"مش دايت ولا رياضة" عبارة باتت عنوانا مريرا لآلاف القصص التي نشرها سكان قطاع غزة -عبر منصات التواصل الاجتماعي- على صورهم المتداولة التي أظهرت فقدانا حادا في أوزانهم نتيجة المجاعة التي تضرب القطاع في ظل الحصار الإسرائيلي ومنع دخول الغذاء منذ بداية الحرب.

في غزة لم تعد الصور أداة للذكرى، بل تحولت إلى صرخة صامتة من أجساد تنهار تحت وطأة الجوع والحصار الإسرائيلي؛ وجوه ذاب لحمها، وأجساد فقدت عشرات الكيلوغرامات من أوزانها، لا بفعل حمية غذائية أو تمارين رياضية، بل بفعل حرب تسرق من الفلسطينيين لقمتهم قبل أرواحهم.

أثارت هذه الصور دهشة وتعاطفا واسعا، واعتبرها ناشطون خارج القطاع دليلا صارخا على جريمة الإبادة الجماعية التي تمارس بحق السكان، عبر سياسة التجويع الممنهجة ومنع دخول المساعدات الإنسانية منذ شهور طويلة.

وكتب أحد المغردين تحت صورته: "قبل حرب الإبادة كان وزني 110 كيلوغرامات، واليوم وزني 57 كيلوغراما فقط، أعاني من دوار دائم وآلام في جسمي، ولا أعلم ما الذي سيبقى مني إن استمر الوضع على حاله".

وأشار آخر إلى أنه قبل الحرب كان وزنه 70 كيلوغرامًا وطوله 170 سنتيمترا، واصفا وزنه آنذاك بـ"المثالي"، لكنه لم يتخيل يوما أن يفقد 16 كيلوغراما من جسده بسبب التجويع وسوء التغذية.

بصوت يملؤه الألم، دوّن ناشط آخر: "مش دايت ولا رياضة.. نزلت 16 كيلوغراما من جسمي بالحرب، من الجوع، من القهر، ومن الإصابة.. لكني ظليت واقف، مش لأنه سهل، لأنه ما إلي غير إني أظل واقف".

أما أحد النشطاء، فكتب بنبرة يختلط فيها الألم بالاستسلام: "لمن يعرفني أو لا يعرفني، هذه صورتي.. أعيش المجاعة للمرة الثانية مع عائلتي، خسرت 30 كيلوغرامًا من وزني.. الصورة أبلغ من كل الكلمات".

وفي تعليق ساخر يحاول التخفيف من وقع المأساة، كتب أحد المغردين لصديقه: "لو كنت بدك تضعف وتوصل لهالوزن قبل الحرب، كان بدك 10 سنين".

ولفت مدونون فلسطينيون إلى أن المقولة الشائعة "فش حد بيموت من الجوع" لم تعد سوى كذبة مؤلمة في ظل الواقع المأساوي الذي يعيشه سكان القطاع.

وسرد أحدهم تجربته قائلا :"أنا عن نفسي، يوم أمس كان ضغط دمي 90 على 60، وصلت دوامي وأنا دايخ ومرهق بالكاد أستطيع الوقوف على قدميّ. آخر وجبة تناولتها كانت ظهيرة يوم الجمعة، والوجبة التالية لم تصل إلا ظهيرة يوم السبت".

وأشار إلى أن وزنه قبل الحرب كان 120 كيلوغراما، وانخفض اليوم إلى نحو 73، مما يعني أنه فقد 47 كيلوغراما خلال شهور الحرب.

ورأى آخرون أن سؤالا بسيطا يكشف الحقيقة المرعبة: "لو سألت أي شخص في قطاع غزة عن وزنه قبل شهر ووزنه الآن، ستجد أن الجميع فقد كثيرا من الكيلوغرامات بسبب نقص الغذاء. أنا نفسي فقدت أكثر من 15 كيلوغراما في فترة قصيرة".

وأضافوا بأسى: "ربما من لا يزال بصحته ولم يصب في الحرب، لا يزال قادرا على مقاومة الجوع، لكن المرضى والمصابين تتآكل أجسادهم وتتعفن جراحهم. نحن في أكثر العصور رفاهية في تاريخ البشرية، ومع ذلك هناك أناس يموتون جوعا ويستجدون رغيف خبز".

ووفق مدونين، فإن أكثر من 90% من سكان قطاع غزة فقدوا جزءا كبيرا من أوزانهم، ويعاني أغلبهم ضعفا شديدا بسبب نقص الأغذية الأساسية كالبروتينات، والدهون، والفيتامينات.

ويرى الغزيون أن فقدان الوزن بات أمرًا "طبيعيا" وسط الحرب والحصار، وأن سياسة التجويع الممنهجة التي تمارسها إسرائيل ستؤدي، إذا استمرت، إلى وفاة كثيرين بسبب المجاعة وسوء التغذية، وهو ما بدأ يحدث بالفعل في مناطق متفرقة من القطاع.

 

*الصورة المرفقة أعلى هذا الخبر، هي للصحفي الفلسطيني محمد قشطة يوثق فقدانه الحاد للوزن بسبب الحرب الإسرائيلية على غزة.

المصدر: مأرب برس

إقرأ أيضاً:

ارتفاع عدد وفيات المجاعة وسوء التغذية بغزة إلى 113

الثورة نت /..

ارتفع عدد الشهداء بسبب المجاعة وسوء التغذية في قطاع غزة، اليوم الخميس، إلى 113 شهيداً، نتيجة الحصار المطبق الذي يفرضه جيش العدو الصهيوني على الشعب الفلسطيني في القطاع.

وذكرت وزارة الصحة الفلسطينية بقطاع غزة، أن مستشفيات قطاع غزة سجلت حالتي وفاة بسبب المجاعة وسوء التغذية في قطاع غزة خلال 24 ساعة الماضية، ليصبح العدد الإجمالي لشهداء المجاعة وسوء التغذية 113 حالة وفاة.

مقالات مشابهة

  • بين تراجع الجيش واستمرار المجاعة.. هكذا تبحث إسرائيل عن مخرج من حرب غزة
  • 9 وفيات جديدة بسبب الجوع في غزة خلال 24 ساعة
  • 117 شهيدا بسبب المجاعة في غزة بينهم 81 طفلا
  • وفاة طفل بسبب المجاعة وسوء التغذية في قطاع غزة
  • جدعون ليفي: صور المجاعة في غزة تذكر بالهولوكوست ومعسكرات الاعتقال
  • صحف عالمية تدعو لإنقاذ سكان غزة من المجاعة وتطالب بوقف الحرب
  • ١١٣ شهيدا من الجوعى في غزة غالبيتهم أطفال
  • ارتفاع عدد وفيات المجاعة وسوء التغذية بغزة إلى 113
  • أطفال التوحد في غزة وجع بلا صوت تنهكه المجاعة
  • مراسل ذي انترسبت يروي شهادته عن المجاعة التي تسبب بها الاحتلال في غزة