أوكسفام لـعربي21: غزة تشهد أسوأ كارثة إنسانية في التاريخ المعاصر (فيديو)
تاريخ النشر: 8th, May 2025 GMT
قالت مسؤولة الإعلام والاتصالات في منظمة أوكسفام الدولية، غادة الحداد، إن "قطاع غزة يشهد أسوأ كارثة إنسانية في التاريخ المعاصر، وخطر المجاعة أصبح وشيك ما لم يتحرك العالم فورا، خاصة في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية، ومنع دخول جميع أنواع المساعدات لأكثر من شهرين متتابعين".
وأكدت، في مقابلة مصورة مع "عربي21"، أن "الحظر والمنع الذي فرضته إسرائيل على دخول المساعدات لغزة يُعد كارثيا للغاية، حيث حرم العديد من العائلات من الحصول على المواد الضرورية الأساسية مثل الغذاء والماء والدواء، وهذا الحصار الخانق يدمر حياة ملايين المدنيين –أطفال ونساء وكبار سن– ممن لا ذنب لهم سوى أنهم وُلدوا في هذا المكان من العالم".
وأشارت الحداد إلى أن "هناك عائلات في غزة لجأت إلى أكل ما لا يُؤكل، ويضطرون إلى تناول مصادر غذائية غير تقليدية؛ فهناك تقارير عن أطفال يمضغون ورق الشجر، ولمسنّين يبحثون في الأنقاض عن بقايا طعام. هؤلاء لا يعيشون في غابة، بل في واحدة من أكثر المناطق اكتظاظا بالسكان على وجه الأرض".
ومنذ 2 آذار/ مارس الماضي، تغلق إسرائيل معابر قطاع غزة أمام دخول المساعدات الغذائية والإغاثية والطبية والبضائع، ما تسبب بتدهور كبير في الأوضاع الإنسانية للفلسطينيين، وفق ما أكدت تقارير حكومية وحقوقية ودولية.
وتاليا نص المقابلة المصورة مع "عربي21":
ما رؤيتكم للوضع الإنساني في قطاع غزة اليوم؟
الوضع الإنساني في غزة يُعد كارثيا بكل المقاييس، حيث إن وصفه بالكارثي لا يعكس مطلقا حجم المأساة الحقيقية والبشعة التي يعيشها السكان؛ فهناك نقص حاد في الغذاء، وندرة شديدة في وصول المجتمعات إلى المياه النظيفة، بالإضافة إلى شح الإمدادات الطبية بشكل كبير. نحن لا نتحدث فقط عن أزمة إنسانية، بل عن انهيار كامل لكل مقومات الحياة، ولم يعد هناك مكان آمن ولا حتى شربة ماء مضمونة.
العديد من العائلات الفلسطينية في قطاع غزة تواجه ظروفا قاسية للغاية، نتيجة الحصار الإسرائيلي الخانق الذي فرضته قوات الاحتلال منذ الثاني من آذار/ مارس الماضي، مما أدى إلى تفاقم الأوضاع المأساوية. واستئناف الحرب الإسرائيلية على القطاع منذ الثامن عشر من آذار/مارس زاد الطين بلة، حيث انتشر سوء التغذية، وانهارت الخدمات الأساسية، وتوقفت العجلة الإنسانية تقريبا بالكامل.
قطاع غزة يعاني اليوم من شلل شامل في الجهود الإنسانية على أرض الواقع، وخطر المجاعة أصبح وشيكا ما لم يتحرك العالم فورا.
كيف تنظرون قيام إسرائيل منذ أكثر من شهرين بمنع دخول جميع المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة؟
الحظر والمنع الذي فرضته إسرائيل يُعد كارثيا للغاية، حيث حرم العديد من العائلات في قطاع غزة من الحصول على المواد الضرورية الأساسية مثل الغذاء والماء والدواء، وهي حقوق إنسانية أساسية يكفلها القانون الدولي الإنساني.
مثل هذا الحظر والحصار الخانق الذي تفرضه إسرائيل يُعتبر انتهاكا صارخا للقانون الدولي الإنساني، وهو ما أدى إلى خلق أزمة إنسانية متفاقمة بشكل خطير في القطاع.
هذا الحصار الخانق جريمة أخلاقية وإنسانية. منع دخول المساعدات يدمر حياة ملايين المدنيين –أطفال ونساء وكبار سن– ممن لا ذنب لهم سوى أنهم وُلدوا في هذا المكان من العالم؛ فهذا الحصار المُحكم هو خنق علني ومدروس لأرواح بشرية. بعض الأهالي الذين يفارقون الحياة اليوم لم يسقطوا بصاروخ، بل سقطوا لأن شاحنة أغذية لم يُسمح لها بالدخول، لأن دواء السرطان تُرك على الحدود حتى فسد بعضه، لأن العالم لم يصرخ كفاية.
هل استمرار منع دخول المساعدات الإنسانية ربما يؤدي إلى تلف بعض هذه المساعدات؟
بدون وصول المساعدات في الوقت المناسب، تُهدَر السلع وقد تُتلف أو تفسد بالفعل، خاصة تلك السلع القابلة للتلف. عندما يتم شراء مساعدات غذائية في وقت مُحدد بناءً على تقدير وصولها السريع إلى قطاع غزة، فإن إغلاق إسرائيل للمعابر يؤدي إلى تعطيل هذه العملية. نتيجة لذلك، تبقى المساعدات عالقة في المخازن حتى انتهاء صلاحيتها، مما يؤدي إلى تلفها وهدرها بالكامل.
بالإضافة إلى ذلك، لا تصل هذه المساعدات إلى العائلات التي هي بأمس الحاجة إليها، وهو ما يُشكّل مأساة إنسانية كبيرة ومعاناة شديدة؛ فبدلا من تسهيل دخول المساعدات إلى قطاع غزة، تستمر إسرائيل في وضع العراقيل أمام وصولها، مما يتسبب في خسائر مادية كبيرة ويؤدي إلى حرمان السكان من الدعم اللازم لبقائهم على قيد الحياة.
