أعلنت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي أن الاقتصاد المصري حقق معدل نمو بلغ 5% في الربع الرابع من العام المالي 2024/2025، وهو الأعلى منذ ثلاثة أعوام، مقابل 2.4% في الربع نفسه من العام السابق، وأسهم هذا الأداء في رفع معدل النمو السنوي إلى 4.4% مقارنة بـ2.4% خلال 2023/2024، متجاوزًا التقديرات المستهدفة البالغة 4.

2%.

هذا الإعلان يأتي في وقت يشهد فيه الاقتصاد العالمي اضطرابات عميقة بسبب التوترات الجيوسياسية في البحر الأحمر وأزمة الطاقة العالمية وتباطؤ سلاسل التوريد، ما يجعل النمو المصري بمثابة رسالة طمأنة للأسواق والمستثمرين المحليين والدوليين.

البيانات الرسمية كشفت أن النمو مدفوع بالأساس بانتعاش عدد من القطاعات عالية القيمة المضافة مثل السياحة التي حققت أعلى معدل نمو سنوي (17.3%) مستفيدة من طفرة في أعداد السائحين (أكثر من 17 مليونًا) وزيادة الطاقة الاستيعابية للفنادق.

وكذلك الصناعة التحويلية غير البترولية التي قادت قاطرة الإنتاج بنسبة 14.7% سنويًا، مع طفرة لافتة في صناعة السيارات (126%)، والأدوية (52%)، والملابس الجاهزة (41%).

الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات أيضا ارتفعت بنسبة 13.8%، مدعومة باستثمارات البنية الرقمية وشبكات الجيل الخامس.

ورغم أن هذه القطاعات أسهمت في تحسن الصادرات السلعية بنسبة 12.8%، فإن محللين يرون أن تنويع الأسواق التصديرية وتعزيز تنافسية الصناعات المصرية يبقى شرطًا لضمان استدامة الأداء.

واحدة من النقاط اللافته في البيان هي تقدم القطاع الخاص ليشكل 47.5% من إجمالي الاستثمارات في 2024/2025، مقابل 43.3% للاستثمارات العامة، ويصف البعض هذا التحول بأنه "نقلة نوعية" في إعادة هيكلة دور الدولة من المستثمر الرئيسي إلى المُمكِّن والمحفّز، وهو توجه يتماشى مع توصيات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي بضرورة توسيع قاعدة المشاركة الخاصة في الاقتصاد، مع التأكيد على ضرورة الحفاظ على الدور الاجتماعي للتنمية كضامن للاستقرار، وهو ما يضع عبئا على الدولة لوضع ضوابط ملزمة للقطاع الخاص للحفاظ على هذا البعد.

في المقابل، تبرز بعض التحديات الرئيسية ومنها قناة السويس حيث شهدت انكماشًا قياسيًا بنسبة 52% خلال العام نتيجة التوترات في البحر الأحمر وانخفاض حركة التجارة العالمية، وبالرغم من حزم الحوافز التي قدمتها الهيئة، فإن التعافي يبقى مرهونًا بتهدئة النزاعات الإقليمية.

يأتي أيضا قطاع الاستخراجات (البترول والغاز الطبيعي) الذي انكمش بنسبة 9%، مع انخفاض إنتاج الغاز 19.1%، ويشير خبراء إلى أن استمرار هذا التراجع قد يضغط على ميزان المدفوعات المصري، خاصة مع ارتفاع فاتورة واردات الطاقة.

وإذا ما قورن أداء الاقتصاد المصري بدول المنطقة، نجد أن معدل النمو (4.4%) يقترب من متوسط الاقتصادات الناشئة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (المتوقع 4.2% وفق صندوق النقد الدولي 2025)، ويتفوق على اقتصادات كبرى مثل تركيا (المتوقع 3.2%)، غير أن الاعتماد النسبي على السياحة وتحويلات العاملين بالخارج يضع مصر في موقع أكثر حساسية أمام الصدمات الخارجية مقارنة بدول تمتلك قاعدة صناعية أوسع.

تأكيد الدكتورة رانيا المشاط وزيرة التخطيط والتعاون الدولي على أن الأداء القوي للاقتصاد المصري يعكس نجاح الإصلاحات الهيكلية في دفع النمو المرتكز على القطاعات الإنتاجية، وتجاوزه التوقعات، يمثل "رسالة ثقة للمستثمرين بأن مصر تسير في الاتجاه الصحيح نحو بناء اقتصاد أكثر مرونة وتنافسية.

