أعلنت السلطات السودانية، الأحد، مصرع 11 شخصاً وإصابة 7 آخرين بجروح متفاوتة، جراء انهيار بئر تقليدية للتنقيب عن الذهب في منطقة "هويد" الصحراوية الواقعة بين ولايتي نهر النيل والبحر الأحمر، في أحدث حادث يكشف عن حجم المخاطر التي يواجهها عمال المناجم الأهليون في البلاد.

وأكدت الشركة السودانية للموارد المعدنية، في بيان رسمي، أن الانهيار وقع داخل منجم "كرش الفيل" الذي يقع بين مدينتي عطبرة وهيا، مشيرة إلى أن الحصيلة أولية، وجاءت بعد تحرٍّ ميداني وتنسيق مع الجهات المختصة.



وقال البيان إن المصابين نُقلوا إلى مستشفى "أبو حمد" في الولاية الشمالية لتلقي الرعاية الطبية العاجلة، فيما لفت إلى أن الشركة كانت قد أوقفت في وقت سابق العمل بالمنجم نفسه، محذرة من مخاطره الجسيمة على حياة المواطنين.





تحذيرات سابقة وإصرار على العمل
وحذّرت الشركة من مغبة تجاهل قرارات وقف النشاط في المناجم المحفوفة بالمخاطر، داعية المواطنين إلى الالتزام بتعليمات السلامة، وعدم المجازفة بالأرواح في سبيل المكاسب السريعة، خاصة في ظل تكرار مثل هذه الحوادث خلال السنوات الماضية.

ويُعد قطاع التعدين الأهلي في السودان أحد أكبر مصادر العمل والدخل غير الرسمي، إذ تشير التقديرات إلى أن أكثر من مليوني مواطن يعملون في هذا القطاع المنتشر في مناطق نائية وصحراوية، تحت ظروف قاسية ووسط انعدام شبه تام لمعايير السلامة المهنية، وهو ما يجعلهم عرضة متكررة للكوارث والانهيارات.


الذهب.. ثروة السودان وأزمته
يعتمد السودان بشكل كبير على الذهب كمصدر رئيسي للنقد الأجنبي، بعد أن فقد نحو 75% من عائداته النفطية إثر انفصال جنوب السودان في عام 2011، وهو ما دفع البلاد إلى التوسع في التنقيب عن الذهب لتعويض خسائرها الاقتصادية.

وتُظهر بيانات حكومية أن الذهب يمثل أكثر من 80% من إجمالي عائدات الصادرات، ما يعزز مكانته كمورد استراتيجي في بلد يعاني من أزمة اقتصادية طاحنة وتضخم قياسي وانهيار في قيمة العملة المحلية.

ويضم السودان أكثر من 40 ألف موقع تعدين أهلي، ويُنتج نحو 80% من الذهب المستخرج من البلاد من قبل عمال مناجم غير نظاميين. وتنتشر عمليات التنقيب التقليدي من أقصى شمال البلاد إلى غربها وشرقها، وتشمل مناطق صحراوية مثل عطبرة، وسلسلة جبال البحر الأحمر، وصولاً إلى إقليم دارفور.

احتياطي هائل وإنتاج متصاعد
وفقاً لتقديرات وزارة الطاقة والتعدين، يبلغ احتياطي السودان من الذهب نحو 1550 طناً، بينما بلغ إنتاجه في عام 2022 حوالي 18.6 مليون غرام، أي ما يعادل قرابة 93 طناً، ليحتل بذلك المركز الثالث أفريقياً بعد جنوب أفريقيا وغانا، بحسب بيانات المسح الجيولوجي الأمريكي.

وتسعى السلطات السودانية إلى زيادة الإنتاج عبر منح تراخيص لأكثر من 85 شركة محلية وأجنبية للتنقيب عن الذهب، أملاً في جذب الاستثمارات ورفع إيرادات الدولة، في ظل تراجع المساعدات الخارجية وشح النقد الأجنبي.

تنظيم هش.. واستنزاف للموارد
ورغم أهمية قطاع الذهب للاقتصاد السوداني، إلا أن عمليات التعدين التقليدي ما زالت تُدار في الغالب بعيداً عن الأطر الرسمية، وسط شكاوى من التهريب المنظم لكميات كبيرة من الذهب عبر الحدود، وضعف الرقابة، وتراجع العائدات الفعلية التي تدخل خزينة الدولة.

ويطرح انهيار منجم "كرش الفيل" مجدداً سؤالاً ملحاً حول قدرة السلطات على تنظيم هذا القطاع الحيوي، والحد من مخاطره البيئية والإنسانية، خصوصاً أن الحوادث المماثلة لا تكاد تغيب عن النشرات الإخبارية.

