تتزايد المعارضة الدولية، خاصة من دول الاتحاد الأوروبي، للحرب المدمرة والحصار القاتل الذي يفرضه الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة. وتدرس الكتلة الأوروبية إمكانية إلغاء اتفاقية الشراكة مع الاحتلال الإسرائيلي، بينما قررت بريطانيا تجميد مفاوضات التجارة الحرة معها، ما يضع علاقات تجارية تقدر بأكثر من 60 مليار دولار في خطر، إضافة إلى تدهور العلاقات مع حلفاء استراتيجيين وموردي الأسلحة.



ويُعتبر الاتحاد الأوروبي الشريك التجاري الأكبر للاحتلال الإسرائيلي، حيث يستحوذ على حوالي 32 بالمئة من إجمالي الصادرات الإسرائيلية في العام الماضي. وتُظهر الإحصائيات الإسرائيلية أن حجم التبادل التجاري وصل إلى نحو 42.6 مليار يورو (48.1 مليار دولار)، منها 15.9 مليار يورو واردات أوروبية من الاحتلال الإسرائيلي، مقابل 26.7 مليار يورو صادرات أوروبية إليها. 

أما التبادل التجاري بين الاحتلال الإسرائيلي وبريطانيا فيبلغ حوالي 9 مليارات جنيه إسترليني (12 مليار دولار تقريباً). وقد أثر التصعيد الأوروبي سلبياً على الشيكل الإسرائيلي، الذي انخفض بنسبة 1 بالمئة أمام الدولار، رغم تراجع الدولار الأمريكي بحوالي 0.5 بالمئة أمام سلة العملات الرئيسية عالمياً. كما تراجع الشيكل بنسبة 1.4 بالمئة أمام اليورو.

العفو الدولية ترحب
بدورهارحبت منظمة العفو الدولية بقرار الاتحاد الأوروبي مراجعة علاقاته مع الاحتلال، لكنها اعتبرت الخطوة "متأخرة بشكل كارثي"، في ظل الأوضاع الإنسانية المتدهورة التي يعيشها الفلسطينيون منذ أكثر من عام ونصف.
BREAKING: Review of the EU’s relations with Israel welcome but devastatingly late

"Amnesty International will now push for a meaningful review which takes evidence and international standards into account," says @evegeddie

Press release ????https://t.co/2KMdYrT5ul https://t.co/wQt7pJNcpl — Amnesty EU (@AmnestyEU) May 20, 2025
وقالت المنظمة إن سياسة "الاسترضاء غير الرسمية" التي اتبعها الاتحاد الأوروبي تجاه الاحتلال الإسرائيلي تتعارض تمامًا مع التزاماته القانونية والأخلاقية، مؤكدة أن التاريخ "سيحكم على هذه السياسة بقسوة".

وفي هذا السياق، شددت إيف غيدي، مديرة مكتب المؤسسات الأوروبية في منظمة العفو الدولية، على أن مراجعة العلاقات "خطوة أولى مرحّب بها"، لكنها جاءت بعد تأخر "كارثي"، في وقت يعيش فيه الفلسطينيون معاناة إنسانية لا يمكن وصفها، منذ نحو 19 شهراً.

ودعت غيدي الاتحاد الأوروبي إلى اتخاذ إجراءات ملموسة، أبرزها "تعليق جميع أشكال التجارة مع المستوطنات الإسرائيلية"، معتبرة أن الاستمرار في هذه العلاقات الاقتصادية يتعارض مع القانون الدولي.
كما طالبت الدول الأوروبية التي تواصل تصدير الأسلحة إلى إسرائيل بوقف هذه العمليات فوراً، معتبرة أن هذه الخطوة تمثل "عنصرًا حاسمًا في التزام دول الاتحاد بمنع وقوع الإبادة الجماعية وتجنّب التواطؤ في ارتكابها".



مراجعة اتفاقية الشراكة
والثلاثاء الماضي٬ أعلنت مسؤولة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، أن الاتحاد سيراجع اتفاق الشراكة مع الاحتلال الإسرائيلي بناء على التطورات الأخيرة في غزة. 

