أثار لجوء منظمات إغاثة إلى استخدام صورٍ مولّدة بالذكاء الاصطناعي تُجسّد الفقر والمعاناة انتقادات واسعة وسط اتهامات لها بتكريس الصور النمطية واستغلال المآسي الإنسانية. اعلان

انتشرت في الآونة الأخيرة على مواقع الصور والمنصات الرقمية صور مولّدة بتقنيات الذكاء الاصطناعي تُجسّد مشاهد الفقر والمعاناة الإنسانية، من أطفال جائعين إلى ناجيات من العنف الجنسي، ما دعا الصحة العالمية إلى التحذير من أنها تُكرّس صورًا نمطية مهينة وتعيد إنتاج ما يُعرف بـ“إباحية الفقر” في ثوبٍ جديد.

ويقول المختصون إن منظمات إغاثة وصحة عالمية باتت تلجأ إلى هذه الصور في حملاتها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بدعوى خفض التكاليف وتجنّب تعقيدات الحصول على موافقات قانونية من الأشخاص الحقيقيين الذين يظهرون عادة في الصور الواقعية.

صور نمطية

أوضح الباحث أرسيني ألينيتشيف من معهد الطب الاستوائي في أنتويرب أن هذه الصور "تكرّر القواعد البصرية للفقر" من خلال مشاهد نمطية مثل أطفال يحملون صحوناً فارغة أو أراضٍ متشققة أو وجوه حزينة مغطاة بالغبار.

وأضاف في تصريح لصحيفة الغارديان البريطانية أنه جمع أكثر من مئة صورة تولّدها تقنيات الذكاء الاصطناعي، تُظهر أطفالاً في أوضاع بائسة أو فتيات أفريقيات في فساتين زفاف ودموع على خدودهن، وهي مشاهد مبالغ فيها تكرّس التصورات الاستعمارية القديمة حول "الجنوب الفقير".

بين التكلفة والموافقة

يرى نواه أرنولد، من منظمة Fairpicture السويسرية، أن الأزمة المالية التي تعاني منها بعض المنظمات غير الحكومية دفعتها إلى استخدام الذكاء الاصطناعي كبديل رخيص وسهل للصور الحقيقية. وقال: "من الأسهل استخدام صور جاهزة لا تحتاج إلى موافقة أحد، لأنها لا تمثل أشخاصاً حقيقيين".

Related دراسة: معظم الناس يواجهون صعوبة في التفريق بين الأصوات البشرية وتلك التي يولدها الذكاء الاصطناعيالذكاء الاصطناعي يحل لغزًا فيزيائيًا استعصى على العلماء لأكثر من قرنكاليفورنيا تقرّ أول قانون من نوعه في البلاد لحماية القاصرين من روبوتات الذكاء الاصطناعي

وتظهر عشرات من هذه الصور على مواقع شهيرة مثل أدوبي ستوك فوتوز وفريبيك عند البحث بكلمة "فقر"، وتتضمن أوصافاً مثل: طفل واقعي في مخيم للاجئين أو متطوع أبيض يقدم استشارة طبية لأطفال سود في قرية أفريقية.

"تحيّز عنصري"

يرى الباحث ألينيتشيف أن هذه الصور "عنصرية للغاية" ويجب ألا تُنشر لأنها "تجسد أسوأ الصور النمطية عن إفريقيا وآسيا والعالم النامي". في المقابل، يقول خواكين أبيلا، المدير التنفيذي لموقع فريبيك، إن المسؤولية تقع على المستخدمين لا على المنصات، مضيفاً أن الصور تُنشأ من قبل مستخدمين حول العالم، وأن شركته تحاول "إدخال التنوع والتوازن بين الجنسين في مكتبتها"، لكنه يعترف بأن السيطرة الكاملة "تشبه محاولة تجفيف المحيط".

ولم يعد استخدام هذه الصور مقتصراً على المنصات التجارية. ففي عام 2023، أطلقت منظمة بلان إنترناشونال الهولندية حملة ضد زواج الأطفال تضمنت صوراً مولّدة بالذكاء الاصطناعي لفتاة بعين متورمة ورجل مسن ومراهقة حامل. وفي العام الماضي، نشر مكتب الأمم المتحدة لحفظ السلام مقطع فيديو على يوتيوب يحاكي مشاهد اغتصاب في النزاعات باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، قبل أن يُزال الفيديو لاحقاً بعد اعتراضات تتعلق بـ"سوء استخدام التقنية".

وقالت الأمم المتحدة في بيان إن الفيديو أُنتج "باستخدام أداة سريعة التطور"، وإنه أُزيل لأنه "قد يهدد سلامة المعلومات ويخلط بين لقطات حقيقية ومحتوى مصطنع".

"واقع غير حقيقي"

اعتبرت مستشارة الاتصال في المنظمات غير الحكومية كيت كاردول أن انتشار هذه الصور "مخيف"، وأضافت: "من المحزن أن معركة تمثيل الفقراء بكرامة وصلت الآن إلى ما هو غير واقعي.. كأننا ننقل الألم الإنساني إلى عالم افتراضي".

وتتزايد التحذيرات من أن هذه الصور قد تؤدي إلى تكريس التحيزات الاجتماعية في أنظمة الذكاء الاصطناعي المستقبلية، إذ تُستخدم مثل هذه الصور في تدريب النماذج الجديدة، مما يعيد إنتاج الصور النمطية نفسها بشكل متزايد.