هناك أطنان من المساعدات العالقة –غذاء وأدوية ومستلزمات طبية– تتحلل ببطء بينما الناس تتحلل أسرع في الداخل. نرى شاحنات تتكدّس خلف المعابر. هذه المساعدات التي تُركت لتتلف تحت الشمس، كانت كفيلة بإحياء آلاف الأرواح.
لماذا لم تلقِ جميع الدعوات الدولية لفك الحصار عن غزة أي صدى حتى الآن؟
لا ندري لماذا لم تلقَ مثل هذه الدعوات أي صدى أو استجابة، نحن نتحدث عن قطاع غزة الذي يعيش تحت وطأة حرب ضروس وصعبة للغاية منذ أكثر من 18 شهرا.
الجميع في القطاع يقولون: "تغيرنا كثيرا بعد هذه الحرب"؛ فهي لم تغيّرهم فقط من الخارج، بل أيضا من الداخل.
إسرائيل لم تترك أي وسيلة أو أداة حرب إلا واستخدمتها؛ فقد اتبعت سياسة التجويع كسلاح، وقامت بقصف المراكز الصحية، ومرافق المياه، والمنشآت، وحتى خيام النازحين، كما أجبرت السكان على التهجير القسري من أماكن سكنهم ومأواهم.
كل هذه الجرائم كانت تُبث عبر التلفاز، وهناك العديد من الفيديوهات التي توثق مأساة الناس في قطاع غزة والفظائع التي ترتكبها إسرائيل. ومع ذلك، لا يوجد أي محاسبة لإسرائيل على هذه الجرائم والممارسات الوحشية، لذلك استمرت إسرائيل في انتهاك القانون الدولي الإنساني دون أي عقاب، وهو ما يجعلها تستمر في ارتكاب المزيد من الانتهاكات واستمرار الحرب.
الوضع في غزة اليوم ليس مجرد كارثة إنسانية. نحن أمام مجتمع يُجتث من جذوره، لا يجد ما يأكله، ولا مأوى يأويه، ولا دواء يُسكن ألمه. في غزة، الأمهات لا يبحثن عن مدارس لأطفالهن، بل عن شيء يسد الرمق ليعيشوا ليوم آخر. المشافي باتت مقابر مؤقتة، والبيوت أنقاضا تحتها أناس يُنسَون. الوضع خرج من خانة "الطوارئ".
للأسف، يبدو أن هناك تواطؤ بالصمت، وتقاعس في الفعل، وكأن حياة مليوني إنسان لا تستحق التحرك الفعلي. هذا الإخفاق الدولي سيُكتب في صفحات العار؛ لأن الضمير الدولي في هذه القضية بات هشا، هناك بيانات تخرج كل يوم، لكنها تُرمى في الهواء. الحقيقة المؤلمة أننا أمام نظام عالمي يسمح بالمأساة طالما أنها "بعيدة".
هل المجتمع الدولي عاجز عن إجبار إسرائيل على فك الحصار عن غزة؟
هو ليس عاجزا، بل اختار ألّا يستخدم أدواته. هناك قرارات أممية، قوانين دولية، وآليات محاسبة، لكنها تُجمَّد كلما تعلق الأمر بفلسطين. إن استمرار الحصار ليس فشلا أخلاقيا فحسب، بل تعبير عن تواطؤ من نوع ما، حتى وإن كان بالصمت.
المجتمع الدولي يتحمل مسؤوليات كبيرة، ليس فقط على الصعيد القانوني بل أيضا الأخلاقي، في ظل الحصار الذي فرضته إسرائيل منذ الثاني من آذار/ مارس، والذي أدى إلى خنق الشعب الفلسطيني. وبعد ذلك، عادت إسرائيل واستأنفت الحرب بشكل أكثر شدة ووحشية من الأشهر الأولى للعدوان.
المجتمع الدولي مُطالب اليوم بالضغط بكل ما لديه من قوة لإجبار إسرائيل على وقف هذه الحرب؛ فنحن نتحدث عن أكثر من 18 شهرا من القصف والغارات الجوية المتكررة، وطائرات الاستطلاع (الزنانة) التي لا تزال تحلق في سماء غزة، بالإضافة إلى استخدام المدفعية والآليات العسكرية المختلفة.
يجب على المجتمع الدولي التحرك بأقصى سرعة لضمان التزام إسرائيل بوقف إطلاق نار شامل وكامل، مع توفير ضمانات حقيقية لهذا الالتزام، لا نريد وقف إطلاق نار مؤقتا لبضعة أيام أو أسابيع، ومن ثم تستأنف إسرائيل الحرب بشكل أكثر شراسة، مما يؤدي إلى قتل الأبرياء من الأطفال والنساء.
الأولوية الآن هي الضغط على إسرائيل لفرض وقف إطلاق نار دائم وكامل، وهذه هي أهم خطوة يجب تحقيقها على الفور، وبعد ذلك، يجب رفع الحصار عن قطاع غزة والسماح بدخول كافة أنواع المساعدات الإنسانية دون قيد أو شرط.. هذه هي أهم مطالب الناس الآن في قطاع غزة.
ما تداعيات نفاذ مخزون المساعدات الغذائية في قطاع غزة؟
أعلنت كافة المؤسسات الإغاثية في قطاع غزة نفاد مخزونها من الغذاء والوقود والماء. مؤسسة أوكسفام، إحدى هذه الجهات، قامت بتسليم آخر مساعداتها الغذائية يوم 20 نيسان/ أبريل المنصرم، والوضع اليوم يشهد أزمة حادة في التغذية، مع ارتفاع معدلات الأمراض نتيجة سوء التغذية الشديد.