وحصل اقتراح وزير الخارجية الهولندي، كاسبار والديكامب، لإعادة النظر في الاتفاقية على دعم 17 وزير خارجية من أصل 27 دولة في الاتحاد الأوروبي.

وتعني هذه المراجعة أن المفوضية الأوروبية ستحقق لتحديد ما إذا كان الاحتلال الإسرائيلي قد انتهك التزامه بحماية حقوق الإنسان وفقا للمادة الثانية من الاتفاق، التي تُعد حجر الأساس في العلاقة.

وأكد الوزير الهولندي في رسالته للاتحاد الأوروبي أن منع المساعدات الإنسانية يشكل انتهاكاً للقانون الإنساني الدولي، وبالتالي ينتهك المادة الثانية من اتفاقية الشراكة التي تنظم العلاقات السياسية والتجارية. 

وتنص هذه المادة على ضرورة قيام العلاقات بين الطرفين على "احترام حقوق الإنسان والمبادئ الديمقراطية، التي تُعد مبادئ توجيهية للسياسات المحلية والدولية وعنصراً أساسياً في الاتفاق".
El compromiso de España con los derechos humanos debe ser constante y coherente. También desde Europa.

Si se le exigió a Rusia no participar en Eurovisión tras la invasión de Ucrania, tampoco debería hacerlo Israel.

No podemos permitir dobles estándares, tampoco en la cultura. pic.twitter.com/1G6g2bIE5E — Pedro Sánchez (@sanchezcastejon) May 19, 2025
أوروبا الشرقية تقف عقبة
وتُعد اتفاقية الشراكة، التي دخلت حيز التنفيذ في حزيران/يونيو 2000، أساس العلاقات السياسية والاقتصادية بين دول الاتحاد والاحتلال. وتُشكل مراجعتها تهديدا كبيرا للاحتلال الإسرائيلي، وفقاً لصحيفة "كالكاليست" الاقتصادية الإسرائيلية، التي قللت من إمكانية حدوث ذلك، موضحة أن "تعديل الاتفاقية لا يمكن أن يتم بناءً على تقدير دولة واحدة أو مجموعة صغيرة، بل يتطلب موافقة جميع الدول الأعضاء السبع والعشرين".

وأشارت الصحيفة إلى أن الحكومات التي لا تزال تتبنى مواقف مؤيدة للاحتلال الإسرائيلي هي كرواتيا وليتوانيا وألمانيا والتشيك وبلجيكا والمجر، التي تُعتبر الداعم الأكثر وضوحاً. وقد صادق البرلمان المجري الثلاثاء الماضي على انسحاب البلاد من المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، التي أصدرت مذكرة اعتقال ضد رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة.


من رفع الضوء الأحمر
وطرحت أيرلندا وإسبانيا فكرة مراجعة الاتفاق لأول مرة قبل 15 شهراً في رسالة إلى مفوضة الاتحاد الأوروبي آنذاك٬ أورسولا فون ديرلاين، دون تلقي أي رد حتى الآن. ورغم عدم حصول الرسالة على دعم دول الاتحاد الأخرى آنذاك، إلا أن المزاج يتغير الآن نحو الأسوأ ويشكل تهديداً خطيراً للاحتلال مع اتساع دائرة رفضها.

كما صرح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في وقت سابق من هذا الشهر أن تعليق التعاون مع الاحتلال الإسرائيلي "مسألة معلقة" بالنسبة للاتحاد الأوروبي. ومن بين الدول الأخرى التي تؤيد إعادة النظر في العلاقات السياسية والاقتصادية مع الاحتلال: بلجيكا وفنلندا والبرتغال والسويد، التي دعمت جميعها مبادرة وزير الخارجية الهولندي.

بريطانيا تجميد المفاوضات
أما خارج الاتحاد الأوروبي، فلقد أعلنت بريطانيا تجميد مباحثات التجارة الحرة مع الاحتلال الإسرائيلي.قال وزير الخارجية البريطاني، ديفيد لامي، إن الحصار الذي يفرضه الاحتلال على قطاع غزة "غير مبرر من الناحية الأخلاقية، ويجب أن يُرفع على الفور".