وفي كل الأحوال فإن تسجيل 5% نموًا في الربع الرابع و4.4% سنويًا يمثل إنجازًا مهمًا في سياق عالمي متوتر، لكن التحدي الأكبر يكمن في تحويل النمو الدوري إلى مسار مستدام من خلال تعميق التصنيع المحلي وزيادة القيمة المضافة، وتقليل الاعتماد على القطاعات المتقلبة مثل السياحة، ومعالجة نقاط الضعف في الطاقة والنقل البحري، وتمكين القطاع الخاص عبر إصلاحات هيكلية أعمق، مع الحفاظ على الدور الاجتماعي للدولة كأداة مهمة من أدوات الاستقرار، حيث تشير الأرقام إلى أن مصر قادرة على الصمود أمام الصدمات، والسير في طريق استدامة النمو مع ضرورة الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي وهو الهدف الذي طالما وضعته الدولة نصب عينيها.

اقرأ أيضاًالإمارات تؤكد أهمية تعزيز النمو الاقتصادي العالمي

«معلومات الوزراء» يستعرض دور مسرعات الأعمال في تعزيز النمو الاقتصادي بالأسواق الناشئة

فيتش سوليوشنز: مصر والمغرب سيقودان النمو الاقتصادي في شمال أفريقيا إلى 3.6%

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: القطاع الخاص الاقتصاد المصري الصناعات المصرية أزمة الطاقة العالمية شبكات الجيل الخامس وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي التوترات الجيوسياسية في البحر الأحمر استثمارات البنية الرقمية النمو الاقتصادی

إقرأ أيضاً:

وزير الكهرباء: الوفر الاقتصادي لمحطة الضبعة يصل إلى 4 مليارات دولار سنويا

أكد محمود عصمت، وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، أن تشغيل المفاعل النووي الأول بمحطة الضبعة سيحقق وفورات اقتصادية كبيرة للدولة، إذ سيساعد في خفض استهلاك الغاز الطبيعي بما يصل إلى مليار متر مكعب سنويًا.
 

وزير الكهرباء: إدخال أول مفاعل نووي بمحطة الضبعة خلال 3 إلى 6 أشهربسمة وهبة عن محطة الضبعة النووية: مصر تسير بخطوات ثابتة نحو مستقبل جديد في مجال الطاقة

وأضاف محمود عصمت خلال مداخلته الهاتفية مع الإعلامي أحمد موسى ببرنامج «على مسئوليتي» على قناة «صدى البلد»، أن المفاعل الواحد سيوفر ما بين 2.6 و4 مليارات دولار سنويًا، وهو ما يعكس أهمية الطاقة النووية في تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري وتعزيز أمن الطاقة في مصر.
 

وأشار إلى أن الاستثمارات الإجمالية للمشروع تتجاوز 23 مليار دولار، موضحًا أن الكوادر المصرية التي تتلقى تدريبًا متخصصًا في روسيا ستكون مسؤولة عن تشغيل المفاعلات فور دخولها الخدمة.

وشدد على أن الجانب الروسي أشاد بكفاءة المتدربين المصريين، مؤكدًا أن مصر تمتلك منظومة محاكاة متطورة للمحطة، وخطة لتأهيل 2400 متخصص لضمان أعلى مستوى من الجاهزية التشغيلية عند بدء التشغيل الفعلي.
 

طباعة شارك وزير الكهرباء محطة الضبعة الغاز الطبيعي

مقالات مشابهة

  • «ملتقى أبوظبي - سنغافورة المشترك» يسلّط الضوء على توسيع التعاون بين القطاعات الاستراتيجية
  • ملتقى أبوظبي – سنغافورة المشترك يسلط الضوء على توسيع التعاون بين القطاعات الإستراتيجية
  • اقتصاد منطقة اليورو يعود إلى النمو.. لكن التحدي الأكبر ما زال قائمًا
  • البنك الدولي: مستعدون لدعم رحلة سوريا نحو التعافي والنمو الشامل
  • انطلاق منتدى إنفستوبيا الاستراتيجي الاقتصادي بين الإمارات ودول أوروبا الوسطى والشرقية
  • بتكوين تستقر قرب 92 ألف دولار بعد تأجيل بيانات الوظائف الامريكية
  • وزير الكهرباء: الوفر الاقتصادي لمحطة الضبعة يصل إلى 4 مليارات دولار سنويا
  • أمين المثقفين العرب يشيد بالدور المصري في دعم القراءة ومحاربة التطرف
  • «اقتصادية أبوظبي» تنظّم ورشة عمل حول دور منطقة العين في دفع النمو الاقتصادي
  • مجلس إدارة شركة "بلدنا" يقترح زيادة رأس المال بنسبة 24 ٪ عبر طرح حقوق أولوية، في خطوة تهدف إلى تسريع التوسّع الدولي وتعزيز النمو المستدام على المدى الطويل