كيف يستطيع شخص واحد الاحتيال على آلاف المستثمرين؟
تاريخ النشر: 19th, October 2025 GMT
تعيد قضايا الاحتيال الأخيرة التي تداولتها شبكات التواصل الاجتماعي قصة كارلو بونزي المولود عام ١٨٨٢ في إيطاليا، والذي هاجر إلى الولايات المتحدة يحمل في جيبه «دولارين ونصف الدولار نقدًا، ومليون دولار من الآمال» على حد تعبيره. راودته فكرة شبه مشروعة: إعادة بيع طوابع البريد لتحقيق أرباح صغيرة، لكنها مضمونة.
بدأت الأموال تتدفق، فنجحت فكرته مؤقتًا، ثم انفجرت الفقاعة. فالأرباح لم تكن حقيقية، فقد كانت أموال المستثمرين الجدد تُستخدم لدفع أرباح القدامى في مخطط احتيال عُرف باسم «مخطط بونزي». فخلال تسعة أشهر جمع بونزي أكثر من ثمانية ملايين دولار من نحو ثلاثين ألف شخص، أي ما يعادل اليوم أكثر من مائة وعشرين مليون دولار. كان الناس يصطفّون في طوابير طويلة ليسلّموه مدّخراتهم طائعين.
لم يكن بونزي مجرد نصّاب، بل بائعًا بالفطرة يمتلك كاريزما جعلت الناس يرون فيه مستثمرا عبقريًّا، لكن خلف تلك الجاذبية كان يكمن وهمٌ جماعي، مزيج من الكوميديا والمأساة؛ فقد عاش بونزي في عالمٍ من الخيال، ولم يخدع الغرباء فقط، بل خدع أبناء جلدته: مهاجرين إيطاليين مثله، جيرانه، وأصدقاءه. كانوا أناسًا مهمّشين يتوقون إلى فرصة للانتماء، فرأوا في بونزي منقذًا يمكنه تحقيق الحلم الأمريكي.
وهنا تكمن المأساة الحقيقية التي نادرًا ما تُروى في قضايا الاحتيال: خيبة الإيمان بشيءٍ ثم اكتشاف أنك كنت مخطئًا، وخيبة الثقة بأحدٍ ثم التعرّض للخيانة، وخيبة بذل قصارى جهدك ومع ذلك تشعر بأنك كنت ساذجًا. لذا إن كنت قد صدّقت وعدًا، ثم خرجت مجروحًا أو خجِلًا فلا تلم نفسك؛ فليس كل الذنب ذنبك. نحن نعيش في عالمٍ «بونزي» عالمٍ يبدو فيه النظام المالي معقّدًا ومخيفًا، فنبحث عن طرق مختصرة للثراء السريع، ووعودٍ بالحرية المالية دون جهد يذكر.
لكن الدرس الذي تركه بونزي بعد مرور قرنٍ من الزمان هو: أن الثقة هي رأس المال الحقيقي، وأن الطريق إلى الأمان المالي لا يُختصر ولا يُشترى. وأن الصبر، لا المكاسب السريعة، هو الطريق الحقيقي للثراء، والحديث الصريح عن المال يفتح باب الشفاء من الخجل المالي.
فهل سبق لكِ أن سلّمتِ أموالك لشخصٍ على أملِ ربح سريع؟ أو صدّقتِ وعدًا بالثراء دون جهد؟ ربما تكون قصة بونزي تذكرة بأن الأمل -إن لم يُعزّز بالوعي- قد يتحوّل إلى فخٍّ ذهبي المظهر فارغ الجوهر.
حمدة الشامسية كاتبة عُمانية في القضايا الاجتماعية
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
البنك المركزي يحذر من محاولات الاحتيال على المتقاعدين
آخر تحديث: 19 أكتوبر 2025 - 10:13 ص بغداد/ شبكة أخبار العراق- حذر البنك المركزي ، الاحد، من محاولات احتيال قد تستهدف المواطنين لا سيّما فئة المتقاعدين.وذكر البنك في بيان، أنه “يُحذّر المواطنين، لا سيّما فئة المتقاعدين، من التعامل مع أيّ جهات أو أشخاص ينتحلون صفة موظفين في البنك المركزي أو يدّعون تمثيلهم له، ويطلبون بيانات شخصية أو مستندات رسمية مثل هوية التقاعد أو المعلومات المالية”.وأكد البنك المركزي أن “أي مؤسسة مالية مرخّصة لا تطلب من المواطنين أي معلومات تتعلق ببطاقاتهم أو حساباتهم أو بياناتهم المالية، ولا تقوم بتقديم القروض أو طلب مستندات عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو من خلال الاتصال الهاتفي”.وحذر من أن “أي طلب من هذا النوع يُعدّ محاولة احتيال ونصب تهدف إلى استغلال المواطنين وسرقة بياناتهم”.وشدد البنك المركزي على ضرورة “عدم تزويد أي جهة غير رسمية بأي معلومات شخصية أو مالية، والإبلاغ فوراً عن أي اتصال أو رسالة مشبوهة عبر القنوات الرسمية للبنك المركزي أو الجهات الأمنية المختصة”.