شتاء الجوع من أمستردام إلى غزة.. حين يُستخدم التجويع كسلاح للإبادة
تاريخ النشر: 6th, May 2025 GMT
في مشهد يعيد إلى الذاكرة فصولًا قاتمة من التاريخ الإنساني، تتكرر اليوم في قطاع غزة المحاصر والمدمر من قبل الاحتلال الإسرائيلي٬ مأساة المجاعة التي عصفت بهولندا في شتاء عام 1944، حين فرضت القوات النازية حصارًا قاسيًا على غرب البلاد، ما أدى إلى وفاة 22 ألف شخص وتأثر نحو 4.5 مليون نسمة.
وبينما يختلف السياق الزمني والسياسي، فإن الملامح الإنسانية للأزمتين تكاد تتطابق: الحصار، التجويع، انهيار منظومة الغذاء، وعجز العالم عن التدخل الفعّال لإنقاذ الأرواح.
في هولندا، وقعت الكارثة فيما يُعرف بـ"شتاء الجوع" (Hongerwinter)، حين قررت سلطات الاحتلال النازي، في أيلول/سبتمبر 1944، منع نقل الغذاء والوقود إلى غرب البلاد، عقابًا على دعم الحكومة الهولندية المنفية لجهود الحلفاء في تحرير الجنوب.
On this day in 1945 operation Manna started. 6,680 tons of food was dropped into the occupied western part of the Netherlands, to help feed Dutch civilians in danger of starvation. 3,301 sorties were flown by British Mosquitoes and Lancaster bombers. https://t.co/mHO4Zporhx — Klaas Meijer (@klaasm67) April 29, 2021
تزامن هذا القرار مع شتاء قارس، ومحاصيل ضعيفة، وأربع سنوات من الإنهاك بفعل الحرب، ما أدّى إلى خفض الحصص الغذائية اليومية إلى ما بين 400 و800 سعرة حرارية فقط. وللبقاء على قيد الحياة، اضطر السكان إلى أكل الحشائش وبصيلات الزنبق، ما خلّف آثارًا صحية ونفسية امتدت لأجيال لاحقة، حيث وُلد الأطفال أصغر حجمًا، وأكثر عرضة للإصابة بأمراض مثل السكري والفصام وأمراض الرئة.
أما في غزة، فالمأساة الراهنة بدأت مع اندلاع حرب الإبادة الإسرائيلية في تشرين الأول/أكتوبر 2023، حيث أغلق الاحتلال الإسرائيلي المعابر البرية بشكل شبه كامل، مانعا دخول المواد الغذائية والطبية، في إطار سياسة ممنهجة للتجويع، وسط تقارير عن نية تهجير سكان القطاع قسرًا، في ما تصفه جهات حقوقية بمحاولة تطهير عرقي معلن.
ويعيش سكان القطاع الآن على حافة الكارثة، حيث يؤكد برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة نفاد كامل مخزوناته الغذائية، وإغلاق المخابز المدعومة، ما أدى إلى ارتفاع أسعار الغذاء بنسبة فاقت 1400%.
رغم ذلك، لم تعلن الأمم المتحدة رسميًا وقوع المجاعة، واكتفت بالتحذير من "وضع كارثي وشيك".
المجاعة في غزة ليست أولى حالات الجوع القاتل منذ بدء الحرب؛ ففي تشرين الثاني/نوفمبر 2023، سُجلت أول مؤشرات الانهيار الكامل لمنظومة الغذاء مع نفاد الوقود وإغلاق المخابز. وبحلول حزيران/يونيو 2024، صُنّف 22% من سكان غزة ضمن المرحلة الخامسة – وهي الأعلى – وفقًا لنظام التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC)، الذي يُستخدم دوليًا لتحديد درجة شدة المجاعة.
مجاعة غزة عارٌ سيلاحق المسلمين في التاريخ
و أمام الله يوم القيامة ???????????????????????? pic.twitter.com/80yJsKAbKJ — ????3marHmd???????? (@3mar_hmd) April 29, 2025
واليوم، تؤكد تقارير من شبكة "FEWS NET"، أن المجاعة فعليًا بدأت في شمال غزة في نيسان/أبريل 2024، حيث اضطر السكان إلى أكل أوراق الأشجار وأعلاف الحيوانات.
تُظهر المقارنة بين الحالتين الهولندية والفلسطينية تشابهًا بنيويًا في الأدوات المستخدمة: في الحالتين، الحصار والتجويع وحرمان المدنيين من الغذاء لأهداف عسكرية وسياسية.
إلا أن الحالة الفلسطينية تتسم بخصوصية إضافية، تتمثل في أن المجاعة تُدار ضمن سياق استعمار استيطاني طويل الأمد، يستهدف اقتلاع السكان الأصليين وتفريغ الأرض من أهلها.
كما أن المجاعة في غزة تحدث تحت غطاء من الصمت الدولي، رغم التحذيرات المتكررة من وكالات الأمم المتحدة، ومنها برنامج الأغذية العالمي ومنظمة الأغذية والزراعة (FAO)، التي تستند إلى معايير علمية صارمة لتحديد وقوع المجاعة.
