تعيد قضايا الاحتيال الأخيرة التي تداولتها شبكات التواصل الاجتماعي قصة كارلو بونزي المولود عام ١٨٨٢ في إيطاليا، والذي هاجر إلى الولايات المتحدة يحمل في جيبه «دولارين ونصف الدولار نقدًا، ومليون دولار من الآمال» على حد تعبيره. راودته فكرة شبه مشروعة: إعادة بيع طوابع البريد لتحقيق أرباح صغيرة، لكنها مضمونة.

جمع لها أموالا من الأفراد مقدّمًا لهم وعودًا خيالية بعوائد تصل إلى ٥٠% خلال ٤٥ يومًا، و١٠٠% خلال ٩٠ يومًا.

بدأت الأموال تتدفق، فنجحت فكرته مؤقتًا، ثم انفجرت الفقاعة. فالأرباح لم تكن حقيقية، فقد كانت أموال المستثمرين الجدد تُستخدم لدفع أرباح القدامى في مخطط احتيال عُرف باسم «مخطط بونزي». فخلال تسعة أشهر جمع بونزي أكثر من ثمانية ملايين دولار من نحو ثلاثين ألف شخص، أي ما يعادل اليوم أكثر من مائة وعشرين مليون دولار. كان الناس يصطفّون في طوابير طويلة ليسلّموه مدّخراتهم طائعين.

لم يكن بونزي مجرد نصّاب، بل بائعًا بالفطرة يمتلك كاريزما جعلت الناس يرون فيه مستثمرا عبقريًّا، لكن خلف تلك الجاذبية كان يكمن وهمٌ جماعي، مزيج من الكوميديا والمأساة؛ فقد عاش بونزي في عالمٍ من الخيال، ولم يخدع الغرباء فقط، بل خدع أبناء جلدته: مهاجرين إيطاليين مثله، جيرانه، وأصدقاءه. كانوا أناسًا مهمّشين يتوقون إلى فرصة للانتماء، فرأوا في بونزي منقذًا يمكنه تحقيق الحلم الأمريكي.

وهنا تكمن المأساة الحقيقية التي نادرًا ما تُروى في قضايا الاحتيال: خيبة الإيمان بشيءٍ ثم اكتشاف أنك كنت مخطئًا، وخيبة الثقة بأحدٍ ثم التعرّض للخيانة، وخيبة بذل قصارى جهدك ومع ذلك تشعر بأنك كنت ساذجًا. لذا إن كنت قد صدّقت وعدًا، ثم خرجت مجروحًا أو خجِلًا فلا تلم نفسك؛ فليس كل الذنب ذنبك. نحن نعيش في عالمٍ «بونزي» عالمٍ يبدو فيه النظام المالي معقّدًا ومخيفًا، فنبحث عن طرق مختصرة للثراء السريع، ووعودٍ بالحرية المالية دون جهد يذكر.

لكن الدرس الذي تركه بونزي بعد مرور قرنٍ من الزمان هو: أن الثقة هي رأس المال الحقيقي، وأن الطريق إلى الأمان المالي لا يُختصر ولا يُشترى. وأن الصبر، لا المكاسب السريعة، هو الطريق الحقيقي للثراء، والحديث الصريح عن المال يفتح باب الشفاء من الخجل المالي.

فهل سبق لكِ أن سلّمتِ أموالك لشخصٍ على أملِ ربح سريع؟ أو صدّقتِ وعدًا بالثراء دون جهد؟ ربما تكون قصة بونزي تذكرة بأن الأمل -إن لم يُعزّز بالوعي- قد يتحوّل إلى فخٍّ ذهبي المظهر فارغ الجوهر.

حمدة الشامسية كاتبة عُمانية في القضايا الاجتماعية

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

ارتفاع أسعار النفط.. وخام برنت يسجل 62 دولارا للبرميل

ارتفعت أسعار النفط واحدًا بالمئة اليوم، وصعدت العقود الآجلة لخام برنت (53) سنتًا أو (0.8%) ليصل إلى (62.98) دولارًا للبرميل، في حين زاد خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي (62) سنتًا أو (1.06%) ليصل إلى (59.26) دولارًا للبرميل، وخسر الخامان القياسيان أكثر من واحد بالمئة عند التسوية أمس الثلاثاء.

 وزادت مخزونات البنزين (4.52) ملايين برميل، مقارنة بتوقعات المحللين بزيادة (1.5) مليون فقط.

 وارتفعت مخزونات نواتج التقطير، التي تشمل الديزل ووقود التدفئة، (2.1) مليون برميل مقابل توقعات بارتفاع (0.7) مليون برميل.

أسعار النفط

مقالات مشابهة

  • سعر الذهب يتراجع مع حذر المستثمرين قبل اجتماع الفيدرالي الأمريكي
  • ارتفاع أسعار النفط (0.8%)
  • ارتفاع أسعار النفط.. وخام برنت يسجل 62 دولارا للبرميل
  • الذهب يستقر مع ترقب المستثمرين بيانات أمريكية مهمة
  • استقرار الذهب مع ترقب المستثمرين بيانات أمريكية مهمة
  • الذهب والنفط والسلع الزراعية: كيف خسر السودان 40 مليار دولار في عقد واحد؟
  • توقيف مسؤولة السياسة الخارجية الأوروبية السابقة بشبهة الاحتيال المالي
  • انخفاض الذهب مع جني المستثمرين للأرباح
  • الدفاع المدني: حفّار واحد فقط يعمل في غزة وسط آلاف الجثامين تحت الأنقاض
  • انخفاض الذهب ​​مع جني المستثمرين للأرباح.. والأونصة تسجل 4222.93 دولار