض بالضغط العسكري.
وإذا اتُخذ قرار الانسحاب من المعاهدة، فسيكون هذا الإجراء نقطة تحول استراتيجية تُنهي النهج التقليدي للمفاوضات، وتُعيد صياغة معادلة الردع النووي الإقليمي. ميدانيًا، أكد المتحدث باسم وزارة الصحة الإيرانية أن الغارات الجوية الأمريكية لم تُسفر عن تسرب إشعاعي نووي، وهو ادعاء يُفنّد تمامًا الرواية الدعائية الأمريكية بأن المنشآت النووية الإيرانية تُشكّل تهديدًا عالميًا.
كما كُشف أن منشأة فوردو لم تُدمّر بالكامل، وأن مواد حساسة نُقلت سابقًا إلى مواقع آمنة، مما يُشير إلى جاهزية إيران الاستخباراتية واللوجستية العالية لمواجهة أي هجوم. على صعيد محور المقاومة، كانت تصريحات محمد البخيتي من اليمن بالغة الدلالة، إذ اعتبر أن توقيت الرد اليمني مرتبط بالقرار المركزي الإيراني.
ويُظهر هذا التنسيق الميداني أن طهران تُدير المعركة من داخل غرفة عمليات مشتركة، وأن الرد ليس انفعاليًا، بل جزء من معركة أكبر لإعادة التوازن الاستراتيجي للمنطقة. إن تجمع آلاف الأشخاص في ساحة الثورة بوسط طهران، دعماً للقيادة ومقاومة العدوان، يُظهر فهماً شعبياً لحجم المعركة. هذا الحضور الجماهيري الحاشد يُكمّل الرد العسكري والسياسي، ويبعث برسالة واضحة، محلياً ودولياً، مفادها أن إرادة الشعب الإيراني لن تُكسر بالتهديدات أو الضغوط.
إن ارتباك العواصم الأوروبية ودعوتها السافرة لإيران لعدم الرد يكشفان ازدواجية معايير الغرب؛ إذ يتجاهلون العدوان الأمريكي ويدعون الضحية إلى ضبط النفس. من ناحية أخرى، تشير التقارير المسربة عن مخاوف حلفاء الخليج ورفع مستوى التأهب إلى أن منطقة الخليج لم تعد ساحة خلفية لواشنطن، بل أصبحت تحت مظلة معادلة الردع الإيرانية.
تشير تقارير إعلامية غربية من داخل النظام الغاصب إلى أن الضربات الصاروخية الإيرانية وصلت إلى مراكز المدن، بل إن وسائل الإعلام العبرية تُقرّ بعجز القنابل الأمريكية عن تدمير البرنامج النووي الإيراني، حتى لو استمرت الهجمات لمدة عام آخر. تكشف هذه الاعترافات عن فشل الرهان على الحل العسكري، وتُظهر أن طهران لا تزال تحتفظ بزمام المبادرة.
من جهة أخرى، فإن الدعم الحاسم وغير المسبوق من قبل حزب الله اللبناني لموقف إيران، يوضح وحدة الجبهة الشمالية لمحور المقاومة، وهذا مؤشر على أن الرد الإيراني لن يكون معزولاً، بل سيرافقه دعم ميداني من اليمن إلى لبنان.
إن موقف روسيا والصين وباكستان في مجلس الأمن الدولي، الذي دعا إلى وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، يظهر أن توازناً جديداً يتشكل في النظام الدولي؛ توازن لن يسمح للولايات المتحدة بعد الآن بفرض إرادتها بالقوة.
وفي خلاصة هذه التطورات، يبدو أن إيران على وشك إرساء معادلة جديدة؛ معادلة عنوانها "العدوان سيقابل برد استراتيجي"، وأن محور المقاومة يعمل بثقة في وحدة القرار والردع، وليس بردود أفعال متفرقة. لم يعد الخطر يكمن في الطيور المعتدية فحسب، بل في أوهام العدو حول قوته الرادعة.
ولن يتحقق التحرير إلا بتحطيم هذه الأوهام بالصبر الاستراتيجي والضربات الذكية. لا تكتفي إيران اليوم بالدفاع عن نفسها، بل ترسم أيضًا حدودًا جديدة لسيادة الدول الحرة، وترسّخ معادلة ردع تُحبط مشروع الغرب المتمثل في استسلامها أو تدميرها. ردّ إيران قادم، ليس بتسرع، بل بحسابات دقيقة، حتى تتضح الرسالة النهائية: من يمس إيران سيحترق بنارها.
نجاح محمد علي :