وصرح لأعضاء البرلمان في لندن أنه "يجب على الجميع إدانة منع الحكومة الإسرائيلية الطعام عن الأطفال الجائعين بشكل كامل، إنه أمر مروع".

رغم وجود اتفاقية تجارية موقعة عام 2019 ودخلت حيز التنفيذ عام 2021، كانت بريطانيا والاحتلال  تتفاوضان على تحديث وتطوير كبير لتلك الاتفاقية، مما كان سيفيد الاحتلال خاصة في مجال التكنولوجيا المتقدمة، المحرك الرئيسي للاقتصاد الإسرائيلي.


الرد الإسرائيلي والتقييم الداخلي
ردت وزارة خارجية الاحتلال على الإعلان البريطاني بالقول إن "اتفاقية التجارة الحرة تصب في مصلحة الطرفين، وإذا كانت الحكومة البريطانية مستعدة للإضرار بالاقتصاد البريطاني بدافع الهوس واعتبارات سياسية داخلية، فهذا قرارها".

لكن صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية ذكرت في تقرير أن الاحتلال الإسرائيلي وصل إلى أدنى مستوى في مكانته الدولية على الإطلاق، ونقل عن مسؤول بالخارجية الإسرائيلية قوله إن البلاد تواجه "تسونامي حقيقي يفاقم الوضع في البلاد".

وجاء القرار البريطاني بعد يوم من تحذير ثلاث دول غربية رئيسية هي بريطانيا وفرنسا وكندا٬ من إمكانية فرض عقوبات على الاحتلال الإسرائيلي في حال استمرارها في حربها على غزة.

وفي خطوة تصعيدية، استدعت لندن السفيرة الإسرائيلية لديها، تسيبي حوتوفيلي، لجلسة توبيخ، وأعلنت فرض عقوبات على عدد من المستوطنين. 

وكانت اتفاقية التجارة الحرة المرتقبة بين بريطانيا والاحتلال الإسرائيلي تُعد هامة للغاية، لا سيما لصناعة التكنولوجيا الفائقة، إذ كان يُخطط لتوسيع نطاقها لتشمل مجالات جديدة مثل التجارة الإلكترونية والاستثمارات.

بريطانيا: شريك تجاري استراتيجي
وتُعد بريطانيا رابع أكبر شريك تجاري للاحتلال الإسرائيلي، بحجم تبادل يبلغ نحو 9 مليارات جنيه إسترليني سنويًا. وقد وقّع الطرفان عام 2019 اتفاقية تجارية لضمان استمرار العلاقات بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست)، تقوم على نفس أسس الاتفاق المبرم عام 1995 بين الاحتلال والاتحاد الأوروبي، والتي تضمن إعفاء معظم السلع من الرسوم الجمركية.

وكان من المزمع أن يُحدّث الاتفاق ليواكب التغيرات الاقتصادية، ويعزز التعاون في قطاعات غير مشمولة سابقًا. وتشير معطيات دائرة الإحصاء المركزية في الاحتلال الإسرائيلي إلى أن قطاع التكنولوجيا الفائقة (الهايتك) يمثل أكثر من 70% من الصادرات الإسرائيلية، ما يبرز الأهمية الاستراتيجية لأي اتفاقية تجارة حرة مع دولة بحجم بريطانيا.


صندوق الثروة النرويجي ينسحب
وضمن موجة المقاطعة الدولية المتزايدة، أعلن صندوق الثروة السيادي النرويجي، أحد أكبر الصناديق الاستثمارية في العالم، سحب استثماراته بالكامل من شركة "باز" الإسرائيلية، التي تعمل في مجال النفط والغاز. 

وأوضح الصندوق في بيان رسمي أن الشركة توفّر الوقود للمستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة، ما يُعد مساهمة مباشرة في استمرار الاحتلال، وانتهاكاً للقانون الدولي.