في الأسواق المحلية، هناك عدد قليل جدا من الأكشاك التي تبيع الخضروات، والتي زرعها المزارعون في الأراضي التي لم تتعرض للقصف الإسرائيلي حتى الآن.
يتم بيع بعض المنتجات مثل الطماطم (البندورة)، والخيار، والباذنجان، ولكن بأسعار مرتفعة للغاية. ومع ذلك، يعاني غالبية سكان القطاع من أزمة سيولة حادة، حيث لا يمتلكون سيولة نقدية كافية لشراء حتى هذه المواد المحدودة.
الأوضاع الزراعية في القطاع ليست بأفضل حال؛ فمعظم الأراضي الزراعية تعرضت للقصف، مما أدى إلى هلاك المحاصيل وتدمير القدرة الإنتاجية الزراعية، والأراضي المتبقية قليلة ومحدودة للغاية، وإنتاجها ضئيل جدا، بالإضافة إلى ذلك، هناك معوقات أخرى تعوق الإنتاج الزراعي، مثل نقص المياه ونقص السيولة النقدية لدى السكان.
أصدرت «أوكسفام» عدة تقارير أكدت فيها أن إسرائيل تستخدم التجويع كوسيلة حرب. هذا لا يقتصر فقط على منع دخول المساعدات الإنسانية، بل يتعدى ذلك إلى أنواع متعددة من الحصار والهجمات، مثل قصف الأراضي الزراعية، منع المزارعين من الوصول إلى أراضيهم القريبة من الحدود، وقطع إمدادات المياه.
الوضع الغذائي في قطاع غزة أصبح صعبا للغاية ومنهارا تماما، نتيجة للسياسات الإسرائيلية. عندما تنفد الأغذية، لا نتحدث فقط عن جوع، بل عن انهيار الجهاز المناعي لأطفال غزة، عن انتشار الأمراض، عن موت بطيء. نرى اليوم أجسادا نحيلة تتكئ على جدران مهدّمة، وأمهات يحتضنّ أطفالهن وهم لا يملكون لهم إلا الدعاء وفقط.
والنتائج لا تُقاس فقط بالأرقام، بل بالأصوات التي انطفأت، بالبطون التي خرّت من الجوع، بعيون الأمهات التي جفّت من الدموع. نفاد الغذاء يعني أطفالا يولدون بهياكل عظمية، ومرضى يموتون لا لخطورة حالتهم، بل لعدم توفر طبق من العدس أو ماء نظيف يبتلع به دواءه.
هل رصدتم قيام بعض الغزيين بأكل أوراق الشجر أو لحوم السلاحف أو ما شابه بسبب المجاعة في غزة؟
شهدنا في تقارير صادرة عن بعض المجتمعات في قطاع غزة أن العائلات لجأت إلى تناول مصادر غذائية غير تقليدية، أي غير مألوفة في المنطقة الفلسطينية؛ فعلى سبيل المثال، تقوم الأمهات بسلق وطبخ أوراق الشجر بسبب عدم توفر أي مواد غذائية أخرى في الأسواق أو داخل منازلهم، حيث لا تجد الأمهات خيارا أمامهن سوى البحث عن أي شيء يمكن أن يُطهى لأطفالهن الذين يتضورون جوعا.
من الصعب للغاية على أي أم أن ترى طفلها يطلب منها الطعام ولا تملك ما تقدمه له. هذه العائلات لم تلجأ إلى هذه الخيارات بدافع التفاخر أو الاختيار، بل بدافع اليأس الكامل بعد نفاذ كل الخيارات الأخرى.
وهذا إن دل على شيء، فإنما يدل على عمق الأزمة الإنسانية التي يعيشها الناس في قطاع غزة وعلى الصعوبات الجسيمة التي يواجهونها فقط للبقاء على قيد الحياة.
بكل أسف هناك عائلات لجأت إلى أكل ما لا يُؤكل. هناك تقارير عن أطفال يمضغون ورق الشجر، ولمسنّين يبحثون في الأنقاض عن بقايا طعام. هؤلاء لا يعيشون في غابة، بل في واحدة من أكثر المناطق اكتظاظا بالسكان على وجه الأرض، مُحاصَرين من البر والبحر والجو.
نحن نتحدث هنا عن الغذاء، وهو حق أساسي كفله القانون الدولي لكل إنسان.
ومن المثير للاستغراب أن ننقل هذه الوقائع لأصدقائنا أو زملائنا في الخارج، حيث يبدون دهشتهم لأن فكرة استخدام التجويع كسلاح حرب تبدو بعيدة عن الخيال البشري.
هل هناك أرقام محدّثة عن معدلات سوء التغذية لا سيما بين الأطفال والنساء؟
لا أملك أرقاما دقيقة حول الوضع الحالي، نظرا لأن الأزمة مستمرة ومتفاقمة.
إحدى السيدات التي قابلتها أخبرتني أنها ذهبت إلى العيادة الطبية لأن طفلها كان يعاني من نقص حاد في الوزن، فأخبرها الطبيب أنه يعاني من سوء التغذية.
إذا استمرت الأزمة على هذا النحو، واستمر إغلاق المعابر، فإننا سنواجه معدلات مقلقة ومخيفة من سوء التغذية بين الأطفال والنساء.
نحن نتحدث عن الفئات الأكثر هشاشة في المجتمع، مثل الأطفال، النساء، الأشخاص ذوو الإعاقة، وأولئك الذين يعانون من أمراض مزمنة. هذه الفئات تحتاج إلى عناصر غذائية قوية لتعزيز نموها، تطويرها، ومكافحة الأمراض التي تعاني منها.
لكن الواقع الذي نراه هو عكس ذلك تماما؛ فالأشخاص يفقدون أوزانهم بشكل ملحوظ، وكثير منهم أخبروني أنهم يعانون من هزال شديد وأمراض أخرى ناجمة عن سوء التغذية ونقص العناصر الغذائية الأساسية التي يحتاجها الجسم.