من جانبها، قالت منظمة بلان إنترناشونال إنها اعتمدت هذا العام سياسة تمنع استخدام الذكاء الاصطناعي في تصوير الأطفال الأفراد، مؤكدة أن حملتها السابقة استخدمت التقنية بهدف "حماية خصوصية وكرامة الفتيات الحقيقيات".

أما شركة أدوبي، التي تبيع تراخيص لبعض هذه الصور بما يقارب 60 جنيهاً إسترلينياً، فقد رفضت التعليق على القضية.

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة

المصدر: euronews

كلمات دلالية: دونالد ترامب الصحة غزة إسرائيل دراسة دونالد ترامب الصحة غزة إسرائيل دراسة حقوق تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي دونالد ترامب الصحة غزة إسرائيل دراسة حركة حماس سرطان الثدي سرطان فرنسا كوريا الشمالية الكاريبي الذکاء الاصطناعی هذه الصور

إقرأ أيضاً:

«الذكاء الاصطناعي خطر مزدوج».. تكنولوجيا تتحول إلى أدوات للنصب والتشويه|تفاصيل

في الوقت الذي تشهد فيه تقنيات الذكاء الاصطناعي تطورًا متسارعًا، بدأت تظهر ملامح لوجه آخر أكثر خطورة لهذه الأدوات، خاصة مع تصاعد استخدام تكنولوجيا "التزييف العميق" أو الـDeepfakes في عمليات تشويه السمعة والنصب الإلكتروني. 

ويبدو أن الذكاء الاصطناعي، الذي بُشّر به كوسيلة لتعزيز الإنتاجية والابتكار، قد يتحول إلى سلاح فعّال في أيدي المحتالين والمخترقين.

يعمل بالذكاء الاصطناعي.. OPPO تطلق ColorOS 16 قبل الكشف عن Find X9 Proحكم استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لمراقبة الموظفين.. الإفتاء تجيب"القرصنة" أصبحت غطاءً أنيقًا للنصب

حذر تامر إمام، مؤسس منصة «Followist» للاقتصاد الرقمي، من خطورة تنامي استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي والـDeepfakes في تنفيذ عمليات نصب واحتيال رقمي، موضحًا أن مصطلح "القرصنة" لم يعد يعبر عن اختراقات بدائية، بل صار غلافًا أنيقًا لعمليات متقنة تُنفذ باستخدام صور وأصوات مقلدة يصعب تمييزها عن الأصل.

خطابات مزيفة وأصوات لا تُفرّق عن الحقيقة

وأوضح إمام، خلال حواره مع الإعلامي حمدي رزق في برنامج «نظرة» المذاع عبر قناة صدى البلد، أن الخطورة الحقيقية تكمن في القدرة على فبركة مقاطع صوتية ومرئية لشخصيات عامة أو مواطنين عاديين، توحي بأنهم أدلوا بتصريحات أو ارتكبوا أفعالًا لم تحدث. وهو ما قد يؤدي إلى تبعات قانونية خطيرة، مؤكدًا أن القاضي نفسه قد يُعجز أحيانًا عن تمييز الحقيقي من المزيف في مثل هذه الحالات.

البيانات الشخصية.. مدخل سهل للاحتيال

وتناول إمام جانبًا آخر من التهديد، وهو الاستهانة الواسعة بمشاركة البيانات الشخصية على الإنترنت، مشيرًا إلى أن هذا التهاون يجعل من المستخدم "شريكًا غير مقصود" في سلاسل معقدة من تجارة البيانات واستخدامها في حملات تسويق مضللة أو حتى جرائم منظمة.

غياب التشريعات وارتباك عالمي في المواجهة

وأشار إمام إلى أن المشكلة الأكبر لا تتمثل فقط في تطور التكنولوجيا، بل في غياب تشريعات واضحة ومحاكم مؤهلة للتعامل مع هذا النوع من الجرائم الرقمية في كثير من الدول، محذرًا من أن العالم – بما في ذلك الدول الغربية – لا يزال يفتقر إلى حلول نهائية وحاسمة للتعامل مع هذه التحديات الجديدة.

طباعة شارك تقنيات الذكاء الاصطناعي لتعزيز الإنتاجية والابتكار الاقتصاد الرقمي القرصنة

مقالات مشابهة

  • ضوابط استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم العالي والبحث العلمي فى ندوة بجامعة أسيوط
  • بينترست تمنح مستخدميها السيطرة على صور الذكاء الاصطناعي
  • رئيس جامعة القاهرة يكشف تحديات الذكاء الاصطناعي
  • رئيس الجامعة الأمريكية: يجب استخدام الذكاء الاصطناعي في دعم التفكير الابداعي
  • مساعد وزير التعليم العالي: نتوسع في استخدام الذكاء الاصطناعي بالجامعات
  • ممثل الأزهر: يجب استخدام الذكاء الاصطناعي للإحسان وليس لتدمير البشرية
  • التكنولوجيا في خدمة الآثار.. كيفية استخدام المتحف الكبير الذكاء الاصطناعي في العرض؟
  • «الذكاء الاصطناعي خطر مزدوج».. تكنولوجيا تتحول إلى أدوات للنصب والتشويه|تفاصيل
  • حكم استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لمراقبة الموظفين.. الإفتاء تجيب