وأشار البيان إلى أن القرار يأتي استناداً إلى توصية مجلس الأخلاقيات التابع للصندوق، الذي خلص إلى أن نشاط "باز" ينطوي على انتهاكات لحقوق الإنسان. ويُذكر أن الصندوق النرويجي يملك 1.5بالمئة من الأسهم المتداولة علنًا لأكثر من 8 آلاف و500 شركة حول العالم، ويُعرف بالتزامه بمبادئ الاستثمار الأخلاقي، ما يمنحه ثقلًا كبيرًا في الأوساط الاقتصادية والحقوقية الدولية.

تسونامي دبلوماسي يضرب الاحتلال
حذرت أوساط دبلوماسية إسرائيلية من أن تل أبيب تواجه أزمة غير مسبوقة في علاقاتها الدولية، في ظل تصاعد الغضب العالمي من استمرار العدوان على قطاع غزة. ونقلت صحيفة يديعوت أحرونوت عن مصدر في وزارة الخارجية الإسرائيلية قوله إن بلاده تعيش "تسونامي حقيقياً سيزداد سوءاً"، مضيفاً: "نحن في أسوأ وضع وصلنا إليه على الإطلاق... هذا أسوأ بكثير من كارثة، العالم ليس معنا".

وأوضح المصدر أن صورة إسرائيل في الخارج تدهورت بشدة منذ اندلاع الحرب في تشرين الأول/ أكتوبر 2023، قائلا: "العالم يرى فقط أطفالاً فلسطينيين قتلى، وبيوتاً مدمرة، ولم يعد يحتمل هذا المشهد. إسرائيل لا تطرح أي حلول، لا رؤية لليوم التالي، ولا أفق... فقط موت وخراب".

وأضاف أن "المقاطعة الصامتة كانت قائمة، لكنها الآن تتوسع، ولا يجوز التقليل من خطورة الوضع. لا أحد يريد أن يرتبط اسمه بإسرائيل".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية الاتحاد الأوروبي الإسرائيلي غزة اتفاقية الشراكة بريطانيا بريطانيا إسرائيل غزة الاتحاد الأوروبي ابادة المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة مع الاحتلال الإسرائیلی للاحتلال الإسرائیلی الاتحاد الأوروبی اتفاقیة الشراکة التجارة الحرة دول الاتحاد

إقرأ أيضاً:

ماذا يعني إلغاء اتفاق الشراكة بين “إسرائيل” والاتحاد الأوروبي؟ 

#سواليف

صعّدت #هولندا ضغوطها على ” #إسرائيل ” عبر حشد دعم أوروبي واسع لمراجعة #اتفاق_الشراكة مع #تل_أبيب، على خلفية #الكارثة_الإنسانية المتفاقمة في قطاع #غزة.

وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، أعلنت عن بدء مراجعة رسمية للعلاقات التجارية مع “إسرائيل”، مشيرة إلى أن القرار “قابل للعكس” ويتوقف على التزامها بإدخال المساعدات واحترام حقوق الإنسان.

التحرك الأوروبي يستند إلى مبادرة هولندية حظيت بدعم 17 من أصل 27 دولة، ما يُعدّ غالبية كافية لإطلاق المراجعة. المفوضية الأوروبية ستعيد تقييم اتفاق التجارة الحرة الذي يشكّل أساس العلاقات الاقتصادية، استنادًا إلى البند الثاني المتعلق بحقوق الإنسان.

مقالات ذات صلة نتنياهو يعلن استعداد إسرائيل لوقف إطلاق النار مؤقتا 2025/05/21

بالتزامن، علّقت بريطانيا مفاوضات اتفاق تجارة جديد مع “إسرائيل”، واستدعت سفيرتها لدى لندن لجلسة مساءلة. هذا التحول يعكس تصاعد الاستياء الأوروبي من سياسات الاحتلال، ويفتح الباب أمام إعادة تعريف شاملة لطبيعة العلاقة القانونية والاقتصادية بين الاتحاد الأوروبي و”إسرائيل”.