ما مدى توفر المياه الصالحة للشرب للسكان الآن؟
المياه النظيفة المُخصصة للشرب أصبحت شحيحة للغاية، كما أن الوصول إليها بات محدودا بشدة؛ فإسرائيل قامت بقصف العديد من مرافق المياه في قطاع غزة، بما في ذلك محطات التحلية، مما أدى إلى تفاقم الأزمة.
منذ بدء الحرب الإسرائيلية على القطاع وإغلاق المعابر في الثاني من آذار/ مارس 2025، تم قطع إمدادات المياه بشكل كامل، ولم يدخل الوقود إلى قطاع غزة.
الوقود ضروري لتشغيل محطات معالجة وتحلية المياه، لكن نقصه الشديد حال دون تشغيل هذه المحطات أو مرافق المياه الأخرى، هذا الوضع أدى إلى تقييد وصول السكان إلى المياه النظيفة.
كما أن الكثير من الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة، مثل أمراض الكلى، بحاجة إلى مياه معبأة في زجاجات تحتوي على عناصر غذائية محددة حسب وصفات الأطباء، وبسبب عدم توفر هذه المياه في القطاع، اضطر هؤلاء الأشخاص إلى الاعتماد على مصادر مياه غير آمنة لحالتهم الصحية، مما يؤدي إلى مضاعفات صحية خطيرة.
علاوة على ذلك، يساهم استخدام المياه الملوثة في تفشي الأمراض التي تنقل عبر المياه، مثل الإسهال، مما يزيد من معاناة السكان ويزيد الأوضاع الإنسانية سوءا.
كيف ترون استمرار بعض الدول كأمريكا وبريطانيا في بيع السلاح للاحتلال الإسرائيلي؟
معظم هذه الأسلحة تُستخدم لقتل الأطفال والأبرياء، بما في ذلك النساء والأشخاص ذوو الإعاقة، كما تُستخدم هذه الأسلحة في قصف المنازل فوق رؤوس ساكنيها وأصحابها الآمنين.
استمرار بيع الأسلحة يثير دائما مخاوف أخلاقية جدية؛ لأن استمرار بيع هذه الأسلحة يعني أنك تساهم في قتل هؤلاء الأطفال والعائلات، حتى وإن لم يكن ذلك بشكل مباشر.
نحن نتحدث هنا عن بيع الأسلحة في ظل أزمة إنسانية خانقة للغاية، وكأننا بحاجة لبيع الأسلحة.
بيع الأسلحة في مثل هذه الظروف يفاقم المعاناة الإنسانية في القطاع، ويتعارض تماما مع مبادئ القانون الإنساني الدولي وحقوق الإنسان، وقد يرقى إلى شراكة حقيقية في جرائم الحرب في غزة؛ فكل قذيفة تُستخدم ضد المدنيين تحمل بصمات مَن صدّروها. هؤلاء لا يمكنهم الادعاء بأنهم حماة حقوق الإنسان، وهم يوقّعون صفقات تسليح تُستخدم في قصف المدارس والمستشفيات. التاريخ لن يرحم هذه الازدواجية.
لذا، نتمنى من كافة شعوب الدول بالضغط على حكوماتهم لإيقاف بيع الأسلحة إلى إسرائيل.
برأيكم، ما الحل الأنجع لوقف حالة التدهور الإنساني المتفاقمة في غزة؟
يُعتبر وقف إطلاق النار الشامل والكامل الحل الأهم والأمثل لوقف التدهور المستمر في الوضع الإنساني في قطاع غزة.
من الضروري جدا أن يتم التوصل إلى وقف لإطلاق النار، مع وجود ضمانات واضحة لضمان استمراريته بشكل شامل وكامل، فلا نريد أن يكون هناك وقف مؤقت لإطلاق النار يستمر لبضعة أسابيع فقط، ثم تعود إسرائيل لقصف القطاع مرة أخرى.
نطالب بوقف إطلاق نار دائم وكامل، يعقبه رفع الحصار ودخول المساعدات الإنسانية بشكل مستدام وغير مشروط. هذا هو السبيل الوحيد الذي يمكننا كفلسطينيين من خلاله العودة إلى حياتنا الطبيعية، والبدء في إعادة بناء وإعمار غزة كما كانت في السابق.
اليوم، إذا مشيت في شوارع غزة، ستجد أن معظمها ممتلئة بالركام والأنقاض، والبيوت المقصوفة والمهدمة التي تحتاج إلى سنوات طويلة لإعادة إعمارها.
لكن ذلك لن يكون ممكنا إلا بعد وقف إطلاق النار بشكل كامل، حتى نتمكن من إزالة هذا الركام واستعادة الحياة الطبيعية في غزة من جديد.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية مقابلات أوكسفام غزة المجاعة الإسرائيلية المساعدات الإنسانية إسرائيل غزة مساعدات إنسانية أوكسفام المجاعة المزيد في سياسة مقابلات مقابلات مقابلات مقابلات مقابلات مقابلات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المساعدات الإنسانیة المجتمع الدولی دخول المساعدات وقف إطلاق نار بالإضافة إلى إلى قطاع غزة سوء التغذیة إسرائیل على بیع الأسلحة إطلاق النار فی قطاع غزة الذی فرضته ما أدى إلى العدید من نحن نتحدث فی القطاع منع دخول یؤدی إلى من آذار أکثر من ت ستخدم فی غزة التی ت
إقرأ أيضاً:
وزير البيئة الليبي لـعربي21: وضع بلادنا كارثي بيئيا.. ونكافح التلوث بأيادٍ فارغة (فيديو)
وصف وزير البيئة في حكومة الوحدة الليبية، إبراهيم العربي، وضع البيئة في بلاده بـ "الكارثي"، مرجعا ذلك إلى أن الحكومات المتعاقبة على الدولة الليبية لم تولِ البيئة الاهتمام الذي تستحقه، مشيرا إلى أن "التنوع البيولوجي في ليبيا شهد تدهورا خطيرا في الثلاثين سنة الماضية".