وبينما شكّل شتاء الجوع الهولندي حافزًا عالميًا بعد الحرب لتطوير أنظمة الحماية الغذائية وحقوق الإنسان، يبدو أن ما يحدث اليوم في غزة يعيد عقارب الإنسانية إلى الوراء، في ظل غياب آليات مساءلة فعالة، وتسييس ملف المساعدات، ورفض واضح من قِبل الاحتلال الإسرائيلي لأي حلول إنسانية، سواء عبر فتح المعابر أو حتى السماح بعمليات إسقاط جوي منسقة.
في المحصلة، لا تُمثّل المجاعة في غزة مجرد كارثة إنسانية طارئة، بل تُعد شاهدًا حيًا على فشل النظام الدولي في حماية المدنيين، وتحذيرًا من أن التجويع قد يعود أداة حرب مشروعة في نظر من لا يُحاسَب.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة دولية غزة الاحتلال المجاعة هولندا غزة الاحتلال هولندا مجاعة المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی غزة
إقرأ أيضاً:
المكتب الإعلامي الحكومي بغزة: المجاعة تفتك بعشرات الآلاف
#سواليف
المكتب الإعلامي الحكومي بغزة:
#المجاعة باتت تفتك على نحو متسارع بعشرات الآلاف من العائلات وسط انعدام تام للغذاء.
فقدان معظم الأدوية والمستلزمات الطبية بفعل الحصار ومنع الإمدادات من قبل #الاحتلال.
نطالب #الأمم_المتحدة ومجلس الأمن بالتدخل العاجل لوقف #الحصار وإنهاء سياسة #التجويع.
نطالب بإرسال بعثات تحقيق دولية مستقلة لتوثيق الجرائم ومحاسبة قادة الاحتلال.
قال المكتب الإعلامي الحكومي، إن سلطات الاحتلال “الإسرائيلي” تواصل ارتكاب #جريمة منظمة بحق أكثر من 2.4 مليون مدني في قطاع #غزة، عبر سياسة الحصار الشامل، ومنع إدخال الاحتياجات الإنسانية الأساسية، في انتهاك صارخ لكافة القوانين والمواثيق الدولية، وعلى رأسها اتفاقيات جنيف الأربع.
مقالات ذات صلة القسام تبث صورا لكمين برفح / شاهد 2025/05/09وأوضح المكتب في بيان له، الجمعة، أنه منذ 70 يوماً متواصلة، يفرض الاحتلال إغلاقاً كلياً لجميع المعابر المؤدية إلى قطاع غزة، ما أدى إلى منع إدخال نحو (39,000) شاحنة مساعدات إنسانية ووقود ودواء، رغم الحاجة الملحّة والطارئة لها مع الانهيار الإنساني والصحي المتسارع، وفي سياق الإبادة الجماعية والقتل المستمر بحق المدنيين على مدار الساعة.
وأشار إلى توقف جميع المخابز في قطاع غزة عن العمل بالكامل منذ 40 يوماً، ما تسبب بحرمان شعبنا الفلسطيني من الخبز، الغذاء الأساسي، وتفاقم المجاعة ونقص التغذية لا سيما في أوساط الأطفال والمرضى وكبار السن، حيث بات أكثر 65,000 طفل معرّضون للموت بسبب سوء التغذية وانعدام الغذاء واستخدام الاحتلال لسياسة التجويع ضد المدنيين.
وأكد أن #المجاعة باتت تفتك على نحو متسارع بعشرات الآلاف من العائلات الفلسطينية، وسط انعدامٍ تام للغذاء، وتعطّل متواصل لمرافق الصحة، وفقدان معظم الأدوية والمستلزمات الطبية، بفعل الحصار ومنع الإمدادات من قبل الاحتلال “الإسرائيلي”.
وأدان بأشد العبارات هذه الجريمة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال “الإسرائيلي” بحق المدنيين، والتي تمثل استخداماً ممنهجاً للتجويع كسلاح حرب يرقى إلى جريمة إبادة جماعية، وفقاً لنص المادة (2) من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية لعام 1948.
وحمّل الاحتلال “الإسرائيلي”، والدول الداعمة له عسكرياً وسياسياً وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا، المسؤولية القانونية والأخلاقية الكاملة عن الجرائم المرتكبة وتبعاتها الكارثية والخطيرة على الحياة المدنية، وعلى الصحة العامة، وعلى مصير مئات الآلاف من الأطفال والمرضى والمسنين.
وطالب المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومجلس الأمن بالتدخل الفوري والعاجل لوقف الحصار “الإسرائيلي” وإنهاء سياسة التجويع الجماعي، والفتح الفوري وغير المشروط للمعابر لإدخال المساعدات الإنسانية والغذاء والوقود والدواء.
كما طالب بإرسال بعثات تحقيق دولية مستقلة لتوثيق هذه الجرائم ومحاسبة قادة الاحتلال “الإسرائيلي” عنها أمام القضاء الدولي، واتخاذ إجراءات ملزمة لوقف العدوان والإبادة على شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة، وإنفاذ قواعد القانون الدولي الإنساني.
وشدد على أن استمرار الصمت الدولي يعدُّ تواطؤاً صريحاً، ويساهم في ترسيخ سياسة الإفلات من العقاب، ويشجع الاحتلال على التمادي في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية بحق شعب أعزل ومحاصر.