ماذا يعني #إلغاء #اتفاق_الشراكة بين “إسرائيل” والاتحاد الأوروبي؟

يُعد اتفاق الشراكة بين “إسرائيل” والاتحاد الأوروبي، الذي دخل حيّز التنفيذ في يونيو/حزيران عام 2000، الإطار القانوني والمؤسسي المنظم للعلاقات السياسية والاقتصادية بين الجانبين. ويهدف الاتفاق إلى توفير قاعدة للتعاون السياسي وتعزيز الشراكة التجارية. إلا أن هذا الاتفاق بات اليوم موضع إعادة نظر، في ظل تصاعد التوتر بين الطرفين على خلفية الحرب في غزة والانتهاكات الإسرائيلية المستمرة.

تشكل هذه الخطوة تهديدًا حقيقيًا لـ”إسرائيل”، نظرًا لكون الاتحاد الأوروبي ثاني أكبر شريك تجاري لها بعد الولايات المتحدة. ففي عام 2024، شكّل التبادل التجاري مع دول الاتحاد نحو 32% من إجمالي الصادرات الإسرائيلية، خاصة في مجالي المعدات والكيماويات. وبلغت واردات الاتحاد من “إسرائيل” حوالي 15.9 مليار يورو، مقابل صادرات أوروبية لـ”إسرائيل” بقيمة 26.7 مليار يورو.

مع ذلك، فإن أي تعديل على الاتفاق لا يمكن أن يتم بقرار أحادي من دولة واحدة أو مجموعة صغيرة من الدول، بل يتطلب إجماعًا من جميع الدول الأعضاء الـ27 في الاتحاد الأوروبي. وتبقى دول مثل ألمانيا والتشيك وبلجيكا وكرواتيا وليتوانيا، وعلى رأسها المجر، من أبرز المدافعين عن “إسرائيل” داخل الاتحاد. ويُذكر أن البرلمان المجري صادق مؤخرًا على انسحاب بلاده من المحكمة الجنائية الدولية، في خطوة داعمة لإسرائيل وسط محاولات لمحاسبة رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير الحرب السابق يوآف غالانت بتهم ارتكاب جرائم حرب في غزة.

وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد صرّح مطلع الشهر الجاري بأن “تعليق التعاون مع إسرائيل” بات مسألة مفتوحة للنقاش داخل الاتحاد. وجاء ذلك تماشيًا مع المبادرة الهولندية التي دعت إلى مراجعة شاملة للتعاون السياسي والاقتصادي مع “إسرائيل”، وطرحت اليوم رسميًا خلال اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، الذي ركز على الحرب في أوكرانيا والتصعيد في الشرق الأوسط. ووافق الوزراء على تخفيف العقوبات عن سوريا، كما أيدوا الموقف الأميركي في هذا الشأن.

وفي السياق ذاته، أبدت دول أوروبية أخرى تأييدها لفكرة إعادة تقييم العلاقات مع “إسرائيل”، منها بلجيكا وفنلندا والبرتغال والسويد. وقد أرسل وزير الخارجية الهولندي كاسبر فيلدكامب رسالة رسمية إلى مفوضة الاتحاد الأوروبي كايا كالاس، شدد فيها على أن “منع دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة يشكّل خرقًا للقانون الدولي الإنساني، ويخالف المادة الثانية من اتفاق الشراكة”. وتنص هذه المادة على أن العلاقات بين الطرفين “يجب أن تستند إلى احترام حقوق الإنسان والمبادئ الديمقراطية، باعتبارها مرجعية للسياسات الداخلية والخارجية، وجزءًا أساسيًا من الاتفاق”.

وتعود فكرة مراجعة الاتفاق إلى أكثر من 15 شهرًا، حين بادرت كل من إيرلندا وإسبانيا بإرسال رسالة بهذا الخصوص إلى رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، دون أن تلقى صدى يُذكر في حينه. أما الآن، ومع تغير المزاج الأوروبي وتصاعد الغضب من السياسة الإسرائيلية في غزة، فإن هذه الفكرة باتت تهدد فعليًا مستقبل الاتفاق.