وحول حجم الأضرار البيئية التي خلّفتها النزاعات المسلحة في ليبيا، قال، في مقابلة مصوّرة مع "عربي21": "في أي نزاع مسلح في العالم تجد تدهورا واضحا للوضع البيئي، ونحن لاحظنا ذلك منذ العام 2011؛ جميع الاعتداءات التي تراها على الشواطئ، والتوسع على حساب الغطاء النباتي، كلها وقعت في ظل النزاعات الحاصلة بين الفرق المتنازعة، حتى الحيوانات المسالمة نالها ما نالها بسبب الحرب".
ولفت إلى أن "الدورة العشرون لمجلس وزراء البيئة الأفارقة التي عُقدت مؤخرا في العاصمة الكينية نيروبي كان من المفترض أن تُعقد في ليبيا، وكانت الترتيبات تسير على هذا الأساس، لكن حدث خرق أمني في طرابلس، وفي اليوم التالي وصلتنا مراسلة تفيد بأنه، نتيجة الوضع الأمني في طرابلس، تقرر سحب الاجتماع من المقر في ليبيا".
واستدرك: "لكن جرى إبلاغنا بأن ليبيا لا تزال تحتفظ برئاسة مجلس وزراء البيئة الأفارقة، ونأمل أن نتمكن من عقد قمة وزارية استثنائية في نهاية هذا العام أو مع بداية العام القادم، إذا استمر الوضع الأمني في التحسن".
وتاليا نص المقابلة المصوّرة مع "عربي21":
كيف تقيّم واقع البيئة في ليبيا اليوم؟ وما أبرز التحديات الراهنة التي تواجهها؟
الكلام عن واقع البيئة في ليبيا يُثير الشجون، وربما يبعث على شيء من الأسى، كون دولة ليبيا تأخرت كثيرا في الاهتمام بمشاكل البيئة طيلة الأربعين سنة الماضية، رغم أن تخصص البيئة موجود في ليبيا منذ نحو خمسين سنة، وتُخرج ليبيا كوادر مؤهلة جامعية متخصصة في هذا المجال.
ولكن للأسف، مرت الدولة الليبية بمراحل لا داعي للدخول في تفاصيلها، لكننا لا نزال نعاني من السنين التي أُهملت فيها البيئة إهمالا شديدا، وبالتالي يترتب على ذلك تدهورٌ في الوضع البيئي في كثير من نواحيه.
ولنأخذ على سبيل المثال قضية التلوث: التلوث العالمي، ولكن في ليبيا يمسّ كل بيت، كل شارع، كل حي.. كل هؤلاء يتأثرون بالتلوث، سواء على مستوى الفرد أو الأسرة أو المجتمع برمته. نعاني من مشاكل التلوث بجميع أنواعه: تلوث المخلفات الخطرة كالنفايات الطبية، وتلوث انبعاثات المصانع. وهذا كله يلقي بظلاله على صحة المواطن.
في الفترة الأخيرة، شهدنا زيادة ملحوظة في أمراض الأورام وأمراض الجهاز التنفسي، والبيئة تلعب دورا رئيسيا في هذا النوع من الأمراض.
كما أن التنوع البيولوجي في ليبيا شهد تدهورا خطيرا في الثلاثين سنة الماضية، بسبب التعدي على الغطاء النباتي بقطع الأشجار، والتعدي على الحيوانات عن طريق الصيد الجائر غير المدروس، واستخدام أسلحة نارية ليست للصيد على الإطلاق، بل للحروب. وكذلك نتيجة الجهل وقلة التوعية، ربما أدى ذلك إلى الإفراط في عمليات الصيد، وقتل كثير من الحيوانات التي أصبحت على وشك الانقراض من ليبيا.
كذلك بتنا نواجه الملف الأبرز الذي يواجه العالم، وهو ملف التغير المناخي. وليبيا ليست بمنأى عن مشاكل التغير المناخي. وربما المشكلة الأبرز في ليبيا هي مسألة التصحر وندرة المياه. ومع أن ليبيا تمتلك أحواضا ضخمة من المياه الجوفية، فإن المواطن يعاني في جميع أنحاء ليبيا من رداءة المياه المخصصة للشرب، أو ندرتها، أو انعدامها في كثير من المناطق.
ورغم أن وضع البيئة في ليبيا سيئ، وأعتبره كارثيا، وهذا ما أقوله بكل أسف، إلا أن الحكومات المتعاقبة على الدولة الليبية لم تولِ البيئة الاهتمام الذي تستحقه؛ فصنّاع القرار السابقون، وربما حتى القائمون حاليا على إدارة الدولة، لم يهتموا ولم يمنحوا ملف البيئة في ليبيا ما يستحقه من اهتمام.
وللعلم قانون البيئة في ليبيا عمره الآن نحو 20 عاما، ولم يتم تحديثه إلى الآن، ويجب أن نلتفت إلى هذا الملف من حيث التشريعات واللوائح المنظمة له، بالرغم من القوانين وحدها لا تكفي؛ إذ يظل التمويل أحد التحديات الكبرى التي تواجهنا.
ما أبرز الملفات البيئية العاجلة التي تواجه ليبيا في هذه المرحلة؟
أكثر ما يُقلقني هو ملف التلوث، بالدرجة الأولى، فهو يمس صحة المواطن، ويمس جودة الحياة. من حقوق الإنسان الأصيلة والمهمة جدا أن يشرب مياها نقية وبوفرة، ومن حقه أن يتنفس ويستنشق هواءً نقيا، وهذا كله ليس من باب الترف، بل من باب الحفاظ على الصحة.
إن ملف التلوث، اليوم في عام 2025، بدأنا نوليه الاهتمام الذي لم نستطع توجيهه إليه في السنوات الأربع الماضية، بسبب قلة الإمكانيات. ولكن الآن بدأنا ننظر إليه بجدية. الحملات تخرج من وزارة البيئة، وبدأنا في تفعيل جهاز الشرطة البيئية لردع المخالفين والتحقيق في أي انتهاك للبيئة.
الملف الأبرز هو ملف التلوث، وكما ذكرت آنفا، موضوع تدهور التنوع البيولوجي، والصيد الجائر، وقطع الأشجار بصورة تُحدث ضررا بليغا بالبيئة، هذا من أبرز الملفات التي يجب أن نوليها الاهتمام.
ما السبل الكفيلة باستعادة التوازن البيئي في ليبيا؟ وكيف يمكن إدارة الموارد الطبيعية وحمايتها؟
الخطوة الأولى تبدأ من دعم وزارة البيئة. أعتقد أن هذا الملف ضروري، ويجب النظر إليه، كون وزارات البيئة في العالم كله هي وزارات عمل ميداني، وليست فقط مكاتب استشارية تعمل من خلال اجتماعات مكتبية.
وزارات البيئة في العالم كله يتركز جل عملها في الميدان، ويجب أن تكون هناك فرق ميدانية تغطي كامل التراب الليبي.
ما يميز ليبيا عن غيرها هو المساحة الشاسعة؛ فمساحة ليبيا تناهز مليوني كيلومتر مربع، أي تعادل خمس مساحة أوروبا، وربما تفوق مساحة أربع من أكبر دول أوروبا مجتمعة.
الوضع يتطلب ميزانيات ضخمة لتسيير فرق لمراقبة التنوع البيولوجي في الصحراء. كما نعلم، كثير من الحيوانات تكاد تنقرض بسبب الصيد الجائر. كما أن هناك مشكلة نقص الغطاء النباتي؛ فالكثير من الغابات القريبة من طرابلس، وشرق طرابلس، وحتى في المنطقة الشرقية في درنة والبيضاء، تعاني جميعها من قطع الأشجار وزحف العمران العشوائي على الغطاء النباتي، وهذا يتطلب حقيقة وقفة جادة.
وقد بدأنا في تحريك هذه الفرق، وإن شاء الله تعالى في عام 2026، نتوقع ظهور بعض التحسن، على الأقل يمكننا أن نسعى إلى وقف تدهور الغطاء النباتي والصيد الجائر في البلاد.
وإجمالا، نرى أن الوضع البيئي في البلاد لم يلق الاهتمام الكافي من الحكومات المتعاقبة لوضع حلول جذرية، وهذا ينعكس سلبا على كل القطاعات، من الصحة والتعليم إلى البنية التحتية، فضلا عن أن البيئة ليست ملفا منفصلا، بل هي في قلب السياسة والاقتصاد وكل شيء تقريبا.
كيف تقيّمون الأثر البيئي لعملية إطلاق 72 أفعى كوبرا في محمية وادي الناقة بمدينة درنة دون توثيق علمي مسبق؟
وادي الناقة هي محمية موجودة في جبال الأخضر، وأُعلنت عنها وزارة البيئة في عام 2021، حيث أعلنا أنها محمية، والجمعية التي قامت بهذا العمل تتمتع بدعم من وزارة البيئة.
من حيث المبدأ، العمل الذي قامت به الجمعية، أُحيّيها عليه، وأُبارك هذه الخطوة كتجميع، لكن كان يفترض أن يكون هناك تنسيق أكبر، بل كبير جدا، مع وزارة البيئة، كون الوزارة ممكن أن تدلي برأيها في كيفية الإطلاق: هل نُطلق 72 أفعى في مكان واحد، أم نُطلقها في أماكن متفرقة؟
لكن الجيد في الموضوع أن ثقافة قتل الأفاعي العشوائي، أنا ضدّها بالجملة، ولا أقبل من أي مواطن أن يقتل أي حيوان، مهما كان ضرره بالنسبة للإنسان، طالما لا يأتي إلى العمران أو منطقة التواجد البشري. بمعنى آخر، أفعى في وادٍ يبعد 8 كيلومترات على الأقل عن أي تجمع سكني، لا يبرر قتلها ولا التعرض لها.
نحن جميعا نشاهد في فيديوهات التواصل الاجتماعي جهودا تُبذل في أماكن كثيرة في العالم، حيث يُصَادُ الأفاعي ويُحافظ على حياتها، ثم تُنقل إلى مواطنها الطبيعية في الغابات والوديان والمناطق القريبة من الأنهار، وكل ذلك حفاظا عليها من الأذى.
لكن ثقافتنا، في العالم الثالث، وليبيا على وجه الخصوص، بسبب الوضع الأمني وانتشار السلاح، ربما جعلت كثيرا من الناس يمتهنون قتل الحيوانات. كما ذكرت، الصيد الجائر، باستخدام بنادق أوتوماتيكية مخصصة للحروب، جعل كثيرا من الحيوانات تتعرض للانقراض.
ثقافتنا، للأسف، حين يريد أحد أن يتنزه في وادي الناقة، يضع في حسبانه أنه إذا قابل أفعى أو ثعبانا؛ فالخطوة الأولى هي القتل، وأنا لا يمكن أن أقبل بذلك على الإطلاق.
ما نشاهده في بقاع أخرى من العالم، أن الأفعى أحيانا تدخل إلى البيوت؛ فيُستدعى ذوو الاختصاص للإمساك بها، ثم تُنقل إلى أماكنها الطبيعية دون قتلها. ومع أنها دخلت البيوت، إلا أن التعامل معها لا يكون بالقتل.
وكما قلت، لو أجزنا قتل الأفاعي، فلتكن فقط إذا دخلت إلى البيوت وهددت العائلة، ويصعب عليّ أن أقول "أجز"، لأن كل كلمة تُحسب علينا نحن، ونحن وزراء البيئة، وأنا لا أؤيد على الإطلاق قتل أي حيوان، مهما كان.
لكن كما ذكرت، هذه خطوة جيدة في الاتجاه الصحيح، وربما تنبئ عن وعي، وأتمنى أن المواطن يأخذ عبرة من هذا العمل. مأخذي فقط هو عدم التنسيق الذي كان يجب أن يكون مع الوزارة.
وزارة البيئة لديها خبراء في علوم الحيوان، وبعضهم متخصص في هذا المجال، وربما كان لديهم ما يقولونه في عملية الإطلاق، لكن أشُدّ على أيدي الجمعية، بارك الله فيهم، كونهم لم يقتلوا ولا ثعبانا واحدا، وهذه تُحسب لهم، لا عليهم.
إلى أي مدى تلتزم دولة ليبيا بتعزيز استجابتها الوطنية لتغير المناخ؟ وما هي آليات التمويل المناخي المتاحة؟ وما جهود الوزارة في هذا السياق؟
ملف تغير المناخ هذا من الملفات القوية جدا اليوم. بعد أن كان هذا الملف حبيس الأدراج؛ فهناك لجنة وطنية لتغير المناخ منذ قرابة العشرين سنة، لم تخطُ خطوة واحدة في هذا الملف.
لكن في ظل وجود وزارة البيئة بحكومة الوحدة الوطنية، أول شيء تم اعتماده هو الاتفاقية من قِبل رئيس الحكومة، وتم إحالتها إلى البرلمان للمصادقة عليها.
وهذا الموضوع، للأسف، لم يتم البت فيه حتى هذه اللحظة. أربع سنوات مرت، واتفاقية باريس لا تزال تنتظر مصادقة ليبيا عليها، وهذا خارج عن نطاق عملنا كوزارة بيئة؛ فهذا الملف الآن في القسم التشريعي بالدولة الليبية، وبالتالي فقد تأخرنا كثيرا في الوفاء بالتزامات اتفاقية باريس للمناخ، ونقول إن المصادقة على هذه الاتفاقية لا تزال متأخرة بسبب الانقسام السياسي.
لكن سأُخبرك قليلا عما قامت به اللجنة الوطنية لتغير المناخ في ظل وزارة البيئة بحكومة الوحدة الوطنية؛ فقد قطعنا أشواطا طويلة جدا في إعداد البلاغ الوطني الأول، وحصر الانبعاثات على مستوى ليبيا. نحن الآن في المراحل الأخيرة، ونتوقع أن يتم اعتماد البلاغ الوطني الأول من وزارة البيئة في نهاية الشهر الحالي أو بداية الشهر القادم كحد أقصى، ثم إحالته إلى رئيس الحكومة للاعتماد.
وسيتبع ذلك في أقل من شهر، تحديد المساهمات، ما يُعرف بالـ (NDC) أو المساهمات المحددة وطنيا للدولة الليبية، وسيتم ذلك خلال شهرين.
وبهذا يكتمل الملف الخاص بتغير المناخ من حيث المطالب المفروضة على ليبيا بموجب اتفاقية باريس. فالحمد لله، نستطيع أن نقول إننا قطعنا أشواطا هائلة جدا في السنتين الماضيتين في هذا الملف.
ونشير هنا إلى أن كثير من الدول غير مستعدة حتى الآن لتلبية اشتراطات تغير المناخ، بما فيها ليبيا التي تُعدّ من أكثر الدول عرضة لتأثيرات التغير المناخي، خصوصا مع شح المياه وتراجع الغطاء النباتي والزحف الصحراوي.
ما تداعيات توقف المساعدات الأميركية إلى ليبيا؟ وما الأسباب وراء ضعف الدعم الموجّه لوزارة البيئة الليبية؟
في الحقيقة، لا توجد مساعدات أمريكية لليبيا بصورة مباشرة أو ضخمة، كما تُقدّم الإدارة الأمريكية لبعض دول العالم الثالث الأخرى. فليبيا، إلى هذه اللحظة، تُصنف عالميا من الدول الغنية، وهي دولة نفطية، وتُصنف اقتصاديا على أنها دولة غنية.
المساعدات الأمريكية لليبيا لم تكن في مستوى المساعدات، بل كانت "مساهمات" أكثر من كونها مساعدات.
ليست المشكلة في حجم المساعدات الأمريكية لليبيا، فقد لاحظنا منذ تولي إدارة ترامب الحكم في أمريكا، انسحاب الولايات المتحدة من جل الاتفاقيات المتعلقة بالبيئة، وكان على رأسها اتفاقية باريس لتغير المناخ.
أمريكا تعهّدت سابقا بأن تدفع عشرات المليارات من الدولارات لمساعدة دول العالم الثالث المتضررة من تغير المناخ، تحت بند التكيّف، ولكن الوضع سيكون سيئا جدا. سنرى في الاجتماع القادم، في قمة المناخ بالبرازيل، أن الرؤساء سيُناقشون مسألة انسحاب أمريكا من اتفاقية تغير المناخ، وأمريكا لها ثقل كبير جدا في هذا الملف.
الحكومة السابقة لأمريكا كانت تُقدّم دعما كبيرا جدا في ملفات التكيّف مع تغير المناخ، ولكن الآن تم الانسحاب بالكامل؛ فأمريكا ليست عضوا حاليا في اتفاقية تغير المناخ.
فنسأل الله أن نصل إلى مرحلة من التوازن في نسب الدعم المخصصة لملفات تغير المناخ.
لو تحدثنا عن حجم الأضرار البيئية التي خلّفتها النزاعات المسلحة في ليبيا؟
النزاعات المسلحة في أي مكان في العالم لا تُبقي صغيرة ولا كبيرة إلا وطالها غبار الحرب. وعندما نتكلم عن البيئة، فأنا دائما أعرف أنها الأمن القومي، لا أقول جزءا منه، بل هي الركيزة الرئيسية في الأمن القومي لأي دولة.
الماء، والتربة، والهواء، والتربة نقصد بها الغذاء بالدرجة الأولى. وبالتالي، فإن أي تهديد للماء أو التربة أو الهواء هو تهديد مباشر لحياة الإنسان والمواطن، وهذا عنصر أساسي في الأمن القومي لأي دولة.
وإذا دخلت الدولة في نزاعات أو حروب أهلية، فحتما ملف البيئة لن يكون مطروحا على طاولة أي فريق من الفرق المتنازعة، ولن يكون لديهم أي اهتمام بملفات البيئة، وسوف تجد أن جميع ملفات البيئة تشهد انهيارا تاما.
نحن لاحظنا ذلك في 2011، وفي معظم الحروب التي خاضتها البلاد من 2011 إلى الآن، حيث كان هناك تدهور للحالة البيئية بصورة سيئة.
جميع الاعتداءات التي تراها على الشواطئ، والتوسع على حساب الغطاء النباتي، كلها وقعت في ظل النزاعات الحاصلة بين الفرق المتنازعة.
وكما ذكرت لك سابقا، حتى الحيوانات المسالمة التي تعيش في البر وفي الصحراء، نالها ما نالها من الصيد الجائر، باستخدام بنادق أوتوماتيكية، ونظارات الرؤية الليلية، واستخدام الطيران المسير في عمليات الصيد شيء لا يتخيله العقل، وبالتالي، في أي نزاع مسلح، تجد تدهورا واضحا للوضع البيئي.
ما أبعاد ما قيل سابقا بشأن طمر النفايات النووية قبالة السواحل الليبية؟ وما حقيقة تورّط المافيا الإيطالية في ذلك؟
هذا النوع من الأخبار يدخل في باب الدعايات. لا نستطيع أن ننفيه بنسبة مئة في المئة، لكنه أمر صعب الحدوث. فإذا قيل إن هناك طمرا للنفايات النووية في الشواطئ، فلا بد أن أجهزة القياس ستكشف هذا الكلام يوما ما.
لكننا، بالتعاون مع مركز القياسات الإشعاعية، لم نجد حتى الآن ما يُقلق أو يثبت وجود مثل هذه النفايات.
الأمر ليس سهلا: نقل النفايات النووية من أماكن إنتاجها إلى أماكن الطمر يتطلب إجراءات معقدة، وتتم عادة تحت رقابة الدول المنتجة لها. كما تعلم، إذا كانت هذه النفايات ناتجة من مفاعلات نووية، فهي في الغالب خاضعة لوكالة الطاقة الذرية، التي تعرف كمية النفايات، وإلى أين نُقلت، وكيف تُدار.
لكننا نسمع هذا الكلام، كما يسمعه الآخرون.
الوضع، كما ذكرت لك، هو أننا نحاول، بقدر المستطاع، أن نتحقق من مثل هذه الشائعات أو الدعايات، كوننا دولة قد تكون مستهدفة، وربما يُستغل فتح الحدود لدينا، وقد تكون حدودنا منتهكة، ولا نستطيع أن نراقبها بشكل كامل، على الأقل منذ عام 2011 إلى هذه الساعة.
مراقبة الحدود ليست بالأمر السهل. لدينا حدود ضخمة، طويلة جدا، وتحتاج إلى فرق هائلة للمسح، وخفر سواحل، ووسائل رقابة متقدمة، لكننا نضع هذا الموضوع نُصب أعيننا، ولا نهمله على الإطلاق.
ما أبرز النتائج التي خرجت بها الدورة العشرون لمجلس وزراء البيئة الأفارقة التي عُقدت في العاصمة الكينية نيروبي؟ ولماذا لم تُعقد في ليبيا؟
كان من المفترض أن تعقد الدورة في ليبيا، وكانت الترتيبات تسير على هذا الأساس، لكن حدث خرق أمني في طرابلس، وفي اليوم التالي وصلتنا مراسلة تفيد بأنه، نتيجة الوضع الأمني في طرابلس، تقرر سحب الاجتماع من المقر في ليبيا.
مع ذلك، أُبلغنا بأن ليبيا تحتفظ برئاسة مجلس وزراء البيئة الأفارقة، لكن لا يمكن إجراء اللقاء في ليبيا.
نأمل أن نتمكن من عقد قمة وزارية استثنائية في نهاية هذا العام أو مع بداية العام القادم، إذا استمر الوضع الأمني في التحسن.
كما تعلم، الأمم المتحدة ودوائرها تمتلك معلومات أمنية عن كل دولة، وبالتالي لديها ما تقوله في هذا المجال. لا نستطيع أن نلومها بشكل كبير، ولعل القادم خير.
رئاسة ليبيا لهذا المجلس، نتوقع – إن شاء الله تعالى – أن تكون هناك مبادرة ليبية خلال الستة أشهر القادمة، سنسعى إلى تقديمها لمجلس وزراء البيئة الأفارقة، لتُدرج ضمن جدول الأعمال القادم.
وسيمكننا ذلك من تلقي دعم خاص للدولة الليبية فيما يخص الملفات التي تحدثنا عنها سابقا، في مجال التنوع البيولوجي، وتغير المناخ، والتلوث، ونتوقع أن تكون ليبيا محط نظر كثير من الجهات الممولة للبيئة.
نسأل الله أن يكون قدومنا على هذه الرئاسة خيرا للمجلس كمجلس، وللقوى الأفريقية، ولليبيا، الدولة الرئيسة فيه.