ويطالب نشطاء وخبراء في مجال الثروات الطبيعية بضرورة تقنين عمليات التعدين الأهلي، وتوفير الحد الأدنى من شروط الأمان، إلى جانب إدماج هذا القطاع في الدورة الاقتصادية الرسمية، بما يضمن حماية العمال وتحقيق مكاسب حقيقية للدولة والمجتمعات المحلية.

وفي بلد يعيش أزمات متراكمة، ويواجه شبح التفكك والحرب الأهلية، يبدو أن ثرواته المعدنية، وعلى رأسها الذهب، باتت سلاحاً ذا حدّين؛ فهي تمثل الأمل في إنعاش الاقتصاد، لكنها قد تتحول إلى لعنة ما لم تُدار بحكمة وتحت رقابة صارمة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة عربية السودانية الذهب نهر النيل منجم التعدين السودان ذهب منجم تعدين نهر النيل المزيد في سياسة سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

الدعم السريع يسيطر على أهم منطقة نفطية في السودان

أعلنت قوات الدعم السريع، الإثنين، سيطرتها على منطقة هجليج النفطية وكامل إقليم غرب كردفان، الذي يشكل مركز عصب الاقتصاد السوداني.


وقالت قوات الدعم السريع إنها سيطرت على المنطقة بعد التصدي لهجوم من الجيش، مشيرة إلى "هروب أعداد كبيرة من ضباط وجنود اللواء 90 التابع للجيش إلى خارج حدود البلاد".

واعتبر بيان صادر عن قوات الدعم السريع أن "السيطرة على منطقة هجليج تشكل نقطة محورية، بما تمثله المنطقة من أهمية اقتصادية ظلت تشكل موردا مهما لتمويل الحرب وتوسيع نطاقها وإطالة أمدها".

وتعهدت قوات الدعم السريع بـ"تأمين وحماية المنشآت النفطية الحيوية بالمنطقة لضمان مصالح دولة جنوب السودان، التي تعتمد بشكل كبير على موارد النفط الذي يتدفق عبر الأراضي السودانية للأسواق العالمية".

وأكد البيان "توفير الحماية اللازمة لجميع الفرق الهندسية والفنية والعاملين في المنشآت النفطية، بما يوفر البيئة الملائمة لهم لأداء أعمالهم".

وجددت قوات الدعم السريع "التزامها بالهدنة الإنسانية المعلنة من جانبها، مع احتفاظها بحق الدفاع عن النفس".

ويضم إقليم غرب كردفان أكبر حقول النفط في السودان، كما يعتبر أكبر معقل للثروة الحيوانية والصمغ العربي في البلاد.

وتنتج منطقة هجليج في الظروف الطبيعية نحو 600 ألف برميل نفط يوميا، وتشكل مصدرا رئيسيا لإيرادات السودان.

كما تكمن أهمية الإقليم في أنه يشكل معبرا حدوديا مهما يربط السودان بعدد من دول الجوار، من بينها تشاد وليبيا وجنوب السودان.

وتقع منطقة غرب كردفان عند التقاء خط سكك حديدية يربط 3 مدن رئيسية، هي كوستي في ولاية النيل الأبيض ونيالا مقر حكومة تحالف "تأسيس" التي تم تشكيلها مؤخرا، إضافة إلى مدينة واو في دولة جنوب السودان.

وبعد إكمال قوات الدعم السريع السيطرة على إقليم دارفور في 26 أكتوبر الماضي، تركزت المعارك في إقليم كردفان، مما أسفر عن سيطرتها على بابنوسة ومناطق واسعة من الإقليم الذي يشكل، إلى جانب دارفور، قرابة نصف مساحة البلاد، ويعيش به نحو 30 بالمئة من سكانه، ويملك 35 بالمئة من موارده الاقتصادية.

مقالات مشابهة

  • جلسة وزارية استثنائية بعد إحباط محاولة انقلاب دامية في بنين
  • السودان في قلب الأزمة: استمرار النزاع العسكري والمبادرات الإنسانية
  • الدعم السريع يسيطر على أهم منطقة نفطية في السودان
  • بوتين: السلطات الروسية بتوحيد جهودها تمضي قدما وترسم مستقبل البلاد
  • جنوب أفريقيا تفتتح أول منجم ذهب جديد منذ 15 عاما
  • عمليات نسف إسرائيلية بالقطاع وتحذيرات أممية من كارثة إنسانية مع اقتراب الشتاء
  • مصرع 18 مهاجرًا إثر غرق قارب مطاطي جنوب جزيرة كريت اليونانية
  • مذكرة قانونية تطالب إسبانيا باعتقال جندي إسرائيلي لارتكابه جرائم بغزة
  • مصرع 18 مهاجرا إثر غرق قاربهم قبالة جزيرة كريت اليونانية
  • فاجعة في الجزائر.. عشرات القتلى والمصابين غربي البلاد