من جهته، صرح وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي أمام البرلمان في لندن أن “حصار إسرائيل على غزة غير مبرر أخلاقيًا ويجب أن يتوقف فورًا”، مضيفًا أن “منع الطعام عن أطفال جوعى هو أمر صادم، ويجب على الجميع إدانته دون تردد”.

وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه، قال في مقابلة إذاعية إنه “لا يمكن تبرير ما تقوم به إسرائيل في غزة”، مضيفًا: “لا يمكن أن نترك لأطفال غزة إرثًا من العنف والكراهية. لهذا نحن مصممون على الاعتراف بدولة فلسطينية”.

وحذّر من أن “الاتحاد الأوروبي قد يُقدم على تعليق الاتفاق مع إسرائيل”، مؤكدًا في الوقت ذاته أن الطرفين “ليسا في مصلحتهما إنهاء التعاون”، واصفًا إدخال خمس شاحنات مساعدات لغزة هذا الأسبوع بأنه “غير كافٍ على الإطلاق”.

خسائر محتملة من تعليق الاتفاق مع بريطانيا

رغم توقيع اتفاق تجارة حرّة بين بريطانيا و”إسرائيل” في عام 2019، والذي دخل حيز التنفيذ في 2021، إلا أن الجانبين كانا بصدد التفاوض على اتفاق محدث يشمل قطاعات اقتصادية استراتيجية مثل التكنولوجيا المتقدمة. غير أن قرار حكومة الاحتلال الإسرائيلية بتوسيع العمليات العسكرية في غزة دفع لندن إلى تجميد المفاوضات، ما قد يترتب عليه خسائر اقتصادية كبيرة لـ”إسرائيل”.

تحتل بريطانيا المرتبة الثامنة في قائمة الدول المستوردة للسلع الإسرائيلية (باستثناء الألماس)، حيث بلغت قيمة الصادرات إلى السوق البريطانية 1.28 مليار دولار عام 2024، بانخفاض حاد يتجاوز 30% مقارنة بعام 2023 الذي شهد صادرات بقيمة 1.8 مليار دولار. وفي الأشهر الأربعة الأولى من عام 2025، ظل مستوى التصدير على حاله دون تغيير يُذكر.

كما بلغت صادرات الألماس من “إسرائيل” إلى بريطانيا العام الماضي نحو 245 مليون دولار، وتمثّل المواد الكيماوية والأدوية نحو ثلث إجمالي الصادرات. أما في قطاع الخدمات، الذي يشمل البرمجيات والحوسبة، فتُقدَّر نسبة الصادرات بنحو 60% من إجمالي الخدمات المصدّرة لبريطانيا.

من جهة أخرى، تستورد “إسرائيل” من بريطانيا ما قيمته 2.5 مليار دولار سنويًا، أي ما يقارب ضعف ما تصدّره لها، مما أدى إلى اتساع العجز التجاري بين البلدين ليصل إلى نحو 1.3 مليار دولار عام 2024، بعد أن كان مليار دولار عام 2023.

مقالات مشابهة

  • أبرز مضامين اتفاقية الشراكة التي يهدد الاتحاد الأوروبي بمراجعتها مع إسرائيل
  • ماذا يعني إلغاء اتفاق الشراكة بين “إسرائيل” والاتحاد الأوروبي؟ 
  • كالاس: الاتحاد الأوروبي سيراجع اتفاقية الشراكة مع إسرائيل
  • الاتحاد الأوروبي سيراجع اتفاقية الشراكة مع الاحتلال الإسرائيلي
  • الاتحاد الأوروبي يراجع اتفاقية الشراكة مع إسرائيل بسبب أحداث غزة
  • الاتحاد الأوروبي يراجع اتفاقية الشراكة مع إسرائيل على خلفية حرب غزة
  • الاتحاد الأوروبي يقرر مراجعة اتفاقية الشراكة مع إسرائيل
  • وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي يبحثون تعليق اتفاقية الشراكة مع إسرائيل
  • وزير خارجية فرنسا: نؤيد مراجعة اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل